المحتوى الرئيسى

قبلة حياة للإرهاب | المصري اليوم

12/09 06:31

من هم حلفاء دونالد ترامب الأقرب؟

الحليف القريب هو ذلك الذى تصاغ من أجله القرارات وتراعى مصالحه فى السياسات وينال من الدعم المادى والمعنوى نصيبا معتبرا.

بهذا المنطق تأتى إسرائيل، ولا ينازعها مكانتها تلك غير داعش. ليس فقط كتنظيم وإنما كفكرة ومظلة قد تحتوى تيارات شتى بعضها يكفّر الدواعش أنفسهم لكنه ينطلق مثلهم من ذات المنطلقات ويربح مثلهم من السياسات الأمريكية كما تربح إسرائيل.

بنظرية فتش عن المستفيد لن تجد مستفيدا من قرار ترامب حول القدس سوى إسرائيل والإرهاب.

تعرف كيف تستفيد إسرائيل من هذا القرار، فكيف يستفيد داعش وكل خريطة الإرهاب المتخمة بالتنظيمات من عمق القارة الأفريقية حتى وسط آسيا مرورا بالشرق الأوسط الملتهب؟

حصلت تلك التنظيمات على قبلة حياة فى توقيت نادر ومثير للجدل تعرض فيه خطاب الإرهاب عموما لاهتزاز كبير بفعل الجرائم المرتكبة وعدم قدرة القائمين على تلك الجرائم على تأمين قدر من تأييد أو عدم استهجان الرأى العام.

طوال سنوات ربطت الكثير من التنظيمات خطابها بالقضية الفلسطينية وفى قلبها القدس، وحتى وهى تضرب فى مناطق بعيدة عن الأراضى الفلسطينية كانت تلفق هذا الربط باعتبار أنها تستهدف مصالح أمريكية فى الأساس سواء كانت مصالح مباشرة أو غير مباشرة تتمثل فى استهداف أنظمة مصنفة على أنها عميلة للولايات المتحدة.

لكن الموجة الأخيرة للإرهاب فيما بعد زمن ثورات الربيع العربى، فتحت المجال لانكشاف هذا الربط الملفق، وثبت كونه محض مزايدات، مع توحش آلة القتل الإرهابية ونجاحها فى تمزيق دول كبرى وترويع مدنيين بمجازر وحشية دون أن تتهدد إسرائيل برصاصة صوت واحدة.

ما يقدمه ترامب إذن لتلك التنظيمات- هو فرصة لإعادة بناء الشرعية الشعبية فى وقت يقع فيه ملايين المسلمين حول العالم أسرى جرح الاستفزاز والاستهانة بمشاعرهم ومقدساتهم، فيما حالة العجز الرسمى العربى الجارحة لا تترك أمام الملايين سوى التعلق بتلك التنظيمات باعتبارها مصدر الإلهام الوحيد لتحقيق الجهاد وحماية المقدسات.

وهو أمر تلقفه تنظيما داعش والقاعدة بالفعل ببيانات قوية الرسالة والتهديد «سنقطع رؤوسكم» حتى وإن كانت كلاما إنشائيا لكنه بمقارنة برودة البيانات الرسمية يشفى غليل ملايين البسطاء فى العالم الإسلامى.

لا أتحدث هنا عن المقاومة المشروعة للاحتلال من داخل الأراضى الفلسطينية التى لا يمكن إدانة خياراتها مع انغلاق كل خيارات التفاوض، وإنما عن أولئك الذين لا تريد لهم أمريكا الموت وقدم لهم ترامب قبلة حياة لإعادة ترويج خطابات جهادية ثورية ملهمة، الأرجح أنه لن ينتج عنها عنف موجه لإسرائيل مباشرة، وإنما ستعيد شرعنة العنف الذى تمارسه فى كل العالم باعتباره جولات فى حرب مقدسة كبرى لاستعادة القدس.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل