المحتوى الرئيسى

لماذا الأوربيون حذرون في موقفهم من الاحتجاجات الإيرانية؟

01/03 22:49

منذ بدء حركة الاحتجاجات في إيران يوم الخميس الماضي، كثف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يعتبر ايران عدوته اللدودة في الشرق الأوسط، تهجمه على نظامها ووصفه بأنه "وحشي وفاسد"، ووعد اليوم الأربعاء (الثالث من كانون الثاني/ يناير 2018) بتوفير الدعم الأمريكي للشعب الإيراني "في الوقت المناسب".

تبادلت إيران وترامب الاتهامات على خلفية المظاهرات المتواصلة. وقال ترامب: "أخيرا تحرك شعب إيران ضد النظام الإيراني الوحشي والفاسد". الإصلاحيون الإيرانيون نددوا بدورهم بـ "العنف" و"خداع" واشنطن بإعلان تأييدها للمظاهرات. (02.01.2018)

وعد الرئيس الأمريكي ترامب بدعم المحتجين الإيرانيين "عندما يحين الوقت" دون توضيح ما يعنيه بذلك، فيما أعلن قائد الحرس الثوري من جانبه "انتهاء الفتنة" في إشارة للاحتجاجات المناهضة، التي قوبلت اليوم باحتجاجات مؤيدة للنظام. (03.01.2018)

بيد أن الاتحاد الأوروبي، الذي يخوض تطبيعا للعلاقات مع طهران منذ إبرام الاتفاق الدولي بشأن برنامج ايران النووي في 2015، اتخذ موقفا أقل ضغينة واختار التشديد على احترام حقوق الإنسان. فقد استنكرت الممثل الأعلى للشئون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني الثلاثاء "الخسائر غير المقبولة في الأرواح" داعية "جميع الأطراف المعنية" إلى الامتناع عن "أي عمل عنف".

في اليوم نفسه أعرب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لنظيره الإيراني حسن روحاني عن "القلق" إزاء عدد الضحايا وناشده "ضبط النفس والتهدئة". كما أرجئت الزيارة المقررة لوزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان إلى طهران.

من جانبها دعت برلين طهران إلى "احترام حرية التجمع والتعبير" وحثت النظام الإيراني على الرد "بالحوار". وقال وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل مجددا اليوم إن ألمانيا تشعر بقلق بشأن الموقف المتصاعد في إيران.

أما وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون فعلق على الاحتجاجات الإيرانية قائلا إن "المملكة المتحدة تراقب بانتباه الأحداث في ايران".

الموقف الأوروبي "ينم عن حكمة"

وفي تحليله للموقف الأوروبي قال السفير الفرنسي السابق في إيران فرنسوا نيكولو "لا شك أن الموقف الأوروبي أقل إفادة لنا أمام الرأي العام لدينا لكنه ينم عن حكمة".  واعتبر هذا الخبير في العلاقات الدولية أن "ما يجري في ايران تعبير عن معاناة عميقة، لكن أسلوب التعبير بلا إطار أو برنامج يكشف فرص نجاح ضعيفة، ستسحق لزاما في مواجهة قاسية مع النظام".

وزيرة الخارجية الأوروبية موغيريني مع الرئيس حسن روحاني، أرشيف

بدوره رأى خبير الشؤون الإيرانية في مجموعة "ايريس" الفرنسية للبحوث تييري كوفيل أن "الاتحاد الأوروبي يبدي حكمة. لكن المهم هو المجتمع المدني الإيراني، والطريقة الفضلى لدعمه تكمن في استهداف التحسين الاقتصادي وليس صب الزيت على النار. فالمعتدلون الإيرانيون لديهم الكثير ليخسروه في هذه الأزمة، فيما قد يكسب المتشددون الكثير".

وفي هذا السياق كتبت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية الاثنين إنه "ليس من الحكمة أن يدعم الغرب وخصوصا الرئيس دونالد ترامب المحتجين لأن هذا الموقف قد يصب في مصلحة الصقور". وأضافت الصحيفة "أفضل ما يمكن فعله هو الانتظار وترك هذا النظام المعتل يكشف عن طبيعته الحقيقية".

ورغم كل شيء فقد تتشبث واشنطن بمواقفها عندما يحل موعد "اتخاذ ترامب قراره بالتنديد أم عدمه بالاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني في 15 كانون الثاني/يناير"، على ما ذكر الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولي دوني بوشار.

وأمام إعادة ترامب النظر في هذا الاتفاق، يقف الأوروبيون وبينهم فرنسا في الصف الأول للدفاع عن تطبيقه، ويعتبر مؤيدوه أنه الأمثل لتفادي حيازة ايران السلاح النووي. وكل ذلك رغم ما أبداه ماكرون من تقارب من الموقف الأمريكي تكرارا، عند مطالبته بفتح حوار مع ايران بشأن برنامجها الصاروخي وأنشطتها الخارجية وخصوصا في العراق وسوريا.

ع.ج.م/أ.ح (أ ف ب، رويترز)

تبدأ إيران عامها الجديد على وقع اضطرابات واحتجاجات أدت إلى مقتل 12 شخصاً على الأقل وجرح العشرات. ورغم التدخل الأمني وتحذيرات السلطات، إلّا أن المحتجين لا يزالون يتبادلون منشورات للمزيد من التظاهر. بدأت الاحتجاجات أولاً في مدينة مشهد، ثاني أكبر مدن إيران من حيث الكثافة السكانية، وانتقلت المظاهرات بعد ذلك إلى جلّ أنحاء البلاد، كشاهين وسنندج وكرمنشاه وتشابهار وإيلام وإيذه والعاصمة طهران.

بدأت الاحتجاجات بشكل عفوي ضد ارتفاع الأسعار وارتفاع نسبة البطالة، لكنها بدات بعد ذلك بأخذ منحى سياسي. وصلت الاحتجاجات درجة انتقاد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، عبر شعارات كـ "يسقط الدكتاتور" و"اترك البلاد وشأنها يا خامنئي"، بينما هتف البعض بحياة محمد رضا بهلوي، آخر شاه حكم إيران قبل أن تطيح به الثورة الإسلامية، فيما مزق آخرون صورة قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني.

أكد الرئيس حسن روحاني على حرية الاحتجاج، لكنه حذر من خرق النظام العام وإثارة القلائل. اعتقلت قوات الأمن المئات واستخدمت مدافع المياه. واتخذت الحكومة قراراً بالحدّ من استخدام تطبيقي تلغرام وانستغرام، فيما قال نشطاء إن الانترنت الجوال قُطع في بعض المناطق. وصرّح المدعي العام بطهران أن اعتقال بعض المحتجين أتى بسبب إضرامهم النار في مبانٍ عامة، متحدثاً عن أن إيران لن تعود إلى عهد "الظلام لحكم بهلوي".

وُجهت اتهامات لقوات "الباسيج"، وكذا لجماعة أنصار حزب الله، وهي ميليشيات مسلحة تدعمها الدولة لـ"حماية الثورة"، بالتدخل في حق الطلبة في احتجاجات عام 1999.

خرجت مظاهرات من جامعة طهران في 9 تموز/يوليو 1999 بسبب إغلاق جريدة تقدمية تحمل اسم "سلام". تدخلت قوات شبه عسكرية في حي جامعي قتل خلالها رسمياً طالب (يقول الطلبة إن عدة طلبة قُتلوا) ممّا أدى إلى تطوّر الاحتجاجات على مدار ستة أيام اعتقل خلالها أكثر من ألف طالب، وقتل خلالها 3 أشخاص على الأقل. رفع المتظاهرون شعارات ضد المرشد الأعلى. صدرت أحكام بالإعدام والسجن في متظاهرين.

مرة أخرى، احتج الطلبة في تموز/يونيو 2003 ضد قرار ضد خصخصة عدة جامعات. تطور الاحتجاج بعد دخول قوات الأمن للحي الجامعي في جامعة طهران، وشارك فيه إثر ذلك الآلاف بعدة مدن. وُجهت الشعارات ضد الوجوه الدينية العليا في البلد وضد الرئيس محمد خاتمي. وجه علي خامنئي لوما قاسيا للطلبة، واتهمهم بجذب المخرّبين. اشتهرت هذه الاحتجاجات بقيام بعض الإيرانيين بإحراق أجسادهم في باريس ولندن احتجاجاً على التعامل الأمني.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل