المحتوى الرئيسى

أثر طيب وآخر سيئ | المصري اليوم

12/10 05:04

السينما ورثت الفنون جميعها. فيها أجمل شىء من كل شىء، من المسرح، من الموسيقى، من الغناء. تأثيرها على الوجدان لا على الأدمغة. تستطيع أن تشكل وجدان أمة من خلال السينما، وتغير من نظرتهم إلى الكون والحياة. وتعيد صياغة العلاقات الإنسانية المتشابكة على النحو الذى تهواه.

والسينما مثل أى نشاط بشرى لها جانب جيد وجانب سيئ. وإن جاز لى- كمحب لها- أن أرصد كيف أعادت تشكيل عقول الغربيين، فإننى أذكر على الفور أمرين، أحدهما جيد وهو كبح جماح العنصرية، والثانى سيئ وهو إعطاء المشروعية للعلاقات المثلية والعلاقات خارج إطار الزواج عموما، كل ذلك قامت به السينما فى نعومة وهدوء.

فلنبدأ بالجانب الطيب. لا ريب أنكم ستتفقون معى أن العنصرية داء وبيل. هيكل نفسه لم يصدق أن الشعب الأمريكى تخلص من عنصريته إلى الحد الذى ينتخب فيه أوباما. لا بد أن ذاكرته لم تغادرها أحداث مثل اغتيال مارتن لوثر، داعية إنهاء التمييز العنصرى ضد السود.

وكنوع من الاستطراد أقول إن النزعات المتعصبة التى تحاول احتكار الفضل فى جنسية أو لون معين، قد تجاوزها العالم المتحضر بالفعل، وها نحن ذا نشاهد الغرب وهو يحاول بكل وسعه أن يغرس فى عقول الأجيال الجديدة أن الفضل ليس باللون، ويسعون إلى إعادة صياغة عقل الجنس الأبيض الإنجلوسكسونى العنيد بأن البشرة السوداء جميلة، بل ويختارون ملكات الجمال من السمراوات الأفريقيات. هى فطرة الإنسانية التى دعا إليها الرسول منذ أربعة عشر قرنا، حين قال: «لا فضل لأبيض على أسود إلا بالتقوى».

ولطالما جعلت السينما البطل المنقذ فى الأفلام من ذوى البشرة السمراء. وذلك يُحسب لها بكل تأكيد.

أما الجانب الخطر فهو إعطاء المشروعية للعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، بل وقبول المثليين (وهو اسم التدليل الجديد للشذوذ). والشذوذ فى رأيى هو شذوذ فعلا. هل تعلمون أن فرويد نفسه من أشد المتزمتين فى هذه الأمور؟ إنه يعتبر حتى العادة السرية شذوذا وانحرافا عن الطبيعة. باختصار كل علاقة جنسية لا تؤدى بطبيعتها إلى الانجاب هى غير متناسقة مع الفطرة البشرية، بل مع ما تريده الطبيعة منا.

وكثيرا ما أسرح بخيالى وأنا أشاهد أفلام الغرب، والأب يرحب بالبوى فريند ويصافحه قبل أن يدخل إلى خدر ابنته! لم أزل أحتفظ ببكارة الدهشة والتعجب من غياب النخوة. ولا أستسيغ ذلك قط مهما قيل لى إن علاقة البوى فريند هى علاقة يباركها المجتمع هناك كالزواج. أنا رجل من الطراز القديم ويشرفنى أن أظل كذلك. لكنى لا أمنع نفسى من التساؤل متى حدثت تلك التغيرات الجسيمة فى نظرة المجتمعات الغربية المسيحية المتطهرة بطبيعة الدين المسيحى الذى ينظر إلى الجنس باعتباره شرا لا بد منه لعمارة الأرض؟ أتساءل وأتمنى أن أجد من يفهم فى هذه الأمور ليخبرنى: «هل كانت المجتمعات الغربية مثلنا ذات يوم، ثم تغيرت؟ ومتى حدث ذلك التغير؟ وما هى الظروف الاجتماعية والاقتصادية التى واكبت هذا التغير؟ أهو بعد الحرب العالمية الثانية بعد خروج النساء للعمل؟ أم بعد اختراع حبوب منع الحمل؟ أم بعد الثورة الجنسية فى أواخر الستينيات تواكبا مع بروز الهيبز كعلامة لرفض قيم المجتمع بأسره؟».

لكن- أيا كانت هذه التفسيرات ولعل أغلبها صحيح- فلا شك أن السينما لعبت الدور الرئيسى والمؤثر فى حدوث تلك التغيرات.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل