المحتوى الرئيسى

الرد على شبهات إرهابي الواحات.. "دفع الصائل" حكم شرعي محرف لاستباحة دماء المسلمين - صوت الأمة

11/19 12:50

من صحراء التيه ومعسكرات الظلام عبر إلى مصر، الإرهابي الليبي الجنسية عبد الرحيم المسماري، وبرفقته إخوانه من الدهماء، وأمراء التحريف، وأباطرة الحرب، تحركهم اطماع زرع ريح الإرهاب بوادينا الطيب، تحت وهم الإمارة الإسلامية، فكان لزاما أن يحصدوا «الزوبعة».

الإرهابي "المسماري" الذي ألقي القبض عليه في أعقاب عملية الواحات الإرهابية، آثار خلال حواره مع الإعلامي عماد الدين أديب، العديد من الشُبهات حول معتقداته الدينية التي دفعته للإبحار مع مفخخات الإرهاب نحو مصر، وحجج وأسانيد واهية لتغليف عمليات القتل، وسفك الدماء، ومشروعية استهداف رجال الجيش والشرطة.

3 شبهات آثارها الإرهابي في حواره، منح بها نفسه، وجماعات الدم، غطاء شرعيا للعمليات الإرهابية، يقوم على أرضية تكفير حكام المسلمين تحت مزاعم الامتناع عن تطبيق الشريعة الإسلامية «الحاكمية»، ومن ثم استحلال دماء رجال الجيش والشرطة «دفع الصائل»، ليظهر في ثوب البطل المقاتل الشجاع الذي يدفع حياته ثمنا للدفاع عن معتقداته.

للأسف وقف أستاذنا الكبير عماد الدين أديب، متفرجاً أمام إرهابي يبث سمومه، دون الرد على أباطيل واهية، زرعها أمراء الظلام في عقول خربة.

يوجه الأستاذ عماد أديب سؤالا للإرهابي.. هل عمليات القتل حلال؟، بالتأكيد أستاذنا يعتقد هو ذلك استنادا إلى عدة قواعد فقهية، وفتاوى محرفة، سمح سؤالك له باستعراضها بكل قوة أمام جمهور من المشاهدين ربما لم يسمع من قبل عن مصطلحات «الحاكمية» و«دفع الصائل»، ليظهر الإرهابي القاتل في ثوب مجاهد، لكن هيهات (إن يقولون إلا كذبا).

طرح الحوار عدة تساؤلات إلى أي عقيدة ينتمى الإرهابي، وكيف ظهر بهذا الثبات؟، وماهية الأفكار التي تحول الإنسان إلى آلة قتل لا تتوقف، لكن الباحث عن حجة الجماعات التكفيرية أو المسماة بالجهادية يجد من السهل نسف كل المعتقدات المستخدمة من القيادات لغسل العقول.

في البداية لك أن تعلم عزيزي القاريء، أن جميع الحركات والجماعات التكفيرية بمختلف مسمياتها، تنطلق من أرضية واحدة، وفرضيات رد عليها علماء المسلمين في مختلف الأزمة لتفنيدها والتأكيد على بطلان تحريفهم للعقيدة واستغلال الدين لاستحلال الدماء والأموال.

تقوم عقيدة كل الجماعات التكفيرية، والحركات المسماة بالجهادية، التي ينتسب إلى إحداها هذا الإرهابي، على برامج تلقين يخضع لها أعضاء التنظيمات لخلق عنصر مقاتل يستحل كل الدماء، وينتهك كل الأعراف والقيم الدينية والإنسانية، تحت مزاعم الطمع فى جنات الله والزواج من الحور العين، وإقامة الخلافة الإسلامية.

تبدأ عملية مسح العقول، بزرع مفاهيم دينية تتمحور جميعها حول فكرة «الحاكمية» التي ابتدعها سيد قطب، وتطبيق الشريعة الإسلامية، وإقناع الشباب بأن الحكومات والأنظمة لا تطبق شرع الله، ومن هنا يبدأ المسؤول عن برنامج التلقين في تناول آيات من القرآن في غير موضعها للتأكيد على كفر هذه الأنظمة، واتخاذ عدة خطوات تمهيدية لصنع آلة القتل وسفك الدماء، سنتناولها الآن.

توحيد الحاكمية.. عنوان الدرس الأول الذي تتلقاه كافة العناصر الجديدة المنضمة لأي من الجماعات التكفيرية بمختلف مسمياتها، هذا المصطلح الذي ابتدعه سيد قطب لاستغلال الشعور الديني في تحقيق المأرب السياسية، فهو حق يراد به باطل.

يقصد بالحاكمية اصطلاحا، أن الله هو الحاكم الأوحد ذو السلطة المطلقة، الذي يتفرد بالحكم والتشريع، وهو ما لا يختلف عليه مسلم فجميعنا نؤمن أن الله هو الحكم العدل لا شريك له هذا هو الدين، ولكن يأبى التكفيريون.

يستخدم التكفيريون الآية الكريمة «إن الحكم إلا لله»، للحديث عن مبدأ الحاكمية في تأصيل موقفهم من النظام السياسي الذي يحكم البلاد، والتعامل مع مؤسسات الدولة في مقدمتهم البرلمان، الذي يصفونه في أدبياتهم بـ«المجالس الشركية» التي تشرع من دون الله.

يواصل التكفيريون عملية غسيل المخ بإنزال آيات الكفر على الأنظمة الحاكمة، ومؤسسات الدولة، باعتبار أن الحكم لله وحده، والمجالس التشريعية تنازعه سبحانه وتعالى في الملك، وتطبق قوانين وضعية بدل من تطبيق شرع الله.

من هنا يبدأ التأصيل للتكفير، باستخدام الآيات في غير موضعها شأنهم شأن الخوارج، تبدأ جميع الكتب التي تمثل المرجعية الشرعية لهذه التنظيمات بآيات محددة لتعطي أنصارها قبول فكرة أن المجتمع كافر ولا يطبق شرع الله.

فنجد أن 3 آيات تستخدمها كافة الجماعات المسلحة لتأهيل عناصرها لفكرة الجهاد والقتل، والتعاطي مع مؤسسات الدولة ونظام الحكم بأن أحكام الكفر تنزل بهم، ومن ثم تكون عملية الاستباحة سهلة زرعها تحت عدة مسميات وأباطيل.

يستخدم التكفيريون في منهجم لتلقين العناصر الجديدة، بعد إثارة مبدأ الحاكمية هذه الآيات الكريمة لإنزال حكم الكفر على المجتمعات والأنظمة تمهيدا لاستباحة الدماء، مثل: «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون»، و«ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون»، وقوله تعالى «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون».

في هذه الشبهة تحدث كثيرا من علماء المسلمين، وقال فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب، في «حديث الجمعة» على التلفزيون المصري بتاريخ 7 مارس 2015،  إن مفهوم الحاكمية هو فكر الخوارج الذين أرغموا سيدنا علي بن أبي طالب على قبول التحكيم، بعد اقترابهم من الهزيمة، ثم انشقوا عنه، وقالوا الحكم لله، وكفروا الصحابة وسيدنا علي ثم قتلوه.

يستكمل شيخ الأزهر حديثه للرد على شبهة الحاكمية قائلا: «هذه الفتنة – الحاكمية - أوجدها الخوارج واندثرت باندثارهم، إلى أن أحياها المفكر الهندي أبو الأعلى المودودي الذي كون الجماعة الإسلامية، وأعجب بها سيد قطب ثم استدعاها لتكون أصل من أصول تعامل هذه الفئة مع المجتمع الذي وصفه بالكفر والشرك».

رد الأزهر على مبدأ الحاكمية

ونشر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف والإفتاء، ردا على هذه الشبهة أيضا التي أثارها «المودودي» بحثًا عن استقلال باكستان من قبضة الاستعمار الإنجليزي، ويقول المرصد: «عندما استقلت باكستان وانفصلت عن الهند عام 1947م تراجع المودودي عن أفكار الحاكمية وخضع لقوانين ودستور الدولة بل وترشح في الانتخابات».

ويتابع المرصد فتواه بشأن مصطلح الحاكمية: «استغل سيد قطب الفكرة بعد ذلك مستخدمًا نفس المصطلح بعد حشوه بأفكاره التخريبية ليقول من خلاله إن مصر دولة جاهلية تعيش في ظلمات الكفر لأنها تحكم بغير شرع الله تعالى، لتتخذه الجماعات الإرهابية منذ هذا التاريخ مبدأ لتبرير انحرافها عن طريق الإسلام القويم».

وأنهى المرصد فتواه بشأن مبدأ الحاكمية، بأن تكفير الحكام الذين يجتهدون في سن القوانين التي تناسب الحال والحوادث فكر مغلوط، مستدلين على ذلك  بأن رسول الله صلى الله عليه أعطى صحابته حق الاجتهاد في زمان محدود البيئة والحركة والعلاقات، ولم يقل لهم لا يجوز لكم الابتكار والاجتهاد في حل المشكلات لأنه لا حاكم إلا الله، فكيف بنا وقد استجدت النوازل واتسعت رقعة الإسلام ونحن في القرن الحادي والعشرين بضجيجه ومشكلاته ونوازله التي لا حصر لها.

ختم المرصد رده على شبهة الحاكمية: إن مسألة الحاكمية بما أثارته من جدل ومشكلات ونزاع بين الطوائف كالخوارج والشيعة والتكفيريين في عصرنا هذا ممن أساءوا فهمها، وضعت في غير موضعها فتحولت من حاكمية لله إلى حاكمية الجماعات والطوائف، التي نصبت نفسها حاكمة باسم الله فأسالت بذلك الدماء وأشعلت الفتن.

ننتقل هنا إلى محور جديد في طريق التأهيل الفكرى والشرعى للإرهابيين، يمثله كتاب ملة إبراهيم، الذى يحمل اسم الشيخ أبو محمد المقدسى، أحد كبار منظرى تنظيم القاعدة السابقين، وهو المرجع التكفيرى الذي تستند إليه جميع التنظيمات الجهادية لبدء مرحلة التلقين الشرعى قبل دفع العناصر لحمل السلاح.

يزعم الكتاب فى صفحاته البالغة 78 ورقة، انحراف حكام البلاد العربية والإسلامية عن شرع الله، واستبدال شرائع الدين الإسلامى بأحكام ودساتير وضعية، وهو ما يتنافى مع دعوة التوحيد التى أرسل الله من أجلها الأنبياء، وأن توحيد الله يبدأ بالتبرأ من الحاكم والقوات المسلحة ومؤسسات الدولة وإعلان كفرهم.

من هنا تخترق العقول تحت مزاعم تصحيح دعوة التوحيد الإلهى، وأن الدين الإسلامى يقوم على قاعدتين أولهما عبادة الله وحده لا شريك له، والتحريض على ذلك والموالاة فيه وتكفير من تركه، والإنذار عن الشرك فى عبادة الله والتغليظ فى ذلك والمعاداة فيه وتكفير من فعله.

من آيات الحاكمية التي رد عليه الأزهر الشريف، ينتقل التكفيريون إلى مرحلة إنزال الآيات في غير محلها وتطبيقها على الواقع، ليستبدلوا عبدة الأصنام بالحكام فى الدول العربية، والمشركين والمرتدين بأعضاء الجيش والشرطة والعاملين فى مؤسسات الدولة، تحت مزاعم عدم تطبيق شرع الله، ومن ثم يتنقل الفرد لفرضية تمثل هدف التنظيم، تدور محاورها حول ضرورة الصدام مع السلطات فى مصر والدول العربية لإسقاط حكامها.

بالتالي يمتلك العقل التفكيري مزاعم عدة وفرضيات متتالية، أولها أن الأنظمة ومؤسسات الدولة تنازع الله في ملكه، والفرضية الثانية أن حكام هذه الدول وأجهزتها الأمنية كفار تنزل عليهم أحكام الجهاد، ومن ثم استحلال الدماء تحت هذه المزاعم.

رد الإرهابي عندما سأله عماد أديب، من الذي منحك حق التحرك من ليبيا إلى مصر لإقامة جهادكم المزعوم؟، فما كان منه إلا الرد قائلا دفع الصائل: المقصود بها الدفاع عن الفئة المعتدى عليها، ونصرة المستضعفين الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها، هكذا زرعوا في عقولهم الخربة، متناسين أن الدول لها حكومات وولاة أمر يقيمون فيها القانون ويطبقونه  لا على أهواء الجماعات والأحزاب.

يؤمن التكفيريون بفرضية المواجهة مع المجتمع والدولة، وأن مهمتهم الأساسية قبل إقامة الخلافة الإسلامية المزعومة هي إسقاط الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين، عبر ثلاثة مراحل تمر بها الحركة الجهادية بحسب كتاب أبو مصعب السوري «إدار التوحش»، الذي يعد المرجع الثاني لكافة التنظيمات المسلحة.

تسمى المرحلة الأولى جهاد النكاية، التى تعتمد على الإرهاب فقط ونشر الذعر والترويع، تحت مسمى دفع الصد عن سبيل الله، والدفاع عن المسلمين المستضعفين فى الأرض، والثانية هى أن تعم الفوضى في البلدان الإسلامية ومن ثم اتخاذ القطر الذى تعم فيه الفوضى ساحة للقتال وإدارة التوحش وتوظيف الظروف لصالح التنظيم، حتى الانتقال للمرحلة الثالثة المتمثلة فى التمكين وتأسيس الدولة الإسلامية.

متناسيين قوله تعالى: «ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما»، فهم لا يستخدمون إلا بضعة آيات لمسح عقول الجهلة وتحويلهم على آلات قتل.

ماذا أراد الإرهابيون من حادث الواحات؟

حسب معتقدات التكفيريين تمر مصر بمرحلة جهاد النكاية، باعتبار أن الأوضاع الأمنية في مصر تحول دون تحركهم بحرية، دليل على ذلك ما قاله الإرهابي في حواره مع عماد أديب، يريدون في هذه المرحلة عدة أمور في مقدمتها إنهاك قوات الجيش والشرطة بعمليات إرهابية.

أراد الإرهابيون من حادث الواحات جذب شباب جُدد للانضمام للتنظيم، وخلق مسرح عمليات فى المناطق الخارجة عن السيطرة الأمنية، واتخاذ الظهير الصحراوى فى مصر ملاذا للمقاتلين والانطلاق منها نحو الأهداف، لكن هيهات فهناك حراس الوطن الذين يزودون بدمائهم الذكية عن ترابه.

يجيب على هذا أبو مصعب السوري، في كتابه إدارة التوحش، ليكشف عن خطط الإرهابيين بعد مرحلة النكاية، وهي اتخاذ مناطق ذات طبيعة وعرة مثل الصحراء الغربية، وشبه جزيرة سيناء، مسرحا للانطلاق وتنفيذ العمليات، وخلق معركة مع الأجهزة الأمنية، يستهدف التنظيم الانتقال منها إلى المرحلة الثانية وهى نشر الفوضى، واستغلال الظروف الأمنية فى تأسيس إمارات وولايات تتبعه داخل مصر.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل