المحتوى الرئيسى

النيل الأبيض.. فى اليوم الأسود! | المصري اليوم

11/22 04:31

لا أحد يعلم على وجه اليقين.. وحتى العلماء اختلفوا، لماذا يحمل اسم النيل الأزرق اسم «الأزرق»، ولا النيل الاستوائى اسم النيل الأبيض.. فالأول «الأزرق» يطلق عليه، باللغة الأمهرية «أباى الكبير»، وحتى هذا الأزرق ليس أكثر أنهار إثيوبيا من حيث ما يحمله من طمى وصخور ليس هو النهر الأكثر حملاً للرواسب.. بل الأكثر منه هو نهر عطبرة، أو العطبرة، ولكننا - وقد بدأنا نعانى من الفقر المائى - علينا أن نبحث عن مصادر أخرى للمياه.. وبعيداً عن تحلية مياه البحر، أو الاعتماد بنسبة كبيرة على المياه الجوفية.. إلا أنه يبقى لنا أن أهم مصدر يمكن أن يعوض فقدنا لأى كمية من مياه النيل الأزرق، هو النيل الأبيض.. وهو متعدد الفروع والمصادر من بحر الغزال، وبحر الزراف، وبحر الجبل، ونهر السوباط، وبحر العرب، فضلاً عن العديد من الفروع الأخرى التى تصب فى هذا «الخير الأبيض» مثل أنهار لول وبنجو وواو، وتونج ومريدى والنعام، وباى، وهناك أيضاً أنهار أخرى تصب فى الأبيض أهمها بيبور، وبارو، وجيلا، وأكوبو، وغيرها.

ولكن تعدد هذه الفروع والمصادر له فوائدها، وأيضاً له خسائرها!! من الفوائد كثرة المياه واتساع مجاريها.. ولكن أهم خسائرها هى «سيحان» مياهها لأنها بسبب «استواء» الأرض نوعاً ما تنساب المياه فى مناطق واسعة تسمى «السدود» أى المستنقعات، وإن كان هذا «الانسياب» يؤدى إلى توافر مناطق الرى، مما يجعلها إذا فكروا فى تحويلها إلى أكبر منطقة فى العالم لتربية الماشية.. وهذه من حسنات هذا الانسياب.

ومن كثرة هذه المياه - ثم وبسبب خسائرها - يمكن أن تحصل مصر والسودان بدولتيه الشمالى والجنوبى على كميات هائلة من المياه، إذ رغم كميات الأمطار الهائلة التى تسقط هناك إلا أن 30٪ فقط هو ما يصل منها إلى النيل الأبيض قرب ملكال التى كان كل جيلنا يحفظ اسمها حيث تتجمع مياه كل هذه الفروع مكونة معاً نهر النيل الأزرق، لينطلق بعد ذلك شمالاً من ملكال ويلتقى مع النيل الأزرق المقبل من إثيوبيا فى منطقة المجرن عند جزيرة توتى.

ولكن المشكلة أن فى منطقة المستنقعات هذه «أو السدود» يفقد النيل الأزرق الحصة الأكبر من مياهه.. وتضيع دون فائدة.. وقد طرت فوق بعض هذه السدود وأنا فى طريقى من الخرطوم جواً إلى جوبا عاصمة جنوب السودان.. ولذلك نقول إن النيل الشرقى «الأزرق» يمدنا بحوالى 85٪ من حصتنا من المياه، بينما باقى الحصة وهى 15٪ فقط تأتينا من النيل الجنوبى الغربى أى الأبيض.

وفكرت مصر منذ عام 1901 فى الاستفادة من هذه المياه الضائعة.. بتركيز جريان هذه الأنهار لتصل نسبة أكبر منها إلى النيل الأبيض عند ملكال.. ثم إلى مصر والسودان.. ولا يتذكر المصريون من هذه الأفكار أو المشروعات إلا قناة جونجلى التى بدأ تنفيذها عام 1977 ويصل طولها إلى 360 كيلومتراً، حفرنا منها 280 كيلومتراً وتبقى 80 كيلومتراً توقفت بسبب الحرب الأهلية الثانية بقيادة جون قرنق وسيلفاكير، وذلك فى نوفمبر 1983، وكان هذا المشروع يعطى فى المرحلة الأولى 4 مليارات متر، بينما تعطى المرحلة الثانية 3 مليارات كانت مصر سوف تقتسم الاثنين معاً: النصف لمصر، والنصف للسودان، وتحملنا لذلك نصف تكاليف المشروع والسودان النصف.

■ ليس ذلك فقط، إذ هناك على بحر الغزال مشروع من تحويلتين كان سيعطى 7 مليارات أخرى.. ومشروع ثالث فى منطقة مستنقعات مشار كان سيعطى أيضاً 7 مليارات.. أى أن هذه المشروعات الثلاثة كانت ستعطى 18 مليار متر مكعب، لمصر النصف وللسودان بدولتيه النصف الثانى.. أى أن حصتنا منها - لو تحققت - فى حوالى 9 مليارات متر مكعب.. يا بلاش!!

■ ولا ننكر هنا أن هناك مشروعات أخرى للاستفادة بنسبة أكبر من مياه هذه المنابع - فى هذه الهضبة الاستوائية - حيث ينبع النيل الأبيض وفروعه العديدة.. ولكن هذا يستدعى ضرورة الاتفاق مع دول هذه المنابع، وعددها 8 دول، وأهمها دولة جنوب السودان التى ورثت اتفاقيات المياه بعد استقلالها عن الخرطوم.

■ ولكن إذا كان صعباً - الآن - الاتفاق مع دولة واحدة هى إثيوبيا.. فهل من السهل أن نتفق مع 8 دول أخرى.. تختلف مساراتها السياسية وظروفها.. رغم أن ذلك هو الهدف الأسمى؟!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل