المحتوى الرئيسى

وكالات أنباء بالوكالة | المصري اليوم

11/11 03:03

المراقب لما تتناوله وكالات رويترز، والفرنسية، والألمانية، والأسوشيتدبرس، وغيرها من وكالات الأنباء، أوالمواقع الإلكترونية العالمية، فيما يتعلق بالشأن الشرق أوسطي، وتحديدا المنطقة العربية، يعي تماما أن تعاطيها مع مستجدات ما تشهده المنطقة، يخدم في المقام الأول مصالح الدول التي تنتمي إليها هذه الوكالات، ولا غضاضة في ذلك.

هذه الوكالات في سياساتها التحريرية المتعلقة بالشأن الخارجي ترفع شعار «لاعداوة دائمة، لكن هناك مصالح دائمة»، وإذا تعارضت المهنية مع «المصلحة»، تذهب المهنية إلى الجحيم وتبقى المصلحة.

الأمر لا يتعلق بمصالح الدولة «الأم» للوكالة أو الموقع، الاقتصادية، أوالجيوسياسية فحسب، بل تنفذ في معظم الأحيان أجندة «استخباراتية» تستهدف تغييب دول المنطقة القوية، عن طريق التفتيت، أو إذكاء نيران الفتن.

قادتني الظروف للاحتكاك اليومي مع معظم الوكالات، والمواقع العالمية، طول الأشهر الستة الماضية، وطوال هذه المدة هالني كم «السم» الذي يُدَس في معظم التغطيات الإخبارية لهذه الوكالات، فيما يتعلق بحركة الرمال المتحركة التي تشهدها معظم الأنظمة أو الممالك العربية. أعلم تماما مدى حرص هذه الوكالات على مصالح دولها «الأم»، لكن ما صدمني حقا أنها تمارس دورها الاستخباراتي بصورة فجة في معظم تغطياتها وتحليلاتها، الأمر الذي يتوجب التوقف أمامه كثيرا، لاسيما أنها تناقلته منها تباعا الميديا العربية، دون عناء محاولة قراءة ما بين السطور.

حالة الفوران السياسي التي يشهدها العالم في مناطق شتى من الكرة الأرضية، قد يرى معها كثيرون أنه لا يعاب على هذه الوكالات أن تخدم أجندة بلدانها، لمَ لا وهي- أي الوكالات- مرآة تعكس آراء وأفكار الغرب، لكن ما لم يمكن التعاطي معه، أن تتعامل الميديا العربية؛ مقروءة، ومسموعة، ومرئية، مع ما يأتي من هذه الوكالات على أنه يقطع قول كل خطيب، وأنه دستور العصر، الذي لا يجوز معه حتى مجرد الاجتهاد.

أي خيبة هذه.. نحفظ عن ظهر قلب ما سبق من سياسة دس السم في «الأخبار»، ورغم ذلك لا نتورع في أكل العسل، والاستمتاع بطعمه.

أي خيبة هذه.. أغفلنا إعمال العقل، وعظمنا من موهبة «النقل»، حتى سار السواد الأعظم مما نتناقله، سهاما قاتلة ترتد إلى صدورنا.

الأمة تمر بأشد اللحظات الحرجة من عمرها، ومع تعاظم الأحداث التي تعتري الجمهوريات والممالك، يزاداد بالقدر نفسه «مكر» أعداء الأمة، ما يتوجب معه الوعي جيدا لما يتم بثه، أو نقله، أو الترويج له، حتى لا تتحول الميديا العربية إلى رأس حربة تمزيق أواصر الدول العربية، التي ترزح تحت وطأة «قبضة» الداخل، و«سم» الخارج.

ومثلما يقال لا اتهام دون سند، أسوق إليكم كيفية تورط هذه الوكالات، في سكب المزيد من الزيت على نيران الأزمة السعودية- الإيرانية المشتعلة حاليا، حيث ذهبت معظم الوكالات في تغطيتها للتصعيد الأخير بين السعودية، وحزب الله اللبناني، وبالتبعية إيران، إلى إذكاء حالة التوتر الراهنة، عن طريق إبراز كافة التصريحات من قبل الأطراف المتصارعة التي تحض على الوصول إلى المواجهة العسكرية، بين السعودية وإيران على أراضي لبنان، كما أنها لم تدخر جهدا في محاولة إلصاق تهمة تهريب صواريخ «باليستية» للحوثيين، إلى حزب الله اللبناني، وغالبية هذه التقارير مجهولة المصادر، في الوقت نفسه تعمدت تجاهل بث كافة الأخبار التي تدعو إلى التهدئة في المنطقة المضطربة بالأحداث الجسام، ومنها على سبيل المثال، التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في حوار مطول مع قناة «cnbc» الأمريكية، التي دعا من خلالها كافة الأطراف للتهدئة، حيث تم تجاهل معظم هذه التصريحات، وحتى حينما تناولتها رويترز – بعدها بنحو 12 ساعة كاملة- أبرزتها على استحياء، بعد أن اختارت فقرات مجتزأة من سياقها، تشي بوجود فجوة في الموقفين المصري والسعودي من تلك الأزمة.

وقبل الأزمة السعودية – الإيرانية، لم تتورع هذه الوكالات عن القيام بدورها في زرع بذرة الانفصال في العراق، عن طريق تسليط الضوء على معاناة إقليم كردستان في ظل الحكومة الحالية، ولولا طوق النجاة الإلهي الذي أرسلته السماء، بتفاقم أزمة إقليم كتالونيا في إسبانيا، في نفس التوقيت، لتحقق لها ما تربو إليه، وتمكن كردستان العراق من الانفصال، حيث لا يخفى على أحد أن أزمة كتالونيا حالت دون المجاهرة بـ«ازدواجية» الرأي العام العالمي في التعامل بين القضيتين.

وبجانب هذا وذاك الكثير من الأحداث التي يتم فيها لي عنق الحقائق، بهدف التخديم على أجندة الغرب فيما يتعلق بإعادة رسم مستقبل المنطقة، فأينما حل الخراب فتش عن الدور الخفي لهذه الوكالات.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل