المحتوى الرئيسى

طعن عمدة ألتينا - اليمين المتطرف والمهاجرون في دائرة الضوء

11/28 17:07

لا تزال التحقيقات مستمرة في اعتداء بالسكين طال عمدة بلدة ألتينا الألمانية، والذي أثار كثير من ردود الفعل الشاجبة والمستنكرة. ووقع هجوم الطعن على أندرياس هولشتاين (57 عاماً) في وقت متأخر من مساء الاثنين (27 تشرين الثاني/نوفمبر 2017). مكان ارتكاب الجريمة كان كُشْكاً لبيع الشاورما في البلدة الواقعة بولاية نورد راين فيستفاليا.

ذكر موقع "شبيغل أونلاين" الألماني أن المهاجم البالغ من العمر 56 عاماً كان مخموراً. وأفادت صحيفة "بيلد" الألمانية عن صاحب الكُشْك، التركي عبدالله ديمير (60 عاماً)، أن "العمدة دخل إلى الكشك وطلب سندويشة شاورما. بعد عدة دقائق اقترب منه الفاعل وسأله فيما إذا كان هو العمدة". وبعد إجابته بالإيجاب، "استل الجاني سكيناً يبلغ طوله 30 سنتميتراً وطعنه في رقبته"، تتابع "بيلد" نقلاً عن ديمير، الذي يعني اسمه باللغة التركية "الحديد". وعندها تدخل عبدالله وابنه وأنقذا العمدة وحالا دون حدوث الأسوأ للعمدة واستطاعا السيطرة على المهاجم حتى وصلت الشرطة وألقت القبض عليه. وعلى إثر ذلك أصيب عبدالله نفسه بجرح خفيف، حسب ما نقلت صحيفة "بيلد".

صاحب كُشك الشاورما والمنحدر من أصل تركي عبدالله ديمير

وقد أصيب هولشتاين، الأب لأربعة أطفال، بجرح بليغ نُقل على إثره للمشفى. ثم غادره بعد تلقي العلاج.وقد فتحت السلطات الألمانية تحقيقاً في الحادث.وفي حديث لوسائل إعلام ذكر عبدالله ديمير أن الفاعل كان ألماني الجنسية.

ونقل أحد المغردين العرب عن العمدة اليوم الثلاثاء تعبيره عن شكره لمن قدموا له المساعدة: "نعم، كنت خائفاً على حياتي"، مضيفاً في مقر بلدية ألتينا أنه متأكد من أنه ما كان سينجو من هذا الهجوم لولا حصوله على المساعدة. وذكر هولشتاين أنه كان محظوظاً للغاية أن أصحاب المطعم - الأب ونجله- بادرا لمساعدته.

على جميع الجبهات..ضد اليمين المتطرف ومع اللاجئين

وصفت السلطات الهجوم بأنه مدفوع بأسباب سياسية. وتردد أن المهاجم شتم العمدة وانتقده –وبأعلى صوته-بسبب سياسته الداعمة للاجئين والمرحبة بهم.

وكانت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، قد منحت في أيار/مايو من العام الجاري "الجائزة الوطنية للاندماج" السنوية للبلدة، وذلك لـ"دورها في إدماج اللاجئين" بتبنيها شعار "من لاجئ إلى مواطن في ألتينا". وقد ذكر أندرياس هولشتاين في حفل تسلم الجائزة أنه تلقى أيميلات "تزخر بعبارات الكراهية له" بسبب سياسته في ملف اللجوء. وقد عمل السياسي المنتمي لحزب المستشارة "الحزب المسيحي الديمقراطي" على استقبال أكثر من حصة بلدته من اللاجئين، في مسعى منه، على ما يبدو، لتعويض تراجع عدد سكان البلدة. وقد كان عدد سكانها في مطلع الألفية أكثر من عشرين ألفاً، بينما بالكاد يبلغ اليوم 18 ألفاً.

كما انخرط السياسي في مبادرة "!Gesicht Zeigen" الفاعلة ضد التطرف اليميني. كما شارك بوضع كتاب "كفاحي ضد اليمين".

ويتقلد هولشتاين منصب العمدة منذ 1999 وأعيد انتخابه عام 2014 بنسبة 70 بالمئة من الأصوات.

ونددت المستشارة أنغيلا ميركل بالاعتداء على لسان المتحدث الحكومة الألمانية، شتيفن زيبرت، غير أنها تنفست في الوقت ذاته الصعداء لتمكن العمدة هولشتين للعودة إلى حضن أسرته. ولم تنس المستشارة التوجه بالشكر لمن ساعده.

كما عبر وزير العدل الاتحادي، هايكو ماس، في تغريدة عن صدمته: "لا يجب علينا القبول بتعرض إنسان لهجوم، لمجرد أنه يساعد الأخرين"، وتابع الوزير المنتمي لـ"الحزب الاشتراكي الديمقراطي": "لا يجب أن يكون هناك مكان في بلدنا للكراهية والعنف".

اتهام غير مباشر لليمين المتطرف والشعبوي

ويعيد الاعتداء إلى الأذهان اعتداء الطعن بالسكين الذي تعرضت له رئيسة بلدية كولونيا، هنرييت ريكر، في تشرين الأول/أكتوبر 2015، والذي أدى لإصابتها بجروح خطرة على يد أحد أنصار اليمين المتطرف احتجاجاً على سياستها في ملف اللجوء.

دخول حزب "البديل" الشعبوي البرلمان الألماني أصاب الكثيرين بالدهشة والخوف، وخاصة في أوساط اللاجئين، لكن قسما من اللاجئين أنفسهم مسؤول عن هذا التحول السياسي، كما يرى فلاح آلياس. (25.09.2017)

دعا المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا إلى انتخاب النائب البرلماني عن حزب "البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي المثير للجدل، ألبرشت غلازر، نائبا لرئيس البرلمان الألماني (بوندستاغ) لمنع الحزب من لعب دور الضحية. (27.10.2017)

لم يلق الاعتداء تفاعلاً كبيراً من اللاجئين على مواقع التواصل الاجتماعي. حتى ساعة إعداد هذا التقرير لم يُغرد بالخبر على تويتر إلا من قبل مواقع إخبارية وإعلامية. أما على الفيسبوك فاقتصر التفاعل على التعليق ومشاركة بوست خبري عن الاعتداء على DW عربية. وتنوعت التعليقات بين المتسرعة دون قراءة الخبر إلى المستنكرة للجرم. وفيما اعتبرها البعض "نتيجة سياسة الباب المفتوح" أمام اللاجئين، هاجم البعض الآخر "اليمين المتطرف" في ألمانيا.

وبدوره وجه اللاجئ السوري حسام الدين و هو أحد القائمين على "جمعية سلام" لدعم اندماج اللاجئين في برلين، اتهاماً غير مباشر للوسطين اليمني المتطرف والشعبوي؛ "إذ أنهم وعن طريق شحنهم السلبي لمؤيديهم وأنصارهم ساهموا بوصول الأمور إلى ما وصلت إليه". واعتبر حسام الدين في حديث خاص بـDW عربية أن الهدف من الاعتداء "إرهاب الناشطين الداعمين لللاجئين"، معتبراً أن ما رشح من أخبار من أن المهاجم كان في حالة سكر ما هي "إلا حيلة قديمة بالية للحصول على حكم مخفف".

أعربت الحكومة الألمانية عن قلقها إزاء تنامي كراهية الأجانب والتشدد اليميني في شرق ألمانيا، محذرة من أنهما يشكلان تهديدا على السلم الاجتماعي وينفر المستثمرين الأجانب. الإحصائيات الأخيرة تؤكد هذه المخاوف: ففي عام 2014 مثلا سجل 47 من الاعتداءات ذات الدوافع العنصرية في شرقي ألمانيا، على الرغم من عدد السكان فيها لا يشكل سوى 17 بالمائة من إجمالي سكان البلاد.

فمثلا، على الرغم من أن نشاط النازيين الجدد لا يقتصر على ألمانيا فحسب، بل سجل في عدد مناطق من العالم على غرار أمريكا والنرويج، إلا أن حزبهم "حزب ألمانيا القومي الديمقراطي" لم ينجح حتى الآن في الدخول إلى البرلمانات المحلية والمجالس المحلية إلا في شرقي ألمانيا.

شكلت مدينة دريسدن، بولاية سكسونيا شرقي ألمانيا، مهد ومعقل حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) التي تتظاهر منذ أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2014 ضد الإسلام والمسلمين وتواجد الأجانب في ألمانيا. وقد بلغت هذه الاحتجاجات ذروتها مع تدفق سيل اللاجئين، وأغلبيتهم من سوريا، على ألمانيا العام الماضي.

خلال احتجاجاتهم الليلية التي تنظمها حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) لم يتوان اليمينيون المتطرفون عن التعبير عن رفضهم لقدوم اللاجئين إلى ألمانيا. في إحدى المظاهرات حمل أحدهم لافتة تصور أناسا في قطار – وذلك في إشارة إلى أن أغلبية اللاجئين قدموا إلى ألمانيا في القطارات انطلاقا من المجر والنمسا – وقد كتب عليها بالإنجليزية: "اللاجئون غير مرحب بهم، عودوا بعائلاتكم إلى أوطانكم".

اليمين المتطرف يرفضو أيضا التعددية الثقافية في إشارة إلى المهاجرين، الذين يعيشون في ألمانيا منذ عقود، ويعتبرونها دخيلة على الثقافة الألمانية. في الصورة أحد المتظاهرين في احتجاجات نظمتها حركة بيغيدا في مدينة دريسدن وهو يحمل لافتة كتب عليها "يجب وقف التعددية الثقافية. وطني (يجب) أن يبقى ألمانيّا".

كثيرا ما شهدت مدن شرق ألمانيا احتجاجات متكررة ضد اللاجئين وتنديدات بالمستشارة ميركل التي يتهمونها بفتح الأبواب على مصراعيها أمام "من هب ودب" دون أن تعير اهتماما لمخاوفهم ومشاكلهم. وفي الواقع، فقد شهد حزب المستشارة، الحزب الديمقراطي المسيحي، تراجعا في الانتخابات البرلمانية المحلية لعدد من الولايات الألمانية، وليس في شرق ألمانيا فقط.

إضرام الحرائق في مآوي اللاجئين أو في البنايات المخصصة لإيواء اللاجئين أحداث - وإن لم تقتصر على ولايات شرق ألمانيا - تحسب على اليمين المتطرف وعلى كارهي الأجانب بصفة عامة واللاجئين بصفة خاصة. الصورة تظهر بناية خصصت لإيواء اللاجئين في بلدة باوتسن وهي تحترق. كما أظهرت التحقيقات فيما بعد أن الحريق كان بفعل إجرامي.

نرشح لك

أهم أخبار الصفحات الأولى

Comments

عاجل