المحتوى الرئيسى

نكشف ما جرى قبل لقاء أديب بالإرهابى.. حكاية «المسمارى» من الكواليس إلى الشاشة

11/21 12:12

من النسخة الورقية للعدد الإسبوعى لجريدة اليوم الجديد:-

انتقل الإعلامى عماد الدين أديب إلى التجمع الخامس، وهناك فى غرفة مخصصة، التقى عبد الرحيم المسمارى، عضو مجلس شورى المجاهدين، التابع للقاعدة بليبيا.

تقدم هذا الشاب، وكان هادئ الطباع، محاولًا أن يتماسك، وطلب الأستاذ أديب، أن يجلس معه بمفرده، وبالفعل، تم له ما أراد، وفى غرفة أخرى جلس مع الشاب المسمارى، يحاول أن يصل إلى مفاتيحه، والطريقة التى يمكن من خلالها أن يجعله يتحدث بانطلاق، فقد كان واضحًا أنه متحفظ بشكل كبير جدًا، وأنه قرر ألا يفصح عما جرى أمام الإعلام، عقب أن فوجئ أن المصريين أرادوا أن يظهروا هذا الوجه القبيح للإرهاب.

يقول الإعلامى عماد أديب، إنه حينما أدرك أن هذا الشاب لن يفصح عما بداخله، قرر أن يجرى معه حوارًا إنسانيًا، وكان المدخل الوحيد هوالحديث بينهما عن ليبيا، وما يجرى فيها، ومدنها، وقبائلها وفصائلها.

يقول أديب فى حوار خاص، إنه عاش فى ليبيا فترة طويلة من عمره، وأن زميله الذى كان يجلس بجواره فى الفصل الدراسى، هو من نفس عائلة هذا الشاب (المسمارية)، وهذا هو ما طرحه عليه، حيث أوضح له أنه عاش فى ليبيا كثيرًا، وأنه يعرف درنة بشوارعها وحواريها، حتى الشارع الذى يسكن فيه،(أى عبد الرحيم)، عاش فيه فترة من الزمن، ومن هذه النقطة فتح الشاب قلبه، وبدأ لسانه يتحدث بانطلاق عن كل شىء.

الشاب ذكر أن مجموعته تابعة لمجلس شورى المجاهدين، التابع للقاعدة، وأنه انضم إليهم عقب الثورة على العقيد القذافى، وأنه كان يتولى مسؤول الإمداد اللوجيستى، رغم أنه أثناء اللقاء التلفزيونى أنكرمعرفته بتفاصيل ما تقوم به المجموعة، لأن الحركية التى تعلموها، هى أن كل فرد لا يعرف سوى المكلف به.

المسمارى تحدث أنه منذ عام، وتحديدًا فى شهر يناير، كانت هذه المجموعة، المكلفة من مجلس شورى المجاهدين، قد قبعت فى الكيلو135 من الواحات، وتضع قماشا أصفر اللون، مبالغة بالاختباء، وهوما نجحوا فيه بالفعل، حيث مكنهم ذلك من البقاء فى الصحراء فترة طويلة، دون أن تلحظهم طائرات المراقبة للمنطقة.

تناقش المسؤولون مع عماد أديب، حول إمكانية عدم ذكره أن هذه الخلية بقت كل هذه الفترة فى الصحراء، لكنه أبى وأصر أن ينقل الحوار كما هو دون مونتاج!

من المؤكد أن المجموعة والخلية، التى كان يقودها عماد الدين عبدالحميد، هى مكلفة من قبل الضابط المفصول هشام عشماوى، وهذاما ذكره أديب، إلا أنه كان لا يريد صناعة بطل وهمى، حيث دأب الإعلام خلال الفترة الماضية، على الحديث عن عشماوى بشكل مبالغ فيه، لذا فلم يذكره ولا مرة، وتحدث مع المسمارى طوال الوقت عن عماد دون هشام.

الإرهابى عبد الرحيم المسمارى، تحدث عن الحركى حمزة، وغيره، وقال إن واحدًا منهما قتل، وأصيب اثنان آخران، إلا أنه بهذا التصريح، كذّب بيان الداخلية، الذى تحدث عن مقتل 15 من هذه الخلية فى المعركة، يوم 21 أكتوبر.

وقال إنهم عاشوا ١٠ أشهر كاملة فى الصحراء الغربية، وتنقلوا واستقبلوا مِن يرسل لهم طعامًا وشرابًا وبنزينًا إلى آخر مقومات الحياة، دون أن يصل إليهم أحد، وأنهم نجحوا عن طريق عضو كامن بالقاهرة، من تجنيد واستقطاب عناصر أخرى، من داعش، وأن هذه العناصر ذهبت إلى الواحات، والتقت عماد الدين عبد الحميد، وأنهم بدأوا يساعدون الخلية فى الإمدادات اللوجيستية، وأن نقاشًا حصل حول انضمام هذه العناصر المستجدة للخلية، وهذا أدى إلى معارك نقاشية، انتهت بانضمام العناصر الجديدة، بعد أن نقضوا بيعة داعش.

الغريب أن هذه التحولات، وانتقال عناصر حركية من داعش إلى القاعدة، أو العكس يدل دلالة واضحة، على أنه من الممكن القيام بعمليات تحريك لهذه العناصر فكريًا، طالما تمتلك الأدوات الكاملة، وتعرف وتفهم هذه المعادلات التى يتحدثون فيها دائمًا، وهى مسألة العذر بالجهل، وتكفير العاذر، وقتال الطائفة الممتنعة عن الشريعة، وحتمية المواجهة، وتكفير الحاكم، وجاهلية المجتمع، وغيرها من هذه الأفكار، التى تحتاج إلى طرح مفصل وردود حقيقية واقعية، فضلًا عن الانتقائية التى يجب أن تتم من كتب التراث، وليس القيام بعمليات نسف لها، لأن هذا سيؤدى لمعارك طويلة، لن نجنى من ورائها أى شىء مطلقًا.

الرواية التى نقلت ونشرت عن تحرير الحايس، وأنه تحرك بعيدًا وبالمصادفة قبل قصف الطيارة للإرهابيين، أنكرها، وقال إنه كان فى مكان آخر حين هذا الهجوم، وأنهم ألقوا القبض على المرشد الذى كان بحوزة القوة الأمنية لحظة الاشتباك، وعثروا عليه حيًا داخل سيارة وأخذوه معهم، وأنه مات فى القصف مع باقى الإرهابيين، وهو إبراهيم من الخانكة.

أديب قال إنه أدرك أن هذا الشاب تعرض لعمليات غسل دماغ كبيرة، وأنه لو تعرض لعمليات أخرى موازية من الأفكار المضادة لما وصل لهذاالطريق، وأن تأثيرات ما حدث فى ليبيا، وانهيار الدولة هناك، هو السبب فيما جرى للكثيرين.

كان السؤال الأول والذى ألح عليه أديب فى أكثر من موضع هو: ما الذى جاء بك من ليبيا -المضطربة أصلا- إلى مصر؟ وكأن «أديب» مندهشًا من ذلك، وهو أمر لا يدعو للاندهاش فالهجرة لدى تلك الجماعات تعد ركنا أصيلا فى مسيرتها الكلية والفردية، فهم «وفق اعتقادهم» يؤمنون بأن الهجرة مرحلة أساسية فى مسيرة التنظيم يأتى بعدها النصر والتمكين.

حتى أن التصنيف والذى يلحق الكنية يأتى متبوعا بهذا الوصف « مهاجر أو أنصارى» والأنصارى هم من أهل البلد الذين يحتضنون العناصر المهاجرة، تلك ثنائية أزلية تؤمن بها تلك الجماعات.

لكن الرد فى هذه الحالة أن النبى «صلى الله عليه وسلم» أعلن عن أن الهجرة قد انتهت بقوله «لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية»... إذن كانت الرد الأهم على «المسمارى» هو هل تعرضت دعوتك السلمية للعزل والاضطهاد، هل منعتك الحكومات العربية المسلمة من أن تؤدى الفرائض، هل تم سجنك لأنك مسلم تدعو لدينك وإسلامك، حتى تهاجر؟

الهجرة والتى قال عنها الإرهابى الليبى عبد الرحيم عبد الله المسمارى، إن أحد أسباب قدومه إلى مصر ما وصفها بـ«الهجرة فى سبيل الله»، لأن لها أجرا كبيرا فى الإسلام، لافتًا إلى أن الوضع الأمنى فى ليبيا به ساحات مفتوحة ويمكن المواجهة، بينما فى مصر لا يمكن حدوث ذلك».

حيث يعتقد كثير من الجماعات المتطرفة أنه يستحيل العيش فى دولة لا تحكم بشريعة الله ولذلك يوجبون الهجرة إلى ديار الإسلام التى يطبق فيها حكم القرآن، ورغم هذه الاعتقاد يرحلون إما إلى ديار الغرب وإما يرحلون إلى ديار أخرى للجهاد رغم أنها قريبة من ديارهم مثل الانتقال من دولة عربية لأخرى وهو تناقض ظاهر وقعت فيه جماعات العنف إذ أن جميع البلاد العربية تقام فيها الشعائر الإسلامية ولا تحرم فيها مظاهر العبادة ورغم ذلك يدعون للهجرة والقتال.

أما دفع الصائل فهو التناقض الثانى فى فكر هذه الجماعة فتعريف دفع الصائل هو رد الاعتداء من قبل آخرين وليس القيام بالاعتداء نفسه بحجة دفع الصائل ومن شروطه التى وضعها العلماء أربعة وهى:

1-  أن يكون هناك اعتداءٌ على رأى الجمهور، وقال الحنفية: أن يكون الاعتداء جريمةً يعاقب عليها.

2-  أن يكون الاعتداء عليها واقعًا بالفعل، لا مؤجَّلًا ولا مهدَّدًا به.

3-  ألا يُمكِن دفع الاعتداء بطريق آخر.

4-  أن يدفع الاعتداء بالقدر اللازم من القوة مبتدئًا بالأيسر فالأيسر.

وهو من ثالث التناقضات فى فكر هذه الجماعات حيث لا يوجد قتال عقدى وقتال غير عقدى فقد شرع الله الجهاد فى الإسلام لرد العدوان قال تعالى «قاتلوهم حتى لا تكون فتنة» وقال أيضا «وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقتلونكم ولا تعتدوا»

فقد خرجت أقول الخوارج دائما بأنهم هم البادئون للقتال والعنف رغم أنهم لم يعتدى عليهم أحد فى مال أو دم أو عرض ومع ذلك يرحلون من ديار مؤمنة بأحكام المستأمنين إلى ديار أخرى لها نفس الأحكام ليقاتلوا فوقعوا فى تناقضات واقعية وهو ما يطلقون عليه القتال العقدى.

وأضاف «المسمارى»، أنه يرى أن من قتلهم فى ليبيا من جنود الجيش الليبى «حلال»، وينطبق عليهم وصف كفار، متابعًا: «سأجازى خيرا عن قتلهم.. ولا أحد يعلم من سيدخل الجنة»، موضحًا أنه تعرف على الشيخ عماد الدين عبدالحميد والمعروف بـ«الشيخ حاتم» من مجلس تنظيم شورى المجاهدين فى ليبيا، وبايعه على السمع والطاعة، وكونوا تنظيما جديدا».

وتحدث «المسمارى» أيضا عن مفهوم الوطن الجامع فقال أن الشيخ حاتم أخبره أن التنظيم الذى سوف يشكله هو لإقامة دولة الخلافة الإسلامية فى مصر، مشيرًا إلى أن القضية بالنسبة له لا تختلف بين مصرى وليبى، ولهذا انضم إلى جماعة الشيخ حاتم، مضيفا أنه يحارب وينفذ عمليات فى مصر لرفع الظلم الموجود فى مصر، ونيابة عن المصريين .

متناسيا أن النظام الدولى القديم تغير وأصبح هناك واقعًا مفروضًا جديدًا وتحاول الدول الإسلامية أن تتعامل معه وفق المعاير الدولية وأن الخلط بين مفهوم الخلافة والدولة القطرية أمر انتهى، وأصبح هناك نمط جديد من أنماط الحكم وأن يكون المسلم ملتزما بأمن واستقرار أوطانه عبر التزام بينه وبين الحاكم بعقد .

لذلك فقد انعقد بين المسلم والحاكم عقد جديد يختلف عن العقد القديم الذى كان يطلق عليه الخلافة، أما الآن فلا توجد مسؤولية عن عموم المسلمين وسقط العقد القديم وهو عقد الخلافة .

ومن أخطر التناقضات التى تقع فيها الجماعات الإرهابية الخلط بين مفهومى الأوامر الدينية والتكاليف الشرعية أو ما يقول عليه أهل العلم الأوامر التكليفية والأوامر التشريعية، فالأمر التشريعى: افعل ولا تفعل، فرض، واجب، مستحب، مباح، مكروه تنزيهًا، مكروه تحريمًا، حرام.. هذا أمر الله عز وجل التكليفى للجميع .

 أما الأوامر غير التكليفية فهى ليست موجها للمكلف، ولا قدرة له فى مخالفتها ومن هذه الأمور الحكم والسياسية وكأمره سبحانه وتعالى بأن يكون فى هذا الكون، المؤمن والكافر، والطائع والعاصى، وكأمره سبحانه وتعالى للشمس أن تخرج فى وقت معين وللقمر أن يخرج فى وقت آخر، وكأمره سبحانه وتعالى بأن يمرض فلان ويموت فلان، فهذا أمر كونى غير تكليفى ليس موجها للمكلف .

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل