المحتوى الرئيسى

المرشد ينكر استقالته بعد ساعات(!)

12/07 22:41

(١) عقب انتهاء المرشد عاكف من إلقاء خطاب الاستقالة فى الساعة ١١ قبل الظهر، انتقل الخبر على الفور بالصوت والصورة إلى كل الجهات المعنية التى تطلع على كل كبيرة وصغيرة داخل مقر المركز العام.. كما قام بعض الموجودين آنذاك باستنساخ نص الكلمة المكتوبة وإرسالها إلى بعض الصحف فى أقل من نصف ساعة.. لذا، يمكن القول إن خبر الاستقالة طار إلى جميع أنحاء العالم فى دقائق معدودات.. وغنى عن البيان أن هذا الخبر كان له وقع الصاعقة على الإخوان، سواء من كان حاضراً أو غائباً، وذلك لعدة أسباب: ا) أن الإخوان -فى مجملهم- كانوا غائبين أو مغيبين عن تفاصيل وخفايا ما كان يجرى، وحتى لو كان لديهم علم بما يدور فهو بلا شك عسير على الفهم وصعب على الاستيعاب، لأنه خارج عن أفق التصور المألوف عندهم، ب) أن استقالة المرشد ليست من الأمور الهينة على نفوس الإخوان، فالمرشد لا يستقيل إلا لأمر جلل.. كما أن تاريخ الإخوان لم يشهد لها نظيراً من قبل، وبالتالى فقد أثار لديهم كثيراً من الهواجس والظنون، بل الذهول، ج) أن المرشد -بحكم موقعه- يحتل فى نفوس الإخوان مكانة عالية، لها رصيدها الكبير فى ذاكرة الإخوان منذ مؤسس الجماعة، حسن البنا، د) الخوف من الاضطراب والارتباك، وبالتالى الفشل فى إدارة أزمة لها خطورتها على حاضر ومستقبل الجماعة، خاصة أن هناك متربصين كثراً بها.

(٢) فى الساعة السابعة والنصف مساء من نفس اليوم استبد القلق بالمرشد وأدرك -حسب تعبيره- أن المسألة ليست بالبساطة التى تصورها، وأنه فى حاجة إلى من يفتيه فيها لائحياً، فاتصل بالمحامى عبدالمنعم عبدالمقصود، الذى كان قريباً منه آنذاك بمجمع النيابات فى التجمع الخامس.. فلما جاءه عرض عليه نص الكلمة المكتوبة، فقال له: هذه استقالة يا أستاذ، وأرجو ألا تعلنها وأن تؤجلها لآخر يوم تتقاعد فيه.. المهم أن المرشد «عاكف» استدعى على عجل رئيس تحرير موقع «إخوان أو لاين» وأمره أن يبث خبراً على الموقع ينفى فيه موضوع الاستقالة.. هذا فى الوقت الذى كانت فيه الفضائيات تتحدث عنها.. ناهينا عن الصحف التى خرجت ليلاً وهى تحمل فى صفحاتها الأولى خبر الاستقالة(!!) وفى صباح اليوم التالى (الاثنين ١٩ أكتوبر) اتصل بى المرشد ودعانى للقائه فى منزله، وحكى لى ما حدث فى الليلة الفائتة، وكيف أن المحامى عبدالمنعم عبدالمقصود «صحاه» (هكذا).. أحسست أن القصة مفتعلة، ولا أساس لها من الصحة، فالمحامى «عبدالمقصود» لم يقل شيئاً جديداً، بل نسى أن الاستقالة وصلت إلى الدنيا كلها، وأن نفيها سوف تكون له تفسيراته وتأويلاته التى لا تخفى على لبيب.. لكنى لم أشأ أن أبدى ذلك للرجل وقلت: ألم أحذرك من هذا الأمر وأقل لك لا تقدم على هذه الخطوة؟ ثم أردفت قائلاً: إن الإعلان بهذه الكيفية سوف يفقدنا مصداقيتنا أمام الإخوان والرأى العام، ويهز ثقة الجميع فينا.

(٣) نزلت من عند المرشد «عاكف» بعد أن أكد لى أن تفويضه لى ما زال قائماً(!) والحقيقة أنى حاولت جاهداً أن يأتى معى إلى مقر المركز العام، لكنه رفض، فناشدته ألا يغيب عن مكتبه، وإن لم يستطع الحضور يومياً فلا أقل من أن يكون مرة كل يومين.. فى ذات الوقت حضر إلى منزل المرشد مسعود السبحى وأسامة فؤاد، من السكرتارية، فقلت لهما: لعلكما تنجحان فيما فشلت فيه.. تركتهما ومضيت متجهاً إلى مقر المركز العام، حيث كان أعضاء مكتب الإرشاد مجتمعين لبحث الأزمة التى وضعنا فيها المرشد.. أخبرت أعضاء المكتب بما كان من المرشد.. وبعد نصف ساعة تقريباً فوجئت به يأتى إلى المركز العام، ويدلف مباشرة إلى غرفة مكتبه، فقمت إليه طالباً الحضور إلى غرفة الاجتماعات ليرأس الجلسة، فرفض.. قلت: إذاً يأتيك الإخوان.. ولم أكمل كلماتى حتى وجدت أعضاء المكتب يتوافدون واحداً بعد الآخر إليه فى غرفة مكتبه.. ودار حديث ودى، لكن المرشد كان بادى التوتر والعصبية، وهو ما جعلهم يحاولون خطب وده بشتى الوسائل والطرق، وبالتالى كان واضحاً لى أن الأمور تجرى وفق ما خطط لها.. وفى تصورى، أنه لم يكن لأى من المرشدين السابقين أن ينزلق إلى تلك الهاوية التى انزلق إليها المرشد «عاكف»؛ سواء فيما يتعلق بالاستقالة أو بنفيها بعد ساعات من تقديمها.. لذا أقول إن الرجل كان نسيجاً متفرداً، من حيث العصبية الشديدة والانفعال الزائد وعدم تقدير الأمور على وجهها الصحيح، علاوة على غياب الرؤية، وضحالة العلم والفقه، وضعف القدرة على الإدارة.

(٤) اقترح بعضهم أن يكون هناك بيان باسم المكتب ليتناسب مع الموقف، فوافق الجميع على ذلك.. وقد راجعت البيان وكان بالطبع متضمناً نفى الاستقالة(!!!)، فضلاً عن التأكيد على أن أعضاء المكتب ملتفون حول المرشد.. لقد نجح الرجل -إذن- فى حشدهم خلفه، فما هى الخطوة التالية يا ترى؟! كان هؤلاء يعلمون جيداً مغبة ما فعله الرجل، وكان همهم الأكبر أن يضمدوا الجرح الذى أحدثه، أو بالأحرى الذى شاركوا فيه.. لم يكن هناك أى اهتمام بتطهير الجرح وإخراج ما به من قيح وصديد.. كان هذا طبع الإخوان، المهم أن يغلق الجرح، بغض النظر عما بداخله، حتى يبدو الأمر وكأن شيئاً لم يحدث.. المهم أيضاً أن يكون ظاهراً أمام الرأى العام أنه لا توجد أزمات أو مشكلات أو خلافات.. والأهم ألا يطلع أفراد الصف من الإخوان على شىء يهز ثقتهم فى قياداتهم، تماماً كما يقال «كله تمام يا فندم».. والحقيقة، أن النار كانت كامنة تحت الرماد.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل