المحتوى الرئيسى

خطاب "تميم" أمام مجلس الشورى القطري.. تناقضات أم إنكار للواقع؟

11/14 11:28

"لا نخشى مقاطعة تلك الدول لنا.. فنحن بألف خير بدونها"، هكذا قال أمير قطر تميم بن حمد، ليواصل حملة الإساءات التي يشنها مسؤولو تنظيم "الحمدين" الحاكم بالإمارة الخليجية ضد الدول العربية الداعمة لمكافحة الإرهاب، وليقدم برهانًا جديدًا على استمرار مسلسل تعنت قطر تجاه المطالب التي قدمها التحالف الرباعي العربي المناهض للإرهاب.

كلمات تميم جاءت خلال خطابه في افتتاح الدور البرلمانية الجديدة لمجلس الشورى القطري، والذي ركز خلاله على الأزمة التي تعانيها قطر، جراء الإجراءات العربية بصددها مواصلا في الوقت نفسه مسلسل الأكاذيب الذي شارك فيه كل المسؤولين داخل النظام، سواء في حواراتهم الإعلامية أو الصحفية أو من خلال الزيارات الخارجية التي قاموا بها استجداء للوساطات الدولية من أجل إنهاء الأزمة.

كانت الإساءة هي اللغة السائدة في الخطاب الذي ألقاه تميم أمام برلمان، حيث اتهم دول الجوار بانتهاك الأعراف والقيم والمصالح، مدعيا أن بلاده اتبعت سياسة ضبط النفس حرصًا على العلاقات الخليجية.

إلا أن التساؤل الذي يطرح نفسه هو ماهية مفهوم الانتهاك في عقلية أمير قطر، الدول العربية الأربعة اتخذت قرارا بمقاطعة إمارة تمثل تهديدا لأمنهم، وبالتالي فإن حالة التعنت والرفض في تقديم ضمانات حقيقية لطمأنة تلك الدول هو ما يمثل الانتهاك الحقيقي.

يبدو أن تميم تناسى أنه هو من وقع اتفاقيتي الرياض في عامي 2013 و2014، حيث تعهد خلالهما بعدم الإساءة لدول الجوار أو التدخل في شؤونهما الداخلية، وأنه نفسه من انتهك تعهداته التي قطعها على نفسه، فسعى لاستخدام منبره الإعلامي للإساءة للدول العربية، والتدخل في شؤونها الداخلية، كما أنه سعى كذلك لاستخدام تلك المنابر في دعم التنظيمات الإرهابية التي تمثل تهديدا مباشرا لأمن الدول العربية.

أما الحديث عن سياسة ضبط النفس فربما يكون أمرًا مثيرا للشفقة أكثر منه إلى السخرية، خاصة أن الرد القطري على الإجراءات العربية لم يخل من التعنت والمزيد من التحريض، ولعل الدعاية التي قامت بها قناة الجزيرة للإساءة للدول العربية الأربع، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية دليلا دامغا على ذلك، حيث أفرطت في سخريتها من إصلاحات المملكة الاقتصادية والاجتماعية، بل وحرضت على الفوضى من خلال ما أسمته بـ"حراك 15 سبتمبر"، والذي تحول إلى حراك في حب القيادات السعودية.

وبالرغم من أن الكذب والتدليس كانت أهم السمات التي سادت خطاب تميم، إلا أنه كشف في طيات حديثه عن المعيار الحقيقي لتقييم سياساته، ألا وهو العلاقة مع الدول الكبرى، وهو ما يعد اعترافا ضمنيا بكونه مجرد تابع للقوى الدولية، وأداة لتحقيق أهدافها.

يقول أمير قطر "علاقتنا مع الدول الكبرى تحسنت قياسا بما كانت عليه قبل الأزمة".

وعلى الرغم من عدم وضوح قصده من كلمة "الدول الكبرى"، إلا أنه ربما يقصد القوى الإقليمية غير العربية في منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها تركيا وإيران، خاصة أنهما الدولتان الوحيدتان التي تحسنت علاقة قطر بهما فعليا منذ اندلاع الأزمة الخليجية، حيث إن كلتا الدولتين تمكنتا بالفعل من استغلال الأزمة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، سواء على المستوى الاقتصادي من خلال زيادة واردتهما لقطر، أو على المستوى السياسي، حيث يحاولان إيجاد منطقة نفوذ جديدة في منطقة الخليج يمكنهما من خلالها مزاحمة القوى الرئيسية في المنطقة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.

أما على المستوى الدولي، فربما تشهد العلاقات الدبلوماسية بين قطر من جانب والولايات المتحدة أو الغرب الأوروبي من جانب آخر فترة من أكثر الفترات فتورا في العلاقات، فالإدارة الأمريكية من جانبها تدرك جيدا خطورة الدور الذي تلعبه قطر، وبالتالي لم تسع للتدخل في الأزمة بكل ثقلها، بينما الغرب الأوروبي تجاهل مؤخرا استجداءات الوساطة القطرية، ولعل زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدولة الإمارات والمملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي تقدم دليلا دامغا على تخلي فرنسا عن قطر، رغم محاولات الأخيرة شرائها عبر سلاح الاستثمارات.

ادعى تميم في خطابه أن نظامه مستعد لتسوية الأزمة الحالية في إطار الاحترام المتبادل، متهما دول الجوار بالتعنت، على غير الحقيقة، فعندما أجرى تميم بن حمد اتصالا هاتفيا بولي عهد المملكة العربية السعودية، الأمير محمد بن سلمان طلبا للجلوس على مائدة الحوار، لاقى ترحيبا كبيرا من قبل ولي العهد السعودي، إلا أن الانتهاكات المعتادة من قبل تنظيم الحمدين كانت وراء إفساد تلك الخطوة، حيث خرج إعلام قطر للترويج بأن الاتصال جاء بناء على تنسيق أمريكي، وهو الأمر الذي نفته المملكة العربية السعودية تماما، وبالتالي فإن عنصر احترام التعهدات يبدو ناقصا إلى حد كبير بين مسؤولي النظام الحاكم في قطر.

وكالعادة.. نفى أمير قطر الخسائر التي تحدثت عنها الصحف العالمية والمنظمات الاقتصادية الدولية لأيام طويلة جراء الإجراءات العربية المفروضة على الإمارة الخليجية منذ يونيو الماضي، وهو ما يعد استمرارا لنهج مسؤوليه الذين سبقوه في ذلك، وعلى رأسهم وزير خارجيته محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مدعيا أن الدول العربية تستنزف طاقاتها وموارد شعوبها في حملاتها ضدنا.

يبدو أن أمير قطر تنقصه المتابعة، ليدرك حجم المشروعات الاقتصادية التي تقوم بها الدول العربية الداعمة لمكافحة الإرهاب، وعلى رأسها مصر والمملكة العربية السعودية، حتى إن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، أكد، على هامش افتتاح مشروع "نيوم" الاقتصادي أن "مشكلة قطر صغيرة جدا جدا جدا"، وهو ما أكده عدد من مسؤولي الدول العربية.

لعل وزير الخارجية السعودي عادل الجبير كان آخر من رصد حالة الإنكار التي تعانيها قطر، فيما يتعلق بدعمها للإرهاب، وهو الأمر الذي ظهر بجلاء في خطاب تميم، والذي أكد أن الإجراءات العربية ليس لها صلة بالإرهاب، وهنا ربما يلوح التساؤل حول السبب وراء موافقة قطر على التوقيع على اتفاقية وقف تمويل الإرهاب مع الولايات المتحدة خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تريلسون للدوحة في يوليو الماضي.. أليس هذا الإجراء هو بمثابة إدانة جديدة للسلوك المشبوه الذي يتبناه النظام الحاكم في قطر؟

حلقة جديدة من الأكاذيب.. وزير خارجية قطر يهاجم دول الجوار

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل