المحتوى الرئيسى

Star Wars.. ماراثون إعادة المشاهدة مع الثلاثية الأولى (2)

12/12 20:35

هناك معضلة دومًا ما تواجه من يُقدم للمرة الأولى على مشاهدة جميع الأفلام الستة من سلسلة أفلام Star Wars، هل يبدأ بمشاهدة السلسلة بحسب تسلسلها في الأحداث بداية من The Phantom Menace أم يبدأ بمشاهدتها حسب تسلسل صدورها وإنتاجها ابتداء من A New Hope؟

بالنسبة لي، دومًا ما أفضل البدء دائمًا حسب تسلسل الصدور مع الثلاثية الأولى التي بدأت في عام 1977 وهو ما فعلته أيضًا هذه المرة، لأن مشاهدتها هى أولًا تمنحني في كل مرة قدر كبير من المذاق الأصلي للسلسلة لا ألمسه في الجزئين الأول والثاني على الأخص من الثلاثية الثانية لأسباب كثيرة سيتم تناولها في محلها، كما أن الثلاثية الأولى كانت أكثر نضوجًا على الصعيد الدرامي وربما أكثر تعقلًا واتزانًا في التعامل مع المؤثرات البصرية.

لكن ربما ما كان يشعرني بالسعادة خلال مشاهدة الثلاثية الأولى هذه المرة أننا سنقابل من جديد كل من لوك سكايواكر وهان سولو وليا ( هاريسون فورد و مارك هاميل و كاري فيشر) في الجزء السابع من السلسلة الذي سيصدر غدًا بدور العرض بعد غياب دام 32 عامًا منذ Return Of The Jedi الذي صدر في عام 1983.

وقد قررنا أن نتناول بشكل نقدي ومفصل جميع أفلام سلسلة Star Wars، وهذه المرة مع الثلاثية الأولى على أن يتجدد اللقاء لتناول الثلاثية الثانية:

Star Wars: Episode IV - A New Hope/1977

كل شيء أحببناه وشهدناه أمامنا للمرة الأولى في Star Wars بدأ من هنا.

كان الطموح اللانهائي لـ جورج لوكاس دافع رئيسي ليكون هذا الفيلم بالذات شيئًا مختلفًا عما قد ألفه المشاهدون طوال حياتهم، وأنه ليس بحكاية بسيطة قد يبقى أثرها بعد المشاهدة وربما لا، بل كان يدفعك منذ لحظة قفز اسم الفيلم في وجهك منذ اللحظة الأولى مع الدخول المفاجئ للموسيقى ذات الطعم الأوركسترالي المميز لـ جون ويليامز وتصاعد ملخص الأجواء العامة التي سيدور الفيلم في فلكها بأنك ستشهد حدث ملحمي غير مسبوق وبالغ الضخامة. لوكاس هنا لا يمهد بهدوء ونعومة، بل يدخلك إلى عالمه مباشرة وعلى نحو مباغت - بالمعني الإيجابي للكلمة -.

هذه الحالة من المباغتة تستمر بعد انتهاء التترات بأن يدخلك بعدها في حالة حراك مباشر وسريع وفي قلب مواجهة بين دارث فادر بصوت تنفسه المخيف الذي سنعتاده في الأجزاء القادمة من جهة وبين الأميرة ليا والآليين R2D2 وC-3PO من الجهة الأخرى، لأن لوكاس قد سبق ومهد لك مسبقًا عن أجواء عالمه، فلا يحتاج لفعل ذلك مرة أخرى ولكي يجعلك منشغلًا أكثر بمتابعة المغامرة التي يصنعها أمامك، ويساعدك على استكشاف ما يحدث فعليًا خطوة بخطوة، ويعطي في ذلك للمشاهد مساحته الكاملة.

يسرب الفيلم لمشاهديه طاقة كبيرة من الروحانية التي لا ترتبط في الأساس في عالم Star Wars بمذهب معين أو دين نظامي بقدر ما تنشد حالة عامة من التناغم بين الإنسان والعالم، التي تتبدى هنا في علاقة فرسان الجيداي بـ"القوة" التي تمنحهم المقدرة الهائلة على القيام بما لا يجيده غيرهم، وهذه الرسائل المبطنة قد ساهمت في توسعة نطاق جمهور الفيلم أيا كان معتقداتهم الفكرية أو الدينية أو حتى أعمارهم.

يتميز الفيلم، والثلاثية الأولى برمتها، بأن الأحداث لا تنفرد تمامًا بكل الجاذبية، لوكاس صنع لنا شخصيات جذابة للغاية يبقى تأثيرها بعد الفراغ من المشاهدة لأيام وتعيش لسنوات: لا زلنا نتذكر صلافة ونفعية هان سولو التي تخفي وراءها شخصًا مخلصًا لمن يهتم لأمرهم من المقربين له، أو براءة لوك سكايواكر في تعامله مع عالمه الجديد بعيدًا عن الكوكب النائي الذي كان يعيش به، أو رقة وقوة شخصية الأميرة ليا، أو المظهر المهيب لدارث فادر بقناعه الغريب وردائه الأسود، ورزانة وحضور أوبي وان كانوبي، ودون أن نغفل بالطبع الثلاثي المرح R2D2 وC-3PO وشيويباكا الذين يقدمون جرعة مخففة ومحسوبة من الفكاهة، وكل على طريقته الخاصة. وما ساعد أكثر في ترسيخ جاذبية الشخصيات هو الاختيارات الجيدة والمتوازنة للممثلين، وعلى رأسهم بالطبع السير أليك جينيس الذي شكلت مشاركته مكسبًا كبيرًا بمنحه لشخصية أوبي وان كانوبي ثقل أدائي وحضور ممتاز.

Star Wars: Episode V - The Empire Strikes Back/1980

بالإضافة للجزء السابق، فهذا الجزء من المفضلات لدي بين سائر أفلام السلسلة، وربما ما جعله يتفوق أيضًا على سابقه هو جرعة الدراما التي يضخها وحجم التطور الملموس في شخصياته الرئيسية.

في هذا الجزء بالذات كان الرهان أكثر صعوبة من أجل ضمان استمرار المشاهدين في التعاطي مع التطورات التي تجرى لشخصياته والحفاظ على روح التشويق في الحكاية، خاصة مع تشعب وتشابك المنحنيات الدرامية للفيلم، وقرار لوكاس الاكتفاء هذه المرة بمهمة الإشراف على إنتاج الفيلم فقط وترك مهمة الإخراج لـ إيرفين كريشنر، وهو ما ينجح فيه بشدة، خاصة مع شخصياته الثلاث الرئيسية.

من المثير مشاهدة الطريقة التي تنمو بها علاقة الحب بين كل من ليا وهان سولو على الشاشة، واللذان يخفيان مشاعرهما تحت غطاء سميك من الشدة وعدم الاكتراث، وهو غطاء لا يتوارى سوى على مهل، خاصة مع تكشف كل اهتمام بكل منهما بالآخر، ولاحظ أيضًا مشاعر الغيرة التي تعتري هان سولو فور شعوره بأدني درجة من الاهتمام المتزايد نحو لوك سكايواكر، وهو ما تستغله ليا ضمن الغطاء الذي تستر به مشاعرها نحوه.

ومع هذا الخط الرومانسي، يتصاعد منحنى الخط الدرامي الخاص بلوك سكايواكر الذي يتكشف رويدًا رويدًا كل ما كان خافيًا عنه من قبل من أسرار عائلته، الآن فقط يكتشف لماذا قال له أوبي وان كانوبي أن والده قد مات وهو حي يرزق، ولماذا كان يودا يحاول أن يماطل لكي لا يقابل لوك دارث فادر بسبب خشيتهما عليه من اسوأ مصير واسوأ موقف قد يوضع به أي أحد في مواجهة ليست كأي مواجهة سابقة عادية بين الخير والشر.

إيرفين كريشنر يطور شخصيات السلسلة دراميًا بشكل يتفوق كثيرًا على الفيلم السابق، ويحافظ على إذكاء الصراعات التي يعانيها كل منهم التي تسير بالتوازي مع الصراع الكبير الدائر، ويدفع بالسلسلة نحو أجواء أكثر قتامة، خاصة مع الحقيقة القاسية والمؤلمة التي يحملها لقاء لوك ودارث فادر في واحد من أفضل التتابعات الدرامية للسلسلة.

Star Wars: Episode VI - Return of the Jedi/1983

مقارنة بالجزئين السابقين بكل ما حملاه من تميز، أراه جزءًا عاديًا أو جيد على أقصى تقدير.

في النصف الأول من الفيلم بالذات، شعرت بأن الفيلم كان يتحرك بعيدًا للغاية عن الصراع الرئيسي الذي تدور من خلاله أحداث هذا الجزء، وهو إعادة بناء نجمة الموت الذي دُمر في A New Hope، وهو ما خلف خلل واضح في توازن الأحداث بسبب عدم مقدرة المخرج ريتشارد ماركنود الذي وقع عليه الاختيار هذه المرة على الموازنة بين الخط الرئيسي والخطوط الرئيسية مثل الفيلم السابق.

فعلي سبيل المثال، استهلك تتابع إنقاذ هان سولو من قبضة جابا ذا هوت لوحده أكثر من 35 دقيقة كاملة من زمن الفيلم، وهو تتابع كان يمكن إعادة صياغته لكي يشغل وقت أقل بكثير من الوقت الفعلي الذي استغرقته عملية الإنقاذ تلك، ولكي يعيد التوازن المفقود للفيلم ولو قليلًا.

مثال آخر على هذا الاستهلاك الكبير غير الثمين للوقت يكمن في التتابع الذي يتقابل أبطال الفيلم مع قبيلة اﻹيوك حينما يعتقد اهل القبيلة أن اﻵلى C-3PO هو إله مقدس بالنسبة لهم وعليهم طاعته، فكان تتابع درامي ثقيل الظل.

ولا أعلم على وجه الدقة لماذا قرر كتاب سيناريو هذا الجزء فجأة أن يتخلصوا من شخصية المعلم يودا على هذا النحو الغريب وغير المفهوم حين يموت فجأة على فراشه أمام لوك سكايواكر بالرغم من كون وجوده لم يحمل أي ضرر درامي.

لكن ربما قد يشفع قليلًا للفيلم هو حفاظه على اهتمامنا بمصائر أبطاله الثلاثة وإن لم يكن بنفس درجة الجزء السابق، لكن يظل هناك شيء من الاهتمام، سواء في تطور علاقة الحب بين هان وليا أو في الأسرار العائلية التي تتكشف الواحدة تلو الآخرى أمام لوك سكايواكر بالإضافة إلى المواجهة الشاقة والحتمية والأخيرة التي يفرضها عليه ضميره أمام دارث فادر.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل