المحتوى الرئيسى

عطشان.. اشرب من البحر | المصري اليوم

11/15 23:50

المصرى يتعامل مع شيئين على أنهما من المسلمات: حدود بلاده الجغرافية، وحصته التاريخية فى مياه النيل.. فهو ضد التفريط فى حبة رمل أو قطرة ماء، الأولى يعتبرها عرضه والتنازل عنها «عار» يتوارثه الأجيال، والثانية حياته وفى التنازل عنها موته. تصريح محمد عبدالعاطى، وزير الرى، عن تعثر مفاوضات سد النهضة مجددًا مع إثيوبيا والسودان، كان له أثر سيئ على المصريين، لم تبدد مخاوفهم تصريحات رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة اللواء كامل الوزيرى، وحديثه عن أن مصر تبنى عددا من محطات تحلية مياه البحر، من ضمنها أكبر محطة تحلية فى الشرق الأوسط فى الجلالة، وأكبر محطة معالجة لمياه الصرف الصحى، وتأكيده أن المياه المستخرجة من هذه المحطات تصلح لكافة الاستخدامات.

فى مايو عام 2015، وبمناسبة افتتاح الرئيس موسم حصاد القمح بالفرافرة أعلن وزير الرى محمد عبدالعاطى أن مصر تواجه عددا من التحديات الجسام التى تتعلق بمحدودية مواردها المائية، وأن نصيب الفرد من المياه تقلص إلى نحو 600 متر مكعب سنويا، ليصبح تحت خط الفقر المائى، خلال العامين الماضيين لم نجد استعدادا من الحكومة ليوم تعطش فيه مصر، لم نسمع عن خطط قصيرة المدى وطويلة المدى لمواجهة الكارثة القادمة، أو وضع تصور لكيفية تغيير نمط استهلاكنا للمياه فى المنازل والحدائق والزراعة، ولا كيف نستفيد من مياه النيل التى تصب فى البحر المتوسط، وتهدر سنويا، نريد أن نعرف جهد الحكومة فى هذا الملف الشائك وأن تقدم تقريرا وافيا للشعب مشفوعا بالأرقام والتواريخ على الهواء مباشرة، أم أن رئيسها يكتفى بتقديم تقرير إنجازات حكومته للبرلمان؟

اللواء كامل الوزيرى ذكر لنا أرقاما ضخمة عن القدرات الإنتاجية لمحطات التحلية والمعالجة، لكنه لم يذكر كم ستكون تكلفة المتر المكعب من المياه المنتجة، الدكتور نادر نورالدين، أستاذ الموارد المائية بكلية الزراعة جامعة القاهرة، أجاب فى أحد التحقيقات الصحفية حول سؤال عن اقتصادية تحلية المياه فى العاصمة الإدارية الجديدة قائلا: تكلفة تحلية المتر المكعب الواحد لن تقل عن 10 جنيهات و10 جنيهات أخرى تكلفة التوصيل وتركيب المواسير لمسافة أكثر من 60 كيلومترا، بخلاف إنشاء محطات التحلية، إذن التكلفة ستزيد على 20 جنيها للمتر الواحد. وأضاف: هذا ليس كل شىء، ولكن يشترط أن يكون للدولة مصدر رخيص للطاقة الكهربائية، حيث يستهلك تحلية متر مكعب واحد 2.5 كيلووات فى الساعة من الكهرباء، بخلاف أن تكلفة دفن النفايات الناتجة عن التحلية مرتفعة جداً.

فى وقت سابق أجرت الجمعية اليمنية لتشجيع الإنتاج المحلى دراسة اقتصادية حول حل مشكلة المياه فى اليمن بتحلية مياه البحر، ووجدت أنها صعبة ومكلفة وأوصت باستيراد المياه العذبة من دولة إثيوبيا عبر أنابيب تحت البحر الأحمر، وأشارت الدراسة فى جدول مقارنة بين المشروعين إلى أن تكلفة إنتاج المتر المكعب الواحد من المياه العذبة المستوردة من إثيوبيا يصل إلى نحو 20 سنتاً، بينما تكلفة إنتاج المتر الواحد من مياه البحر تزيد على دولارين، وأشارت إلى أن قرار استيراد المياه يتعرض للخطر حال حدوث تقلبات سياسية بين البلدين.

تحلية مياه البحر ليست رائعة كما يحاول البعض الترويج، وجودها لا ينفى أننا فى مشكلة، وأن الدولة أساءت إدارة ملف سد النهضة وتراخت فى الحفاظ على حصتنا التاريخية من مياه النيل، والآن علينا أن نبدأ مواجهة حقيقية مع الواقع، على الدولة أن تضع شروط بناء للمنتجعات السياحية و«الكمباوند» وكل المنشآت السكنية لترشيد استهلاك المياه، الإعلان عن بحيرات صناعية وملاعب جولف ووادى أخضر سيثير حفيظة غالبية الشعب، التوسع فى محطات تحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الصحى لابد أن يقابله تصنيع فى قطع غيار هذه المحطات لتقليل تكلفة التشغيل، يجب علينا أن ندرك أن فاتورة استهلاك المياه ستقترب من فاتورة الكهرباء، وعلى الحكومة أن تضع خطة لكيفية مواجهة هذا الارتفاع الجديد، وكيف سيتحمل الشعب مزيدا من الأعباء.

إننا أمام وضع خطير يجب أن نستعد له بوضع قائمة أولويات، وهنا أتساءل: هل من أولوياتنا قناة إخبارية عالمية، وتنظيم مزيد من المنتديات الشبابية السياحية والاستمرار فى بناء عاصمة إدارية ليحكم منها الرئيس فى 2019 كما صرح رئيسها مجلس إدارتها اللواء أحمد زكى عابدين؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل