المحتوى الرئيسى

سواعد الشيطان.. أين تختبئ عناصر «حسم» الآن؟

11/14 21:26

لم تعد «حسم» الإرهابية تلك الحركة المجهولة الصغيرة، التى ظهرت منذ عام تقريبًا، بل تمددت واستقطبت وتحالفت، حتى أصبحت الرقم الأصعب الذى يواجه رجال الأمن.

انتقلت «حسم» من مرحلة «الهواة» إلى «المحترفين»، خلال عام واحد فقط، لا تكاد تخلو عملية إرهابية فى نطاق محافظة الجيزة تحديدًا من أصابعها، ولا تمر حادثة مفزعة من غير تبنيها، وتطورت حتى خرجت من جعبتها الآن ما يسمى «طلائع حسم».

هل تلك الصورة السابقة حقيقية؟.. هل تفاصيلها صحيحة؟.. إن كان كذلك فما الذى حدث وجعلها تتطور بمثل هذه الصورة؟.. كيف حدث ذلك؟.. وما العوامل والملابسات؟

بدأت بـ12 من «بودى جاردز الإخوان».. وتمددت بالتحالف مع «بيت المقدس» و«كتائب حلوان»

البداية لدى مصدر مسئول فى وزارة الداخلية شارك فى عدة مواجهات مع العناصر الإرهابية، وأحد راصدى عناصر «حسم» منذ بداية الحركة، يقول إن النواة الأولى لـ«حسم» كانت العناصر المسلحة المسئولة عن تأمين مسيرات ومظاهرات جماعة الإخوان. ويشير إلى أن هذه العناصر هم مجموعة من الشباب، غالبيتهم متعلمون ويحملون شهادات عليا، مضيفًا: «هم ضمن (كادر الشباب) فى الهيكل التنظيمى للجماعة، لكن هناك من يديرهم من الكبار، لأنهم ليست لديهم الخبرة الكافية ليتحركوا بمفردهم». ويتابع: «بعد سجن قيادات جماعة الإخوان والتضييق عليهم، تفرقت هذه العناصر بغرض الاختباء عن أعين الأمن، والمناورة بالإيحاء بتوقف نشاطهم نهائيًا»، لافتًا إلى أنهم ظلوا «كامنين» لفترة تقرب من عامين إلى ٣ أعوام، إعمالًا بمبدأ «العنف المؤجل»، الذى تبنته جماعة الإخوان الإرهابية خلال محطات كثيرة فى عملها المسلح، ثم بدأوا فى تجميع بعضهم البعض من جديد.

ويستكمل: «تمكنوا من تجميع أنفسهم، وكان عددهم فى البداية ١٢ فردًا فقط، ثم بدأوا فى ضم ذوى الميول الإخوانية والسلفية»، كاشفًا عن أن أولى عملياتهم كانت فى ١٦ يوليو ٢٠١٦ بمحافظة الفيوم، حيث اغتالوا ضابط شرطة فى منطقة ريفية. ويقول إنه رغم إعلان الحركة مسئوليتها عن الحادث، إلا أنه لم يلقَ صدى كبيرًا، ولم تدرك الأجهزة الأمنية وقتها خطورتها، خاصة عندما رصدوا أن عدد عناصرها صغير إلى حد ما، واعتبروا أنهم مجرد أشخاص يتحركون بمفردهم على طريقة «الذئاب المنفردة» فى محاولة لإحياء نشاط الإخوان المسلح، وكان التركيز أكثر على سيناء وما يحدث بها، والتى كانت مشتعلة آنذاك. ويوضح أن الحركة اختارت محافظة الجيزة ومحيطها مقرًا لهم ولنشاطهم، لأن هذه المناطق بشكل عام يسكن فيها عدد كبير من الإخوان و«الإسلاميين»، منذ سنوات طويلة، وحتى ما قبل ثورة يناير.

ويضيف: «نجحوا فى ضم واستقطاب عدد كبير من الشباب المنتمى فكريًا وليس تنظيميًا للإخوان، ثم تحالفوا مع (أنصار بيت المقدس) وضموا إليهم العناصر الهاربة من (كتائب حلوان)، وأصبح عملهم سريًا عنقوديًا، ثم انتشروا وتواجدوا فى محافظات الدلتا والصعيد وسيناء، ونفذوا عمليات كثيرة على مدار العام، وأصبحوا يتلقون تمويلًا ويحصلون على الأسلحة والمتفجرات عبر السودان وليبيا، مستغلين المساحة الصحراوية الشاسعة التى تستخدم فى التهريب».

الوسيط مع إرهابيى سيناء إخوانى محبوس

مسئول أمنى ثانٍ كشف عن أن عددًا ليس بالقليل من عناصر «حسم» اتجه إلى سيناء، حيث التمويل والتدريب وتلقى التعليمات، لافتًا إلى أن أحد قيادات جماعة الإخوان الموجودين فى السجن، هو من تولى الاتصال بينهم وبين الإرهابيين فى سيناء، وهو ما كشفته تحريات جهاز سيادى منذ شهور.

يوضح المسئول الأمنى تفاصيل ذلك: «بدا واضحًا لأجهزة الأمن أن هناك من يحركهم ويدير أمورهم، باعتباره وسيطًا ينقل إليهم التعليمات، وعملت الأجهزة على البحث خلف هذه المعلومة لكشف ما يحدث، حتى أمكن رصد ذلك الوسيط، وتبين أنه قيادى إخوانى سجين».

ويضيف: «ترتب على انتقال هذه العناصر إلى سيناء مزيد من التدريب على المواجهات واستخدام أسلحة متطورة وثقيلة وتجهيز السيارات المفخخة، وخطط العمليات الإرهابية، بالإضافة إلى تلقى الأموال، ومزيد من الخبرة التنظيمية والتسليحية». ويشير إلى أنه من هنا لم تعد «حسم» مجرد حركة ناشئة، وراحت تنفذ عدة عمليات إرهابية استهدفت الجيش والشرطة وشخصيات دينية إسلامية وقبطية، وكان من بين عملياتها: «محاولة اغتيال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية الأسبق». ويذكر أن الحركة احترفت العمل العنقودى، بعد تدربها فى سيناء، موضحًا أن ذلك يتم من خلال تنفيذ إرهابييها فى القاهرة عمليات فى الشرقية، وعناصرها فى الإسكندرية عمليات فى الفيوم، وهكذا، مع الحرص على عدم إخبار مجموعة المحافظة المستهدفة بتفاصيل العملية، حتى لا تتسرب تفاصيلها للأمن، وحتى لا يشوا بمنفذيها حال القبض عليهم فى أى وقت. ويلفت إلى أن تلك هى آلية عمل «الإخوان» الإرهابية منذ بداية عملها المسلح، التى انتقلت لباقى التنظيمات الإرهابية المنبثقة منها، وفى مقدمتها «حسم»، مضيفًا: «عمليات إرهابية عديدة نفذتها (حسم)، بالاشتراك مع تنظيمات أخرى مثل (أنصار بيت المقدس) و(داعش)، أثبتت أن مبدأهم وأساسهم الفكرى واحد».

وتابع: «عددهم خلال الوقت الحالى أصبح كبيرًا إلى حد ما، بعد أن استطاعوا استقطاب عدد كبير من الشباب ممن عندهم استعداد للعمل الإجرامى، وآخرين ممن يعانون من البطالة والفقر، إلى جانب بقايا المعتصمين والمتظاهرين فى ميدان رابعة، أو من له قتيل من الإخوان فى فض رابعة ويريد الانتقام له». واستكمل: «انضمت إليهم عناصر عائدة من ليبيا عبر الصحراء الغربية، وكذلك سوريا والعراق، وجميعهم مصريون»، لافتًا إلى أنهم يتلقون تدريبات فى صحراء الفيوم والواحات والصحراء الغربية، وهى المناطق التى أصبحت بمثابة المقر الجديد، هروبًا من ملاحقة الشرطة واستطلاعات القوات المسلحة، حيث المدقات الجبلية والعمق الصحراوى الذى يعتبر مناخًا جيدًا لمواصلة التدريب والتخفى.

امتلاكها 40 مقرًا يكشف الدعم القطرى ــ التركى

يقول مسئول سابق فى جهاز أمن الدولة، إن حركة «حسم» ظهرت على الساحة فى يناير ٢٠١٤، وبدأت أولى خطوات التكوين منذ هذا التاريخ، لكنها لم تعلن عن نفسها سوى فى ٢٠١٦، بعد أن اكتملت وأصبحت لها جذور قوية فى الأرض.

ويضيف: «الحركة تكونت فى السويس، حيث مقرها الأول لها وليس الجيزة، ثم تغير هذا المقر الرئيسى عند إعلانها الرسمى عن وجودها فى ٢٠١٦، لتصبح محافظة الجيزة والمناطق المحيطة بها، خاصة العشوائيات هى مقرها الجديد».

ويلفت إلى أن الحركة فى يناير ٢٠١٤ أصدرت بيانًا ــ على سبيل التمويه ــ لم يلتفت إليه أحد، أعلنت خلاله أنها «حركة شبابية ثورية ترحب بضم جميع الأطياف فى محافظة السويس»، زاعمة أنها «حركة سلمية». ويبدو أن سبب عدم التفات أحد لها كان ظهورها آنذاك فى محافظة السويس فقط، وكان أهالى المحافظة يعرفون أن عناصرها هم شباب «الإخوان»، لذا لم تلق صدى فى المحافظة، حتى انضم إليها بقايا «الإخوان» فى مدن القناة، وكذلك «الجماعة الإسلامية» و«حركة الجهاد» والعديد من السلفيين، وخرجوا من السويس ولم تعد مقرًا لهم. يقول المسئول: «الانطلاقة كانت من السويس وليس الجيزة، وكان عددهم صغيرًا جدًا وقتها، وهدفت آنذاك إلى إحياء الجناح المسلح لجماعة الإخوان، دون الإعلان عن ذلك الانتماء، لجذب أى عناصر غاضبة من النظام وضمها للحركة، بهدف تغذيتها بالعنصر البشرى، ثم الانطلاق فى اتجاه تحقيق هدفها الرئيسى». وتابع: «كبرت وامتدت بعد ذلك، وخرجت من رحمها حركة (لواء الثورة)، ثم (طلائع حسم)، وهى حركات جديدة منبثقة منها، أو من الإخوان على وجه الدقة، باعتبار أن (حسم) إخوانية فى الأساس». وشدد على أن حركة «حسم» ومنهجها المسلح هو أبلغ رد على تنظيم «الإخوان» عندما يقولون نحن لا نتبنى العنف، وهى خير دليل على أن «الإخوان» جماعة عنف، مضيفًا: «كل من هو إخوانى كان عضوًا أو غير ذلك انضم للحركة الإرهابية».

وكشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا، عن أن عناصر «حسم» يتلقون دعمًا لوجيستيًا من قطر وتركيا، لذلك كان من الطبيعى أن يمتلكوا ٤٠ مقرًا على مستوى الجمهورية، إلى جانب عدد كبير من الأسلحة والذخائر والسيارات، فضلًا عن هواتف الأقمار الصناعية وأجهزة تزوير الأوراق الرسمية مثل البطاقات وجوازات السفر. كما كشفت تلك التحقيقات، عن ارتكاب عناصر «حسم» ١٨ عملية إرهابية خلال عام واحد.

وتورط عناصر «حسم» كذلك فى عمليات: كمين الواحات ومجموعة من الكمائن الأخرى، واغتيال رؤساء مباحث، منهم رئيس مباحث طامية ومرافقوه، وذلك فى اليوم الأول لإعلانهم عن أنفسهم خلال يوليو ٢٠١٦، إلى جانب اشتراكهم فى حادث الأقصر ٢٠١٤.

خطة لمواجهة الحركة بقطع مصادر التمويل وشبكة الاتصالات

قال مسئول فى جهاز أمنى إن وزارة الداخلية تعمل الآن من خلال قياداتها الجديدة بعد التغييرات الأخيرة التى جرت على خلفية حادث الواحات، على إعداد خطة مواجهة لحركة «حسم» تستهدف القضاء عليها.

وتشمل الخطة ما يسمى «تجفيف المنابع»، الذى يتضمن رصد والتواجد والهجوم على الطرق التى يتم من خلالها تهريب السلاح والإرهابيين إلى الحركة، وعلى رأسها الصحراء الغربية، لذلك يوجد تكثيف لعمليات الرصد والتمشيط لهذه المناطق خلال الفترة الحالية.

وأضاف المسئول الأمنى: «يتم العمل فى مناطق أخرى، بالتعاون مع القوات المسلحة لحصار الحركة، والسيطرة على مصادر تمويلها، وقطع الصلة بين عناصرها وقياداتها فى سيناء والخارج، إلى جانب القيادات الإخوانية فى السجون». وتابع: «يتم بشكل تدريجى تغيير مرشدى الشرطة السريين، والاستعانة بعناصر ووجوه جديدة، وتعميق العلاقة مع بدو الصحراء لضمان عملهم معنا لا علينا، وإغلاق جميع الطرق والمنافذ بين المحافظات لمنع تواصل عناصر الحركة مع بعضهم البعض أو مع غيرهم من العناصر الإرهابية الأخرى التى تنتمى لـ(داعش) مثلًا».

أهم أخبار حوادث

Comments

عاجل