المحتوى الرئيسى

ننشر نص كلمة سامح شكري أمام اجتماع مجلس جامعة الدول لمناقشة أزمة القدس

12/10 00:15

ينشر موقع "صدى البلد"، نص كلمة وزير الخارجية، سامح شكري، في اجتماع الوزراء العرب، في الدورة الاستثنائية، لبحث آخر تداعيات وتطورات قرار أمريكا بنقل سفارتها إلى القدس، واعتبارها عاصمة لإسرائيل. 

معالي الوزير محمد علي يوسف

وزير خارجية جمهورية جيبوتي الشقيقة رئيس المجلس الوزاري

معالى أحمد أبو الغيط الأمين العام

ينعقد اجتماعنا اليوم فى ظروف طارئة ومتأزمة ومنعطف شديد الدقة فى تاريخ القضية الفلسطينية... لنبحث سويًا كيفية التعامل مع التطورات الأخيرة المتعلقة بالقدس الشريف اولى القبلتين وثالث الحرمين.. 

يتوجب علينا فى هذه اللحظة التاريخية الفارقة أن نقف دفاعًا، ليس فقط عن الحق الفلسطيني المهدر منذ عقود، بل أيضًا عن حقوق الملايين الذين تتعلق أفئدتهم بالمقدسات الاسلامية والمسيحية فى القدس الشريف.

ودعونى أخاطب اليوم ضمير المجتمع الدولي الذى أضاع العقد وراء الآخر وهو يشاهد الحقوق الفلسطينية الموثقة بموجب قرارات الشرعية الدولية كما تعكسها قرارات الأمم المتحدة تذهب أدراج الرياح... مع غياب أفق حقيقى للعملية السلمية، لاستعادة حقوق شعب يبتلعها الاستيطان الاسرائيلى عامًا بعد الآخر... ويقف المجتمع الدولى عاجزًا عن إنفاذ الشرعية الدولية فى قضية عمرها جاوز السبعة عقود، هى عمر الأمم المتحدة ذاتها.

ولعل التحول المؤسف الذى تابعناه في موقف الولايات المتحدة الأمريكية بالنسبة لمدينة القدس بعد اعترافها بشكلٍ أُحادي ومنافٍ للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن بالقدس كعاصمة لدولة إسرائيل، جرس إنذار أخير للمجتمع الدولى بأسره وللعرب والمسلمين، بأن الوضع الملتهب فى فلسطين يضع المنطقة بأسرها على حافة الانفجار.

وهى أبعد ما تكون عن الحاجة للمزيد من المخاطر والاضطرابات، وإن غضب الشعب الفلسطينى الذى تفجر بالأمس لأكبر دليل على تلك المخاطر.

ومن ثم يثار التساؤل أى خيارات يتيحها العالم لشعب يرزح تحت الاحتلال طيلة عقود سوى أن ينتفض دفاعًا عن حقوقه المشروعة ومقدساته... وأى رد فعل يتوقعه المجتمع الدولي إزاء قضية حساسة مثل القدس تهم الملايين من العرب والمسلمين والمسيحيين فى كل أنحاء العالم فى اطار خصوصيتها الروحية... وهل يجب علينا جميعا أن نقف شاهدين على الأبرياء الفلسطينيين يبذلون دماءهم من جديد قبل أن يحرك المجتمع الدولي ساكنًا. 

ولا يخفى علينا جميعًا الخطر الكامن فى محاولة استغلال الإرهابيين والمتطرفين للتطورات الراهنة، لتبرير جرائمهم واستقطاب التأييد لمنهج الشر الذى يطلقونه على أرضية محاولة احتضان تفجر هذه القضية، وأن تدفع المنطقة بل والعالم بأسره تبعات مثل ذلك القرار.

ومن هذا المنطلق لم تأل مصر جهدًا للحيلولة دون صدور ذلك القرار فقد تواصل السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى مع نظيره الأمريكى لإيضاح التداعيات شديدة الخطورة لذلك القرار ومغبته... ولكن ذلك المسعى لم يلق تجاوبًا .... ولقد سبق وأن دعا السيد الرئيس فى مناسبات عديدة وآخرها خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر الماضى لإزالة جدار الكراهية واقامة السلام العادل والشامل، فلم تلق تلك الجهود والدعوات التعاون الكافى والاستجابة اللازمة من الأطراف المعنية والدولية المؤثرة..

وتستنكر مصر مجددا ذلك القرار الأمريكى الأحادي المخالف للشرعية الدولية وترفض الاعتراف جملة وتفصيلًا بأية آثار قانونية مترتبة عليه، فقضية القدس احدى قضايا الوضع النهائي لتسوية القضية الفلسطينية سلميا عبر التفاوض بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وهو أمر لا جدال فيه... كما تؤكد أن القرار يلقى بظلال وخيمة على مستقبل عملية السلام، بعد أن ازدادت مصاعب تنشيطها واحيائها لما فى صالح الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي كى يعيشا فى دولتين متجاورتين فى سلام... فهذا حق لهما، كسائر الشعوب. 

ويتعين فى تلك اللحظة الفارقة ونحن نتمسك بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وغير القابلة للتصرف فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، أن نضع المجتمع الدولى أمام مسئولياته الاخلاقية إزاء شعب يناضل لنيل حقوقه المشروعة، فتصادر أراضيه وتهدم منازله وتنتهك حقوقه الاساسية فى العيش الكريم... اين دعوات اعلاء حقوق الانسان ازاء ملايين الفلسطينيين المحرومين من أبسط حقوق الانسان.... وهم يرزحون تحت الاحتلال وتنتهك مقدساتهم، وسط صمت من مجتمع دولى يتشدق بالدفاع عن حقوق الانسان فيما يبدو فى كل مكان عدا عندما يرتبط الأمر بالحقوق الفلسطينية... وكأن الفلسطينيين هم الوحيدون الذين لا يلقون ذات الاهتمام ممن ينصبون أنفسهم رعاة لحقوق الانسان، بل يتنصلون بدعاوى تجنب التسييس، بينما الأمر فى أساسه مسيس.

أين الضمير العالمي ازاء الحقوق القانونية والسياسية للشعب الفلسطينى، فعلى المجتمع الدولى بأسره مسئولية ايجاد السبل الكفيلة بإنقاذ حل الدولتين... ولعل الاجماع الدولى الواضح الذى عكسه اجتماع مجلس الأمن أمس من تمسك برفض القرار الأمريكي والتحذير من مغبته، ما يوفر لنا كدول عربية أساسًا كافيًا لتدارس كافة السبل الرامية الى مواجهة الآثار السلبية لذلك القرار، والحفاظ بكل السبل على حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة.

إن إرتكان إسرائيل إلى استخدام القوة لفرض الأمر الواقع بهدف تغيير الحقائق على الأرض في القدس يُعد من الإجراءات الأحادية غير القانونية التي لا تُرتب أي أثر قانوني، لتعارضها مع القانون الدولى وقرارات الشرعية الدولية لا سيما قرار الجمعية العامة رقم 181 لعام 1947 الذي نص على أن مدينة القدس هي "كيان منفصل" يخضع لنظام دولي خاص.

كما يتعارض مع قرارات مجلس الأمن أرقام 242 لعام 1967 و252 لعام 1968 و338 لعام 1973 التي لم تعترف بأية إجراءات تتعلق بضم إسرائيل لأراضي الغير بالقوة العسكرية لتعارضها مع ميثاق الأمم المتحدة الذي لا يُجيز ضم الأراضي بالقوة المسلحة، فضلا عن مخالفتها لنص قرارى مجلس الامن الدولى رقمي 476 و478 لعام 1980 اللذين لم يعترفا بأية إجراءات من شأنها تغيير الوضع القائم في مدينة القدس، وأجمعا على رفض كافة القوانين الإسرائيلية التي تهدف إلى ضم المدينة واعتبارها عاصمة لإسرائيل.... وقد جاء قرار مجلس الامن 2334 لعام 2016 ليؤكد مجددًا وبلغة قانونية واضحة، لا لبس فيها، على إدانة كافة الإجراءات الرامية لتغيير الوضع الديموجرافي والجغرافي للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ومن بينها القدس الشرقية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل