المحتوى الرئيسى

د. محمود خليل يكتب: السقوط الأخير.. العروش المنهارة على أيدي «الأمراء الشباب»

11/21 23:59

◄ آخر الخلفاء العباسيين جلس على عرش الحكم وعمره 30 عامًا.. وكان أول قرار اتخذه تعيين "ابن العلقمي" جاسوس التتار وزيرًا لدولته.

◄ الخليفة "المستعصم" كان سببا فى مقتل أكثر من مليون مسلم.. وكانت هوايته الأثيرة الاستيلاء على ودائع كبار أغنياء "بغداد".

◄مروان بن محمد الخليفة الأموي الأخير لقبه معاصروه بـ"بالحمار".. وانتهى به الأمر إلى الهرب إلى مصر ليقتل فى السودان ويدفن بلا أكفان.

◄المتآمرون على المنطقة يستخدمون الطموح الجارف لبعض المتعجلين للحكم من أجل إشعال حرب ضرورس قد يفوق ضحاياها عدد من ماتوا فى حروب التتار.

يعتلون السلطة وكأنهم على موعد رتبته الأقدار، يظهرون فى توقيتات معينة لتهتز على أيديهم حكومات، وتتفكك أسر حاكمة، ورثت الملك كابرًا عن كابر، يلعبون الدور الأكبر فى زوال دول، وانهيار أنظمة. تزخر كتب التاريخ بنماذج متنوعة لذلك النوع من الشخصيات التي كتبت كلمة النهاية فى تاريخ عروش دام بعضها لقرون، وبعضها الآخر لعقود. شخصيات تتشارك فى عدد من السمات، أبرزها حداثة السن، والطموح الجارف، والشعور المفرط بالقوة والسيطرة على الأمور، والجرأة فى صناعة القرار. هذه المجموعة المتفرقة من السمات يمكن أن تلخصها عبارة "ضعف الحسابات السياسية"، فأمام شعور الفرد بقوته وامتلاكه ناصية الأمور من الطبيعي للغاية أن تتراجع قيمة الحسابات السياسية لديه عند صناعة القرار. هكذا يعلمنا التاريخ، وكذلك تقول التجربة الإنسانية.

على يد شاب حديث السن، اسمه مروان بن محمد زالت الدولة الأموية، وانتهى عصر الأسرة التي استحوذت على الخلافة لما يقرب من قرن من الزمان، وهو الأمر الذي ينطبق على الدولة العباسية التي عمرت قدر ما عمرت من قرون، لتزول فى النهاية على يد شاب، هو المستعصم بالله. وللإنصاف لا يستطيع أحد أن يذهب إلى أن ظهور هذا النمط من الشخصيات هو العامل الوحيد فى سقوط الأنظمة وانهيار العروش وزوال الدول، فثمة عوامل موضوعية عديدة، تتكاثر على الدولة حتى تصل بها إلى تلك النهاية، فالدول والأنظمة تنتهي عندما تصبح غير صالحة للاستمرار، شأنها فى ذلك شأن كل الظواهر الحياتية والإنسانية، ولكن يبقى أن هذه الشخصيات تعجل بالسقوط، وتسرع بالانهيار، ويظل ظهور هذا النوع من صناع القرار المؤشر الأهم على اقتراب النهاية.

المستعصم بالله يستولي على الودائع ويستوزر "جاسوس التتار"

المستعصم بالله أبو احمد عبد الله بن أمير المؤمنين المستنصر بالله هو آخر خلفاء بني العباس ببغداد، وهو الخليفة الذي قتله التتار بأمر هلاكو سنة ست وخمسين وستمائة هجرية. يقول "ابن كثير": "بويع بالخلافة ولقب بالمستعصم وله من الأمر يومئذ ثلاثون سنة وشهور، وقد أتقن فى شبيبته تلاوة القرآن حظفا وتجويدا، وأتقن العربية والخط الحسن، وغير ذلك من الفضائل على الشيخ شمس الدين أبي المظفر علي بن محمد بن النيار، أحد ائمة الشافعية فى زمانه، وقد أكرمه وأحسن إليه فى خلافته. وكان المستعصم على ما ذكر كثير التلاوة حسن الأداء طيب الصوت يظهر عليه خشوع وإنابة، وقد نظر فى شيء من التفسير وحل المشكلات، وكان مشهورا بالخير مشكورا مقتديا بأبيه المستنصر جهده وطاقته، وقد مشت الأمور فى أيامه على السداد والإستقامة". من عادة "ابن كثير" -عندما يتبنى موقفًا دفاعيًا عن شخصية معينة- أن يفرط ويفرد فى شرح الخصال الكريمة التي امتازت بها، تجد ذلك واضحًا فى مواضع حديثه عن يزيد بن معاوية وغيره من الخلفاء الذينأشير إليهم بأصابع الاتهام. تستطيع أن تستخلص فكرة "الدفاع عن مدان" من تأمل تلك الواقعة التي يحكيها "ابن كثير" والتي أراد من خلالها الكشف عن كرم المستعصم، ويقول فيها: "ظهر بالعراق وباء شديد فى آخر أيام المستنصر وغلا السكر والأدوية فتصدق الخليفة المستنصر بالله رحمه الله بسكر كثير على المرضى تقبل الله منه". من حيث أراد "ابن كثير" أن يكشف عن كرم "المستعصم بالله"، فضح الحالة الإدارية المتردية التي وصلت إليها الدولة العباسية، وما كانت تعاني منه من شح السلع، بما فى ذلك الأدوية، ما يكشف عن مستوى أداء المستعصم وأبيه الطاعن فى السن (المستنصر بالله). وهو التردي الذي جعل هزيمة العباسيين أمام التتار مسألة طبيعية للغاية، فمؤكد أن سوء الإدارة كان سببًا من أسباب الهزيمة، ولا يقلل منه حالة السخاء أو الكرم أو التعطف التي مارسها المستعصم مع الرعية. فمهمة الخليفة لا تتحدد فى التصدق، بل فى تيسير معايش الناس وتوفير احتياجاتهم عن طريق الإدارة الجيدة لمقدرات الدولة.

وليس أدل على حالة الفشل الإداري من سوء اختيار المستعصم لمعاونيه ووزرائه. فى سنة أثنين واربعين وستمائة

استوزر الخليفة المستعصم بالله مؤيد الدينابن العلقمي، ويصف "ابن كثير" هذا الوزير قائلًا: "مؤيد الدين ابن العلقمي المشؤم على نفسه وعلى أهل بغداد الذي لم يعصم المستعصم فى وزارته، فإنه لم يكن وزير صدق ولا مرضى الطريقة، فإنه هو الذي أعان على المسلمين فى قضية هولاكو وجنوده قبحه الله". لم تتجل ملامح التراجع الإداري فى تجربة المستعصم فى شح السلع وغلاء أسعارها وفقط، وهي أمور تضر الرعية بصورة مباشرة، بل امتدت أيضًا إلى أمور كانت سببًا مباشرًا فى هز أركان الدولة، حين اختار وزيرًا خائنًا هو مؤيد الدين ابن العلقمي الذي سلمه للتتار وقبض ثمنه. تشير بعض كتب التاريخ إلى أن المستعصم ارتبط منذ الصبا بعلاقة صداقة مع ابن العلقمي، حتى إذا تولى الخلافة أتى به وزيرًا. امتاز "ابن العلقمي" بتنوع القدرات، فكان أديبًا وحكيمًا يحسن تدبير الأمور، هذه القدرات المتميزة جعلت منه شخصية قوية، كان من الطبيعي أن تذوب فيها شخصية ضعيفة ومحدودة القدرات، مثل شخصية المستعصم. وكذلك ديدن علاقات الصداقة والعمل بين الشخصيات القوية والشخصيات الضعيفة. يقول "الذهبي" فى "سير أعلام النبلاء": "ركن المستعصم إلى وزيره ابن العلقمي، فأهلك الحرث والنسل، وحسَّن له جمع الأموال، والاقتصار على بعض العساكر، وقطع الأكثر، فوافقه على ذلك".

يتهم المؤرخون–وخصوصًا من السنة- ابن العلقمي بالتشيع ويصفونه بـ"الرافضي"، ويضعون فى رقبته مصيبة دخول التتار إلى بغداد، وذلك جريًا على ما اعتادوا عليه من ربط حركة التاريخ بـ"المؤامرات"، ولا يستطيع أحد أن يغفل دور المؤامرة فى تحريك أحداث التاريخ، لكن نجاح أية مؤامرة يرتبط بتوافر معطيات ونقاط ضعف محددة فى الشخص أو العرش أو الدولة التي تحاك ضدها المؤامرات. من الملفت للنظر أن "التوجه المذهبي" كان أكثر ما يشغل المؤرخون السنة وهم يسطرون تاريخ خلفاء بني العباس، بغض النظر عن مستوى كفائتهم، أو حتى أمانتهم. يقول "ابن كثير" عن "المستعصم": "وقد كان رحمه الله سنيا على طريقة السلف واعتقادالجماعة كما كان ابوه وجده، ولكن كان فيه لين وعدم تيقظ ومحبة للمال وجمعه ومن جملة ذلك أنه استحل الوديعة التي استودعه إياها الناصر داود بن المعظم وكانت قيمتها نحوا من مائة ألف دينار، فاستقبح هذا من مثل الخليفة وهو مستقبح ممن هو دونه بكثير".

الناظر فى سيرة "المستعصم بالله"، سيظفر بمؤشرات سقوط عديدة ميزت فترة حكمه، وإذا كان كتاب التاريخ يجعلون من "ابن العلقمي" سببًا مباشرًا لاجتياح بغداد على أيدي التتار، فمن الواجب عليهم ألا ينسوا أن الخليفة المستعصم هو الذي استوزره، وقد كان بمقدور الدولة أن تصمد ضد الغزو التتري، مع وجود الوزير "ابن العلقمي"، لو كانت تملك معطيات القوة، لكن واقع الحال أن اختيار "ابن العلقمي" كان واحدًا من مؤشرات الأداء الضعيف والركيك للخليفة، ضمن مجموعة من المؤشرات الأخرى التي تفسر سقوط بغداد، وذبح مئات الألوف من المسلمين. يقول ابن كثير: "وقد اختلف الناس فى كمية من قتل ببغداد من المسلمين فى هذه الوقعة فقيل ثمانمائة ألف وقيل ألف ألف وثمانمائة ألف، وقيل بلغت القتلى ألفي ألف نفس، فانا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وكان دخولهم إلى بغداد فى أواخر المحرم وما زال السيف يقتل أهلها اربعين يوما، وكان قتل الخليفة المستعصم بالله أمير المؤمنين يوم الاربعاء رابع عشر صفر وعفى قبره وكان عمره يومئذ ستا واربعين سنة وأربعة أشهر ومدة خلافته خمس عشرة سنة وثمانية أشهر وأيام".

مروان "الحمار" يضع كلمة النهاية فى التاريخ الأموي

مروان بن محمد ولقبه "مروان الحمار" آخر خلفاء بني أمية، وأحيانًا ما كان يلقب بالجعدي. يقول ابن الأثير فى الكامل فى التاريخ: "وكان مروان يلقب بالحمار والجعدي، لأنه تعلم من الجعد بن درهم مذهبه فى القول بخلق القرآن والقدر وغير ذلك، وقيل: إن الجعد كان زنديقًا". وتختلف الآراء عند تفسير لقب "الحمار" الذي نعت به مروان، فالبعض يقول أن السبب فى ذك يرتبط بسقوط خلافة بني أمية على يديه، ويذهب آخرون إلى أن وصفه بالحمار مرده متانة بنيانه، وقوته الجسمانية البادية، رغم نبو هذا الوصف عن الذائقة العربية، بل والمسلمة أيضًا التي تفهم أن وصف الحمار يقال على سبيل التسفيه، وليس من قبيل المدح. يقول الله تعالى: "مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارًا".

شهدت الفترة الأخيرة من تاريخ الدولة الأموية تقلبًا سريعًا فى توجهات ومستوى أداء من يلون الحكم، وتقلبات أسرع على مستوى الزحف العباسي الآتي من "خراسان" ليبشر بالدولة "العباسية" الوريثة للملك الأموي، تولى "يزيد بن عبد الملك" الخلافة لمدة أربع سنين وشهرًا، وخلفه هشام بن عبد الملك، وفى عهده نشط دعاة "بني العباس" فى التبشير بتدشين الدولة العباسية، وكانت خلافته تسع عشرة سنة وتسعة أشهر وواحدًا وعشرين يومًا. وانتقل الحكم بعد ذلك إلى الوليد بن يزيد، وكان أبوه قد عقد البيعة له بعد هشام بن عبد الملك. وقد ظهر من الوليد أيام خلافة هشام بن عبد الملك ميلًا إلى المجون وشرب الخمر، وقد بويع من بعده لـ"يزيد بن الوليد"، الذي كان يلقب بـ"الناقص". لأنه نقص الزيادة التي كان الوليد زادها فى عطيات الناس، وقد خطب يزيد الناس –بعد بيعته- فذم الوليد وذكر إلحاده وأنه قتله لفعله.

ومع وصول "يزيد بن الوليد" إلى الحكم بدأ أمر بني أمية فى الاضطراب وهاجت الفتن. ولم يمكث يزيد فى الحكم أكثر من ستة أشهر. وخلفه فى الحكم أخوه ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك، غير أنه لم يتم له الأمر –كما يشير ابن الأثير- فكان يسلم عليه تارة بالخلافة وتارة بالإمارة وتارة لا يسلم عليه بواحدة منهما، فمكث أربعة أشهر، وقيل: سبعين يومًا، ثم سار إليه مروان ابن محمد فخلعه.وكان ذلك سنة سبع وعشرين ومائة، ولم يمكث مروان فى الحكم طويلًا حتى خلعه سليمان بن هشام. وازداد نشاط دعاة بني العباس وكثر شيعتهم. ووجّه إبراهيم الإمام أبا مسلم، واسمه عبد الرحمن بن مسلم، إلى خراسان، وعمره تسع عشرة سنة. وقتل مروان بن محمد بـ"بوصير" بمصر.

ويحكي ابن كثير قصة الأيام الأخيرة لمروان "الحمار"، والواضح أنها كانت أيامًا شديدة السواد، قائلًا: "وقال بعضهم اجتاز مروان وهو هارب براهب، فاطلع عليه الراهب فسلم عليه، فقال له: يا راهب هل عندك علم بالزمان؟. قال: نعم. عندي من تلونه ألوان، قال: هل تبلغ الدنيا من الانسان أن تجعله مملوكا بعد أن كان مالكا؟. قال: نعم. قال: فكيف؟. قال بحبه لها وحرصه على نيل شهواتها وتضييع الحزم وترك انتهاز الفرص، فإن كنت تحبها فإن عبدها من أحبها، قال: فما السبيل إلى العتق؟. قال ببغضها والتجافي عنها، قال: هذا ما لايكون. قال الراهب: أما إنه سيكون، فبادر بالهرب منها قبل أن تسلبها، قال: هل تعرفني؟ قال: نعم. أنت ملك العرب مروان تقتل فى بلاد السودان، وتدفن بلا أكفان، فلولا أن الموت فى طلبك لدللتك على موضع هربك". يكشف هذا الحوار الذي دار بين مروان والراهب عن جوانب عديدة فى شخصية الخليفة الأخير فى مشهد الدولة الأموية، ويفصح عن رأي غير مباشر لابن كثير فى شخصية مروان، وكيف أنه كان شديد الولع بالدنيا، كثير الاطمئنان لها، يشعر أنها دانت له، وصور له غروره أنه قادر عليها، ولم يدرك عبثية هذا التفكير، إلا فى اللحظة التي أحيط به، فتمزق ملكه، وشرد عن دياره، وانطلق هاربًا فى بلاد الله، حتى أتاه حتفه فى بلاد غريبة.

وقد ذكر "ابن كثير" حوارًا آخر وقع بين مروان وخادمه، يحمل حكمة بليغة، ورؤية نافذة للمقدمات التي تؤدي إلى فشل الحكام، واهتزاز أنظمة الحكم. يقول "ابن كثير": "وقال بعضهم جلس مروان يوما وقد أحيط به وعلى رأسه خادم له قائم، فقال مروان لبعض من يخاطبه: ألا ترى ما نحن فيه؟. لهفي على أيد ما ذكرت، ونعم ما شكرت، ودولة ما نصرت، فقال له الخادم: يا أمير المؤمنين من ترك القليل حتى يكثر، والصغير حتى يكبر، والخفي حتى يظهر، وأخر فعل اليوم لغد، حل به أكثر من هذا. فقال مروان: هذا القول أشد على من فقد الخلافة". وقتل مروان يوم الأثنين لثلاث عشرة خلت من ذي الحجة سنة ثنتين وثلاثين ومائة. وقيل إنما عاش أربعين سنة، فإذا وضعنا إلى جوار ذلك ما يقوله ابن كثير من أن مدة خلافته زادت بأشهر عن السنوات الخمس، فبإمكاننا أن نخلص إلى أنه تولى الحكم وهو فى الثلاثينات من عمره.

مصير المنطقة تطحنه رحى "المؤامرات والحماقات"

واحد من العوامل التي تؤدي إلى اهتزاز أي كيان متماسك، بل وسقوطه إذا لزم الأمر، يرتبط بظهور شخصية حمقاء قادرة على التأثير فى صنع القرار السياسي. ظهور شخصية "مروان بن محمد" على ساحة المشهد السياسي كان إيذانًا بنهاية الدولة الأموية، وقد لقبته كتب التاريخ ساخرة بـ"مروان الحمار"، كما حكيت لك، لقلة فهمه وسوء تدبيره، وعلى يديه سقطت الدولة، لتقوم من بعدها الدولة العباسية، لتنتهي هي الأخرى على يد "المستعصم" الذي زرع الوزير "ابن العلقمي" فى صدره، ليسلمه إلى التتار بعد ذلك. وفى التاريخ الحديث كان حمق "خسرو باشا" سببًا مباشرًالسقوط دولة المماليك التي حكمت مصر قرونًا عديدة، ومقدمة لظهور محمد علي وتأسيس الدولة العلوية التي حكمت مصر من عام 1805 إلى عام 1952. وفى الحقبة المعاصرة التي نعيشها لا يخلو الأمر من حمقى لعبوا أدوارًا مهمة فى سقوط أنظمة حكم، فلا خلاف على أن الدور الذي لعبه خيرت الشاطر خلال السنة التي حكم فيها "مرسي" مصر، كان سببًا فى سقوطه فى ثورة 30 يونيو.

نيران الصراع الطائفي التي تشتعل فى المنطقة العربية حاليًا تؤشر أيضًا إلى وجود العديد من الحمقى فى باطن الأحداث، وبإمكانها أن تسقط عروشًا وأنظمة، بل ودول، لو تواصل أداؤها على النحو الذي نشاهده. وللأسف الشديد فالمنطقة العربية مهيأة منذ فترة لاندلاع مواجهات يمكن أن تأكل الأخضر واليابس فيها، ليس المنطقة العربية وفقط، بل منطقة الشرق الأوسط ككل، إذ لا يستطيع عاقل أن يعزل كلًا من إيران وتركيا عن تفاعلات المشهد السياسي العربي. إيقاع الأحداث السريع يشهد على الشخصيات التي تكمن فى خلفية المشهد والتي تتحرك بشكل تعوزه الحكمة فى بعض الأحوال، وتنقاد لرؤى وتوجيهات قوى خارجية عديدة لا تريد بالمنطقة ولا بأهلها خيرًا، بل تسعى إلىإشعال نار الحرب فيها، بصورة تساعدها على بيع وتجريب ما لديها من أسلحة. ولعلك تابعت أن الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا عرضا بعد ساعات من اندلاع الأزمة بين كل من المملكة العربية السعودية وإيران إلى تقديم خدماتهما للتوسط لإصلاح ذات البين بين البلدين. هذا ما يتم فى إطار ما هو معلن بالطبع، لكن ما يجري فى الحجرات المغلقة التي تدار فيها المصالح قد يكون مختلفًا أشد الاختلاف.

نرشح لك

Comments

عاجل