المحتوى الرئيسى

الإنسان X الروبوت صراع على «لقمة العيش»! (ملف) | المصري اليوم

12/02 23:56

أعد الملف- أحمد ماجد وعبدالرحمن فرحات وتمام نور الدين

عادة ما ارتبط مفهوم المنافسة لدينا، بعامل يريد أن يقفز على مهام زميله، أو مهندس يريد أن يظهر تمكنه أمام أعضاء شركته، أو حتى خريج حصل على فرصة عمل كان مرشحاً لها خريج آخر، ولكن أن ترتبط المنافسة بين الإنسان، والآلة التى طوعتها التكنولوجيا لتتصرف وتفكر مثل البشر، فهنا تصاغ اعتبارات جديدة للمنافسة، وتوضع معايير آخرى للحكم، كما تعاد قراءة المستقبل فى ضوء متغير جديد تمثله قطعة حديد من الممكن أن تتكلم وتتحرك وتشعر بالآخرين!

الإنسان الآلى شهد تطوراً غير مسبوق على مدار العقد الماضى، وخرجت احصائيات رسمية عن المنتدى الاقتصادى العالمى تتوقع أن يتسبب الروبوت فى فقدان 7 ملايين وظيفة للبشر حول العالم، بحلول عام 2020، كما أكد تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للاقتصاد والتنمية، على أن «الروبوتات» قادرة على القيام بثلثى الوظائف فى الدول النامية، وهو ما يهدد مستقبل التوظيف فى هذه الأسواق. وفى مصر وعلى الرغم من التقدم التكنولوجى المحدود المطبق فى القطاعات الصناعية المختلفة، إلا أن الاستعانة بالروبوت فى العمليات الانتاجية الخاصة بالصناعات التقليدية، أو الحديثة أصبح فى نمو مستمر، خاصة على صعيد المصانع الجديدة التى يتم إنشائها فى المناطق الصناعية المختلفة، والتى سئم أصحابها من التعامل مع البشر الذين اعتادوا على الاعتصام لتحسين ظروف العمل، وطلب الإجازات والمزايا، دون مستوى عالى من الإنتاجية، فقرروا الاستعانة بالإنسان الآلى، الذى لا يشكو من طول ساعات العمل، ولا يطالب بـ«علاوة أول يوليو»!

60% يفضلون استخدام «الروبوت» على البشر فى مصانعهم الجديدة

أجرى «المصرى اليوم الاقتصادى» استطلاعاً ضم 20 مستثمر صناعى فى مجالات انتاجية مختلفة، منها الصناعات الهندسية، والغذائية، والصناعات المغذية للسيارات وتجميعها، بجانب الكيماويات والمنسوجات، بهدف التعرف على درجة تفضيل هؤلاء المستثمرين لاستخدام الروبوت فى مصانعهم الجديدة مقارنة بالعنصر البشرى، وذلك فى الوظائف التى يستطيع الإنسان البشرى والآلى القيام بها.

جاءت نتائج الاستطلاع لتحمل تحديات جديدة لسوق العمل المصرى خلال العقد المقبل، إذ يفضل 60% من المستثمرين الذين شملهم الاستطلاع، استخدام الروبوت على العنصر البشرى، مبرهنين ذلك بتجنبهم الكثير من المشاكل التى تظهر فى حالة قيام العامل العادى بتلك الوظائف منها، تهديد صاحب العمل بالاعتصامات المتكررة لتحسين ظروف العمل، سواء من خلال تقليل عدد ساعات العمل بما يؤثر على الانتاجية، أو رفع مستوى الأجور بما يؤثر على التكلفة.

وأكد هؤلاء المستثمرون أن الروبوت لا يستطيع أن يرفض العمل لأى سبب من الأسباب، كما أنه لا يملك القدرة على المطالبة بعلاوات أو أجور إضافية.

بينما فضل 40% من المستثمرين استمرار استخدام العنصر البشرى فى مصانعهم الجديدة، نظراً لعدة عوامل فى مقدمتها ارتفاع تكلفة شراء الروبوت، وبقاء أسعار العمالة فى مصر عند مستويات منخفضة لا تؤثر كثيراً على تكلفة الانتاج.

ووفقا للاستطلاع سجلت نسبة انتشار الروبوت فى المصانع إلى العنصر البشرى خلال السنوات العشرة المقبلة 70%: 30% بمعنى أن المصنع الذى يحتاج 100 عامل سيستخدم فيه 30 عامل فقط، بينما يقوم الروبوت بمهام الـ 70 المتبقين.

وتعنى هذه النسبة فقدان حوالى 70% من الوظائف التقليدية المتوقع أن يتم توفيرها فى المستقبل، ويدعم هذا الاتجاه التطور الكبير فى تكنولوجيا الروبوت، فضلاً عن تحسن أسعاره عالمياً بدخول العديد من المنتجين لهذا المجال خاصة فى الصين، ودول شرق أسيا.

وأكدت مؤسسة «ماكينزى» للاستشارات أن العديد من البلدان لن تسلم من توظيف الروبوتات فى الأسواق ولكن بنسب متفاوتة، وذلك وفقاً لدراسة حديثة لها فى 46 دولة حول العالم من بينها دولاً عربية، مشيرةً إلى إرتفاع نسب البطالة فى معظم البلدان العربية، فهناك أكثر من 20 مليون فرد فى حالة بطالة بالعالم العربى أغلبهم من خريجى الجامعات حسب احصائيات رسمية، وأوضحت الدراسة أن فرص العمل فى مصر ستتأثر بدخول الروبوتات بنسبة تصل إلى 50% تقريباً، وتوقعت أن الروبوتات ستحتل نسب توظيف مرتفعة عالمياً فى معظم المجالات الصناعية خلال الفترة المقبلة.

ومن جانبه أوضح محمد جنيدى نقيب المستثمرين الصناعيين، أن الروبوت دخل فى المصانع المصرية منذ 15 عام فى عده قطاعات مثل عمليات الاختبارات المستمرة على المنتجات الصناعية خاصة الأجهزة الكهربائية وصناعة الصاج، حيث ظهرت معدلات الإنتاجية المرتفعة التى تميز بها الروبوت بجانب السرعة والجودة الفائقة مما يساهم فى زيادة الإنتاج وبالتالى تعظيم الأرباح، مشيراً إلى أن هذه العوامل تعد اللاعب الرئيسى وراء تفضيل المصانع لاستخدام الروبوت على العنصر البشرى.

بينما أشارت غادة سليمان مدير قسم التطوير بجنرال موتوتز إيجيبت، إلى أن الشركة تعتبر من الشركات الرائدة فى مجال استخدام الروبوتات، فهى تعتبر أول من استخدم الروبوت فى الصناعة، بالإضافة إلى أنها بدأت تجارب اختبار السيارة ذاتيه القيادة باستخدام الذكاء الإصطناعى منذ 2011، مؤكدة على أن التطور الكبير الذى شهده الروبوت على مدار الفترة الماضية يؤهله بقوة لمنافسة العنصر البشرى.

وأوضح محمد سالم رئيس مجلس إدارة «سيكو» لإنتاج الهواتف المحمولة، أن انتشار الروبوت فى مصر سيكون له تأثير سلبى على العمالة ومعدل البطالة التى تعمل الدولة على خفضه، مشيراً إلى أن مصر تحتاج على الأقل 5 سنوات لكى تستطيع أن تؤسس البنية التحتية والتكنولوجية اللازمة للتوسع فى استخدام الروبوت.

وأكد على أن هذه الفترة تعد كافية لتطوير العنصر البشرى وتوفير وظائف بديلة لهؤلاء الذين من المتوقع أن يتم الاستغناء عنهم فى سبيل الاستعانة بالإنسان الآلى.

بينما قال إيهاب إبراهيم مدير مصنع مصر للصناعات الهندسية، إن الروبوت يتميز عن العنصر البشرى بالدقة والجودة والتنظيم، وتوجه الدولة إلى زيادة معدلات الإنتاج الكمى يساهم بنسبة كبيرة فى زيادة الطلب على الروبوت فى الصناعة خلال الفترة القادمة.

وأشار إلى أنه لا غنى عن استخدام الروبوت فى بعض القطاعات الصناعية، خاصة العمليات الإنتاجية التى تمثل مشقة كبيرة على العنصر البشرى، وذكر أن قطاعات مواد البناء، والصناعات الهندسية، والصناعات الكيماوية، يمثلون أبرز القطاعات التى تتطلب إدخال الروبوت خلال عمليات النقل واللحام والعمليات الصناعية التى تضر بصحة العامل.

ونوه إبراهيم، إلى أن مصنعه يستخدم الروبوت للقيام بـ 15% من العمليات الانتاج من خلال الاستعانة به فى مهام اللحام فقط.

«التكلفة» و«المرونة» عوامل ترجح كفة البشر.. وتطوير التعليم يحسم الصراع

هناك مجموعة من العوامل التى ترجح كفة العنصر البشرى فى صراعه مع الروبوت للحصول على فرص التوظيف خلال الفترة المقبلة، أول هذه العوامل هو ارتباط الروبوت بتكلفة استثمارية عالية تتمثل فى التكلفة المباشرة الناتجة عن شراء الروبوت بأسعار عالية، والتكلفة غير المباشرة التى تتعلق بتهيئة البنية التحتية للمصانع للتأقلم مع متطلبات تشغيل الروبوت، وتطويعه فى العمليات الانتاجية، وعادة ما لاتتناسب هذه الإمكانيات المالية الضخمة فى الدول النامية مثل مصر، ولا فى الصناعات الصغيرة والمتوسطة التى تعد مصدر أكبر لفرص التوظيف فى الاقتصاد.

العامل الثانى يتعلق بالمرونة حيث يعد الإنسان البشرى أكثر مرونة من نظيره الآلى، حتى وإن تم تطويره آلاف المرات، نظراً لارتباط الآلة بفكرة الذكاء الاصطناعى، بينما يرتبط العنصر البشرى بفكرة الذكاء الطبيعى، وبالتالى يستطيع العنصر البشرى التعامل مع التغيرات المختلفة بشكل أفضل، ويستطيع التأقلم مع الأنشطة الانتاجية المختلفة، فقد يتطلب المصنع تغيير نشاطه الانتاجى لفترة من الوقت، وهنا يستطيع العنصر البشرى تنفيذ هذا التغيير بسهولة، وبتدريب بسيط، بينما يحتاج الإنسان الآلى لإعادة برمجته، وإعادة تأهيل البنية التحتية التى يتعامل معها.

ويرتبط العامل الثالث بارتباط الروبوت بتكلفة تشغيلية عالية أيضاً إذ يحتاج الروبوت إلى مجموعة من البشر ذوى المهارة العالية للتعامل معه وبرمجته، وإصلاح أعطاله، وتهيئة الظروف له، وعادة ما لا تتوافر هذه الخبرات بسهولة فى الدول النامية، وحال توافرها فإنها تتوافر بمستويات سعرية عالية تقضى على ميزة انخفاض تكلفة الإنتاج بالتنازل عن أجور الكثير من العمالة الذين تم إحلال الروبوت محلهم.. وبالتالى يرتبط استخدام الروبوت بانعكاسات سلبية على مستوى أسعار السلع النهائية، وهو ما يمكن أن يواجه الشركات بصعوبات فى تسويقها خاصة فى الأسواق التى يصنف أغلب مستهلكيها بمنخفضى ومتوسطى الدخل مثل السوق المصرى.

ويرى نادر رياض رئيس مجلس إدارة شركة «بافاريا»، أنه لا يوجد تأثير سلبى كبير من استخدام الروبوت فى العمليات الانتاجية على العمالة البشرية، ويرجع ذلك لقيام الروبوت بمهام مختلفة عن مهام العنصر البشرى، كما أن استخدام الروبوت يحتاج لوجود العمالة لتشغيله والإشراف عليه وصيانته وكذلك متابعة منظومة الجودة، لذلك لا يمكننا الاستغناء عن العنصر البشرى بشكل كامل، ولكن هذا لا يمنع أن إجمالى فرص التوظيف فى السوق ستتأثر بانتشار الروبوت، خاصة فيما يتعلق بالصناعات الثقيلة، والتى تحتاج إلى مهام تشغيل معقدة يصعب على الإنسان العادى القيام بها بنفس سرعة ودقة الإنسان الآلى.

وأكد على أن العنصر البشرى يقوم بانتاج بعض الصناعات التى لا يستطيع أن ينتجها الروبوت مثل الصناعات اليدوية والزخارف، وبالتالى لن يكون هناك منافسة بين البشر والآلة فى مثل هذه الصناعات.

من جانبه قال علاء الدين عباس حلمى، عضو مجلس إدارة شعبة صناعة وسائل النقل باتحاد الصناعات المصرية، إنه على الرغم من كفاءة الروبوت إلا أنه لن ينتشر بشكل كبير فى مصر مثل باقى الدول، وذلك لإرتفاع تكلفته مقارنة بالعنصر البشرى، موضحاً أن المصانع الضخمة التى تحتاج إلى جودة عالية وسرعة فائقة فقط هى التى تلجأ إلى استخدام الروبوت خلال عملياتها الإنتاجية، ولكن لن يستطيع الروبوت التغول على فرص العنصر البشرى فى كافة القطاعات خلال الفترة المقبلة، حيث أن لكل منهما دوره الخاص الذى لا يمكن استبداله بالآخر.

ويرى عباس أن أكثر الصناعات التى تحتاج إلى استخدام الروبوت فى العمليات الإنتاجية هى الأغذية، لضمان مستوى سلامة وجودة الغذاء للتماشى مع المواصفات العالمية، وكذلك قطاع الأدوية والمستلزمات الطبية، لما يحتاجه من دقة وسرعة وتعقيم، مضيفاً أن تلك القطاعات هى التى تتأثر فرص التوظيف فيها بدخول الروبوت.

بينما يرجح محمد طنطاوى مدير عام شركة «Dell EMC» بمصر وليبيا، أن استخدام الروبوت فى الصناعة سيكون له تأثير على العمالة منخفضة الكفاءة، والتى لن تستطيع إيجاد مكان مناسب لها ومستقر، بين الإنسان الآلى الذى أخذ بالفعل فى الانتشار، منوهاً إلى أن الحل هنا يكمن فى تطوير العملية التعليمية لرفع كفاءة خريجين النظم التعليمية المختلفة حتى يتمكنوا من استحداث وظائف جديدة لن تتأثر بظهور الروبوت.

تواريخ أنتجت روبوت«يتعلم من أخطائه»

يعد الأديب التشيكى «كارل تشابيك» هو أول من استعمل كلمة «روبوت» وكان ذلك فى أوائل القرن العشرين، وترمز هذه الكلمة فى اللغة التشيكية إلى السخرة أو العمل الإجبارى، وذلك فى روايته الشهيرة «إنسان رسوم الآلى» فى مدينة براغ عام 1921، حيث صوّر الآلات وكأنها بشر يمكن استخهدامها فى الانتاج الصناعى بسرعة فائقة، وبتكلفة منخفضة.

أول روبوت يستخدم فى الصناعة

سجل التاريخ أن أول روبوت استخدم فعليا فى المصنع كان من انتاج شركة جنرال موتورز عام 1961، وأطلق على هذا الربورت اسم «UNIMATE»، واستخدم لأول مرة فى مصنع الشركة بولاية «نيو جيرسى» بالولايات المتحدة الامريكية.

الإنسان الآلى يسيطر على 70% من الوظائف المتاحة فى مصر بعد 10 سنوات

ظهر أول روبوت ذكى ذاتى التصرف عام 1966، حيث يمكنك أن تعطه تعليمات، وتترك له حرية العمل ذاتيا، مثل تكليفة بنقل كتلة على الطاولة، ومساعدته فى بعض الأشياء البسيطة حتى يستطيع إنجاز مهمته.

جنيدى: الدقة والجودة عاملان يدعمان منافسته مع «البشر».. ونستخدمه منذ 15 عاماً

أول إنسان آلى ذاتى التعلم

قامت شركة جوجل بتطوير إنسان آلى باستخدام خاصيتى التعلم العميق، والذكاء الاصطناعى، عام 2015، بحيث يكون هذا الآلى قادراً على التعلم من أخطاءه السابقة وتنفيذ المهام بدقة عالية بدون أى عملية برمجة خارجية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل