المحتوى الرئيسى

حاتم باشات: الخيار العسكري مستبعد.. وأي طلقة على إثيوبيا ضد إفريقيا كلها (حوار)

12/03 21:41

عضو «الشئون الإفريقية» فى البرلمان قال إن أديس أبابا تراوغ منذ 6 سنوات

الخيار العسكرى مستبعد.. وأى طلقة على إثيوبيا تعتبر ضد إفريقيا

مخالفًا ما ذهب إليه كثيرون، رأى اللواء حاتم باشات، عضو لجنة الشئون الإفريقية فى مجلس النواب عضو البرلمان الإفريقى، أن مفاوضات سد النهضة لم تفشل لكنها تعثرت، و«ستُستأنف على مستوى أعلى من خلال لقاء يضم الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس الوزراء الإثيوبى، خلال ديسمبر الجارى».

وقال إن مصر ملتزمة بالمفاوضات والمناقشات، ولن تلجأ إلى الخيار العسكرى، لأنها تسعى إلى توطيد علاقاتها مع الدول الإفريقية وليس معاداتها، مضيفًا أن مصر لن تتهاون مع أى خطر يمس أمنها القومى وقادرة على الرد عليه بمنتهى القوة والحسم.

■ ما طبيعة الموقف المصرى بعد فشل مفاوضات سد النهضة؟

- المفاوضات مع الجانب الإثيوبى لم تفشل، لكنها توقفت أو تعثرت، هذا هو المصطلح الصحيح للموقف الحالى، بالتأكيد ستكون هناك جولات أخرى من المناقشات على مستوى أعلى، وهو ما سيتكلل بلقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس الوزراء الإثيوبى خلال ديسمبر الجارى.

- قضينا ٦ سنوات فى المفاوضات والجانب الإثيوبى يراوغ، وكنا نتوقع موقفهم هذا.. والمشكلة تكمن فى الملف الفنى، وهو يوضح النواحى الفنية والهندسية والبيئية والمائية، التى تشمل سعة ماء الخزان، وهل درجة أمانه تتواءم مع منسوب المياه أم لا، وإثيوبيا ترفض تقديم أى معلومات عنه لمصر.

مصر طلبت أن تكون السعة التخزينية ٩٥ مليار متر مكعب، بينما تصر إثيوبيا على أن يكون ١٤٥، لذلك هناك مسافة شاسعة فى الفارق. أما النواحى المائية فتتمثل فى إمكانية تحمل السد نسبة المياه والتواؤم معها، فيما تعنى الدراسة البيئية بطبيعة الأرض وهل تتحمل بناء السد وتستوعب مساحة الخزان أم لا؟.

■ هل هذا معناه أن السد يمكن أن ينهار نتيجة عوامل بيئية؟

- بالضبط، وهنا تمثل الخطورة القصوى على مصر والسودان، وإن كانت السودان ستتضرر بنسبة أكبر، لأن الخرطوم كلها يمكن أن تغرق فى حوالى ٢٠ دقيقة، ومصر ستتعرض لخطر لا يتجاوز ٢٠٪.

فالهضبة التى يتم بناء السد عليها فى إثيوبيا شديدة الانحدار، وهذا معناه أن عوامل انهيار السد ستكون أكبر.

■ هل القائمون على بناء السد ليست لديهم دراية بتلك المعلومات؟

- هذا ما تحاول مصر توضيحه، نحن لسنا ضد بناء سد النهضة ولا ضد التنمية فى إثيوبيا، بالعكس نحن على أتم استعداد للمشاركة فى عملية التنمية الاستراتيجية هناك بكل قوة، ويمكن أن نساعدهم فى بناء السد، وتحقيق التنمية.

لا بد أن نعلم شيئًا مهمًا، السد سيتم بناؤه على أى حال، وذلك حق لإثيوبيا، لكن مشكلة مصر الحقيقية فى الملف الفنى، والمعلومات التى تخفيها إثيوبيا فيما يتعلق بعوامل احتمال السد لمنسوب المياه، وقدرة استيعاب الخزانات وتأثير انحدار الهضبة، كلها معلومات خطيرة.

اللجنة المشكلة من الخبراء الفرنسيين والهولنديين أجرت «دراسة موقف» واعتذرت عن عدم متابعة السد لهذه الأسباب، وبعدها تم تشكيل لجنتين فرنسيتين واتفقتا فى تقريرهما مع المعلومات، التى قدمتها مصر، وتفرض على إثيوبيا الالتزام باتفاقية ١٩٥٩ التى تحدد حصة مصر فى مياه النيل بحوالى ٥٥.٥ مليار متر مكعب، وبالمناسبة هذه اللجان محايدة تمامًا.

■ ما الحلول المطروحة أمام مصر فى الوقت الحالى؟.. وهل الخيار العسكرى من بينها؟

- أمام مصر ٤ حلول، أولها المفاوضات والمناقشات، وهو الحل الذى نسير فيه فى الوقت الحالى، وهناك الحل القضائى، ثم التعاونى، وأخيرا الحل العسكرى وهو مستبعد تماما، فنحن لا نريد أن نعادى «نملة» فى إفريقيا، وهذه هى السياسة الصحيحة، التى تسير عليها مصر فى الوقت الحالى.

لن تطلق مصر عيارًا ناريًّا واحدًا فى إفريقيا، لأن الطلقة التى ستخرج على إثيوبيا تعتبر ضد إفريقيا كلها، ونحن فى الوقت الحالى نعمل على توطيد علاقتنا بالقارة الإفريقية ولا نريد معاداتها، لذلك نحن ملتزمون بالخيار التعاونى من خلال المناقشات، وهو الأفضل والأسلم فى الوقت الحالى، ولسنا فى حاجة إلى الخيار العسكرى نهائيًا.

■ هل يمكن أن تلجأ مصر للمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة أو مجلس الأمن لحل الأزمة فى حال استمرار التعنت الإثيوبى؟

- لا، مصر يهمها جدًا أن يتم حل كل مشكلات القارة الإفريقية من الداخل، ولا تخرج للمجتمع الدولى، والدليل على ذلك الدور المصرى المهم فى إنهاء الصراع فى جنوب السودان، فمصر رفضت تدخل أى دولة من خارج القارة الإفريقية وتعهدت بحل الأزمة ونجحت فى ذلك.

وفيما يتعلق بأزمة سد النهضة، نحن يمكننا اللجوء للاتحاد الإفريقى للضغط على إثيوبيا، بالإضافة إلى أن هناك عدة دول إفريقية تدعم الموقف المصرى ويمكنها التدخل لحل الأزمة.

■ كيف ستنعكس جهود مصر فى جنوب السودان على ملف سد النهضة؟

- لها أثر إيجابى كبير جدا بالتأكيد، وأى خطوة تخطوها مصر فى إفريقيا، حتى لو من خلال دولة ليست ذات ثقل، من شأنها أن تعزز موقفنا فى مفاوضات سد النهضة بشكل كبير.

كانت عندنا سقطات فى التعامل مع الملف الإفريقى بإهماله، لكننا استوعبناها وبدأنا مرحلة جديدة تلعب فيها الدبلوماسية الرئاسية دورا مهما، لأنها استطاعت الوصول إلى قلب إفريقيا وإصلاح العلاقات وتوطيدها.

■ هل أجرت لجنة الشئون الإفريقية فى البرلمان اتصالات مع مسئولين بالاتحاد الإفريقى؟ وما الدور الذى تقومون به فى هذا الملف؟

- لجنة الشئون الإفريقية فى البرلمان لا يمكنها التواصل مع الاتحاد الإفريقى، لكننا على تواصل مع أعضاء البرلمان الإفريقى، ونقدم تقارير مفصلة عن موقف مصر، والخارجية المصرية والدبلوماسية بشكل عام تؤدى دورها فى هذا الملف بشكل ممتاز، لكننا فى البرلمان لا يمكننا تخطى دور مؤسسات الدولة، ونتصرف فى حدود اختصاصنا.

■ هل يُحمل البرلمان وزير الرى مسئولية تعثر المفاوضات؟

- لا نهائيًا، وزير الرى لا يعمل بمفرده فى هذا الملف، ولا يمكن أن نحمله المسئولية لا هو ولا أى مؤسسة من مؤسسات الدولة، التى تعمل على هذا الملف، فالأزمة فى التعنت من الجانب الإثيوبى، وهذا السد مخطط لبنائه منذ عام ٢٠٠٠، ولم يتمكنوا من إنشائه بسبب انحدار الهضبة، أو تم بناؤه عدة مرات وانهار بفعل العوامل البيئية.

نحن قادرون على إدارة الأزمة والوصول إلى حل من خلال المناقشات الجادة، واستطعنا فى فترة معينة وقف تمويل السد من خلال صندوق النقد الدولى، لكنه عاد مرة ثانية بعد توقيع اتفاقية مارس ٢٠١٥، والآن نعول على لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى نظيره الإثيوبى، ونؤكد أنه سيخرج بنتائج إيجابية.

■ بعد زيارة رئيس الوزراء الإثيوبى للبرلمان.. هل ستشهد المفاوضات انفراجة قريبة؟

- بالتأكيد، أتوقع أن تشهد المفاوضات «انفراجة» بعد زيارة رئيس الوزراء الإثيوبى للبرلمان، لأن تلك الزيارة تعنى تصعيد المفاوضات لمستوى أعلى، وتعكس تجاوبا إثيوبيا مع مصر فى نقل المفاوضات إلى مرحلة جديدة بعد تعثرها.

الطريق الأمثل لحل هذه الأزمة هو التفاوض من خلال مستويات أعلى، وهو ما سيتوج بلقاء الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى ورئيس الوزراء الإثيوبى، بعد زيارة الأخير للبرلمان، الذى يعكف نوابه على إعداد ملف متكامل لعرض جميع أبعاد الموضوع عليه.

مصر تفضل الدبلوماسية الرئاسية للتعامل مع هذه الأزمة، وكما ذكرت وأؤكد أن أى حل يبعد عن التفاوض والدبلوماسية «مرفوض» ومستبعد تماما فى المفاوضات مع الجانب الإثيوبى.

■ كيف نواجه محاولات قطر تقليص الدور المصرى فى إفريقيا؟

- ليست قطر الوحيدة التى تسعى لضرب النفوذ المصرى فى إفريقيا، فهناك عدة دول، فى مقدمتها إسرائيل، تحرص على أن تضع مصر دائمًا تحت ضغط، وتساعدها قطر التى تقوم بالدور الذى لا تستطيع إسرائيل القيام به، وكذلك إيران وتركيا.

كل هذه الدول تعمل ضد مصر وتوظف نفوذها وأموالها لضرب النفوذ المصرى، ففى الوقت الذى توقفت فيه مفاوضات سد النهضة رأينا وزير الخارجية الإثيوبى يطير إلى الدوحة، بينما وزير المالية القطرى فى السودان، وقبلها بأيام وزير خارجية إيران يفتتح مشروعات ومركزا طبيا فى أوغندا، وتركيا متواجدة فى الصومال.

المهم أن مصر لا تقف أمام هذه المحاولات مكتوفة الأيدى، فعندما يتعلق الأمر بالأمن القومى، فإن مصر قادرة على حسم الموقف لصالحها، وكل شىء سيحدث فى وقته، ولنا فى ليبيا خير دليل على قدرة مصر على الرد.

■ ما المدى الزمنى لانتهاء المفاوضات وإعلان نتائج واضحة فى ملف سد النهضة؟

- من المفترض أن يتم الانتهاء من الملف الفنى خلال ١١ شهرًا، يتبقى على نهايتها حوالى شهرين، بعد إعلان الملف الفنى بشكل كامل من جانب إثيوبيا يمكن أن نأخذ موقفا واضحا تجاه القضية، ونبدأ فى التعامل مع الموقف من الجانب القانونى والقضائى بالإضافة للمناقشات.

■ عملت بجهاز المخابرات لمدة تجاوزت ٢٠ عاما، منها ١٧ فى السفارات المصرية بالقارة الإفريقية.. ما دور الجهاز فى هذا الملف؟

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل