المحتوى الرئيسى

مقهي ريش.. ملتقى الأفندية .. وشاهد أسرار ثورة 1919 - صوت الأمة

11/14 21:41

جينما تود أن ترسوا على ضفاف التاريخ عليك عن تذهب إلى كافية "ريش " بشارع طلعت حرب، ستتجول في شوارع القاهرة و المصريين يضجون بالثورة ويهتفون " نموت نموت وتحيا مصر " ستعيش مع صاحب المقهي عام 1919، حينما كان مقر " ريش " و منزل الزعيم سعد زغلول ومكتب المحامي يوسف الجندي تستعد لطباعة منشورات الثورة ووقع حينها سكان العمارة أنهم موافقوان على عزف الموسيقي بالمقهي للتغطية على صوت آلالات الطباعة في " البدروم " .

وبينما فلسطين تغتصب ويشرد أهلها وأدبائها في البلاد يذهب " غسان كنفاني " إلى لبنان تاركا برتقاله الحزين في حيفا ليبيع كعكات بالسمسم في الاردن فيعتقلة الشرطي ثم يذهب إلي سوريا  ليبيع الجرائد وينفق على والدته فتسقط أوراقة الفلسطينية فيذهب إلى لبنان ليفجر الموساد سيارته فيفجر دمه مظاهرة حاشدة  تنطلق من مقهي" ريش "بالقاهرة عام 1972 يهتفون ضد إسرائيل وضد الخونه حزنا علي الاديب والصحفي غسان كنفاني.

وكما قال كنفاني مقولته الشهيرة تسقط الاجساد وتبقي الفكرة فقد مرت الأزمان وبقى مقهي ريش يحمل رسالة الادب .. فبعد ثورة يناير وتولي الاخوان وحصار الارهابين مقهي ريش في طلعت حرب في جمعة " قندهار " أغلق مجدي عبد الملاك الكافية خوفا من الفوضي ثم عادت " ريش للحياة " حينما علق صاحبها صورة للادباء نجيب محفوظ وطه حسين للتوقيع علي استمارة تمرد  ضد الرجعية والارهاب.

المقهي تأسس علي يد ألماني عام 1908  

 تأسس  مقهي " ريش " عام 1908 أي قبل 110عاما على يد شخص ألماني، باعه عام 1914 إلى هنري بير أحد الرعايا الفرنسيين الذي أعطى له اسم "ريش" ليتشابه بهذا الاسم مع أشهر مقاهي باريس التي ما زالت قائمة إلى الآن، وتسمى "كافيه ريش".

وقبيل انتهاء الحرب العالمية الأولى اشتراه تاجر يوناني مشهور من صاحبه الفرنسي، ووسعه وحسن بنائه وبعد ثورة يوليو عاد صاحبها اليوناني إلى بلده عام 1960وباعة لعبدالله ميخائيل ثم أداره إبنه مجدي ميخائيل حتي توفاة  في 2 مايو 2015وحاليا يديرالمقهى الابنه الكبري مجدي ميخائيل، وهم أول ملاك مصريين له.

أقدم جرسونات ريش عم فلفل ولد عام 1931

ويتميز ريش عن باقي مقاهي القاهرة أنه معلم بارز في تاريخ مصر الأدبي والثقافي والسياسي من أكثر من مائه عام، وظل المقهي همزه وصل بين الجيلين القديم والجديد من أدباء العصرومبدعيه.

ومن أبرز جارسونات ريش هو "فلفل "النوبي وهو إسم شهره لاكثر جرسونات مصر عملا بهذه المهنة، وهو محمد حسين صادق فقد استمر عمله في ريش لاكثر من خمسين عاما متصله ظل خلالها موضع حب واحترام زبائن المقهي، فكان يحمل في جيبه أجنده يدون فيها ثمن طلبات الرواد على المقهي وإلى حين ميسره يتم الدفع ، وقد خلدت ريش فلفل عبر صوره كبيرة له تتصدر مدخلها وتحمل عباره القدوه .

جلس عم محمد الشهير بفلفل يسترجع كل ذكرياته وبجسد أعياه الزمن تحدث عن عمره الذى قضاه فى هذا المكان، فقد ولد فى 1931 فى إحدى قرى النوبة، وجاء إلى القاهرة عام 1943 وعمره 13 عاماً بعد أن أنهى تعليمه الإلزامى "الابتدائية وقتها"، يقول: "كنت شاباً صغيراً، ولدى العديد من الأحلام، فذهبت لخالى الذى كان صديقاً لجورج افاينوس طباخ لامبسون المندوب السامى البريطانى، الذى أحضرنى معه إلى ريش حين اشتراها وبدأت العمل، كنت خايف ومش عارف اشتغل كويس، ده غير أنى قابلت مشاهير كتير مكنتش أعرفهم".

وعن اسمه "فلفل" يقول: "كان فيه واحد زاميلى تانى اسمه محمد وعلشان اللخبطة، نادانى صاحب المحل بفلفل، لأنى أسمر زى الفلفل الأسمر".

عم فلفل شاهد من خلال المقهى كل التطورات التى طرأت على القاهرة منذ الحرب العالمية الثانية ثم ثورة يوليو حتى تغير مالك القهوة عام 1960 فاشتراها عبد الله ميخائيل، وعلى الرغم من أنه عرض عليه وقتها أن يسافر مع ابن صاحب المقهى القديم لليونان ليعمل معه هناك، لكنه رفض لارتباطه بهذا المكان، يقول: "أول مرتب حصلت عليه كان 2 جنيه. 

شاهد على التاريخ السري لثورة 1919

وكان للمقهى دور كبير في ثورة 1919، بل يرى كثيرون أن صاحب المقهى في هذه الآونه كان عضوا في أحد أهم التنظيمات السرية، حيث وجدت فيه بعد 80 عاماً من ثورة 1919 آلة لطبع المنشورات، وذلك عقب شرخ في أحد جدران المقهي عقب زلزال 1992 .

واكتشف سردابا سريا به منشورات وآلالات طباعه يدويه أثناء عمليات الترميم.

وجدير بالذكر أن صاحب المقهي آن ذاك تقدم بتصريح لحفلات موسيقيه كلاسكيه ولكن الانجليز رفضو متحججين بأن الاوركسترا سوف تقلق السكان فجمع صاحب المقهي توقيعات السكان وتم الرفض واضطر صاحب المقهى إلى وضع السلطات أمام الامر الواقع وتعالت لأصوات الاوركسترا التي كانت تغطي على أصوات الآلات الطباعه السريه .

وفي العام 1972 انطلقت منه ثورة الأدباء، احتجاجاً على اغتيال الروائي الفلسطيني غسان كنفاني.

نجيب محفوظ  ويوسف إدريس أهم رواد المقهى

وكان المقهى ملتقى الأدباء والمثقفين أمثال نجيب محفوظ، ويوسف إدريس، وأمل دنقل، ويحيى الطاهر عبد الله، وصلاح جاهين، وثروت أباظة، ونجيب سرور، وكمال الملاخ وغيرهم ممن كانوا يحرصون على حضور نداوت نجيب محفوظ الأسبوعية التي كان يعقدها عصر يوم الجمعة منذ عام 1963 وذلك بعد وقف ندواته في مقهي الأوبرا وكان ريش يقدم المشاريب والوجبات بتخفيض خاص من باب الحفاوه بضيوف الروائي الكبير .

ووثق عبد الرحمن الرافعي في كتابه (تاريخ مصر القومي 1914- 1921) مقهي ريش وقال عنه :ملتقى الأفندية من الطبقة الوسطى، كما عرف مقراً يجتمع فيه دعاة الثورة والمتحدثون بشؤنها أو شؤون البلاد العامة.

وكان المطرب الملحن الشيخ أبو العلا محمد يغني ذات مساء مصطحبا تلميذته أم كلثوم وكانت لا تزال طفله ترتدي العقال والملابس العربية تعاقد المقهي معهما علي اقامه حفلات غنائية منتظمه حسبما اكدته صحيفه المقطم في عددها 30 الصادر مايو 1923 عبر إعلان يحدد يوم الخميس موعدا أسبوعيا لوصلات غنائية وتواشيح بصوتها الرقيق الذي ينفذ للقلب تحت عنوان هلمو احجزو محلاتكم من الآن كرسي مخصوص بـ 15 قرشا ودخول عمومي عشره قروش .

وكان أيضا من أشهر رواد ريش الصحفي الأديب إبراهيم منصوروالشاعر نجيب سرور، الذي كتب عن عوالم المقهي في ديوانه الشهير بروتوكولات حكماء ريش و في بهو المقهى قدمت فرقة الفنان عزيز عيد المسرحية فصولاً عدة من مسرحياته التي قامت ببطولاتها الفنانة روز اليوسف، تخللها بعض المونولوجات، يغنيها الفنان محمد عبد القدوس، والد الأديب إحسان عبد القدوس.والذي تعرف علي الفنانة روز اليوسف التي كانت بطلة الفرقة واثمرت قصه حبهما بالزواج .

وكان من أشهر رواد المقهى الشاعر أحمد فؤاد نجم، وله قصيده شعبيه ذائعه الصيت وصف فيها أحمد فؤاد نجم المقهى ورواده والروائي جمال الغيطاني، ويوسف القعيد وعلاء الاسواني وغيرهم من الكتاب والمثقفين.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل