المحتوى الرئيسى

أطفال سوريا في تركيا.. الكد عوض الذهاب إلى المدرسة

12/06 09:25

إنها الثامنة صباحا وأصوات آلات الخياطة تُسمع في الشارع. أراس علي تنزل الدرج وتصل إلى غرفة مضاءة بإنارة باهتة. إنها وصلت في الوقت المحدد لبدء مشوار عملها. أراس تبلغ من العمر 11 عاما ـ وورشة الخياطة في حي باجيلار بإسطنبول مكان عملها.

ويجب على أراس مثل الأطفال الآخرين هناك تأمين أن تحصل الخياطات على الإمداد. فهي تقوم بواسطة مقص بتجزئة القماش وفرزه لتكون أجزاؤه جاهزة أمام الآلات. فالنساء العاملات يقمن بخياطة ألبسة تحتية للنساء.

نحو أربعمائة ألف طفل سوري لاجئ خارج مقاعد الدراسة في تركيا، هذا ما كشفته منظمة اليونيسف التابع للأمم المتحدة. بيد أنها أكدت في المقابل نحو 50 بالمائة من الأطفال اللاجئين تمكنوا من العودة إلى صفوف الدراسة في تركيا. (19.01.2017)

خلال العامين الماضيين تم تسجيل 320 ألف تلميذ جديد ذوي أصول مهاجرة في مدارس ألمانيا، ما يشكل عبئا على المعلمين الذين يحتاجون للمساعدة ولمزيد من التأهيل للتغلب على التحديات التي يواجهونها في تعليم وإدماج هؤلاء التلاميذ. (06.05.2017)

12 ساعة في اليوم من الاثنين إلى الجمعة مقابل نحو 153 يورو في الشهر. وقبل أربعة أعوام هربت أراس مع عائلتها من عفرين في شمال سوريا إلى تركيا، في البداية إلى غازي عنتاب ثم إلى إسطنبول.

"الإيجار والأكل وفاتورة الماء ـ كل هذه الأشياء مكلفة"، تقول البنت التي أضافت:" أمي ليست في وضع جيد، وإحدى أخواتي مريضة، ولذا يجب علي العمل لمساعدتهم". إنها كلمات نسمعها من جميع الأطفال تقريبا في هذه الورشة للخياطة. أطفال يبدو عليهم أنهم أجبروا على النمو سريعا ليصبحوا كبارا.

لاجئون أكثر، عمل أطفال أكثر

ويشكل عمل الأطفال منذ مدة في تركيا إشكالية ليس فقط في أوساط اللاجئين، كما تقول سيزن يالتشين التي تعمل لصالح منظمة حقوق الإنسان التركية "دعم الحياة" التي تساعد الأطفال اللاجئين وعائلاتهم. "هذا يتجلى أيضا في تفكير الناس هنا: فالكثير من الناس في تركيا يعتقدون بأن عمل الأطفال لا يمثل أي إشكالية".

وارتفع عدد الأطفال العاملين في تركيا بشكل ملحوظ مع مجيئ الكثير من اللاجئين منذ 2011، ولا توجد أرقام محددة وموثوقة. واحتضنت تركيا إلى يومنا هذا أكثر من ثلاثة ملايين سوري، وهو عدد لم يستقبله أي بلد آخر. وليس هناك مكان آخر يعيش فيه هذا العدد الهائل من الأطفال الهاربين: 1.2 مليون، حسب تقديرات منظمة اليونسيف. لكن القليل منهم يعيشون في مخيمات اللاجئين الرسمية في جنوب شرق البلاد بالقرب من الحدود السورية. فغالبية العائلات تبحث عن حظها في المدن الكبرى. ففي إسطنبول وحدها يعيش، حسب التقديرات نحو مليون لاجئ. وغالبية الأطفال السوريين الذين يعملون في تركيا كانوا يذهبون هناك إلى المدرسة، كما تقول سيزن يالتشين التي أكدت:" إنه انفصام قوي في حياتهم. فإذا بدؤوا في العمل تنتهي طفولتهم لمدة معينة أو لباقي حياتهم".

عائلة أراس من عفرين السورية في إسطنبول

فيما أن القانون واضح، لأن عمل الأطفال في تركيا محظور. فمن يشغٍل بنات أو أطفالا تحت سن 15 عاما يهدده القانون بالعقاب. ورغم ذلك فإن الأطفال يكدون في صناعة النسيج أو في الزراعة. في كل قطاع لا تصل إليه مراقبة الدولة التركية، وفي كل مكان لا تلعب فيه المستحقات الاجتماعية والحماية في العمل أي دور.

الحكومة التركية تعتزم إدراج إلزامية الالتحاق بالحضانة والمدرسة الابتدائية، وأعلنت أنها ستضمن خلال السنوات الثلاث المقبلة لكل طفل سوري لاجئ مكانا في مدرسة عمومية. ولكن الطريق مازال طويلا إلى ذلك الحين. وتفيد بيانات وزارة التربية التركية أن 300.000 من بين 900.000 طفل سوري لا يحصلون على التعليم. وتعتقد منظمات حقوقية أن هذا العدد مرتفع أكثر.

وتقول سيزن يالتشين إن "القدرات الاستيعابية للمدارس العمومية وصلت إلى حدها، كما يجب تكوين المعلمين في العمل مع أطفال مصدومين. فلا يكفي منحهم مكانا في المدرسة ـ هم بحاجة أيضا إلى مساعدة نفسية"

وفي غالب الأحيان يكون الآباء في حاجة، وبالتالي هم يرسلون أبناءهم إلى العمل والخضوع للاستغلال. أراس لها أختان، ووالدتها حامل من جديد. والوالد له عمل، لكنه يزاوله بدون ترخيص. وحتى مع المبلغ المالي الذي تكسبه أراس لا تقدر العائلة على تغطية حاجياتها. والسكن المكون من غرفتين صغير جدا، ولا يكفي لاحتضان الأفراد الخمسة. ويقول الأب عبد الرحمن علي:" نحن مجبرين على إرسال أراس إلى العمل. في سوريا كان راتبي يكفي لتأمين كل شيء. لكن هنا كل شيء مرتفع الثمن، ولا أقدر لوحدي على سد حاجيات العائلة".

وبإمكان اللاجئين السوريين منذ بداية 2016 طلب الحصول على رخص عمل في تركيا، إلا أن الواقع شيء آخر بعيد عن السهولة. ففي بداية 2017 لم يكن، حسب معطيات حكومية سوى أقل من واحد في المائة من مجموع اللاجئين في ملكية ذلك الترخيص. سيزن يالتشين تعرف جيدا الإشكالية، لأن منظمتها تحاول مساعدة اللاجئين في التوجه إلى الإدارات. "الكثير من الآباء ليس لهم عمل يضمنون بعه العيش. إنه من المهم الحصول على منفذ لسوق العمل بالنسبة إلى هؤلاء الناس حتى يحصلوا على فرصة الاندماج هنا".

وعلى إثرها لا يكون أطفال مجبرين على العمل مثل أراس التي تقول:" بالطبع أنا أريد الذهاب إلى المدرسة مثل أصدقائي". وماذا تريد أن تصبح أراس عندما تكبر؟ "معلمة"، تقول أراس وتبتسم.

خليل يبلغ من العمر 13 عاما، وجاء من دمشق. إنه يعمل خمسة أيام في الأسبوع في معمل الخياطة في الطابق الأسفل بأحد المنازل. معامل الخياطة مثل هذا، توجد هنا في كل شارع بحي "باغجلار" باسطنبول، حيث يعمل دوما تقريبا أطفال مثل خليل.

ماكينات الخياطة تعمل بلا انقطاع تقريبا. في مركز الخياطة هذا أربعة من بين العاملين الـ 15هم أطفال ينحدرون جميعا من سوريا. فصناعة النسيج في تركيا من بين القطاعات، التي ينتشر فيها "العمل الأسود" (غير القانوني) حيث يعمل فيها كثيرون دون سن الرشد، كأيادي عاملة رخيصة بدون أوراق رسمية أو تأمين اجتماعي.

"لا أفكر في المستقبل"، يقول خليل البالغ من العمر 13 عاما، وهو يفرز قماشا من القطن. وهناك عاملة شابة تخيط من ذلك ملابس داخلية للنساء. فرز، ثم تقطيع فخياطة، ويشكل خليل معها فريقا منسجما. في وطنه، سوريا، كان خليل يذهب إلى المدرسة ووصل للصف الثالث، وبعدها اندلعت الحرب ثم جاء الهروب ـ ومنذ تلك اللحظة لم يذهب إلى المدرسة.

عمل الأطفال محظور في تركيا. ومن يشغل أطفالا تحت سن 15 عاما يعرض نفسه للعقوبة. وهذا ما يعرفه أيضا مالك معمل الخياطة، الذي يريد أن يبقى مجهولا. "أمنح الأطفال فرصة العمل كي لا يُجبروا على التسول. أعرف أنه شيء محظور، لكن من ناحية أخرى أنا أساعد العائلات، التي بدونه لن تقدر على مواجهة الحياة"، يقول صاحب معمل الخياطة.

موسى أيضا يبلغ من العمر 13 عاماً. وهو مثل الكثيرين في معمل الخياطة هذا، يأتي من منطقة عفرين، التي تسكنها غالبية من الأكراد في شمال سوريا. لكن ماذا يفعل عندما لا يعمل؟ يلعب كرة القدم، كما يقول ويضيف: "آمل أن يحل قريبا السلام في سوريا ويمكن لنا العودة. ومن ثَمَّ أريد الدراسة هناك وأن أصبح طبيباً".

آلاف القطع من الألبسة الداخلية للنساء يتم خياطتها يومياً وتغليفها بألوان مختلفة ونماذج وأحجام متنوعة، وهي تُباع في الأسواق مقابل بعض الليرات التركية للقطعة الواحدة. والهدف هو الحفاظ على سعر أرخص من منافستها الصينية. والأطفال يحصلون على أقل من نصف يورو مقابل ساعة العمل الواحدة. بينما يحصل الكبار على الضعف.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل