المحتوى الرئيسى

فيلم "البحث عن أم كلثوم".. كيف فُتنت مخرجة إيرانية بكوكب الشرق؟

11/20 15:39

داخل منزلها بإيران كان والد شيرين نشاط يُدير مُحرك المذياع، مُحددًا وجهته وهو صوت أم كلثوم، لم يكن منزل شيرين هو الوحيد الذي يسمع صوت كوكب الشرق، بل إن السائقين جعلوا صوتها ونسًا لهم على الطرقات. كبُرت شيرين لتُصبح فنانة مُعاصرة ومخرجة أفلام تعيش بأمريكا، إلا أن صوت السيّدة ظلّ يُطاردها، لتبحث عنه في فيلمها الثاني الذي عُرض بعدد من المهرجانات.

لستة أعوام ظلّت شيرين مفتونة بثومة حتى أخرجت فيلم "البحث عن أم كلثوم"، تقول المُخرجة لمصراوي "حينما بحثت عن أيقونة بمثل حجم أم كلثوم داخل إيران، لم أجد". دومًا ما كان موضوع شيرين الأهم هو المرأة؛ لاسيما النساء المسلمات، هو ما فعلته بفيلمها الأول "نساء بدون رجال"، الذي حازت بسببه على جائزة الدب الفضي بمهرجان فنيسيا 2010، حيث تعتمد فيه شيرين على رواية للكاتبة الإيرانية "شهرنوش بارسي بور".

بالإضافة إلى كون شيرين مُخرجة فهي فنانة معاصرة، كل أعمالها تمحورت حول المرأة، وصراعها داخل ايران، ورغم أن شيرين عاشت منذ 1983 بنيويورك، أمريكا، إلا أن عينيها توجّهت دومًا صوب ايران والوطن العربي.

لم تختر الفنانة أي من نسائها بشكل عشوائي، فقد تأثّرت بتاريخهم الدرامي. استخدمت شيرين شعر الأيقونة الإيرانية "فروغ فرخزاد" في أعمالها البصرية "أثرت فيّ لموتها بشكل درامي في حادث سيارة بأواخر الستينيات، وكانت بعمر الـ31 فقط"، كما أن الكاتبة شهرنوش التي اعتمدت على روايتها سُجنت بإيران وعاشت بالمنفى نحو عقدين من الزمن.

بعد انتهاء شيرين من فيلمها الأول، بحثت حولها عمن يكون موضوع عملها السينمائي الجديد، ملكت أم كلثوم تفكيرها " كانت ظاهرة بكل طريقة يمكن أن يراها أحد"؛ رأت شيرين أنها لم تكن السيدة تقليدية بأي شكل، لم تُرزق بأطفال، كما أنها تمكنت من الموازنة بين حياتها الشخصية والعامة، ولم يظهر للعامة ضعفها كامرأة، ولم تنتهي حياتها نهاية درامية كما حدث لكثير من الفنانات الغربيات مثل اديث بياف أو بيلي هوليداي أو حتى ايمي واينهاوس، فجميعهن انتهت حياتهن بشكل درامي سواء بالإدمان أو الانتحار.

هكذا بدأت شيرين مع معاونها أحمد ابراهيم في جمع أرشيف هائل عن أم كلثوم، سافرت إلى مصر، وأخذت في مقابلة أقارب السيدة والخُبراء كما تصفهم، "ذهبنا إلى ابن عمها وابنها المُتبنّي وعائلتها الموجودة في مسقط رأسها حتى الآن"، كما التقت شيرين أيضًا بالشاعر الراحل، أحمد فؤاد نجم، "امتلك قصص مثيرة للاهتمام، وحكى عن تجاربه مع أم كلثوم كمعجب وناقد".

امتلكت شيرين مجموعات صور نادرة لأم كلثوم، كذلك أرشيف وثائقي من بينها جنازتها التي استخدمتها داخل الفيلم. في باديء الأمر قررت شيرين كتابة سيرة حياتية للسيدة "تراجعت بعد ذلك لأن أفلام السيرة نادرًا ما تكون جديرة بالاهتمام، وخاصة أنني لست مصرية أو حتى عربية"، في النهاية كتبت حكاية شخصية "أرجع فيها إلى نفسي والسؤال حول هوسي بأم كلثوم، وأصبح تكنيك العمل هو فيلم داخل فيلم".

يُظهر تريلر الفيلم فتاة تُسمى غادة، تقبل على تجربة أداء تمثيل لأم كلثوم، وأمام لجنة الخبراء تقف تُغني موال برضاك يا خالقي، بصوت المغنية "مروى ناجي". قامت الممثلة "ياسمين رئيس" بدور الفتاة وأم كلثوم الشابة وكبيرة السن داخل الفيلم، كان اختيار الممثلة للقيام بدور البطولة أمر صعب كما تُشير شيرين، لكن عن طريق اثنين من المعاونين لها؛ هما مروة جبريل الموكلة باختيار الممثلين من مصر، وأحمد عامر الذي كتب الحوارات العربية بالفيلم، حيث تصادف أن الاثنين على علاقة بياسمين "قامت بتجربة أداء وكانت مُبهرة".

بالنسبة لشيرين كان اختيار أكثر من موفق لدور البطولة "ياسمين ليست جميلة فقط بل موهوبة أيضًا"، كان من المهم بالنسبة لشيرين عدة أمور في انتقاء الممثلة؛ الأول أن تتمكن من لعب دورين لأم كلثوم، وتستطيع دراسة لغة الجسد لدى السيدة عبر أعمار مختلفة، بالإضافة لذلك؛ التحدث باللغة الإنجليزية حتى لو كانت بلكنة "لأن الفيلم بالمقام الأول بالإنجليزية"، كذلك أن تتمكن من أداء أغاني السيدة عبر تحريك الشفاه، وهو ما نجحت فيه ياسمين.

يحفل الفيلم بجنسيات مختلفة بالإضافة إلى مصر، حيث قدم ممثلين من ايران والمغرب وتونس وفلسطين وألمانيا وفرنسا والنمسا وإيطاليا، كذلك لم تقم شيرين بالتصوير داخل مصر، رغم تحدّثها عن أيقونة مصرية، كانت لديها النية لذلك "لكن منعنا الوضع السياسي المضطرب"، لذا استقر المُنتجين على المغرب.

استغرقت عملية صناعة الفيلم ستة أعوام كاملة، أخذ فيها التصوير 4 أشهر فقط، تم عرض الفيلم لأول مرة بمهرجان فينسيا في سبتمبر الماضي، ثم تابع مسيرته بمهرجانات أخرى منها تورنتو بكندا ولندن.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل