المحتوى الرئيسى

مؤرخ : "النازيون جلبوا مسلمين لتعويض الخسارة على الجبهات"

11/14 10:26

السيد موتاديل تتحدث في كتابك "من أجل الرسول والقائد" عن سياسة الإسلام التي نهجها النظام النازي. ما هي معالم هذه السياسة بالتحديد؟

في أوج الحرب العالمية الثانية 1941/42 عندما دخلت القوات الألمانية في أراض يسكنها مسلمون في البلقان وشمال إفريقيا والقرم وفي القوقاز، بدأ في برلين اعتبار الإسلام كعامل مهم من الناحية السياسية. فالنظام النازي شرع خطوة خطوة في كسب المسلمين كحلفاء وتجنيدهم في الحرب ضد أعداء على ما يبدو مشتركين تمثلوا على سبيل المثال في الامبراطورية البريطانية والاتحاد السوفياتي وأمريكا واليهود. وفي مناطق الجبهة المأهولة بالمسلمين قام الألمان بدعاية دينية واسعة لتقديم النظام النازي كقوة حماية للإسلام. وفي بداية 1941 وزع الجيش النازي قبل دخوله شمال إفريقيا على الجنود كتيبا مدرسيا "الإسلام" لتلقين الجنود الألمان كيف يتعاملون مع المسلمين هناك. وفي الجبهة الشرقية في القرم وفي القوقاز حيث قمع ستالين بعنف الإسلام قبل الحرب شيد المحتلون الألمان حينها مساجد ومدارس قرآنية على أمل القضاء على الهيمنة السوفياتية. وعمل رجال الدعاية الألمان على تسييس النصوص الدينية أو مشروع الجهاد لتأليب المسلمين على الحلفاء.

والجانب الآخر تمثل في تجنيد عشرات الآلاف من المتطوعين المسلمين ابتداء من 1941 من جانب الجيش الألماني. وكان أولئك بوسنيون وألبان وتتار القرم ومسلمون من القوقاز وآسيا الوسطى.

ما هي الأهداف التي كان يتبعها الجيش الألماني بجلب المسلمين؟

الأسباب وراء هذه السياسة كانت متنوعة: فقد كانت القوات الألمانية في كثير من المناطق التي تقاتل فيها تواجه سكانا مسلمين، جاء ذلك في وقت  تدهور في نهاية 1941 الوضع العسكري. وكان الأمل يتمثل في تعويض خسارات الجنود الألمان في الجبهة الشرقية. فتم اعتماد جنود مسلمين على جميع الجبهات، وقاتلوا في ستالين غراد ووارسو وحتى في الدفاع عن برلين.

وهؤلاء المجندون كانوا يحضون بالعديد من الامتيازات الدينية، إذ سُمح لهم بممارسة عدة شعائر إسلامية مثل الصلاة والذبح. وفي 1933 كان النازيون قد حظروا الذبح لأسباب معادية لليهود، وعلقوا بعدها هذا الحظر في 1941 للجنود المسلمين. ولعب أئمة عسكريون دورا مميزا، إذ لم يكونوا مسؤولين عن التأطير الديني للمجندين فقط، بل كانوا يسهرون على تكوينهم السياسي.

هناك ادعاء يفيد بأن المسلمين ساندوا النازيين، لأنهم شعروا من خلال معاداتهم للسامية بالتقارب معهم. ولهذا السبب بالتحديد عمل النازيون على الاعتناء بالمسلمين. ما هي حقيقة هذا الأمر؟

في الدعاية، ولاسيما في العالم العربي لعبت بالطبع موضوعات معادية للسامية دورا كبيرا ـ مثل ما كانت عليه في الدعاية الخارجية الألمانية بصفة عامة. وارتبطت هذه في الغالب بهجمات على الهجرة الصهيونية إلى فلسطين. وهذا تحول إبان الحرب في العالم العربي إلى موضوع أساسي. ولا يمكن تعميم هذا الأمر على الجانب المسلم. وبعض الحلفاء المسلمين للنظام النازي، لاسيما مفتي القدس الكبير محمد أمين الحسيني كانوا يشاطرون النظام النازي كراهيته لليهود. وفي مناطق الحرب نفسها ـ في البلقان وشمال إفريقيا أو في المناطق الشرقية ـ كان الوضع أكثر تعقيدا. ففي كثير من هذه المناطق تعايش المسلمون واليهود طويلا. وفي بعض الحالات ساعد مسلمون اليهود في الاختباء عن الألمان.

ما الذي كان ينشده المسلمون من تعاونهم مع النازيين؟

رد فعل المسلمين تجاه الغزاة الألمان في مناطق الحرب لا يمكن تعميمه. ففي ليبيا مثلا حيث عانى السكان المسلمون طوال سنوات تحت نظام استعماري إيطالي عنيف جدا، تم استقبال القوات الألمانية الإيطالية ببرودة نسبيا. وفي الاتحاد السوفياتي كان الوضع أسهل.

الجنود الألمان يدخلون أراضي الاتحاد السوفياتي

أسباب دينية لم تكن موجودة لدى المجندين المسلمين، بل كانت من نوع مادي. الكثيرون تم تجنيدهم داخل معسكرات اعتقال حربية. وكانوا يتطلعون بالأساس إلى تفادي الجوع والأوبئة داخل المعسكرات. والكثيرون كانوا يأملون ببساطة في أن الزي العسكري الألماني سينقذهم من الهلاك في الحرب.

هاينريش هيملر، قائد الجيش النازي قال عن الإسلام بأنه "دين عملي ولطيف للجنود". هل استفاد النازيون حقا من الإسلام؟ أم كان المسلمون فقط وسيلة من أجل بلوغ هدف؟

نظريتي تقول إن سياسة الإسلام الألمانية كان وراءها أسباب عملية براغماتية. وعلى الرغم من ذلك فإنه حقيقة ماثلة أن قادة نازيين، لاسيما هتلر وهيملر كانوا معجبين بالإسلام ورددوا ذلك الإعجاب مراراً. في كل مرة انتقد فيها هتلر خلال سنوات الحرب الكنيسة الكاثوليكية، قارنها مع الإسلام كمثال مضاد إيجابي. وعندما انتقد الكاثوليكية كدين ضعيف ومزيف وأنثوي، نوه بالإسلام كدين قوي وعنيف. وهذا الموقف ظهر أيضا لدى القادة النازيين الآخرين من حين لآخر. بصفة عامة كانت هناك أسباب استراتيجية ـ وليس تصورات إيديولوجية ـ خلف سياسة الإسلام الألمانية.

+ ديفيد موتاديل أستاذ التاريخ الدولي بجامعة الاقتصاد بلندن. درس التاريخ بجامعة فرايبورغ وبازل وكامبريدج. موتاديل قام ببحوث في جامعة هارفارد وأوكسفورد. نصوصه ظهرت في عدة صحف ومجلات، منها مجلة "شبيغل" وصحيفة "نيويورك تايمز".

هل ممكن أن يصنع الرعب والإرهاب فنا جميلا؟ يحاول المعرض الفني الذي يقام في برلين تحت شعار "فن من الهولوكوست" الإجابة عن هذا السؤال اكبر جريمة في التاريخ الإنساني خلال الحكم النازي مورست بحق اليهود، ورغم ذلك استطاع بعض الفنانين خلال وجودهم في المعسكرات النازية رسم وتخليد لحظات حياتهم في مادة فنية ، كما في لوحة "شارع في غيتو في مدينة وودج" لجوزيف كونر الذي نجا من المحارق.

استعار المعرض في برلين 100 لوحة فنية من متحف ياد فاشيم من إسرائيل. وعرضت اللوحات أعمال 50 فنانا يهوديا نجا 26 منهم من المحارق، فيما لقي الفنانون الآخرون المعروضة أعمالهم حتفهم على يد النازية، ومنهم فيلكس نوسباوم الذي يعد من أشهرهم، والذي توفي في سنة 1944 في معسكر أوشفيتز. الصورة هي لوحته الشهيرة "اللاجئ" التي رسمها في سنة 1939 في بروكسل التي عرضت في برلين.

عرضت أعمال فنية للرسامة شارلوته سالومون التي رسمت لوحات ومخطوطات تجاوزت الـ 700 عمل وثقت فيها حياتها في مجموعة فنية تحت عنوان "حياة أم مسرح؟". نُقلت شارلوته وكانت حاملا من معسكرات الاعتقال النازية في جنوب فرنسا إلى معسكر أوشفيتز في سنة 1943 وقتلت هناك فور وصولها.

أما الفنانة نيللي تول فنجت من الموت من المحارق والمعسكرات النازية بعد أن اختبأت مع أمها عند عائلة مسيحية آوتهما في مدينة لفيف الأوكرانية. ورسمت نيللي في غرفتها المقفلة لوحات باستعمال ألوان جواش (وهي من الألوان المائية المعتمة). وجاءت نيللي التي تبلغ من العمر اليوم 81 عاما خصيصا من محل إقامتها في الولايات المتحدة إلى برلين لحضور المعرض الفني.

وُلد الفنان ليو بروير في مدينة بون وشارك في الحرب العالمية الأولى مع الجيش الألماني. وفي سنة 1934 وبعد عام على وصول هتلر إلى الحكم هرب إلى مدينة لاهاي الهولندية ومن ثم إلى بروكسل وعمل هناك رساما لغاية سنة 1940 حيث اودع في معسكر الاعتقال بسانت سيبرين جنوب فرنسا. استطاع بروير الاحتفاظ بمخطوطاته وأعماله المائية، وبعد خروجه من الاعتقال عاد إلى مدينته بون ليعيش فيها حتى وفاته في سنة 1975.

كانت بيدريش فريتا تدير مرسما في معسكر الاعتقال تيريزين، وكانت مهمتهم الرسمية تنفيذأعمال دعائية للنازية، لكن فريتا ورفاقها استطاعوا رسم بعض اللوحات بصورة سرية عن رعب الحياة في المعسكر. وفي سنة 1944 قبض عليها متلبسة وأرسلت إلى معسكر أوشفيتز لتموت هناك. وبعد التحرير من النازية كشف عن 200 عمل فني لها كانت قد خبأتها في الجدران أو تحت الأرض.

ليو هاس لم يكن معروفا لكونه شارك بيدريش فريتا في رسم الكثير من الأعمال الفنية التي وثقت جرائم النازية فحسب، بل لكونه شارك أيضا وبطلب من النازية في تزوير أوراق نقدية تابعة لقوات الحلفاء في عملية أطلق عليها تسمية "عملية بيرنهارد". ليو هاس نجا من الموت وتبنى بعد تحريره الطفل توماس ابن بيدريش فريتا واستطاع العثور على 400 عملا فنيا كان قد خبائها أثناء الاعتقال في تيريزين.

كان بافيل فانتل ضمن قائمة الفنانين في معسكر الاعتقال في تيريزين، على الرغم من أنه كان مدير المستوصف الخاص لمرضى التيفوئيد في المعسكر كونه قد درس الطب. وقبض عليه أيضا في المعسكر متلبسا برسم لوحات عن الجرائم النازية وأرسل إلى معسكر أوشفيتز ليعدم هناك في سنة 1945. بعد التحرير عُثر على نحو 80 عملا لفانتل في معسكر تيريزين.

نرشح لك

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل