المحتوى الرئيسى

«الوحش» يدخل قفص القانون

12/07 22:41

عندما كتبت هنا فى جريدة «الوطن» أطالب بمحاكمة المحامى نبيه الوحش، بتهمة التحريض على «التحرش والاغتصاب»، بعدما خرج على المجتمع، الذى يحارب التحرش ويخصص عام 2017 للمرأة، ليفجر «قنابل المولوتوف» التى يصنعها خصيصاً لتحقيق أهداف الجماعات الإرهابية والإخوان، (مهما تبرأ منهم)، وقال: (إن من ترتدى بنطلوناً مقطعاً فإن التحرش بها واجب وطنى، واغتصابها واجب قومى)، وهو ما يعد تحريضاً علنياً موثقاً بالصوت والصورة على «التحرش والاغتصاب».. لم أكن أتصور أن يأتى الحكم سريعاً من محكمة جنح الأزبكية طوارئ، التى قضت بمعاقبة نبيه الوحش بالحبس 3 سنوات وغرامة 20 ألف جنيه فى التهم المنسوبة له: (بالتحريض عبر وسائل الإعلام على اغتصاب الفتيات قسراً والتحرش بهن، ونشر أخبار وبيانات من شأنها تكدير السلم العام وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة).

أعلم جيداً أنه لا يجوز التعليق على أحكام القضاء، ولكن ما أود مناقشته -هنا- أولاً فكرة «سيادة القانون».. لقد حول «الوحش» مجتمعاً بأكمله إلى «غابة» يحكمها «قانون البلطجة»، وتحول إلى «فتوة» يطارد المفكرين والفنانين والمبدعين وحتى الوزراء بدعاوى «الحسبة» التى احترفها.. وأصبحت سلاطة لسانه وقاموس البذاءة والشتائم هى «البضاعة» التى يروجها على القنوات الفضائية.. وهو يعلم تماماً أنه سيخرج من أى دعوى قضائية مثل «حية» تعرف جيداً الهروب من خلال «ثغرات القانون»، وأنه يعرف كيف يجعل جرائمه مقننة.. وكيف يكسب جمهور السلفيين والمتطرفين ومهاويس الجنس إلى صفه!.

لكن القانون بسط سطوته، وجاء فى حيثيات حكم محكمة جنح أمن الدولة طوارئ الأزبكية أن: (المتهم ظهر عبر برنامج «انفراد»، المذاع على شاشة قناة «العاصمة» الفضائية، لمناقشة قانون مكافحة أعمال الدعارة، وردد عبارات تحرض على ارتكاب جرائم مواقعة النساء قسراً وهتك أعراضهن والتحرش بهن، لافتة إلى قيام الصحف ووسائل الإعلام المحلية والأجنبية والمنظمات الحقوقية كافة بتناول تلك التصريحات بما يسىء للدولة).

واستندت المحكمة فى حكمها إلى أن المتهم اعتبر ذلك (التحرش بالسيدات) واجباً قومياً ووطنياً من شأنه أن يبث الفزع والرعب فى نفس أى من نساء المجتمع سواء كانت طفلة صغيرة أو سيدة راشدة بالغة مسئولة عن تصرفاتها ولا رقيب عليها إلا بالقانون.. وفندت المحكمة ذكر المتهم أمام النيابة أنه كان يوجه (رسالة تحذيرية لنساء المجتمع بعدم التبرج)، بأنه استعار لسان مرتكبى الجرائم أن اغتصابهن والتحرش بهن واجب قومى ووطنى وهو يؤثم عليه لأنه لا يجب أن يردد عبارات مُرتكبى تلك الجرائم، ما يجعلهم يرتكنون إلى رأيه كأحد القانونيين المعروفين الذين يطلون على المجتمع من خلال شاشات التلفاز بين حين وآخر ويؤكد لهم أن أفعالهم صحيحة وهى «واجب قومى ووطنى» أن يتعدوا على أى سيدة متبرجة بالمجتمع!.

ومن هذه الحيثيات نفهم أولاً أن كل «المشايخ» الذين يحللون النظر إلى أى فتاة أو امرأة «متبرجة»، بحسب نص المحكمة، وعلى رأسهم الداعية الكيوت «شريف شحاتة»، يرتكبون جريمة «التحريض على التحرش»، وبث الفزع والرعب فى نفس أى من نساء المجتمع.. وأنهم يفعلون ذلك بموجب «حصانة دينية» ودون أى مساءلة قانونية: (شريف شحاتة قال على قناة LTC: «لو لم يتحرش الرجل بمن ترتدى قصيراً أو تضع ميك آب مايبقاش راجل»).. ولم يحاسبه أحد!!.

ثانياً: لماذا أحيل نبيه الوحش إلى محكمة «أمن الدولة طوارئ»؟..

تقول بعض المصادر القضائية إن قرار إحالة «الوحش» إلى محكمة جنح أمن الدولة طوارئ جاء تنفيذاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 510 لسنة 2017، بإعلان حالة الطوارئ بتاريخ 13 أكتوبر 2017، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2198 لسنة 2017 بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة طوارئ ومن بينها الجرائم التى ارتكبها «الوحش».

والسؤال الذى يفرض نفسه: لماذا لا تحال قضايا «تكفير الأقباط» والطعن فى عقيدتهم إلى محاكم أمن الدولة طوارئ، رغم أنها أكثر خطورة مما فعله «الوحش»، ولأنها بالفعل تستهدف إسقاط الدولة المصرية وإفشالها، بإشعال نيران الفتنة الطائفية؟!.. هل لأنها تقدم مغلفة بغطاء دينى أم لأن من يطلقونها لديهم «قداسة» لا تمس حتى بالدستور والقانون؟!.

الآن، ينتظر «الوحش» مصيره على أعتاب الزنزانة، ما بين رأى قانونى يقول إن من حقه تقديم معارضة على الحكم لأنه صدر غيابياً.. ورأى آخر يقول إن أحكام محاكم أمن الدولة طوارئ لا يجوز الطعن عليها نهائياً، وفى حال التصديق على الحكم، (من رئيس الجمهورية)، سينفذ الحكم مباشرة لانتهاء درجات التقاضى فى القضية، وبالتالى فقد أصبح الحكم واجب النفاذ.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل