المحتوى الرئيسى

بعد مطالبة السيسي بتحسين أحوالهم.. نرصد الأوضاع المتردية لأئمة المساجد

11/30 15:06

نادى الرئيس عبد الفتاح السيسى، خلال كلمته بالاحتفال السنوى لوزارة الأوقاف بذكرى المولد النبوي، بضرورة العمل على تحسين أحوال الأئمة، باعتبارهم عمود معركة تجديد الخطاب الدينى، واصفا إياهم بـ "كتائب النور".

"التحرير" ترصد خلال هذه السطور، أبرز وأهم المشكلات التى تواجه الأئمة وتعوق عملهم الدعوى، خاصة معاناة البعض من الأحوال المادية المتردية، الأمر الذى دفعهم للعمل بمهن أخرى بجوار عملهم بالدعوة، بعد تهميش وزارة الأوقاف لهم.

قال الشيخ محمد عباس، أحد خطباء المكافأة بوزارة الأوقاف، إنه يعمل كخطيب بالمكافأة منذ ست سنوات، ولم يتقاض سوى راتب شهري 143 جنيهًا.

عباس متزوج ومعه ثلاثة أولاد، ووالده أصيب بجلطة بسبب عدم تعيينه بالأوقاف، كما يحكي، مشيرًا إلى عمله بعديد من المهن، منها نجار مسلح وصنايعي، يقدم "شيشة" فى محل بلاي ستيشن بمساكن شيراتون، فضلًا عن العمل بالصرف الصحي.

وتابع: "سبق له أن ظهر فى إحدى الوسائل الإعلامية منددا بالأحوال السيئة للأئمة، الأمر الذى قوبل برفض واستنكار وزارة الأوقاف"، معربًا عن استيائه الشديد من الأوضاع الاقتصادية والظروف المالية التى يمر بها وأسرته، بعد عدم حصوله على عمل، وكذلك رفض تعيينه من قبل الأوقاف رغم اجتيازه الاختبارات المقررة للتعيين.

وتساءل عباس، كيف نكون كتائب للنور فى ظل الأوضاع المالية الصعبة للأئمة، وأنه يتعين على وزارة الأوقاف أن تسعى جاهدة بعيدة عن الشو الإعلامى للوصول بالأئمة إلى مستوى يليق بتجديد الخطاب الدينى، ويتماشى مع رؤية الرئيس السيسى فى النهوض بالأئمة والدعوة.

وهدد عباس أنه سيقدم على الانتحار رغم أنه رجل دين ويعلم جيدا حرمة الانتحار، مؤكدا أنه ضاق به الحال ومسئول عن أسرته وصافي دخله لا يتجاوز مئتي جنيه. وطالب عباس الرئيس السيسى بالتدخل من أجل إنقاذ الخطباء من التشرد وتحقيق دعوته التي قوبلت بالتهميش من قبل وزارة الأوقاف، مطالبا بتحسين أحوال الأئمة.

سائقو توك توك وبائعو خضراوات

يكشف الشيخ رضا موسى، أحد خطباء المكافأة بالغربية، أن خطباء المكافأة الذين يتجاوز عددهم قرابة العشرين ألف إمام، أوضاعهم المالية والاجتماعية سيئة، مؤكدا أن كتائب النور تعانى من غياب الأجور المناسبة، فضلا عن غياب العدل فى المعاملة وغياب المكتبات وأدوات التثقيف.

ويوضح موسى لـ"التحرير" أنه يعمل تاجر مستحضرات تجميل، إلى جانب عمله كخطيب بالمكافأة، وذلك لأن خطيب المكافأة يتقاضى شهريا 140 جنيها، الأمر الذى يجعل الخطيب يبحث وبقوة عن العمل فى مهن أخرى لكسب الرزق، منوها بأن أغلب خطباء المكافأة يعملون سائقي توك توك، وبائعي خضراوات وفاكهة، وكذلك يعملون فى محلات عطور، إلى جانب عملهم بالخطابة، حتى يتسنى لهم العيش في ظل الظروف الاقتصادية المرتفعة والغلاء الفاحش.

ويضاف إلى ذلك، على حد قوله، أن خطيب المكافأة يخطب الجمعة، وباقى الأيام المساجد خالية من الخطباء، وبالتالي فإن المسجد بالتأكيد عرضة لمشايخ الجماعات المتطرفة، الذين يستغلون ذلك الأمر في الخطابة للناس بمفاهيم مغلوطة عن تعاليم الإسلام، ليل نهار، الأمر الذي يضر بالمجتمع ويزيد من العمليات الإرهابية.

وتابع: "جميع الوقفات الاحتجاجية لخطباء المكافأة بالتثبيت والتعيين ورفع الأجور، باءت بالفشل الذريع، وأن عددًا بسيطًا لا يتجاوز 600 إمام تم تعيينهم رسميًا فقط".

قال الشيخ محمد أحمد، أحد أئمة وزارة الأوقاف بالبحيرة، إنه يعمل في الأرض فلاحًا إلى جانب عمله كخطيب وإمام بالأوقاف، وذلك عن طريق إيجار فدان أرض زراعية، والقيام بزرعه من أجل تحسين دخله.

وأكد خطيب الأوقاف لـ"التحرير" أن مرتب الوزارة في الغالب يكون ألفا وخمسمئة جنيه، وبالتالي يضيع بمرور نصف الشهر، وأنه في حالة وجود مناسبات أمثال العيد أو المدارس يكون الإمام في ورطة لعدم قدرته على شراء مستلزمات المدارس لأولاده من ملبس وغيره.

وطالب الدولة بضرورة بحث ذلك الموضوع خاصة في ظل الأسعار المرتفعة، وظروف الأئمة جميعا صعبة، مشيرًا إلى أن تجديد الخطاب الديني أحد العوامل المهمة في حرب الدولة على الإرهاب، حيث يعتبر الأئمة والخطباء بمثابة العمود الفقري في قضية التجديد، مؤكدا أنه لا تجديد في ظل المرتبات والأجور الضعيفة للأئمة والدعاة.

وتابع: "الإمام لجأ إلى العمل بمهن أخرى من أجل توفير احتياجات أسرته من المأكل والملبس والمسكن، فى ظل الأسعار المرتفعة، ولكى يكون أحد كتائب النور على المؤسسات أن تتجه إلى المكاشفة وتقف على أوضاع الأئمة المادية والمعنوية والعمل على تأهيله وليس اختبارات للشو الإعلامى".

يقول الشيخ "ع.ا.س"، أحد أئمة الأوقاف المعينين رسميا بالإسكندرية، إن الأئمة بوزارة الأوقاف سواء المعينين أو العاملين بنظام الخطابة بالمكافأة يعيشون مأساة كبيرة، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية والأسعار المرتفعة.

ويؤكد خطيب الأوقاف المعين بالوزارة، أنه يعمل في مجال تطريز عباءات السيدات المشغولة إلى جانب عمله كإمام معين بالأوقاف، وذلك لأن مرتب الخطيب المعين ألف جنيه، وبدل صعود المنبر يتقاضاه الخطيب بعد الخصومات 700 جنيه، ولو وقع له أي جزاءات لا يتقاضى بدل صعود المنبر، ليصبح إجمالي راتب خطيب الأوقاف 1700 جنيه، في حين أن سعر الكتاب يصل إلى 500 جنيه، متسائلا: كيف يتسنى للإمام قراءة الكتب والمراجع حتى يكون على قدر عال من الثقافة؟

ويشير "ع" إلى أنه من النادر بل من المستحيل أن تجد خطيبا وإماما بالأوقاف يعمل بالخطابة فقط، إنما يعمل في مهن أخرى، فأغلبهم يعمل بأعمال النجارة أو الزراعة، أو عامل في المعمار والخرسانة. وأكد أن قطاعًا عريضًا من الخطباء خاصة من خطباء المكافأة يلقون دروسًا دينية في مساجد الجمعيات الشرعية مقابل 500 جنيه شهريًا، من أجل تحسين دخلهم، فالوزارة تتحدث عن خطورة تلك الجمعيات وما تبثه من أفكار متشددة، وأئمتها لظروفهم المالية الصعبة يلقون دروسًا دينية في مساجدها للقدرة على العيش.

ولفت إلى أن نصف المرتب يذهب في المواصلات، خاصة للأئمة المغتربين، وأن من حصل على قرض من البنوك من الأئمة هو شحات بدرجة إمام نتيجة تسديده شهريا أقساط القرض، مشددا على أن الأئمة طبقا للواقع ليسوا كتائب للنور بل كتائب يعانون من الفقر وعدم رعاية الأوقاف لهم.

وطالب الأزهر والأوقاف بتلبية دعوة الرئيس السيسي في النهوض بأحوال الأئمة والخطباء باعتبارهم الجنود الحقيقيين في معركة تجديد الخطاب الدينى، بضرورة توفير مكتبات للأئمة، خاصة أن المؤسسات الدينية تمتلك مطابع خاصة بها، حتى يتسنى للإمام الاطلاع على الكتب والمراجع، وكذلك توفير وسائل التكنولوجيا من أجهزة لاب توب، حتى يكون الإمام على دراية بالتطورات الحديثة والتكنولوجيا، أما الوضع الحالى فيجعل أئمة الأوقاف في واد والمجتمع والشباب في واد آخر، الأمر الذى جعل الشباب يذهبون للإلحاد والجماعات المتطرفة، لضعف قدرة الأئمة على الوصول لعقول الشباب.

حلاق أو عامل في مطعم أو نجار

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل