المحتوى الرئيسى

التمثيل بالجُثث حتى لو كان القتيل من نسل رسُول الله | المصري اليوم

12/10 04:44

منذ هند بنت عُتبة العبشمية القرشية الكنانية أم الخليفة الأموى معاوية بن أبى سفيان، المعروفة بـ«آكلة الأكباد»، ومسلسل التمثيل بالجُثث لا ينتهى فى تاريخ المسلمين (وما حدث مع صدَّام حُسين، ومعمَّر القذافى، وعلى عبدالله صالح وصْلٌ لتاريخ التمثيل بالقتلى، بصرف النظر عن طغيانهم واستبدادهم، لأن للميت حرمته وإكرامه بالدفن)، فكانت هند أول من مارس الـمُثُلة، وذلك أمرٌ اعتادته نساءٌ من قبيلة قريش فى الجاهلية، حيث قيل إنها جدعت أنوف القتلى من المسلمين فى موقعة أو غزوة أُحد (وقعت بين المسلمين وقبيلة قريش فى يوم السَّبت السابع من شهر شوال فى العام الثالث من الهجرة النبوية، وكان النبى محمد يقود جيش المسلمين، بينما أبوسفيان بن حرب يقود قبيلة قريش، وهى ثانى غزوة يخوضها المسلمون، حيث وقعت بعد عامٍ من غزوة بدر)، وصَلَمت هند وقتذاك آذانهم مع نساء شاركنها هذا الفعل المُنكر المُشين، خُصوصًا بعدما علمت بمقتل ابنها الوليد بن عُتبة يوم بدر ومعه والده وعمه، وقيل إنها اتخذت قلائد من تلك الأنوف والآذان، كما أنَّها بقرَت بطن حمزة بن عبدالمطلب عم النبى محمد وأخرجت كبده فلاكتها ثم لفظتها، إذْ لم تستسغها، وجعلت من أنفه وأذنيه وأطرافه سوارين وخلخالين لها، وكانت من النسوة الأربع اللواتى أهدر الرسول محمد دماءهن يوم فتح مكة، ولكنَّه عفا وصفح عنها، حينما جاءته مسلمةً تائبةً، حيث أسلمت يوم فتح مكة ونساءٌ معها، بعد إسلام زوجها أبى سفيان بن حرب بليلةٍ واحدة، ولمَّا أسلمت هند جعلت تَضْرِبُ صنمًا فى بيتها بالقدوم حتى فلّذته فلذة فلذة وهى تقول: «كنّا منك فى غرورٍ»، وعلى الرغم من دخولها فى الإسلام، فكان الناس يعايرونها بما صنعت، ويعايرون ابنها معاوية بأنه ابن آكلة كبد عم نبى الله.

ويبدو أن الشَّر والحقد والحسد والغدر أمورٌ تُورَّث، لأن معاوية بن أبى سفيان فعل الأفاعيل خلال خلافته للمسلمين، حيث حُمِلت إليه رأس محمد بن أبى بكر الصديق (10- 38 هـجرية) وكان أميرًا عاملاً لعلى بن أبى طالب على مصر، حيث قُتِل بيد أحد أصحاب معاوية بن أبى سفيان، وهو معاوية بن حديج، ومُثِّل به وقُطِع رأسه، وحُمِل من مصر إلى دمشق، وقيل إنه دسَّه وهو حى فى بطن حمارٍ ميت، وأحرقه، وقيل: أتى بمحمد أسيرًا إلى عمرو بن العاص، فقتله، وقُتِلت زوجته فى قصر الوالى فى مصر، بينما ابنهما القاسم بن محمد بن أبى بكر الذى خرج من مصر وهو طفل عمره سبع سنوات أخذه عمه عبدالرحمن بن أبى بكر إلى المدينة، وتربَّى فى منزل النبى محمد فى كنف عمته عائشة بنت أبى بكر.

وعلى الرغم من أن الرسول نهى عن الـمُثُلة: ‏(اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ، فِى سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، اغْزُوا وَلاَ تَغُلُّوا وَلاَ تَغْدِرُوا وَلاَ تَمْثُلُوا وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيدًا...) رواه مسلم.

فإن تاريخ المسلمين ملآن بصلب الجُثث بعد قتلها، ثم تقطيع أوصالها، وحرقها حتى تصير رمادًا يُذرَّى فى الأنهار (ولنا أن نسأل دجلة والفرات كم بهما من رماد مسلمين أبرياء قُتلوا وأُحرِقت جُثثهم ، وقطع الآذان ولضمها فى خيط، وشرب دماء القتلى، ودق كفُوف القتلى بمسامير من حديدٍ ووضعها على حيطان المساجد، وإدخال أسنان الرماح فى العيون وفقئها وخزقها وخضخضتها، وفى واقعة مقتل الحُسيْن نُصِبتْ رؤوس أصحابه على أسنَّة الرماح فى مشهدٍ همجى غريب وغير معهودٍ لم تعرفه البشرية من قبل وذلك باسم الدين، كما نَصَبَ عبدالله بن زياد (والى العراق ليزيد بن معاوية، وُلى البصرة سنة 55 هـجرية، كما وُلى خراسان، قتله إبراهيم بن مالك الأشتر النخعى سنة 67 هجرية- 685 ميلادية) رأس الحُسيْن فى الكوفة وداروا بها فيها، وقبل أن يقتله الأشترُ صاح فى أصحابه من الجُنود: (عبيد الله بن زياد هذا قاتل ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد جاءكم الله به وأمكنكم الله منه اليوم، فعليكم به، فإنه قد فعل فى ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يفعله فرعون فى بنى إسرائيل! هذا ابن زياد قاتل الحُسيْن الذى حال بينه وبين ماء الفرات أن يشرب منه هو وأولاده ونساؤه، ومنعه أن ينصرف إلى بلده أو يأتى يزيد بن معاوية حتى قتله، ويحكم اشفوا صدوركم منه، وارووا رماحكم وسيوفكم من دمه، هذا الذى فعل فى آل نبيكم ما فعل، قد جاءكم الله به).

وقال ابن الأشتر لأصحابه: (التمسوا فى القتلى رجلا ضربته بالسيف فنفحنى منه ريحُ المسك، شرقت يداه وغربت رجلاه، وهو واقفٌ عند رايةٍ منفردة على شاطئ نهر خازر، فالتمسوه فإذا هو عبيد الله بن زياد، وإذا هو قد ضربه ابن الأشتر فقطعه نصفيْن، فاحتزُّوا رأسه، وأرسلوه إلى المختار والى الكوفة مع البشارة بالنصر والظفر بأهل الشام).

والقتل والتمثيل لدى الخلفاء وأولى الأمر فى تاريخ المسلمين لا يُلقِى بالاً بمن يكون الشخص، ولا يهُم إنْ كان من نسل رسول الله، أو أن أباه من العشرة المبشرين بالجنة، فمثلاً مصعب بن الزبير بن العوام الأسدى القرشى كان أمير العِراقَيْن، وكان ابنًا للصحابى الزبير بن العوام وكان أخًا للخليفة عبدالله بن الزبير، وكان يُسمَّى آنية النحل لكرمه وجُوده، وكان أجمل أهل البصرة.

وكان متزوجًا من عائشة بنت طلحة بن عبيد الله ، وهى من أجمل نساء زمانها، وقد تغزَّل بها وتشبَّب الشَّاعر عمر بن أبى ربيعة، وكانت «امرأة جليلة، حدَّثَ الناس عنها لفضائلها، وأدبها»، وهى ابنة خالته (توفيتْ سنة 110 هجرية)، ابنة طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأمها أم كلثوم بنت أبى بكر الصديق، وخالتها عائشة بنت أبى بكر الصديق، نشأت فى المدينة فى كنف خالتها عائشة، وتزوجها ابن خالها عبدالله بن عبدالرحمن بن أبى بكر الصديق حتى توفِّى عنها، ثم تزوجها مصعب بن الزبير، وأصدقها مائة ألف دينار، وتزوَّجها عمر بن عبيد الله بن معمر التيمى، بعد مقتل مصعب فأصدقها مليون درهم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل