المحتوى الرئيسى

«المُضلل» كيف يحكم شوبير الكرة المصرية؟

11/29 21:14

فی فضيحة جديدة لاتحاد الكرة، فشلت جمعيته العمومية يوم الإثنين الماضی فی انتخاب عضوين جديدين، تحت ذريعة عدم اكتمال الجمعية العمومية، بحضور ١١ ناديًا فقط من أصل ١١٩ كان يستوجب حضورها.

أثار ذلك حفيظة مجموعة من المرشحين علی المقعدين، فوجهوا اتهامات إلى أعضاء مجلس «الجبلاية» بالتورط فی التربيط مع أعضاء «العمومية» ومنعهم من الحضور.

وأعادت تلك الواقعة الحديث من جديد حول: «كيف يتحكم أعضاء الجبلاية فی عموميته؟»، ولإجابة هذا السؤال فصول قديمة، وتفاصيل كان نجم الأهلی الأسبق أحمد شوبير، بطلها ومؤسس مدرستها، إن جاز التعبير.

كيف تمكن شوبير من التحكم فی أعضاء الجمعية العمومية، ومن ثَم التحكم فی مصير الكرة المصرية؟، ولماذا يدافع حارس الأهلی الأسبق عن نجل صديقه إكرامی الشحات، رغم كوارثه الفنية والأخلاقية بحق جمهور الأهلى؟، هذه وغيرها من التساؤلات تكشفها «الدستور» فی هذا التقرير، الذی سيكون نواة لفضح «اللوبى» الذی دمر ولا يزال يدمر الكرة المصرية من أجل تحقيق مصالح شخصية، فالبداية ستكون مع شوبير، والقائمة تطول.

الظهور الإعلامی وتعيين أبناء رؤساء الإدارة مراسلين.. هكذا يسيطر على «غلابة الجبلاية»

قبل ١٠ سنوات، كنت لاعبًا فی قطاع ناشئين بأحد مراكز الشباب الفقيرة، وفوجئت ذات مرة بابن رئيس مركز الشباب الذی ألعب له مراسلًا للكابتن شوبير فی برنامجه، رغم افتقاره إلى أی أدوات تؤهله للعمل الإعلامى، فلم يكن يومًا موهوبًا أو غاويًا للعمل الإعلامی من جهة، ولم يدرس الجوانب النظرية أو ثقف نفسه بالقراءة والاطلاع من جهة أخرى، أنا والجميع هناك كنا نعرف ذلك.

أثارت انتباهی مبكرًا فكرة الوساطة والمحسوبية فی اختيار «شوبير»، لكن الأمر بدا لی أكبر من ذلك عندما وجدت رئيس مركز شباب آخر فی نفس محافظتی ذات ليلة علی أحد المقاهی يتفاخر ويتباهی أمام مواطنين «غلابة» بمداخلته مع «شوبير» علی الهواء، للحديث عن الطفرة التی نفذها فی مركز الشباب بإنارة الملعب الخماسی و«التنجيل الصناعى» للملعب الرئيسى.

بدا الرجل وهو يشد أنفاس «الجوزة»، ويلتف حوله البسطاء «منفوخًا»، يعيش نشوة الانتصار والشعور بالكبرياء والمجد، فسألت نفسی قبل أن أطرح السؤال على زميلی الذی يلعب فی مركز الشباب الذی يترأسه هذا الرجل، وكنت ضيفًا عليه هذه الليلة: «هل الحاج رئيسكم مبسوط وفرحان لمجرد ظهوره علی الهواء لمدة دقيقتين مع شوبير؟». أجابنی بكلمات أنارت لی كل شىء: «يا حبيبی إنتَ ماتعرفش الناس عندنا بتعتبر إن الراجل ده واصل عند الكبار بسبب المكالمة دى، وماتعرفش هو طول الوقت بيتفشخر قدام الناس ويفتح المايك يسمعهم هو بيكلم شوبير، أو مجدی عبدالغنى، أو أی عضو فی اتحاد الكرة، وإن رصيده وشعبيته ومكانته ومكاسبه اللی بيحققها هنا عشان بيوهم الناس أنه واصل وعلاقته ممدودة لفوق خالص».

نعم يعتبر هذا الرجل البسيط مكالمته مع «شوبير» إنجازًا يتفاخر به وسط «الغلابة»، وتيقنت بما لا يدع مجالًا للشك بعد دخولی مجال الصحافة والإعلام بأن تلك المكالمة البسيطة والمراسل الذی يعمل بالمحسوبية، ما هی إلا أدوات عرفها «شوبير» قديمًا للسيطرة علی الجمعية العمومية لاتحاد الكرة، فكانت أنسب وأهم الوسائل التی اخترعها الكابتن لتحديد الفائزين بشكل دائم فی انتخابات اتحاد الكرة، فسار رفاقه ومقربوه علی دربه بعد ذلك.

بعد عملی فی الإعلام عرفت أن شوبير يمتلك أكبر شبكة مراسلين فی مصر، جميعهم أبناء أو ذوو قربی لرؤساء مجالس الإدارات والأندية الفقيرة فی كل المحافظات، ولكل منهم -رؤساء الأندية- نفوذ فی محافظاتهم، يكفل لـ«شوبير» الحصول علی أصوات المحافظة كاملة أو يوجهها كيفما يشاء.

نعم بمداخلة هاتفية، أو تعيين أحد الأقارب فی شبكة المراسلين، أو بفيديو صغير يرصد ما يدور فی مراكز الشباب ويذيعه «شوبير»، أو ببعض الامتيازات البسيطة كالإسهام فی توفير ملابس وأدوات رياضية أو مبالغ بسيطة، هی فی الأساس حقوق يجب أن تصل إلى هؤلاء وليست منحًا. عرف حارس مرمی الأهلی القديم كيف يصنع نفوذه ويصير الحاكم الفعلی للكرة المصرية، فمَن يريد عضوية اتحاد الكرة فالمفتاح السحری بحوزة الكابتن الكبير.

وبتلك الطريقة، صار فقراء «العمومية» ضحية «شوبير»، والأمر المؤسف أن اختراعه ذلك تحول إلى عقيدة راسخة لدی الكبار، الذين أيقنوا بأن خطة حارس الأهلی هی أنسب الوسائل للنصب على الجمعية العمومية.

لذا ليس غريبًا أن تجد نجومًا كبارًا يخصصون برامج يومية عن الدرجتين الثانية والثالثة، ويقضون وقتًا طويلًا فی محاورة رؤساء مجالس إدارات «السنبلاوين» و«البدرشين» و«ميت غمر» -مع كامل احترامنا لهم جميعًا- فی قضايا لا تهم المحاورين من الأساس، بل يشغلهم ويعنيهم تنفيذ الخطة التی ستنقلهم وزملاءهم إلى حُكم «الجبلاية»، كما علمهم الكابتن «شوبير».

ثلاثية إثيوبيا فى مرمى نجله تنذر بتكرار تجربة إكرامى

إلی جانب تحكمه فی مصير «الجبلاية»، يبرز تدخل شوبير الفج فی عملية إدارة منتخبات الناشئين، سواء باختيار المدربين وحتی بالدفاع المستميت عن مشروع توريث المنتخبات لأبناء النجوم.

ويدافع «شوبير» دائمًا عن ظاهرة «أبناء العاملين» التی غزت الملاعب المصرية بصورة تثير الغثيان، أملًا فی تقديم ابنه للكرة المصرية، كما نجل «إكرامی الشحات».

وفی أول ظهور له مع منتخب الناشئين المعروف بـ«منتخب الواسطة»، قدم «مصطفى» نجل شوبير أداءً غاية فى السوء، وأسهم مع أبناء العاملين الآخرين فی الفريق ذاته فی تحقيق أسوأ نتيجة بتاريخ منتخبات الشباب، عندما خرجنا من الدور الأول أمام منتخب إثيوبيا الذی لا يتواجد فی أی مكان بخريطة التصنيف الإفريقى، وتعرضنا للخسارة بثلاثة أهداف مقابل لا شىء هنا فی القاهرة.

شاهدت نجل شوبير فی هذه المرة فقط، ولا أستطيع أن أصدر حكمًا فنيًا فی ٩٠ دقيقة، رغم بهلاواناته المضحكة فی الهدفين الأول والثانى، والذى كان يمكنه تداركهما فی وجود حارس موهوب كفء، لكن أريد أن أسأل الكابتن شوبير: «لماذا ولد نجلك ونجل إكرامی يحملان شارة القيادة منذ الصغر فی قطاعات الناشئين؟، وهل اختيارهما لارتداء قميص المنتخب أمر خُيِّر فيه المدربون أم أنهم مجبرون علی ذلك؟».

الأمر واضحًا بالنسبة لى، وللأغلبية من متابعی كرة القدم.. يحاول شوبير بشتی الطرق توريث مركزه لـ«مصطفى»، كما ورثه إكرامی لـ«شريف»، مهما افتقرا إلى الموهبة، وستكون ذريعته الدائمة كما تذرع إكرامی الكبير: «اسألوا مدربيه عن مستواه؟».

نعرف إن إجاباتهم واحدة: «حارس رائع وموهوب»، لكننا نعرف أيضًا أن المجاملات والإشادات التی لقاها إكرامی فی صغره أظهرت نقيضها الأيام، وستظهر أيضًا حقيقة نجل شوبير، لكن بين هذا وذاك ستضيع الكثير من المواهب وستفوَّت الفرص علی من يستحقها.

ظل شوبير يدافع عن «توريث» الملاعب، ففوجئنا بمنتخب فضيحة قوامه: مصطفی أحمد شوبير، ويوسف أسامة نبيه، وعمر أحمد أبوهشيمة، وأحمد طارق سليمان، وستظل الكرة المصرية تعانی من تفشی هذه الظاهرة وقتل كثير من المشاريع الناجحة من أجل «أولاد الذوات»، ولطالما ظل الإعلام صامتًا ورفع المسئولون أياديهم عن هذا الفساد، فأين التحقيق الذی قالت عنه وزارة الشباب والرياضة فيما يتعلق بفضيحة منتخب أبناء العاملين، فمنذ شهور طويلة لم نر أی نتيجة لتلك التحقيقات المزعومة، ولم نسمع عن قرار أو مساءلة لأحد.

المنبر الإعلامى.. سلاح تصفية الحسابات وتحقيق المصالح

قبل ظهور أحمد شوبير لم تكن انتخابات الأندية تعرف للتجاوزات طريقًا، ولم نكن نری تلك الصراعات وحجم الإنفاق المبالغ فيه.

وجاءت انطلاقة غزو رأس المال -الذی يعتبره شوبير سُبة فی وجه محمود طاهر ويتهمه بإفساد الانتخابات بسببه الآن- للأندية فی انتخابات الزمالك عام ٢٠٠٩ عندما انحاز شوبير بشكل فج باعترافه المسجل إلى كفة ممدوح عباس، وراح يزين صاحب رأس المال الذی أنفق كثيرًا وما زال ينفق أكثر فی صراعه مع المستشار مرتضی منصور، فكانت النتيجة درسًا لن ينساه شوبير عندما أجبره، بل وأذله المستشار علی الهواء وجعله يعتذر برأس منحنى أبكت إنسانيتنا جميعًا، لكنه عاد من جديد يفتح شاشته لقائمة محمود الخطيب دون غيرها.

انحاز «شوبير» لممدوح عباس ونجح فى تغطيته الإعلامية فی الإسهام بشكل كبير فی توجيه الكفة ناحيته فخسر مرتضی منصور، ويحاول تكرار الأمر ذاته ضد محمود طاهر، وذهب يكيل من الاتهامات ما تكشف تضاد رؤاه ومواقفه تجاه هذا المجلس الذی امتدحه شوبير لأوقات طويلة قبل أن يعود ويعدل موقفه حسب ما تطلبه المرحلة.

هكذا يُجيد شوبير استغلال منبره وأدواته الإعلامية فی تحديد مصير أبرز القضايا الرياضية فی مصر.

وفی إطار استغلاله منبره الإعلامی أيضًا، كان لـ«شوبير» وغيره من الإعلاميين غير المسئولين دور فی إشعال أزمة مباراة مصر والجزائر الشهيرة، التی شهدت صراعًا كاد أن يصل إلى فتنة سياسية بين البلدين، ونجح «شوبير» ومن معه فی صناعة كراهية -ربما أرادها النظام السياسی وقتذاك- صنعها بين الجمهورين، فانتهت بما حدث فی السودان.

وكان شوبير بطلًا فی حادثة كادت أن تُطيح بأرواح العشرات وربما المئات وقتذاك، لكنه تبرأ كعادته بعد ذلك واتهم القيادات الأمنية وأنس الفقی بالتخطيط للواقعة وادعاء التعرض للضرب. كثيرة هی القضايا الرياضية التی كان شوبير بطلًا فيها واستغل منبره الإعلامی فی صناعة أزماتها، ومن بينها حكاياته مع «الألتراس» التی بدأت بالصداقة والاجتماع معهم فی منازلهم، مرورًا بمعاداتهم وشن حملات دائمة عليهم.

كان شوبير يومًا صديقًا لمجموعات الألتراس، وأرادهم أداة له لتحقيق مبتغاه، فكانت البداية ٩ مايو ٢٠٠٨ عندما أجری اتصالا بأحد قيادات مجموعات ألتراس، وطالبهم بسب أحد الرموز الرياضية، لكن المجموعة رفضت إملاءاته.

بدأ شوبير الحرب علی المجموعة، ولما وجد نفسه خاسرًا بعد مجزرة بورسعيد، سعی إلى التقارب معهم فدعا المتحدث الرسمی باسم المجموعة محمد طارق ليكون ضيفه علی فضائية الحياة، قبل أن يفاجئه الضيف بالقول: «لا يشرفنی أن أكون ضيفًا، جئت هنا لأقول إنك عدو لنا، وأنك شريك فيما يحدث لنا، ولا يمكن أن نضع أيدينا معك»، ليتحول وجه شوبير آنذاك إلى قطعة حمراء من الخجل الذی عرضه له طارق، ليخوض بعدها حربًا أسهمت فی شيطنة الشباب مما انعكس سلبًا عليهم بتكوين شعور بالظلم جعلهم أكثر عدوانًا وكراهية، فكانت النتيجة عنفًا مضاعفًا، وبدلًا من أن يقوم الإعلامی شوبير باحتواء الأزمات، واصل دوره فی التسخين والتحريض وتصدير الأزمات.

ظل منبر شوبير أينما ذهب مصدرًا لتصفية الحسابات مع الجميع، فنال من خصومه بحق وبغير حق، فلم ينج أی إعلامی من انتقادات وهجوم شوبير الدائم، بدءًا بخالد الغندور ومرورًا بمدحت شلبى، وختامًا باللاعب شادی محمد. ومع الغندور كان دائمًا متهكمًا فذهب يصفه دون خجل بالقزم ساخرًا من قصر قامته، وربما رأی قيمته أيضًا كذلك، وذهب يسميه «فطوطة»، ويطالب بتجاهله لعدم امتلاكه ما يؤهله لاعتلاء منبر إعلامى -بصرف النظر عن صحة وجهة نظره من عدمها- بدافع إبعاد أی شخص يمارس نقد شوبير، فهو لا يتقبل الرأی المخالف ويعتبره مؤامرة أيًّا كان.

مؤخرًا واصل شوبير عداءه وتصفية الحسابات مع الإعلاميين عندما هاجم شادی محمد، مقدم البرامج فى قناة الأهلی، لكنه وجد نفسه مفضوحًا بموقف غاية فى الحرج عندما كشف شادی محمد أمر الحارس الكبير، قائًلا: «مش هم دول صيع وإرهابيين، عزمتهم فی بيتك ليه؟ وبعدين بتلومنا إحنا!»، مطالبًا بضرورة محاكمته بعد استخدام برنامجه للتحريض على سحل وضرب جماهير النادی الأهلى.

أبرز أزمات شوبير كانت مع الإعلامی مدحت شلبی، عندما اتهم الأول زميله بالوساطة فی تلقی الأموال من ممدوح عباس، وذلك خلال جلسة الصلح مع المستشار مرتضی منصور، ورغم أنه تجاهل كونه إعلاميًا فاسدًا يتلقی أموالًا ولم يجد حرجًا فی ذلك، ذهب يتهم زميله بالباطل، كما أكد شلبی عبر برنامجه بعد ذلك واصفًا إياه بـ«الكاذب».

أهم أخبار الرياضة

Comments

عاجل