المحتوى الرئيسى

فلسطيني ينتقم لدي كابريو ويحاول "إغراق" وينسليت ونجارو القاهرة يعترضون

11/22 21:11

صام وأفطر على بصلة.. أو ربما على قشرة بصلة. ربما بهذه الكلمات يمكن وصف حالة المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد بعد دقائق من بدء عرض فيلمه "الجبل بيننا" في مهرجان القاهرة السينمائي.

كان من المقرر أن يكون العرض الأول في مصر لفيلم "الجبل بيننا"، من بطولة البريطانيين كيت وينسليت وإدريس ألبا، في الأسبوع الأول من أكتوبر الماضي، تزامنا مع عرضه في الولايات المتحدة، إلا أنه تم تأجيل العرض لتُفتتح به الدورة الـ 39 لمهرجان القاهرة 2017، أي في 21 نوفمبر الجاري، بناء على طلب من الناقد الفني والمدير الفني للمهرجان يوسف شريف رزق الله.

قصة الفيلم "مهروسة" كما يُقال وليس فيها جديد.. إلا إذا كان الفيلم يحتوي على عنصر إثارة في الأداء والمؤثرات الصوتية. فالحكاية عن رجل، طبيب أعصاب، وامرأة، صحفية، يستقلان طائرة صغيرة للسفر، يُصاب قائدها بأزمة قلبية ما يُسفر عن سقوط الطائرة في منطقة جليدية.. وتبدأ المغامرة.

لكن هل تسنى لمتابعي الفيلم في المهرجان مشاهدة تفاصيل هذه المغامرة؟

لم يكن بمقدور هؤلاء سوى التعرف على شخصيات الفيلم و"الفصل الأول" التمهيدي، بعد أن قطع أبو أسعد عرض الفيلم، معترضا بشدة على طريقة عرضه. فقد كان الصوت رديئا بالإضافة إلى أن الشاشة لم تكن واضحة واحتوت على تشويش.. وفوق كل ذلك كان هناك نجارون يفكون بعض الديكورات بالقرب من المنصة.

قال مقدم الحفل آسر ياسين، في عرضه لفيلم The Mountain Between Us، إن مهرجان القاهرة السينمائي دائما يختار الأفلام المميزة  لحفل الافتتاح.. ربما! ولكن ما من شك أن المميز في المهرجان بنسخة 2017، هو أن الافتتاح بحد ذاته كان مميزا.. فكم مخرج طلب وقف عرض فيلمه في افتتاح مهرجان سينمائي؟

أما فقرة النجارين في حفل الافتتاح، وهو ما يمكن اعتماده مصطلحا فنيا في ما بعد، فتذكّر بأهل قرية أمريكية، اعتاد السينمائيون أن يقصدوها في فصل الصيف لتصوير الأفلام بها. أما الأهالي فقد اعتادوا من جانبهم التشويش على السينمائيين.. فما أن يطلق المخرج صفارة البدء في التصوير صارخا "آكشن"، حتى يبدأ هؤلاء بالطرق والقرع لإحداث ضوضاء صاخبة.. ما يجبر المنتجين على دفع الأموال لهم ليتوقفوا عن إصدار هذه "المؤثرات الصوتية".

ذلك، تقريبا، هو ما حدث في مهرجان القاهرة السينمائي، فلم يتمكن متابعو الفيلم من مشاهدته، والتوقف على ما فيه من أحداث.. علما أنه زاخر بالمغامرات، فيما يبدو من الفيديو التعريفي بالفيلم، حيث تظهر بطلة كيت وينسليت وهي تغرق في المياه الباردة.. ما يعيد إلى الأذهان دور الممثلة البريطانية الأشهر، روز، في فيلم "تيتانيك"، التي ودعت حبيبها، جاك، واستسلمت للقدر يختطفه من بين يديها فابتلعته المياه المتجمدة.

ترى هل حاول هاني أبو أسعد بهذه اللقطة أن ينتقم لمحبي دي كابريو؟

ربما من دواعي الأسف أن يتعرض هاني أبو أسعد لهذا الموقف في مهرجان القاهرة السينمائي، وذلك لعدة أسباب. فهو من الجيل العربي الذي تربى على الثقافة المصرية التي تركت أثرها الجميل.. الرواية والفيلم والأغنية المصرية. وقد عبّر المخرج الفلسطيني عن اعتزازه بالفن المصري بقوله إن "السينما المصرية فخر للعالم وليس فقط للعرب.. ولولا السينما المصرية لما كانت هناك سينما عربية"، وذلك في الكلمة التي ألقاها قبل "خبط النجارين".

بنجامين كلمنتين.. من القلب إلى المصران الأعور

كما أعرب عن امتنانه لفنانين مصريين احتضنوه في خطواته السينمائية الأولى. ومن هؤلاء المخرج محمد خان والفنانة يسرا، علما أن أبو أسعد كان قد تحدث في لقاء سابق عن فيلم "الكرنك" الذي تأثر به، وكان مصدر إلهام له في تصوير فيلم "عمر".. ثاني فيلم يترشح عنه المخرج العربي للأوسكار.

بكل تأكيد، فإن هاني أبو أسعد ليس مجرد فنان عربي دخل هوليوود، ولا يعلم أحد ما إذا كان سيثبّت قدميه فيها. ولكنه علامة بارزة في مشهدنا الفني، فقد سجل اسمه كأول مخرج عربي، وليس "من أصل عربي" يصور أفلاما في هوليوود.

كما أنه لم يدخل قدس أقداس السينما العالمية من خلال أعمال تحاكي الشرق الذي انحصر فيه جل الفنانين العرب في صفوف المنتجين، أو الممثلين الذين اقتصرت أدوارهم في شخصيات عربية، أو يونانية في أحسن الأحوال. وربما تكون مقارنة هاني أبو أسعد الصحيحة هنا بالموسيقار اللبناني، الحاصل على الأوسكار، غابريال ياريد بعد أن فرض نفسه في فرنسا وأمريكا بقدراته وإبداعاته.

وفي هذا الصدد ربما نتذكر المخرج اللبناني محمد سلمان الذي حاول أن يضع أولى خطواته في هوليوود، فالتقى بالممثلة الأمريكية بروك شيلدز التي جمعه بها مصور أمريكي من أصل جزائري. ولكن ما أن سمع سلمان الرقم الذي طلبته الحسناء الساحرة حتى قال.. "لا يا عمي.. خلينا على قدنا".. يبدو أنها لم تكن ساحرة بما فيه الكفاية.

من الأمور غير العادية التي وقعت في مهرجان القاهرة السينمائي الأخير، كانت تلك الوصلة التي قدمتها الفنانة السورية أصالة. في الحقيقة الحديث لا يدور هنا عن نوعية الأداء.. الأداء الباهت، الذي لا يصلح حتى لأن يكون وصلة من أغاني "المهرجانات".. وإنما عن الصورة التي ظهرت فيها أصالة قبل.. وحتى بعد الغناء.

فقد وقفت طويلا أمام المنصة وهي تحاول الصعود عليها، كمن يتسلق قمة جبل أبو أسعد.. فبدت مترددة بسبب فستانها الطويل. واستمر الأمر طويلا في ظل عزف الموسيقيين، حتى أنقذها قائد الأوركسترا شخصيا، فتوجه إليها ومد لها يده كي تستند عليها وتعتلي المنصة.

غنت أصالة ونسيت الكلمات، لكنها كانت مؤدبة جدا فاعتذرت للجمهور، الذي كان يتابع الأغنية وصور فنانين يظهرون على الشاشة التي تسترعي انتباهك أكثر من الأغنية.. لتظهر أمامك فجأة صورة حبيب العادلي.. أو شخص يشبه حبيب العادلي.. ليتبين أنه الفنان الجميل، الراحل خالد صالح.

أنهت أصالة وصلتها وتوقفت الأغنية.. لتعود إلى أداء اللقطة الأهم التي تدربت عليها قبل الوصلة. فقد وقفت وراحت تنظر نحو قائد الأوركسترا/ نادر حمدي، الذي بدا كأنه نسي الهدف من وراء استدعائه، فانطلق سريعا باتجاه أصالة التي كانت تبدو وكأن السن تقدم بها وهي تلوّح للموسيقار ولسان حالها يقول.. "إيدك والنبي يا بني.. ينوبك ثواب"، وذلك وسط صمت جمهور لا يقدر الفن الأصيل، وتحديدا براعة المايسترو في الأخذ بيد أصالة، وهو ما كان، على ما يبدو، يتدرب عليه في بيتهم. وهنا تتلمس أهمية الصمت والوقفة في العمل الفني، وتدرك عندما يكون القوسان أهم مما بينهما.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل