المحتوى الرئيسى

إله عظيم جبار يرتعد منه رسوله | المصري اليوم

12/02 05:01

«قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يَا عَائِشَةُ، إِنَّ الدُّنْيَا لا تَنْبَغِى لِمُحَمَّدٍ وَلا لآلِ مُحَمَّدٍ، يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَرْضَ مِنْ أُولِى الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ إِلا بِالصَّبْرِ عَلَى مَكْرُوهِهَا، وَالصَّبْرُ عَنْ مَحْبُوبِهَا، لَمْ يَرْضَ إِلا أَنْ كَلَّفَنِى مَا كَلَّفَهُمْ، فقَالَ (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)، وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا بُدٌّ لِى مِنْ طَاعَتِهِ، وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا بُدٌّ لِى مِنْ طَاعَتِه، وَاللَّهِ لأَصْبِرَنَّ كَمَا صَبَرُوا جهدى، وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ».

لا أعرف مناسبة هذا الحديث. لكن يمكننى أن أتخيل. لا بد أنها مناسبة ما هفا فيها قلب زوجته المحبوبة عائشة إلى شىء من متاع الدنيا. نحن نعرف أن نساء النبى ضقن بالمعيشة المتقشفة، التى يمر فيها الشهر بعد الشهر دون أن توقد نار. بمعنى أنه لا يوجد طعام يُطبخ. فقط الماء والتمر.

برغم أن النبى وقتها كان سيد الجزيرة العربية بلا منازع. وكانت الغنائم تُحمل إلى بيته فيوزعها. يعطى عطاء من لا يخشى الفقر، ويفطم نفسه عن حب الدنيا. لذلك لم يكن غريبا أن يموت فقيرا تماما. لم يكن يغنيه من هذه الدنيا سوى شىء واحد: أن يستنقذ الأرواح الضالة من مصير مفزع. قال لأصحابه يوما: «لو تَعلَمُونَ مَا أعلَمُ لَضحِكتُمْ قَليلاً، وَلَبَكَيْتُمْ كَثيرا، وما تَلَذَّذْتُم بِالنِّساءِ على الفُرُشِ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلى الصُّعُدَاتِ تجأرون إلى الله تعالى، والله لَوَدِدْتُ أَنِّى شَجَرَةٌ تُعضَدُ».

تخيلوا! رسول الله يشفق من الحساب حتى يتمنى لو كان شجرة تُقطع، المهم أنها غير مكلفة.

نعود إلى عائشة. نحن نعرف أن الرسول اعتزل نساءه شهرا بعد أن ضاق بطلبهن التوسع فى النفقة. ثم عرض عليهن الطلاق بإحسان، أو مشاركته شظف العيش الذى اختاره. وبالطبع كلهن اخترن الجوار الكريم.

فى هذا السياق أستطيع أن أتصور أن كلمة ما بدرت من عائشة تشى بتطلعها إلى زينة الحياة الدنيا. كانت صبية وصغيرة وفى روحها دفقة الشباب التى تغرى بالأمل. لكن النبى كان أكبر من زوج. كان لها مربيا ومعلما وقدوة. ويبدو أن حوارهما أثار شجونه، فخرجت منه تلك النفثة النادرة.

«يَا عَائِشَةُ إِنَّ الدُّنْيَا لا تَنْبَغِى لِمُحَمَّدٍ وَلا لآلِ مُحَمَّدٍ». يتسق هذا القول مع موقف آخر حين دخل على ابنته المحبوبة فاطمة، فوجدها تتزين بقرط. فخرج وأثر الكراهة بادٍ فى وجهه. ففطنت فاطمة وأرسلت القرط إليه تسأله أن يجعله فى سبيل الله، قال مبتهجا: «قد فعلت. فداها أبوها، ليست الدنيا من محمد ولا آل محمد».

نعود إلى النفثة التى خرجت من صدر النبى: «يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَرْضَ مِنْ أُولِى الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ إِلا بِالصَّبْرِ عَلَى مَكْرُوهِهَا، وَالصَّبْرُ عَنْ مَحْبُوبِهَا. لَمْ يَرْضَ إِلا أَنْ كَلَّفَنِى مَا كَلَّفَهُمْ، فقَالَ (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)».

الصبر على المكروه والصبر على المحبوب. يا له من معان عميقة لا يفطن إليها إلا نبى. ثم تأتى هذه الجملة التى اقشعر منها بدنى وخشع لها قلبى وسالت منها دموعى: «وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا بُدٌّ لِى مِنْ طَاعَتِهِ».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل