المحتوى الرئيسى

ماذا يعنى تكفير المسيحيين؟ | المصري اليوم

12/03 04:41

بسبب التدنى المهنى، والتردى الأخلاقى، والحرص على الشهرة والرواج والعائدات الإعلانية، تُبتذل القيم، ويُخرق القانون، ويُقامَر بالسلم الأهلى والتماسك الاجتماعى، وتُنتهك حقوق الإنسان على الشاشات، ولا أحد يتدخل لوقف هذه الممارسات ذات العواقب الوخيمة.

تدعى الدولة، ووسائل الإعلام المملوكة لها، والإعلام الخاص الموالى للحكومة، والمصطف وراء سياساتها، أننا نحارب الإرهاب، وأن تلك المعركة لها جوانبها الفكرية، وأن الإعلام يلعب دوراً مؤثراً فى ذلك المجال، لكن الوقائع تشير إلى عكس ذلك تماماً فى بعض الأحيان.

ففى الوقت الذى يستخدم فيه بعض الإرهابيين تأويلات دينية تُكفر الأخوة المسيحيين كذريعة لشن هجماتهم ضدهم، تسمح الدولة، أو تغض الطرف، عن إعلاميين يحطون من شأن أتباع الدين المسيحى من المواطنين المصريين، ويستضيفون مصادر يعلمون مسبقاً بمنهجهم التكفيرى، ويسمحون لهم بتكفير إخوة فى الوطن على الهواء مباشرة.

بعض وسائل الإعلام التى تتغنى ليلاً ونهاراً بحب الوطن، وتستحث المواطنين على الاصطفاف خلف القيادة فى المعركة ضد الإرهاب، وتكرس جزءاً من برامجها للترويج لضرورة التصدى للأفكار التكفيرية المنحرفة، لا تتورع عن استضافة أحد التكفيريين لمجرد تحقيق نسبة مشاهدة عالية.

ليس هكذا يتصرف مجتمع رشيد، تحكمه حكومة عاقلة، وتنشط فيه وسائل إعلام مهنية.

فى شهر أكتوبر من العام 2010، أصدرت شبكة «سى. إن. إن» بياناً قالت فيه إن مقدم البرامج الشهير «ريك سانشيز» لم يعد يعمل معها، لأنه أدلى بتصريحات فُهم منها أنه يجرح مشاعر المواطنين اليهود، وهو أمر استدعى الكثير من الانتقادات له وللمحطة، استناداً إلى أن حرية التعبير التى يكرسها التعديل الأول فى الدستور الأمريكى لا تعنى أبداً «تجريح الجماعات العرقية والدينية والطعن فى أعضائها بسبب ما يعتقدونه».

قبل هذه الواقعة الشهيرة بثلاث سنوات أعلنت شبكة «إم. إس. إن. بى. سى»، الأمريكية الشهيرة، قطع علاقتها مع الإذاعى البارز «دون إيموس»، كما أوقفت بث برنامجه اليومى «إيموس فى الصباح»، بسبب ما قالت إنه «تورطه فى تصريحات عنصرية» ضد السود والأقلية المسلمة فى البلاد.

لا تتسامح النظم الإعلامية الرشيدة، ولا الحكومات العاقلة، مع خطيئة إثارة الكراهية والتمييز ضد قطاع من المواطنين بسبب انتماء عرقى أو دينى.

تشن الدولة، ومعها وسائل الإعلام المصطفة، والنخب، والقطاعات الغالبة من الجمهور، حرباً لا هوادة فيها ضد التكفيريين، لكننا نُفاجأ بأن المقصود بالتكفيريين هؤلاء الذين يكفرون المسلمين السنة، لكن إخوتنا المسيحيين مستباح تكفيرهم.

لا يعنى ازدراء الأديان «ازدراء الإسلام السنى» فقط، لكنه يعنى ازدراء أى معتقد يعترف به الدستور والقانون فى مصر، ويعتز به قطاع من المصريين.

ينص الدستور الذى تم إقراره فى 2014 على عدم جواز إنزال العقوبات السالبة للحرية فى جرائم النشر والإذاعة، لكنه يستثنى ثلاث جرائم، ترك للمشرع حرية تقدير العقوبة بشأنها نظراً لخطورتها، من بين تلك الجرائم «التمييز» بين المواطنين، والتحريض على العنف.

إن الذين يكفرون مواطنين مصريين استناداً إلى تأويلات دينية محل تباين ونظر، يجب أن يُحاسبوا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل