المحتوى الرئيسى

«وثيقة نادرة».. رسالة توفيق دياب لـ«عيد الجهاد» | المصري اليوم

11/13 01:47

«عزيزى 13 نوفمبر» بهذا العنوان جاء مقال لتوفيق دياب ضمن سلسلة مقالاته التى تحمل عنوان «اللمحات»، والذى كتبه عن عيد الجهاد الذى تحل ذكراه فى 13 نوفمبر من كل عام، والذى مثل توطئة لاندلاع ثورة عام 1919.

المقال جاء تحت عنوان (عزيزى 13 نوفمبر) وتم نشره فى نوفمبر 1943، والمقال فى شكل رسالة موجهة من «دياب» لعيد الجهاد، عاقداً فيه مقارنات بين واقع الحال فى 1919 وبين ما صارت إليه الأمور فى 1943، أى بعد مرور نحو ربع قرن على «ثورة 19»، وصار الحال غير الحال.. ولأن المقال أشبه برسالة مفتوحة تفيض بالمشاعر الوطنية الفياضة، فقد سيطرت عليها روح الشعر وقاموسه ومفرداته، بل فى مواضع منها ذلك الإيقاع الشعرى الغنى بالحنين إلى ذلك الزمن الذى مضى.

«لك الخلود والتقديس يا ذلك اليوم الساطع بين غيوم السنين. لقد جئت نفحة علوية من عند الله، كى تعلم اللاصقين بالأرض منا كيف يطمحون إلى السماء بالعقول والقلوب والهمم.

كم وددنا أيها اليوم الأغر لو دمت فينا سرمدا – لا لنجاهد خصيمة الأمس وحليفة اليوم، ولكن لنجاهد فى طوايانا شرور أنفسنا، ولا لنريق دما زكيا، أو نزهق روحا غالية، ولكن لنريق بيننا كل شهوة خبيثة وكل مفسدة فاشية. لو دامت فينا عظمتك أيها اليوم الأغر، لضحى اليوم بالمطامع من كان فى أيامك يضحى بالمهج، ولو دامت فينا عظمتك، لما استباح المغنم المحرم، من كان فى أيامك يتجرد حتى عن حقه المشروع طوعا، كما يتجرد السيف من غمده ليلمع فى حومة النضال.

يا لأيامك من أعلام كانت مرفوعة فى مجاهل الفتن، يا لها من واحات فى صحراء تاريخنا الحديث كانت مزهرة مثمرة.

فى أيامك أيها العزيز – كان الصالح العام فوق المنصب وإن جل، أما بعد أيامك فكم أصبحت العلاوة وإن هانت فوق الصالح العام.

فى أيامك كم طهر الشرف الوطنى نفوس الفجار، أما بعد أيامك فكم فنى فى ذاته ونسى مصر لنسيانك أيها اليوم العابر الخالد .

فى أيامك، كان الأمى الساذج يهتز حمية وعزة كلما رنت فى أذنه أو جرت على لسانه كلمة الوطن. أما بعد أيامك فكم يموت هذا الاسم الكريم بلفظه ومعناه فى نفوس مثقفة!

فى أيامك كان جهادنا تنافسا فى سبيل الهدف المشترك.. أما بعد أيامك، فكم كان تناحرا فى سبيل المغانم والثمرات والسلطان.

فى أيامك، كم كان الأطفال بفضل سرك العجيب فتيانا، وكان الفتيان رجالا، وكان الرجال أبطالا بواسل. أما بعد أيامك فكم أصبح الفتيان أطفالا، والرجال غلمانا لاعبين، أو شيوخا مقعدين.

فى أيامك – كم عبدنا الوطن بعد الله. أما بعد أيامك، فما نكاد نعبد الله إلا بعد المال والجاه والأثرة الضاربة.

عزيزى 13 نوفمبر سنة 1918

أحن إليك وأفديك وأتعطش إلى كوثرك الذى شرب المصريون من صفوه كؤوس الإخاء خلال الجهاد.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل