المحتوى الرئيسى

«آلو» والتناقض | المصري اليوم

12/09 23:01

تعقيبًا على ما جاء فى رسالةِ الأستاذ عاطف المغربى، متسائلًا عن المِيزة لكلمة «آلو» عن «السلام عليكم» غير أنها أجنبية؟ أودُ أن أقول: إن البشَر فى كلِ أنحاءِ العالمِ تقريبًا اتفقُوا على استخدامِ كلمة «آلـــو» أو «Hello» بالإنجليزية، لبدءِ مُكالماتهم التليفونية مُنذ أن اخترع «ألكسندر جرهام بيل» التليفون سنة 1876.

الحقيقة أن هناك أكثرَ من روايةٍ قِيلت عن أصلِ الكلمة، إلا أن أكثرهَا تداوُلًا هى تلك المتعلقة بـ«Margaret Hello- مارجريت هالو» زوجة «بيل»، وكان قد نطَق اسمها فى أولِ محاولةٍ لتجربة اختراعِه، وبقيتْ مُرتبطةً بالرد على المكالماتِ إلى يومنا هذا، فنسى الناسُ «جرهام» وتذكروا «Hello».

إذن الكلمةُ ليست دخيلةً علينا، بل إن «السلامُ عليكم» هى التى انتشرتْ واستشرت كواحدةٍ من الألفاظ والعباراتِ التى صارت تجرى على الألسنة بعدما تَغَلغَل المدُّ السلفى فى عقولِ غالبيةِ المصريين، وسَادتْ مظاهرُ التديُّنِ الشكلى، وأماراتُ التقوى الزائفة. كثيرًا تقرأ فى إعلانات الجرائد مثلًا: «المهاجرون والأنصار لنقل الموبيليا.. الإسراء للتوظيف والعمالة.. عصير مكة»، إلى آخر تلك المُسميات المُتمسِحة بقشرةِ الدين، والتى تعكسُ تزيُدًا دينيًا خشِنًا وممجوجًا لم تألفه طبيعة المصريين السَمحة من قبل، فحين كنا نقول «صباح الخير» يُرَدُ علينا بـ«صباح النور».. و«مساء الخير» بـ«مساء النور».. وحين ننصرفُ نقولُ «اقعدوا بالعافية» فيرُدون «الله يعافيك».. وندخلُ على بعضِنا قائلين «سعيدة عليكم» فنسمعُ «سعيدة مبارك». ونشكر من أسدى لنا خدمة ونقول «ممنون كتير أو كتَّر خيرك» بدلًا من جزاك الله خيرًا. عباراتٌ كلها- كما ترى- تدوُر حول معانى الخيرِ والنورِ والسعادةِ والامتنان وتمنِّى العافيةِ والمُعافاة.. ثم أليس الخيرُ من الله؟ والنورُ اسما من أسمائِه؟

لو تأملت الحالةِ المصرية خلال نصفِ القرنِ الأخير، ستلاحظ تغَلبُ شواهدُ التديُّنِ الشكلى الظاهرى على التديُّنِ الجوهرى الحقيقى، حتى إنك تحتارُ فى تفسيرِ تراجُع الأخلاقِ مثلاً وزيادةِ دُورِ العبادة، انتشار المفردات الدينية وشيوع البذاءةِ، إقبال النساءِ على الحجابِ وزيادة التحرُشِ بِهن، حرص البعضِ على الصلاةِ وقبولِ الرشوة. هذا التناقضُ بين الدينِ والتديُّنِ لا يعيبُ الدينَ قطعًا وإنما ينالُ وينتقِصُ من التديُّنِ بلا شكٍ، ثم إنك سُرعان ما تكتشف أن هذا التديُّن ناقِص لغياب الجانب الدنيوى «السُلوكى» للخوفِ من الله، بينما الجانبُ الطقسى التعبدى حاضرٌ وبشدة، وهو وإن كان مهما لا جدال، لكنه لا يعبرُ بشكلٍ كاملٍ عن الورعِ أو الخوفِ من اللهِ.

مستشار شركة الطائرات العسكرية البريطانية لشؤون التدريب- سابقًا)

نيوتن: جاءنى رأى يعارضنى. نشرته للأمانة. رغم ما تضمنه من تساؤلات ساخرة مثل «هل لو غيرنا كلمة آلو سينصلح حال مصر؟». مدافعا عن لغة جديدة أُقحمت على المجتمع المصرى.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل