المحتوى الرئيسى

تجاوز حدود التفوّق الكمّيّ في الحوسبة

12/15 22:55

كان من المفترض للمؤتمر الدولي الرابع الذي عُقد الشهر الماضي في موسكو Moscow حول تكنولوجيا الكمّ، تسليط الضوء على شركة غوغل التي كانت تستعدّ لإلقاء محاضرةٍ تعريفيةٍ حول حاسوب الكم ذو 49 كيوبت qubit والمستخدَم في أعمالها.

وقدّم كلمة الصباح ميخائيل لوكين Mikhail Lukin من جامعة هارفارد Harvard University، واختتم الحدث المسائي بنفسه بإعلانٍ صغيرٍ صرّح فيه أن فريقه من الباحثين الأمريكيين والروس قد اختبر بنجاحٍ جهازاً ذو 51 كيوبت واضعًا علامةً فارقةً في سباق التفوّق الكمّيّ.

ومن المتوقع لحواسيب الكم أن تكون جزءًا من الجيل القادم في الثورة التقنية، حيث تستخدم الأجهزة حالاتٍ بينيّةً فرديةً في جسيمات الكمّ لتسريع عملية المعالجة في الأجهزة الرقمية.

ومن المؤسف القول أن الحقيقة رائعةٌ ومخيبةٌ للآمال على حدٍّ سواء، فمن غير المُرجَّح أن نستطيع تشغيل لعبة Grand Theft Auto VR8K-3000 على منصةِ ألعابِ بلايستيشن 7 كمّيّةٍ في وقتٍ قريبٍ.

فالحوسبة الكمّيّة لا تعبّر فقط عن مبادلة شريحة معالجٍ بأخرى أسرع، في حين أن ما تقوم به هو تقديم نوعٍ ثالثٍ من البِتات، حيث تمتلك الحواسيب النموذجية اثنين منها فقط. أما في الحوسبة الكمّيّة يمكننا تطبيق التراكب الكمّيّ quantum superposition، مجموعة الاحتمالات التي تشغلها الجزيئات قبل ملاحظة تواجدها تستقرّ كواحدةٍ من حالتين مختلفتين، لحلّ المشاكل الحسابية شديدة التعقيد.

في حين أن هذه الأنواع من المشاكل هي عمليةٌ شاقةٌ وطويلةٌ وترهق أفضل الحواسيب العملاقة لدينا، بينما بتات الحواسيب الكمّيّة هي عبارةٌ عن مزيجٍ من الأصفار والواحدات، والمساحة الإضافية بينها تمكّننا من إجراء تمارين مثل محاكاة النظم الكمّيّة في الجزيئات أو ترتيب الأعداد الأولية ومعالجتها بسهولةٍ أكثر.

وهذا لا يعني أن الحوسبة الكمّيّة لا يمكن أن تكون إضافةً مفيدةً للحاسوب المكتبي في منزلك، ولكن يوجد الكثير من المشاكل لحلّها قبل البدء بالحلم بهذه الإمكانيات.

إحدى هذه المشاكل هي زيادة عدد البتات الكمّيّة انطلاقًا من عددٍ أقل من 20 إلى عددٍ يمكّننا من البدء في منافسة أفضل الحواسيب العملاقة الكلاسيكية في تلك المهام الصعبة.

يُشار إلى هذا العدد الذي يبلغ حوالي الـ 50 بمصطلح التفوق الكمّيّ quantum supremacy.

يعتمد جهاز هارفارد على مجموعةٍ من الذرات فائقة التبريد من الروبيديوم Rubidium المحمولة في شبكةٍ من المغانط والملاقط الليزرية والتي أُثيرت بطريقةٍ تتيح استخدام الحالات الكمّيّة كنظامٍ واحدٍ.

هذا وقد استطاع الباحثون السيطرة على 51 من تلك الذرات بطريقةٍ مكّنتهم من تشكيل بعض آليات الكم المعقدة جدًا، وهذا أمرٌ يصعب على الحاسوب المكتبيّ العاديّ القيام به.

في حين أن هذه النماذج كانت تُستخدم غالبًا لاختبار حدود هذا النوع من التجهيزات. اكتسب الباحثون رؤىً مفيدةً في مجال الديناميكا الكمّيّة المرتبطة بما يُسمّى الظواهر متعدّدة الأجسام، وما زالوا قادرين -لحسن الحظ- على اختبار الاكتشافات الأبسط نسبيًا باستخدام أجهزة الحواسيب العادية.

يوجد البحث حاليًا على الموقع الشبكي السابق للنشر آركسيف arXiv.com في انتظار استعراضٍ للآراء، ومن المؤكَّد أن هذا الإعلان جعل مجتمع الحوسبة الكمّيّة يتحدث عن إمكانيات وعواقب الوصول إلى هذا الحد.

العدد السحري 50 كيوبت أشبه بمستوى نسبيٍّ من معلمٍ حقيقيًّ، حيث لم يتغيّر الكثير في عالم الحوسبة الكمّيّة مع إعلان هارفارد، ولا يزال أمامنا طريقٌ طويلٌ لنقطعه قبل أن يكون هذا النوع من التكنولوجيا مفيدًا في تحقيق أيّة اكتشافاتٍ هامّةٍ.

تستعمل خطة غوغل الخاصّة لجهاز 49 كيوبت أسلوب معالجةٍ مختلفًا تمامًا عن لوكين، معتمدةً على رقاقاتٍ كمّيّةٍ متعدّدة البتات تَستخدم بنيةً صلبةً فائقة الناقلية تُسمّى وصلة جوزيفسون Josephson Junction.

وقد أثبتوا تقنيتهم باستخدام نسخةٍ أبسط من 9 كيوبت وخطّطوا للوصول إلى هدفهم تدريجيًا، وبدون الخوض في التفاصيل أن كل التقنيات لديها إيجابياتٍ وسلبياتٍ عندما يتعلق الأمر بالمقياس والموثوقية.

وتُعتبر آلية جعْل النظام موثوقًا وخاليًا من الأخطاء قدر الإمكان مشكلةً كبيرةً في الحوسبة الكمّيّة، حيث يمكن للحوسبة الكلاسيكية تكرار العمليات للحدّ من الأخطاء، وهذا ما يستحيل على الحواسيب الكمّيّة القيام به بسبب الطبيعة الاحتمالية للبتات الكمّيّة.

وتبقى مسألة كيفية توصيل عدّة وحدات مع بعضها لتكوين معالجاتٍ أكبر والطرق التي ستعالج هذه المخاوف بالشكل الأمثل على المدى الطويل سؤالًا تصعب الإجابة عنه.

أهم أخبار تكنولوجيا

Comments

عاجل