المحتوى الرئيسى

من أين تأتي ألوان الطيور؟

11/15 20:14

تقصّت دراسة جديدة دور الميلانين في إنتاج الأنماط المعقدة لريش الطيور، وقد شملت الدراسة التي نشرت في مجلة Physiological and Biochemical Zoology تسعة آلاف صنف من أصناف الطيور.

ويعتبر الرّيش أحد أكثر خصائص الطيور المتنوعة بشكل واضح والتي يمكن ملاحظتها بالعين المجردة. وتتكون الأنماط التي نراها في ريش الطيور من مجموعات معقدة من الترقطات، والمقاسات، والخطوط، والبقع. لكن كيف تُصنع هذه الألوان والأنماط؟

إنَّ سبب امتلاك الطيور للريش المُلون هو أمر جليّ لنا، فبالنسبة للعديد من الطيور، قد يقلّل تلوّن ريشها من قدرة الحيوانات المفترسة على تتبعها حيث يساعدها ذلك على التخفي ضمن محيطها، أو قد يزيد تلوّن ريش الطيور من جاذبيتها في نظر شركائها من خلال مساعدتها في تمييز هذه الطيور عن نظرائها. إننا ندرك جيدًا هذه الجوانب، إلا أننا كنا نقف أمام أحجية أكبر، وهي الآلية التي تُصنع فيها هذه الأنماط على المستوى الخلوي.

درس الدكتور اسماعيل غالفان Ismael Galván مع فريقه من الباحثين الخبراء تلوّن ريش الطيور لمعرفة أنواع الأصبغة الموجودة في الأنماط المعقدة منها. يحدث التلوّن الجميل للريش بشكل أساسي من نوعين من الأصبغة، وهي الميلانينات melanins التي تنتج مجموعة ألوان هي الأسود، والرمادي، والبني، والبرتقالي، والكاروتينات carotenoids التي تستعملها تركيبات متخصصة من الريش لتوليد الألوان الأكثر إبهارًا وسطوعًا.

لا تستطيع الطيور أن تنتج الكاروتينات بمفردها، ولذلك حتى تحصل الطيور على ريش زاهي الألوان يجب عليها أن تستهلك غذاءً يحتوي على الكاروتينات، ومن ثم تنتشر هذه الأصبغة عبر مجرى الدم وجريبات الريشة. لا تملك أجسام الطيور تحكمًا خلويًا مباشرًا بتركيب وتركيز الكاروتينات، ولا تمتلك أيضًا تحكمًا بالبنية الخاصة للريش التي تتفاعل مع الكاروتينات المستهلكة بآلية لا تنظمها الخلايا المتخصصة.

أما بالنسبة للميلانينات، فتُصنَع ضمن أجسام الطيور عن طريق خلايا خاصة تدعى "الخلايا الميلانية melanocytes، والتي تعمل مع جريبات الريشة لتتحكم بشكل دقيق بعملية التصبغ. ورغم أن الدراسات ركزت بشكل متكرر على دور الكاروتينات في تلوين ريش الطيور، إلا أن الدكتور غالفان وفريقه هم أوّل من جربوا فيما إذا كانت الميلانينات في الواقع العنصرَ الصباغيَّ الوحيد التي تملك أجسام الطيور تحكمًا مباشرًا به على المستوى الخلوي.

ويقول غالفان: "مع أننا نعلم مسبقًا أن الأصباغ والتراكيب المختلفة تنتج أنواعًا مختلفة من الألوان في الريش، فقد فحصنا مظهر الريشة لكل أصناف الطيور الموجودة وحددنا فيما إذا كانت بقع الألوان التي تحتويها أنتجتها الميلانينات أو عناصر صباغيّة أخرى. كما حدّدنا الطيور التي تملك أنماط ريش يمكن اعتبارها معقدة، وهي -وفقًا لتعريفنا- الأنماط المتشكلة من اتحاد لونين قابلين للتمييز أو أكثر، والتي تظهر بشكل غير منقطع ضمن الريشة أكثر من مرتين".

كانت هذه الدراسة واسعة النطاق، إذ اختبرت حوالي تسعة آلاف صنفٍ للطيور بهدف دعم نتيجة عامة لكافة الطيور لتجيب في النهاية عن السؤال الخاص بآلية تطوير الطيور لأنماط ملونة ومفصّلة.

وجد الفريق أن لريش 32% تقريبًا من الأصناف المدروسة أنماطٌ معقدة، والغالبية العظمة من هذه الأنماط المعقدة تنتجها الميلانينات أكثر من الكاروتينات. ويمكن مجازيًا القول أنّ الطير لو كان فنانًا، فسيستخدم الكاروتينات كأداة عامة لإنتاج البقع اللونية، والميلانينات كأداة تفصيلية لإنتاج التصاميم الأكثر تعقيدًا.

أهم أخبار تكنولوجيا

Comments

عاجل