بين ضغط الأهل وتدخل المجتمع.. حكايات عن معاناة المحرومين من الإنجاب

«لو عرف من يبادر بسؤال لماذا لم تنجب حتى الاّن وقع الكلمات علينا وتأثيرها النفسي لما نطقها»، هكذا عبر محمود العربي عن معاناته هو وزوجته بسبب أسئلة الناس عن عدم إنجابه، ورغبتهم فى معرفة تفاصيل ليس لهم دخل بها.

«محمود» طرق مع زوجته رانيا جميع الأبواب، بداية من أطباء النساء والتوليد الذين شخصوا حالة زوجته بأنها تعاني من تكيسات على المبايض واضطرابات فى الهرمونات، نهاية إلى الأخذ بنصائح الأصدقاء والمعارف وحتى المتطفلين الذين لا يتركون فرصة إلا ويمطرونه بوابل من الحكم والخبرات عن أهمية الإنجاب وضرورة الذهاب لأطباء بعينهم، أما الأطباء فكانت إجابتهم متقاربة بحيث أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الصبر والمتابعة.

ما يقرب من 15% من المتزوجين عالميًا مصابون بالعقم ومسؤولية الرجل فى ذلك قد تصل إلى حوالي 50%.

وعلى الرغم من انتشار الظاهرة عالميًا إلا أن تكون امرأة بلا أطفال فى أي بلد عربي فهذا يعني الجحيم، فالمرأة تصبح معرضة للطلاق بتشجيع وترحيب نساء من عائلة الزوج، غير تتبعها فى كل وقت بسؤالها عن أكثر الأمور خصوصية.

تقول سالى عبد الكريم، أنها أثناء فترة الخطوبة جاوبت حماتها بحسن نية عن ميعاد دورتها الشهرية، لكنها فوجئت بعد زواجها بشهرين باتصالات بنات خالة زوجها وخالته وحماتها فى ميعاد دورتها للإطمئنان عما اذا كانت انقطعت أم لا.

وتضيف: «أصبت بالحزن لأنني وجدت نفسي مضطرة الإجابة على سؤال عن أمر خاص كهذا، بل وجدت أن هذه المكالمات الجنونية تتكرر كل شهر فى نفس الميعاد حتى قررت عدم الرد على جميعها».

بعد مرور سنة على الزواج فى حالة تأكد الأهل من عدم قدرة الأبناء على الإنجاب يتعرض الزوجان إلى العديد من التحاليل والفحوصات السريرية وأحيانًا الإشعاعية لاكتشاف السبب ومعالجته مباشرة، واذا فشل العلاج فى العديد من تلك الحالات حتى بعد استعمال تلقيح البويضات بالحيوانات المنوية الذي لا يتعدى نجاحه عادة 20% إلى 30% مما يزيد الضغط النفسي والعائلي على الزوجين ويسبب لهما الاكتئاب والقلق والمشاكل الزوجية والعائلية.

تقاس الرجولة أحيانًا بعدد الأولاد ويضع الأهل والأقارب للإنجاب أهمية قصوى لتوطيد العلاقة الحميمة بين الزوجين وتثبيت العلاقات العائلية بينهما وبين عائلتهما وأقاربهما.

عن نفس المعاناة يؤكد كريم نور أنه قاطع أسرته بسبب تدخلها فى حياته بعد الزواج وإلحاحهم الدائم على زوجته بضرورة الإنجاب فى أسرع وقت، يقول: نبهت أكثر من مرة على احترام مشاعر زوجتي التي أحبها كثيرا واحترمها، لكن أسرتي كانت سبب فى المزيد من الخلافات كونهم لا يراعون فكرة الحدود، حتى أن والديً اقترحا عليً يوما أن أتزوج الشيالة أي من تحمل، ورفضت الحديث فى هذ الأمر لكنهم لم يتفهما ذلك.

ويشدد "نور" على رفضه لطرق تدخل المحيطين به، لأنها إهانة وتخطي كافة الحدود الشخصية ولا يصح بشكل عام أن نسأل أحد على حياته الجنسية والعاطفية لأنها أمر خاص- كما يقول.

واحدة من الدراسات الأميركية التي أشارت اليها الديلي ميل تؤكد النظريات العالمية حول التأثير النفسي الشديد للعقم على الزوجين وخصوصًا فى العالم العربي.