المحتوى الرئيسى

أجساد هشّة تنتظر العطف الحكومي | المصري اليوم

11/20 07:41

تستيقظ «ريم» ذات التسعة أعوام كل يوم في موعد المدرسة، وقبل أن تتناول إفطارها مع والدتها، تذهب سريعًا إلى شبّاك غرفتها المطلة على الشارع لتشاهد الحافلات وهي تحمل التلاميذ إلى مدارسهم، أما هي فستبقى في المنزل الذي حُكم عليها ألا تغادره أغلب الوقت….. فريم مريضة بـ «ضمور العضلات الشوكي» SMA.

«ضمور العضلات الشوكي» هو مرض عُضال، يصيب الأطفال نتيجة لخلل جيني في الحبل الشوكي بالعمود الفقري، ويؤدي إلى ضمور شبه كامل في عضلات الأطراف، فلا يستطيع الطفل التحرك بسهولة أو حمل أي شيء، وإن سقط فاحتمالية تعرّضه للكسور عالية، فضلًا عن صعوبة تامة في التنفس، وإن هاجمته الأنفلونزا فلن يتعافى بسهولة وقد يحتاج جهاز تنفس صناعيًا، لأن عضلات الطفل الداخلية لن تساعده على السعال وطرد البلغم.

حتى الآن، غير معروف سبب مؤكد للإصابة بهذا المرض، وبالتالي لا تُوجد تطعيمات أو أمصال نعطيها لأبنائنا وقايةً لهم من شره؛ الملاحظ أيضًا أنه وبرغم كونه مرضًا جينيًا (وراثيًا) إلا أن أغلب الأطفال المصابين به لم يكونوا نتاج زيجات الأقارب، كما أن معظمهم لا يوجد في عائلتهم تاريخ لهذا المرض.

«المدارس مش راضيين ياخدوا عيالنا» تقولها «سها علي» والدة «فاروق»، البالغ من العمر أحد عشر عامًا، شارحة أحد جوانب مأساة الأطفال، وتستطرد سها قائلة: «لا مكان لأبنائنا في مدارس الحكومة، وحتى المدارس الخاصة ترفضهم خشية تحمّل مسؤوليتهم، والرد دائمًا اذهبوا لمدارس التربية الفكرية! حاولنا جاهدين أن نشرح لهم أن أطفال الـ SMA ليسوا مصابين بمرض عقلي، بالعكس الأطفال نموهم العقلي طبيعي جدًا، المشكلة في عضلاتهم، لكن لا حياة لمن تنادي».

تخيل أن يكون جسمك لا يستجيب لعقلك، هذه بالضبط مأساة هؤلاء الأطفال، أنهم مدركون لمُتع الحياة ويرغبون فيها، فقط أجسادهم لا تقوى عليها.

خسر أطفال الضمور العضلي فرصة تعليم طبيعي، أما عن الصحة فحدّث ولا حرج…

ووفقًا لشهادات الأهالي، فإن أغلب الأطباء لا يعرفون ما هو هذا المرض أصلًا، فضلًا عن أنه لا يوجد في مصر قاطبة مركز واحد متخصص أو حتى قسم بمستشفى مؤهل للتعامل مع مرض يفتك بمئات من أبنائنا.

وسط كل هذا الإحساس بالعجز والإحباط، تظهر بارقة أمل لشفاء الأطفال.

في الولايات المتحدة الأمريكية، تم اكتشاف علاج لمرض الضمور العضلي اسمه SPINRAZA العقار الجديد اعتمدته هيئة الغذاء والدواء الأمريكيFDA كعلاج لمرضى الضمور العضلي في ديسمبر الماضي، ومن الجدير بالذكر أنه لا يسمح لأي عقار جديد بالنزول إلى السوق الأمريكية إلا بعد موافقة تلك الهيئة الفيدرالية، التي تجري أولًا العديد من الاختبارات عليه للتأكد من فاعليته، وهو ما حدث بالفعل مع العقار الجديد الخاص بمرض الضمور العضلي.

أي أننا نتحدث هنا عن علاج جديد مُجرَّب وتم اعتماده، قادر على أن يُحيي أكثر من ألف طفل مصري من موتهم البطيء ويوقف عذابهم وعذاب ذويهم الذي لا ينتهي.

لكن.. الدواء الجديد مُكلف جدًا، بدرجة لا يتحمّلها أحد، حتى لو باع كل ما يمتلك من حطام الدنيا، فلن يستطيع، وهنا تظهر فائدة الدول، أن يكون لك دولة وحكومة ووزارة للصحة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل