المحتوى الرئيسى

الأطفال «اليتامى».. فى انتظار عصا الساحرة الطيبة!

11/22 19:36

تحقيق وتصوير - دينا توفيق اشراف : نادية صبحى

هبة: «نفسى فى عروسة أخدها فى حضنى قبل النوم»

أمانى: فستان جديد.. وحجرة مليئة بالألعاب

التبرعات تقلصت.. ولا نملك أموالاً للإعلانات!

الشتاء قاسٍ على الأطفال.. ونحتاج ملابس وبطاطين

فى مثل هذه الأيام من كل عام.. يتبارى العالم كله فى رسم ضحكة على وجه كل طفل، فشهر نوفمبر هو شهر أعياد الأطفال.. وتتنافس الدول والمجتمعات فى إظهار روح الحب ومد أيادى الحنان لينعم الأطفال بأحضان دافئة ولو فى يوم عيد.. فيما يبقى أطفال فى كل مكان على قائمة انتظار السعادة.. قد يطول انتظارهم وتمتد المسافة بين الحرمان والاحتواء.. ورغم كل ذلك.. يبقى هناك من يحاول دائما فعل أى شىء فى سبيل إضحاك طفل عز الزمان عليه أن يترك له حتى الآباء.. فأصبحوا أيتاماً.. واتسعت الدنيا من حولهم فتوحشت.

الأيتام ليسوا فى حاجة لمواسم «إضحاك» تلتقطها عدسات المصورين للتباهى برعاية الأيتام فى الأعياد.. والمناسبات.. أحياناً يكونون بحاجة لوجبة ساخنة تسد جوعهم.. فى دور تفعل ما بوسعها لإيوائهم ولا تمتلك ملايين للإنفاق على حملات الدعاية والإعلان لجذب العطف والانتباه!!

عيون بريئة وأجساد صغيرة نحيلة.. إنهم ملائكة يسيرون على الأرض حرمهم القدر من آبائهم لتنتشلهم دار الأيتام من مصيرهم المجهول ليجدوا أنفسهم يعيشون سوياً فى غرفة صغيرة، يتقاسمون الوجبات اليومية فى حب وحنان هذا حال أطفال كثيرة فى دور الأيتام ومنها.. أيتام دار «دراز للبنات» وهم ليسوا فقط أيتاماً ولكنهم معاقون أيضاً ذهنياً.. تلك الدار لا تملك الأموال من أجل القيام بالإعلانات التليفزيونية لذا تعانى من نقص التبرعات خاصة مع ارتفاع الأسعار صعوبة الحالة الاقتصادية.. علماً بأن المؤسسة تحتوى على 170 طفلاً يتيماً منهم أسوياء ومنهم معاقون تم توزيعهم على 16 فرعاً، بالإضافة إلى 120 من المسنين «نساء ورجال»، كما تكفل المؤسسة 6 آلاف أسرة فقيرة.. كلها تأثرت منذ فترة طويلة وأصبح هناك نقص شديد فى المواد الغذائية والعلاج الذى يحتاجه الأطفال المعاقون.. قامت «الوفد» بجولة فى تلك الدار ونقلنا لكم بالكلمة والصورة الأحلام البسيطة لهؤلاء الأطفال.. فماذا قالوا؟

فى البداية يجب أن نشير إلى أن دور رعاية الأيتام فى مصر تقدر بـ 30 ألف دار، أما الأطفال الذين يتم التقاطهم من الشارع «اللقطاء» فيقدر عددهم بـ 43 ألف طفل سنوياً، إلا أن التقديرات تشير إلى أن عدد الأيتام فى مصر يتراوح بين 3٪ - 5٪ من تعداد السكان، مما يعنى أن عددهم حوإلى 5 ملايين طفل يتيم.. وقد قمنا برحلة إلى دار «دراز للأيتام المعاقين» والتى تحرص إدارتها على جلب بعض المدرسين بصفة مستمرة لتعليم الأطفال والأخصائيين لمتابعة حالاتهم.. ولاحظنا أن كل البنات فى الدار يجدن حفظ القرآن الكريم.

وكنا فى انتظار مجيء البنات من المدرسة إلا أن هناك فتاة كانت موجودة فى الدار لم تذهب مثل باقى الأطفال إلى المدرسة بسبب إعاقتها الحركية، واسمها «عبير» وتبلغ من العمر 11 سنة واقتربنا منها وسألناها عن أحوالها فأجابت والابتسامة تملأ وجهها: كلنا هنا أخوات وأنا بحب كل أخواتى.. ثم استأذنت بأن تذهب إلى غرفتها لتحضر لنا كراسة اللغة العربية الخاصة بها والتى حصلت فيها على الدرجات النهائية.. ثم سألناها عما تتمناه فأجابت: نفسى فى بيانو أعزف عليه لأننى أحب الموسيقى جداً.. وتريد «عبير» عندما تكبر أن تصبح طبيبة أسنان.

وفى الساعة الثانية ظهراً وقف أوتوبيس المدرسة الصغير الحجم أمام الدار ونزلت منه فتيات الدار.. كانت الابتسامة المشرقة على وجوههن وتحمل كل واحدة منهن على ظهرها حقيبة المدرسة، وبعد أن دخلن إلى الدار.. قامت كل واحدة بتغيير ملابسها بمساعدة إحدى المشرفات ثم جلسن معاً

فاقتربنا من إحداهن واسمها «نرمين» وهى فى الصف الثالث الابتدائى - كانت عيناها تملؤهما «الشقاوة» قالت: أنا شاطرة فى المدرسة وأقوم بمساعدة أخواتى فى عمل الواجبات.. وهى تحب أن تلعب معهن وتقول: نفسى فى لعبة «المطبخ».. فأنا أحب الطهو ولما أكبر سوف أكون طباخة ماهرة.

أما «فرح» فتبلغ من العمر 10 سنوات - وهى أكثرهن خجلاً ولا تتحدث مع الغرباء كثيراً لكنها متفوقة دراسياً - وهى تقول على استحياء: نفسى فى «توكة» ملونة للشعر فهى تهتم بتسريح شعرها من أجل أن تبدو دائماً جميلة.

وبالقرب منها كانت تجلس «هبة» فى الصف الخامس الابتدائى - وهى الأقرب إليها لا تفارقها أبداً سواء فى المدرسة أو فى الدار يستذكران معاً، فالواجبات كثيرة على حد قولها لذا تقوم «هبة» بمساعدة أختها من أجل الانتهاء سريعاً من عمل الواجب ثم اللعب معاً.. «هبة» نفسها فى عروسة كبيرة تحتضنها أثناء النوم حتى تشعر معها بالدفء الذى تفتقده فى حياتها.

أما «أمانى» فهى أيضاً فى الصف الخامس الابتدائى ونفسها فى فستان جديد ألوانه زاهية حتى تصبح مثل الأميرات التى تراهم فى أفلام الكارتون.. فهى تغمض عينيها كل ليلة وتحلم مثل أى طفلة أن تستيقظ لتجد نفسها فى غرفة مليئة بالألعاب ودولاب ملىء بالملابس الجديدة ولكن حلمها هذا يبقى فقط فى مخيلتها دون أن يتحقق.

إنها أحلام بسيطة يمكنها أن تدخل السعادة على قلوب هؤلاء الصغار الذين فرحوا كثيرا من زياراتنا لهم حيث شعروا بالاهتمام، وأن هناك من يحس بهم.. وهذا من شأنه أن يحسن حالتهم النفسية كما أكدت لنا «ابتهال» المشرفة على الدار بقولها: إن البنات دائما يفرحن بالزيارات وتتحسن حالتهن المزاجية بعد ذلك خاصة إذا تكررت الزيارات، لكن للأسف الزيارات صارت قليلة وكذلك التبرعات، فقد كان هناك متبرعون يقومون بتنظيم الرحلات للأطفال بالدار ولكنها انخفضت هذه الأيام، كما أن كفالة اليتيم كانت فى الماضى بـ500 جنيه لأنها ارتفعت الآن بسبب زيادة الأسعار مما جعل الكثيرين يمتنعون عن القيام بها الآن.. ومع اقتراب فصل الشتاء تحتاج البنات إلى ملابس ثقيلة للشتاء فضلاً عن المواد الغذائية التى تحتاج إليها الدار.. وأضافت «ابتهال»: نحن نبذل قصارى جهدنا مع البنات حتى نوفر لهن حياة كريمة فى حدود إمكانياتنا.

فى إحدى الدور بمنطقة حدائق القبة أكدت لنا إحدى المشرفات أن الدار كانت تعتمد على عدد من ربات البيوت يقمن بتوفير ما تيسر من ميزانية بيوتهن وعمل وجبات بسيطة ساخنة أسبوعياً بالتناوب مع بعضهن البعض ويأتين مع أطفالهن وبناتهن لقضاء يوم كامل مع الأطفال ومعهن وجبات بسيطة من البانيه والكفتة والمكرونة أى أن الوجبة الساخنة تكلفتها 50 جنيها على الأقل أو علب الجبنة بأنواعها وكانت تسعد الأطفال وتسعدنا لكن للأسف هذه المبادرات قلت بعد ارتفاع الأسعار ونحن لا نمتلك الأموال للإنفاق على حملات إعلانية لتشجيع الناس وحثهم على مساعدة الأيتام حتى بوجبة غذاء.

وقبل أن نغادر الدار نظرت إلينا إحدى الفتيات الصغيرات نظرات يسكنها الألم ونبض قلبها يكاد يصل إلينا وهى تقول بصوت خافت: هتيجو تانى إمتى؟ كانت الفتاة تخشى أن نغادر الدار دون رجعة فأكدنا لها أننا سنعود لزيارتها مجدداً ثم تركناها بعد أن أعطيناها الأمل من جديد وعادت إلى الابتسام مجدداً.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل