المحتوى الرئيسى

أدب الحوار

11/16 10:04

علمنا الله عز وجل في كتابه الكريم لغة الحوار الوسطية التي نستطيع من خلالها الوصول للآخر دون أن يتحول الحوار إلي مشادة كلامية أو استعراض للقدرات والأوضاع، حيث قال عز وجل "وجادلهم بالتي هي أحسن"، والتي هي أحسن عبارة شاملة جامعة لكل مفاهيم التواصل الراقي الذي يرفع شأن صاحبه ويُهَذِب القلوب ويذوب معه جليد الجمود في الحوار.

ومن أجمل المفاهيم الدينية الرائعة مفهوم التسامح والسماحة حتي جعل أبسطها وهي الابتسام صدقة في الميزان ترفع صاحبها وتُعلي من شأنه، كان رسول الله صلي الله عليه وسلم مع شأنه العظيم وعلو شرفه وقيمته عند جمهور العالم الإسلامي أكثر الناس تبسمًا وأرقاهم حديثًا وألينهم قلبًا.

وقال الله تعالي في كتابه الكريم { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} فالرحمة في التعامل ولين القلب والقول جعله صلي الله عليه وسلم يملك قلوب المسلمين جميعًا، لم يكتسب تلك المكانة بنسبه أو ماله إنما باللين والرحمة والتبسم في وجه.

قال رسول الله صلي الله عليه وسلم تَبَسُّمُك في وَجْه أَخِيك لك صدقة وهي نعم الصدقات وأفضلها، فهي رسول المودة والتآخي والتراحم بين القلوب ولَم يُفَرِق الرسول الكريم في التعامل بالبشاشة والوجه المبتسم بين غني وفقير ورجل وطفل أو عبد وسيد، وهذا ما يجب أن نحتذي به في تعاملاتنا فيما بيننا مهما كانت الفروق ومهما كانت الألوان أو الأعمار يجب أن نتبسم ونتواضع، قال ابن عيينة: " البَشَاشَة مصيدة المودَّة، و البِرُّ شيء هيِّن، وجه طليق، وكلام ليِّن"،  فكن لين القول بشوش الوجه تصل إلي القلوب وتنعم بنعمة القبول لدي البشر .

وعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( كلُّ معروف صدقة، وإنَّ من المعروف أن تلقى أخاك بوجهٍ طَلْق ) رواه الترمذي . كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق) رواه مسلم . يقول ابن القيم: (إن الناس ينفرون من الكثيف ولو بلغ في الدين ما بلغ ، ولله ما يجلب اللطف والظرف من القلوب فليس الثقلاء بخواص الأولياء ، وما ثقل أحد على قلوب الصادقين المخلصين إلا من آفة هناك ، وإلا فهذه الطريق تكسو العبد حلاوة ولطافة وظرفا، فترى الصادق فيها من أحبى الناس وألطفهم وقد زالت عنه ثقالة النفس وكدورة الطبع).

والكثيف هو الغليظ الذي يتعامل بجدية شديدة وغلظة فمهما كان التزام المرء وتدينه إلا أن الغلظة تفسد الود وتسود القلوب وتثقل علي الناس وتلك الصفات لا تتناسب مع صفات المؤمن القريب الي المولي عز وجل ، لو التزم كل منا بآداب الاسلام في فن المعاملة و الحوار وتناسينا الكبر والتعالي والمشاكل النفسية التي تنشأ من الفروق الاجتماعية لتآلفت القلوب ونعم الناس بنعمة التواصل السليم الذي أمرنا به المولي عز وجل.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل