المحتوى الرئيسى

المليارات لم تحمِ القدس

12/09 21:41

ما يملكه العالم العربى والاسلامى من مليارات من البشر والحجر والبترول والدولار، لم يحم القبلة الأولى لهم، وأظهر عجزهم امام ربيبة امريكا فى المنطقة، فلم يفلح ما قدموه لسيدة العالم من تنازلات طوال المائة عام الماضية فى عدم تعريتهم امام شعوبهم، فقد نزع ترامب الورقة الاخيرة عن عورتهم، بعد ان حصل لنفسه ولشركات دولته المليارات فى قمة الرياض المعروفة باللقاء الأمريكى الاسلامى وما تلاها، من يخالف يهز عرشه سواء بعنف داخلى او فساد عائلى، او حتى مرشح رئاسى منتظر يبدد حلم البقاء، مؤكدا أنه مقامر يجيد اللعب حتى لو كان على المكشوف لضحالة منافسه.

صدمة الاعتراف الاخير من الإدارة الأمريكية بكون القدس عاصمة للكيان الصهيونى لن تفيق الحكام العرب من وجهة نظرى لعدة اعتبارات، فليس لديهم ما يمكنهم القيام به لمواجهة قرار ترامب، علاوة على أن الدول العربية المؤثرة منهمكة فى مشاكلها الداخلية.. فلن يتجاوز ردة الفعل العربى كونه إبداء التذمر والحالة المعتادة من السخط والاستهجان وبيانات ربما اخذوا موافقة المعتمد الأمريكى عليها، فقد تمكنت اسرائيل من تحييد بعض دول المنطقة عن العمل ضدها بل وعمل اتفاقيات وصفقات مع العديد منهم، وما حدث عقب الاعلان من قبل الرئيس الأمريكى ذروته كان من رجب طيب أروغان التركى، ولا يتجاوز التهديد بقطع العلاقات مع اسرائيل، وهو ما تراجع فيها من قبل عدة مرات، لنواصل «جلد الذات» ونقف فى محطتها انتظارا لمخلص يبدو انه لن يأتى قريبا.

المحزن بعد الاعتراف الأمريكى غير المضمون ما يترتب عليه، الحالة التى وصل اليها الشارع العربى، ردة الفعل تلك المرة غير مناسبة مع الجرم، وكأن الشعوب العربية تم تبديلها باخرى اكثر ترحيبا بأولاد العم، فقبل سنوات قليلة كانت النقابات والميادين والجامعات، تعلن الرفض بشكل واسع وهو ما كان يستخدم من قبل الحكام العرب الموالين للغرب فى تخويفهم من النوم فى الحضن الإسرائيلى دون حساب فواتير ذلك وساعدهم فى كبح جماح اولاد صهيون.

المحزن اكثر ما يذاع وينشر فى وسائل اعلام غريبة وإسرائيلية من تفاهمات كانت مع رؤساء للعرب فى تلك الخطوة، فقد قالت القناة العاشرة الإسرائلية عشية الاعلان ان قرار ترامب بشأن القدس، كان بتفاهم مع مصر والسعودية، ومراسلون فى امريكا تحدثوا عن وعد بأراض للفلسطينيين فى الاردن أو سيناء ضمن «صفقة القرن» التى يجهز لها منذ عدة أشهر وكشفت عن ملامحها اسرائيل، وهو ما يصب فى صالح الاخيرة ويفقد العرب اراضى جديدة، وتلتهم ابنة امريكا المدللة قطعة جديدة من العرض الإسلامى بدون مقابل، المرة تلك بدون حروب وبتفاهمات مع زعماء العرب. وقد نفى وزير الخارجية المصرى قبل اسابيع التنازل عن اراض مصرية، وكما اكد على ذلك الرئيس فهو وغيره كما قال لا يملكون ذلك، ووصف بيان رئاسى تلك الأطروحات بغير الواقعية وغير المقبولة، وهو ما يعد عهدا امام التاريخ، الذى حتما سيكتب.

ومن عظة التاريخ انه يعلمنا ان الامم تخسر فى اوقات الضعف، لكنها تعاود الانتصار بعد البناء والتجهيز ووجود هدف وعقيدة، وقد فعلها صلاح الدين فى قضية القدس ذاتها، ومن يسخر من ذلك فليقل لنا ماذا فعل هو؟ غير التنظير وغرور نخبوى، الناس لا تعترف به. فالعطش الطويل لا يخيفنا، فالماء يبقى دائما فى باطن الصخور.. ووعد النصر نؤمن به حتى لو كان هناك ألف ترامب لمن لا يعلمون.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل