المحتوى الرئيسى

أن تكون معارضاً

11/24 22:07

المعارض الحقيقى هو من تلتقط عينه النقيصة، ويلتقط عقله الخطأ، وينتفض ضميره لدرء الخطر عن وطنه. وأزعم أن المعارض الحق شخص شديد الوطنية يعانى ويغضب لأنه يريد أن يرى مصر فى أبهى صورة وأعظم مكانة. وزمان قوى، قبل عام 1952، كان لدينا أحزاب أغلبية وأحزاب معارضة، وكلاهما له التوجه الخاص به، سواء فى القضية الوطنية أو فى المسائل الاقتصادية والسياسية، وكانت الأحزاب المعارضة، بما لها من برامج، قادرة على إدارة الدولة أو حتى على الائتلاف داخل حكومة، وكان من شدة كراهية السرايا للوفد، وهو حزب الأغلبية، أنه كان يُقصَى عن الحكم بإرادة ملكية -مكفولة بحق الدستور- قبل أن تحقق حكومة الوفد برنامجها الذى طرحته على البرلمان. والنتيجة أن حزب الأغلبية ظل أغلب سنواته، منذ عام 1924 وحتى عام 1952، خارج الحكم وفى صفوف المعارضة، ولم يحكم كل هذه الفترة سوى ست سنوات وبعض الشهور، ورغم ذلك كان نشيطاً جداً وهو فى صفوف المعارضة بحق ومنطق ورؤية تصب فى النهاية فى مصلحة الوطن.

كل هذا وكان الحكم الديمقراطى فى مصر ما زال يحبو، إذ لم يتعد عمره الثمانية والعشرين عاماً.. وجاءت «يوليو» وذهبت الأحزاب كلها بالأغلبية والمعارضة واليسار واليمين إلى غير رجعة، وعاشت مصر بالحزب الواحد الموالى للدولة حتى قامت «المجيدة» فتفتت الحزب الواحد إلى مائة وخمسين «خيال مآتة» ولم يتبقَّ سوى العديد من الأصوات الناقمة الغاضبة الشتّامة الهدّامة عديمة الفكر والمنهج سوى أنها ضد الدولة فى كل شىء وكل حدث بلا علم ولا بصيرة ولا ضمير وطنى، ولبدت فى «الدرة» تتصيد لحكم «السيسى» بحثاً عن مركز أو مكانة.. السيسى الذى جاء بثورة شعبية لم ترَ مصر مثلها منذ عام 1919 وهم أنفسهم الذين صرخوا أيامها بأن هذا انقلاب عسكرى، مشاركين الإخوان والأمريكان والغرب كله، وهم الذين شاركوا الإخوان أيضاً فى الهتاف البذىء «يسقط حكم العسكر»، فهم لا يفرقون بين الجيش الوطنى و«جبهة النصرة» و«بيت المقدس».

ومن يومها وحتى الآن يختلقون القضايا من لا شىء، ويقلبون الحقائق بفجاجة وإسفاف من أول يوم «السجادة الحمراء» وحتى مزارع الأسماك.. فتيران وصنافير مصريتان، والسيسى باع الأرض، وإذا سألت عن الدليل فى أنهما مصريتان يصرخ: وما الدليل على أنهما غير مصريتين؟ وإذا قلت يا سيدى يوجد تاريخ ووثائق وجغرافيا، يصرخ: «ماشفتهاش».. هكذا. وأكاد أجزم أن أحداً من هؤلاء الأشاوس قد سمع عن اسم الجزيرتين قبل الحدث بأكثر من أسبوعين، ويأتى البرلمان الذى انتخبه الشعب نفسه فيبدأ التهكم والسباب والتصيُّد منذ اليوم الأول، وأثناء حلف اليمين الدستورية، ويبدأ الجيش بالمساعدة فى مشاريع التنمية فيصيح السيد المعارض بأن الجيش يستحوذ على البلد، وكأن الجيش يشرف على المشاريع الضخمة من طرق وأنفاق ومدن جديدة واستثمار وإسكان بديل للعشوائيات ومحور قناة السويس ومزارع القمح، وغيره وغيره، ليأخذها فى يده ويذهب بها إلى بنجلاديش ويتركنا كما كنا.. وتأتى العاصمة الإدارية فيلبس المعارض ثوب المواطن الغلبان ويصيح بالحنجورى العالى ويغرّد: «ليس لها لزوم، والناس مش لاقية الأرز ولا السكر والزيت»، وهو نفسه الذى يجلس فى سيارته الفاخرة وهو عائد من الفندق الفاخر إلى منزله الفاخر فى ست ساعات بسبب الزحام فى القاهرة الحالية التى زاد تكدسها عن حدود المعقول والمحتمل.

وكما قال الزعيم المفوه البوب «البرادعى» يوماً: «الجيش بيعمل مكرونة يا منى، تصورى؟!»، يقول السيد المعارض تهكماً على المزارع السمكية العملاقة التى سوف توفر الأسماك بسعر زهيد وتضرب فى القريب العاجل أسعار اللحوم والدواجن إنها سلاح السمك وفرقة الجمبرى ولواء البساريا، وهذه هى الوطنية، وهذا هو أفضل الطرق للدفاع عن الغلابة.. ويصيح السيد المعارض الذى يسب فى النظام وفى رئيس الدولة شخصياً بلا ضابط ولا رابط: أين الحرية؟ حرية الفكر مسلوبة، وحرية الرأى معدومة، والإعلام يطبل للنظام ويسب الشعب المحكوم تحت وطأة الظلم والدولة الأمنية، وها أنا مراقَب بعربة تقبع تحت المنزل والنظام هو المسئول عن فشل مفاوضات سد النهضة، ويتناسى السيد المعارض أن الرئيس «مرسى» سافر يوماً إلى إثيوبيا وفى اليوم التالى فوراً تم تحويل مجرى النهر لبدء إنشاء السد بأموال قطرية وغير قطرية. وبعد حديث الإرهابى الليبى مع الأستاذ عماد أديب صاح السادة المعارضون: حديث فاشل.. صنعوا من الإرهابى بطلاً.. الشعب تعاطف مع الإرهابى.. الشعب سوف يتحول إلى إرهابيين بعد هذا الحديث.. أين المعلومات؟ كيف كانت الخطة المحكمة؟ من يثبت لنا أن الضابط «محمد الحايس» كان رهينة لدى الإرهابيين؟ ربما أخفته «الداخلية» لديها لتحبك علينا الكذبة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل