المحتوى الرئيسى

أحمد فرغلي رضوان يكتب: الحرب في سوريا ملهمة السينمائيين - E3lam.Org

12/03 20:20

“ما حدا راح يموت هذه الحرب بتخلص وكلنا هنرتاح” هكذا تقول الأم لطفلها الخائف من صوت القذائف المتواصل والقريب من منزلهم المحاصر، الجملة جاءت ضمن أحداث فيلم “Insyriated” أو “في سوريا” تأليف وإخراج البلجيكي فيليب فان ليو، وشارك في المسابقة الرسمية للدورة الأخيرة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي وحازت بطلته الممثلة اللبنانية دياموند بوعبود على جائزة أفضل ممثلة، وإن كنت أرى أن أداء الإيطالية “جاسمين ترينكا” بطلة فيلم فورتوناتا ومعها “ريفكا لوديزن” بطلة فيلم إختفاء كان أداءهما جيد جدا أيضا ويستحقان الجائزة.

نرشح لك: أحمد فرغلي رضوان يكتب: مشاهدات من القاهرة ciff39

كان أمر لافت في دورة هذا العام لمهرجان القاهرة أن تكون الحرب في سوريا محور أحداث فيلمان، واحدا بالمسابقة الرسمية وهو فيلم “في سوريا” والأخر بالمسابقة العربية فيلم “مطر حمص” فشاهدنا وجهتي نظر مختلفتين عن الحرب في سوريا الأولى لمخرج سوري هو جود سعيد وفيلمه “مطر حمص” و الثاني فيلم ” Insyriated ” للمخرج البلجيكي فيليب فان ليو، الفرق في التناول واضح بشكل كبير، في الأول الطابع السياسي هو البطل أما في الثاني فالطابع الإنساني هو البطل بجدارة في الأول نرى تفاصيل أحداث السيناريو “تغوص” داخل التنظيمات المسلحة وأصحابها وجنودها من البداية إلى النهاية لدرجة سيطرة الزي العسكري على الجميع رجال وسيدات! وبعيدا عن اختلاف الأراء فيجب الإشارة إلى أن أي دولة من حقها إنتاج أفلام ذات طابع “حربي” تعبر عن وجهة نظر النظام الحاكم ولن أتحدث هنا عن تفاصيل البعد السياسي للفيلم ولكن السيناريو جاء ليقدم وجهة نظر معروفة سلفا وكنت أتمنى أن يبتعد السيناريو قليلا لنعيش معاناة المدينة وحكايتها الطويلة مع الحرب ولا يختصر أحداث واحدة من أسوأ المآسي الإنسانية في التاريخ الحديث ليقدم صراع الجماعات المسلحة ضد الجيش السوري في حي سكني محاصر! فمدينة حمص وما مرت به وسمعته بنفسي خلال زيارتي في 2015 يستحق أعمال درامية كبيرة وليس فيلم تم في “عجلة” من أمره مثل “مطر حمص” أعتمد على كليشيهات السينما العربية وشعار “تحيا الهلال مع الصليب”!، ما حدث في سوريا طوال ست سنوات يستحق أفلاما أهم بكثير ليشاهدها العالم، وعلى الرغم من وجود مشاهد درامية مؤثرة داخل الفيلم إلا أنك صعب أن تتعاطف مع أبطاله وكان من أهم مميزات العمل كادرات التصوير الرائعة.

أما في الفيلم الثاني “insyrited” وهو إنتاج بلجيكي وفرنسي ولبناني مشترك، فنعيش حياة أسرة سورية ونعيش معاناتها مع الحرب بتفاصيل إنسانية مرعبة، لم نشاهد جندي أو دبابة ولكن وصل إلينا الرعب الذي تعيشه الأسر السورية المحاصرة بين قذائف المدافع والتي نسمع أصواتها فقط طوال أحداث الفيلم تقترب وتبتعد مختلطة بصوت طلقات البنادق، الكهرباء تنقطع وتعود ومخزون المياه الذي قارب على الانتهاء، تفاصيل بسيطة صنعها المخرج بإحساس بالغ بكاميراته كانت كفيلة أن يعيش المتفرج أجواء الحرب ومآسيها داخل منزل واحدة من آلاف الأسر التي عانت من نفس الموقف، رغم أنك لم تشاهد دبابة أو مدفع أو حتى جندي بالزي العسكري ولكن تسرب اليك الرعب الذي تعيشه الاسرة المحاصرة وتصاعد التوتر على الوجوه والذي وصل لذروته بمشهد الإغتصاب للشابة الممثلة “دياموند بوعبود” من رجال يرتدون ملابس مدنية! اقتحموا المنزل المحاصر، وصنع المخرج المشهد بحرفية بالغة وأداء ممتاز من الممثلة اللبنانية.

لم يصنع المخرج فيليب فان ليو مشاهد للسجال السياسي بين الممثلين مثلما فعل جود سعيد وإنما وضح منذ البداية أن همه “الإنسان” فقط والمآساة التي يعيشها وصراعه للبقاء على قيد الحياة وسط رعب وخوف يملأ القلوب الصغير والكبيرة ونظرات معبرة من جميع الممثلين! ووضح أن المخرج تفادى البعد عن الجدل السياسي القائم حول الحرب في سوريا فقط ليوضح مأساة أسرة تعاني مع تفاصيل حياتها اليومية وسط أجواء الحرب لذلك وصل معنى الفيلم الإنساني باحساس أصدق من فيلم جود الذي أغرقنا وسط الجنود ورجال التنظيمات المسلحة ومناقشاتهم وأفكارهم التي “مل” منها المشاهد، ولفت نظري أيضًا آداء الممثلة القديرة هيام عباس، فيلم “في سوريا” من أفضل الأعمال الإنسانية عن الحرب في سوريا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل