المحتوى الرئيسى

نك روبيرتسون يكتب: ترامب دمر تطلعات الفلسطينيين بشأن القدس والسلام | المصري اليوم

12/13 03:31

ظهر رد فعل الفلسطينيين فى القدس على إعلان الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، الأسبوع الماضى، بأن الولايات المتحدة تعترف بالمدينة عاصمة لإسرائيل، مختلطًا وصامتًا.

فقد جلست مجموعة من الفلسطينيين للهتاف ضد الإعلان الأمريكى، خارج باب دمشق القديم، ولم يكن هناك عنف، فقد قال لى المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية، ميكى روزنفيلد، إن التجمع كان «صغيرًا نسبياً.. فقد تعاملنا مع أعداد أكبر من ذلك بكثير».

وقد توجه الفلسطينيون إلى هناك، مرة أخرى، يوم الجمعة الماضى، لأداء صلاة الجمعة، وهذه هى اللحظة التى كان يخشى الكثيرون من أن تتحول إلى عنف قبيح، ولكن لم يحدث ذلك، فالغالبية العظمى من الناس كانوا سلميين.

وأرى أنه حتى لو كان روزنفيلد فوجئ بانخفاض نسبة أعداد المتظاهرين، فإنه لم يكن ليظهر لى ذلك، فقد أكد لى أن الشرطة مازالت تقيم ما قد يحدث فى الأيام المقبلة.

وقد تحدث إلى بعض الفلسطينيين عن شعورهم بالإحباط من قيادتهم، وبالغضب من قرار ترامب، حيث قال لى أحد الشباب إنه بعد 25 عامًا تقريبًا على اتفاقية أوسلو للسلام، والتى أنعشت الآمال للتوصل إلى حل الدولتين، لم يعد أمامنا شىء لنقوله، فالفلسطينيون يحتاجون إلى قادة جدد، ونهج جديد، وقد وصف هذا الشاب الرئيس الفلسطينى، محمود عباس، بأنه ضعيف.

فيما تحدثت مع امرأة، تبلغ من العمر 45 عامًا، وكانت غاضبة للغاية من ترامب، فقد قالت لى إنها نشأت فى البلدة القديمة، وأنه لا يفهم عواقب قراره، مؤكدة أنه لا يهتم سوى بشعبيته بين الأمريكيين.

ولكن ما أدهشنى للغاية أنه فى حين ترى الولايات المتحدة ترامب باعتباره زعيمًا مستقطبًا، فالبعض يشيد به، فيما يستنكر البعض الآخر أفعاله، فإن هؤلاء الفلسطينيون يرون أنه الوجه الحقيقى لأمريكا، حيث يقولون إنه كشف أخيرًا عن وجه أمريكا الحقيقى، والذى تمكن الرؤساء السابقون من إخفائه، فهم يؤكدون أن الأمريكيين موالون لإسرائيل، وضد العرب والمسلمين.

وقد كان مبرر ترامب لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس أن الأمر سيكون مجرد انعكاس للحقائق الواقعية، فمعظم المبانى الحكومية الإسرائيلية الرئيسية تقع فى القدس، ولكن السؤال الأهم الآن هو: هل هذا القرار سيجعل مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين أصعب أو أسهل؟ أعتقد أن الإجابة ستعتمد بشكل كبير على ما سيحدث فى الأيام المقبلة.

فقد دعت حركة حماس إلى الانتفاضة، وقد تم بالفعل إطلاق ما لا يقل عن 4 صواريخ من غزة إلى إسرائيل، كما عاودت الأخيرة إطلاق النار على ما وصفته بأنه أهداف متعلقة بحماس، حيث قتل شخصان فى الغارات الجوية، وفقًا لما ذكرته وزارة الصحة الفلسطينية.

وكانت الاحتجاجات فى الضفة الغربية، وقطاع غزة، على خلاف القدس، أكثر حضورًا، وقد تحولت إلى أعمال عنف وقتل بعدما تم إطلاق النار على رجلين فلسطينيين فى غزة، وقال الجيش الإسرائيلى إنه «أطلق النار بشكل انتقائى على عشرات المحرضين».

وقال المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية إنه تم اعتقال 7 أشخاص خلال الاشتباكات التى وقعت فى شارع صلاح الدين فى القدس، مضيفًا فى وقت لاحق أنه تم اعتقال 13 متظاهرًا فى منطقة باب دمشق.

وأعلن الهلال الأحمر الفلسطينى أنه عالج 231 جريحًا فى الضفة الغربية، والقدس، وغزة، بينهم 12 جريحًا أصيبوا بطلقات نارية، و24 أصيبوا برصاص مطاطى، و172 أصيبوا بالغاز المسيل للدموع.

ومع ذلك، وعلى النقيض من الاحتجاجات والاشتباكات فى السنوات السابقة، فقد كانت الاحتجاجات الأخيرة أقل كثافة.

وقد انتقد العديد من القادة فى أنحاء العالم ترامب، فى حين تساءل بعض المراقبين المحنكين عن سبب غياب الحماس من أجل التصعيد. وعلى الرغم من أن هذا الأمر قد يشعر الفلسطينيين بالقلق فإنه يبدو أن القرار بشأن ما يجب القيام به سيكون أمرا خاصا بهم فقط.

وأرى أن ما فعله ترامب هو بمثابة مقامرة ضخمة، فحتى لو قبل بعض مفاوضى السلام الفلسطينيون ما يعتبره الكثيرون منهم استفزازًا رئيسيًا من جانب شريك بات الآن بلا مصداقية فى عملية السلام، فإن البعض الآخر قد لا يفعل ذلك.

وقد التقى حزب الله، الموالى لإيران مع حركة حماس، مؤكدًا استعداده للتدخل بشكل أكبر فى السياسة الإسرائيلية- الفلسطينية، فطالما كانت مسألة إيجاد قضية مشتركة مع الفلسطينيين هى وسيلة إيران للتدخل فى إسرائيل.

ولكن يبدو أن الجميع يتعامل مع الأمر بعناية شديدة، حتى إن ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، يقولان إن القرار الأمريكى لن يغير شيئًا على الأرض، حيث قال ترامب «إننا لا نتخذ أى موقف حيال الوضع النهائى بما فى ذلك الحدود المحددة للسيادة الإسرائيلية فى القدس، وأدعو جميع الأطراف إلى الحفاظ على الوضع الراهن فى الأماكن المقدسة فى المدينة»، مشيرًا إلى أن حل الدولتين لايزال خيارًا مهما.

وقد تعهد نتنياهو، فى رسالة مسجلة، بأنه «لن يكون هناك تغيير على الإطلاق للوضع القائم فى الأماكن المقدسة.. وستضمن إسرائيل دائمًا حرية العبادة لليهود، والمسيحيين، والمسلمين، على السواء». فصحيح أن كلا منهما لديه مشكلة متعلقة بالمصداقية لدى الجمهور ولكن كلامهما لا يغير الواقع على الأرض، حيث يوجد فى القدس المسجد الأقصى، وهو ثالث أقدس الأماكن فى الإسلام.

ولكن ربما مشكلة ترامب الأكبر فى إحلال السلام فى الشرق الأوسط هى النية الحسنة التى باتت تتآكل لدى حلفائه، فكثيرون منهم نصحوه بعدم اتخاذ القرار، ولذا فقد باتوا ينتقدونه علنًا منذ لحظة اتخاذه له. ومن الصعب الآن العثور على دبلوماسى واحد يعتقد أن الوقت قد حان للمضى قدمًا، فالقدس هى الجزرة فى أى مفاوضات سلام، ومصيرها هو الجائزة فى نهاية المفاوضات الشاقة.

ولكن بالنسبة للفلسطينيين فى الوقت الراهن، فإن القرار قد دمَر أى وهم لديهم بأن هذا الرئيس يهتم بهم، وبتطلعاتهم، أو مكانهم فى العالم، وكلما ازدادت الفجوة بين ترامب وأصدقاء الولايات المتحدة، كلما قل نفوذه على أعدائه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل