المحتوى الرئيسى

قلب مكاوى سعيد يتوقف عن حب «چيهان»

12/07 00:45

كتبت - نعمة عز الدين:

ظل فترة طويلة مبتعداً عن الوسط الثقافى.. وكان يقطع عزلته الإجبارية بقصة قصيرة

يجلس أمام الباب الرئيسى لمقهى البستان يوزع ابتساماته على المئات يومياً

فى حزن مهيب وصمت تغلفه آلاف الكلمات نعت منطقة وسط البلد بشوارعها، الانتكخانة ومحمود بسيونى وهدى شعراوى 26 يوليو.. ومقاهيها: سفنكس، ايزافيتش، وسوق الحميدية.. ودور العرض السينمائى ميامى ومترو وديانا وبيجال وعماراتها يعقوبيان والإيموبيليا وأبورجيلة وممرات الكونتينتال وبهلر وكاليسكر، وبابيك وفيلبس، بما فى ذلك الأمكنة التى اختفت وأصبحت أثراً بعد عين، أحد مقتنياتها العزيزة، التى لا تقدر بثمن فى دنيا العشق للأمكنة والبشر، عرابها المخلص ودرويشها الكبير الكاتب والمبدع مكاوى سعيد.. بل رفعت الصحف وفقدت أكواب الشاى وفناجين القهوة سخونتها، وصمت الجميع عن الكلام ولم يبالوا فى تلك اللحظة بمراقبة العابرين أمام كافة مقاهيها: ريش، وجروبى، والنادى اليونانى، وأسترا، وعلى بابا، وقهوة الحرية، وستلا، وإستوريل.. بل أعلنت تلك المقاهى الحداد وأنها سوف تروى عنه  كتابه الجديد «القاهرة وما فيها: حكايات وأشخاص وأزمنة وتواريخ»، الذى لم يمهله العمر لمراجعته.

هكذا تخيلت منطقة وسط البلد وقد تحولت إلى سرادق كبير متشح بالسواد، فور الإعلان عن خبر وفاة الروائى الاستثنائى مكاوى سعيد الذى توقف قلبه عن عشق «جيهان» أى «العالم» باللغة الفارسية.

قبل الرحيل بساعات يجلس مكاوى سعيد كعادته بجوار الباب الرئيسى للمقهى أو فى مقابلته المكتوب عليه بحروف من رخام «زهرة البستان.. ملتقى الأدباء والفنانين»، بصحبة الكاتب الليبى زايد على والكاتب الكبير سعيد الكفراوى الذى يروى عنه لحظاته الأخيرة فى ممارسة فعل الحياة مع الآخرين: إذ فجأة دون سابق إنذار يقف بفزع «خلاص أنا زهقت أنا مروح».

هل حقاً ضاق مكاوى سعيد بجيهان أى العالم بعد أن ظل مخلصاً عبر سنواته الواحد والستين لاقتناص البهجة ولحظات الفرح المجانية التى تمنحها منطقة وسط البلد بامتياز للقاطنين فيها على اختلاف طبقاتهم الاجتماعية ووضعهم المادى.

لماذا ضاق مكاوى سعيد بدورانه الأثير فى طقس يومى لمنطقة وسط البلد وترك طواعية ميدان التحرير الذى كتب عنه كراسة التحرير تسجل وتوثق لحظات ثورة 25 يناير الهادرة بعيون مهمشيها ومثقفيها فى ثمانية عشر يوماً حميمة وحزينة ودافئة من عمر الوطن.

لم يكن منظر مكاوى سعيد جالساً، خصوصاً يوم الجمعة، شيئاً يسترعى الانتباه.. وقد تجد برفقته الكاتب الكبير عزت القمحاوى أو الكاتب الكبير وحيد الطويلة، فهو ملك وسط البلد، والحاكم الفعلى لمقهى زهرة البستان، يجلس أمام بابه الرئيسى أو بجواره يوزع الابتسامات وكلمات التشجيع بيمينه لمئات الشباب الذين يحجون إليه يومياً، لكى يقرأ أعمالهم أو يناقش قناعاتهم فى قضايا الحرية والإبداع والمعقول واللامعقول فى يومياتهم البائسة أو يفتح لهم الطريق لدار نشر أو مجلة ثقافية تقدم أعمالهم بتزكية مخلصة منه، وبيساره يكتب

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل