المحتوى الرئيسى

«محاكمة الجزار».. ماذا قدم حسام البدري مع الأهلي فى ولايته الثالثة؟

11/10 21:20

عقب خسارة الأهلى للقب دورى أبطال إفريقيا، الذى يستعصى على بطل القرن الإفريقى منذ ٢٠١٣، صار مستقبل حسام البدرى، المدير الفنى للأهلى، وبقاؤه مع الفريق من عدمه، الحدث الأكثر جدلًا فى أوساط «السوشيال ميديا» ما بين دعوات تطالب برحيله وأخرى تتحدث عن إنجازاته وتصر على استمراره قائدًا لـ«الأحمر»، لاستكمال ما بدأه فى الموسم الماضى.

ماذا قدم البدرى؟ وما المشكلات التى واجهته؟ وماذا ينتظره فى الموسم الجارى؟.. تلك وغيرها من التساؤلات تُجيب عنها «الدستور» فى التقرير التالى.

«الشللية» والنتائج المخيبة.. أزمات الانطلاقة

عندما تسلم حسام البدرى الفريق كان يعانى من تراجع فى النتائج مع ٥ مدربين توالوا على تدريبه خلال ٣ سنوات، هم «جاريدو، بيسيرو، مارتن يول، وعبدالعزيز عبدالشافى، وفتحى مبروك (ولايتان)».

وخلال الولايات الست، شارك الأهلى فى ٣ دوريات خسر أحدها للمرة الأولى منذ ١٠ سنوات، وفاز بآخر بفارق هدف وحيد عن سموحة فى دورى المجموعات الشهير، وفاز بفارق ضئيل عن الزمالك فى البطولة الثالثة. وفى إفريقيا خرج الفريق من دورى المجموعات بدورى الأبطال ٣ مرات متتالية، لكنه توج ببطولة «الكونفيدرالية» مع جاريدو آنذاك قبل أن يعود ويخسر السوبر الإفريقى. إلى جانب التراجع الكبير فى حصد البطولات، عانى الأهلى أيضًا كثيرًا فى مواجهاته المحلية وسقط برباعية أمام الاتحاد للمرة الأولى منذ ٦٠ عامًا، ثم خسر من الزمالك فى الدورى والكأس للمرة الأولى منذ ١٠ أعوام.

كان مرمى الأهلى مباحًا للصغير قبل الكبير لدرجة أن الفريق استقبل فى موسم ٢٠١٦ من الهابط إلى الدرجة الثانية دمنهور ثلاثة أهداف فى المباراة التى انتصر فيها ٤٣، وخسر من الهابط الآخر الرجاء بهدفين مقابل هدف وحيد، فى نتائج تعكس إلى أى مدى كان الأهلى مطمعًا لأى خصم، وافتقد الاستقرار الفنى والتكتيكى.

من المؤكد أن هذه النتائج المخيبة التى توالت على مدار ٣ سنوات توحى بوجود مشكلات كثيرة داخل غرف الملابس قبل الجوانب الفنية والتكتيكية فى المستطيل الأخضر، فأولى الأزمات التى كانت بانتظار البدرى هى حالة «الشللية» التى تنامت بشكل واضح فى الولاية الأخيرة لـ«فتحى مبروك»، الذى اعترف بعد الخروج الإفريقى بأنه كان مخطئًا فى سياسة الدفع بالأسماء الكبيرة، وأنه سيلعب بالوجوه الجديدة إذا ما حصل على فرصة أخرى. كان حسام غالى، وفق ما كشفه وائل جمعة عقب استقالته من منصب مدير الكرة، قائد شلة الكبار التى تضم عماد متعب وشريف إكرامى، وعبدالله السعيد، وكانت هذه المجموعة متحكمة فى كل شىء بالفريق قبل مجىء البدرى، فتعدى غالى على زملائه باللفظ فى التدريبات أكثر من مرة، وتعدى السعيد بيده على مدربه «مبروك» داخل غرفة خلع الملابس احتجاجًا على عدم إشراكه، وفق ما كشفه جمعة فى أحد حواراته الصحفية، وبرغم هذه الكوارث، انتصرت شلة غالى عندما أُقيل جمعة من منصبه لصالح رغبات النجوم الكبار الذين رفضوا الانصياع لتعليماته. مع البدرى، انتهت ظاهرة «الشللية» عندما أجبر غالى ومتعب على البقاء حبيسى دكة البدلاء واستبعدهما من قائمة المباريات عندما اقتضى الأمر ذلك، فأعلنها صريحة منذ يومه الأول: «لا صوت فوق صوت المدرب هنا»، وهو ما انتهى برحيل غالى، وتراجع أسهم الدعم الجماهيرى لمتعب بعدما خرج عن النص أكثر من مرة وهاجم مدربه عبر الفضائيات، فطالبه كثير من الجمهور بضرورة الصمت أو الاعتزال، وهو ما أجبره فى النهاية على تقبل الأمر.

ثالث المشكلات التى كانت بانتظار البدرى هى تقدم أعمار الأعمدة الرئيسية بالفريق، فعندما جاء البدرى كانت تشكيلة الأهلى الثابتة من الوسط إلى الهجوم على مدار ٣ سنوات تضم السداسى «عاشور، غالى، سليمان، السعيد، زكريا، ومتعب (أو رأس حربة لا يكمل أكثر من عام)». وعدا مؤمن زكريا فهؤلاء جميعًا تخطوا عامهم الثلاثين، وهو ما خلق مشاكل فنية كبيرة على المستويين البدنى والمهارى، واحتاج لضخ دماء جديدة، وهذا ما نجح فيه بالفعل عندما استبدل السولية بـ«غالى»، وأجاى بـ«وليد سليمان»، ومتعب بـ«مروان محسن»، قبل أن يُصاب، ويصل أخيرًا وليد أزارو.

كما أصبح صالح جمعة شريكًا فى مركز صناعة اللعب ويهدد بقاء السعيد، بالإضافة لدخول على معلول على حساب صبرى رحيل، وهذا يوحى بأن البدرى أجرى تعديلات كبيرة ونزل بمعدل الأعمار، وكانت نتائجه الجيدة محليا وإفريقيًا نتاج خطة عمل مدروسة كان الموسم الماضى مجرد بداية فقط سيتم استكمالها الفترة المقبلة.

اللعب الجماعى يخفى القصور البدنى والفنى

أدرك البدرى مبكرًا أن لديه مشكلات فنية كبيرة على المستوى الفردى بفعل تقدم أعمار الأعمدة الرئيسية ومحور وسط الفريق «غالى، عاشور، السعيد، سليمان»، لذا كانت الجماعية سلاحه الأبرز فى مواجهة القصور البدنى والفنى عند بعضهم. الدفاع بالهجوم، والهجوم بالدفاع، جملتان لخص بهما خوان مانويل ليلو، أسطورة التدريب الإسبانية الذى تعلم على يده بيب جوارديولا، تلك الاستراتيجية، واستعان بهما البدرى منذ انطلاقته، فعمل على إرساء منظومة عمل جماعية يشارك فيها ثلاثى المقدمة «مؤمن، سيلمان، السعيد، وبدائلهم» فى العمل الدفاعى، فيتواجدون أمام ظهيرى الجانب فى المناطق الأخيرة بمجرد افتقاد الكرة، فصارت رؤية حارس المرمى شريف إكرامى من الأمور المحالة وكسر الحارس المتواضع الرقم القياسى فى «الكلين شيت»، ولما تعرض لشبه اختبارات إفريقية ظهر سيئًا كما عادته فى المناسبات الكبيرة. لم يخفِ الأسلوب الدفاعى لـ«البدرى» عيوب إكرامى فحسب، بل ساهم فى الحفاظ على مكانه بالمنتخب، وأيضا سعد سمير الذى نال قدرًا كبيرًا من الانتقادات الأهلاوية قبل مجىء البدرى، حينما كان المدافع يقدم أسوأ ما لديه، عاد إلى صفوف المنتخب، بعدما ظهر بمستوى طيب مع البدرى، وكذلك حسام عاشور وأحمد فتحى اللذان استبعدهما كوبر من حساباته آنذاك، ولم يعودا مجددًا سوى بعودة البدرى الذى أعاد فتحى لمستواه بفضل أسلوب اللعب الجماعى. وعلى المستوى الهجومى، كان الأهلى وعلى مدار ٣ سنوات قبل مجىء البدرى، يعتمد على ثلاثى صناعة اللعب «السعيد، سليمان، مؤمن»، وعانى الأهلى معهم كثيرًا، لافتقادهم مهارات المراوغة فى الثلث الأخير وفشلهم فى اختبار «واحد على واحد»، فكان سلاح الجماعية عبر صعود متكرر للظهيرين أحمد فتحى وعلى معلول هو نقطة التحول فى الشكل الهجومى للأهلى وإخفاء القصور الفردى عند الثلاثى المذكور. وبفضل مدافعى الجانب سجل الأهلى الجزء الأكبر من أهدافه عبر الأطراف، فكان أحمد فتحى اللاعب الأكثر صناعة للأهداف فى الدورى بـ١٠ أهداف وتفوق عليه معلول فى إجمالى البطولات، كما صنعا مجتمعين قرابة ٥٠ فرصة تهديف، وهنا استعان البدرى بالدفاع لكى يقدم منظومة هجومية جيدة، فتفرغ مؤمن ووليد لدخول مناطق الخصم بشكل أكبر فزادت معدلات تهديفهما عما كانت عليه خلال السنوات التى سبقت البدرى. إلى جانب ذلك، بدأ البدرى تنفيذ خطة الإحلال والتجديد دون أن يشعر الجمهور بشىء، فبات عمرو السولية ركيزة الوسط الأساسى وتفوقت مشاركاته على كل لاعبى الوسط، وأصبح أجاى جناحًا مفضلًا قبل مؤمن ووليد، وحصل صالح جمعة على فرص كثيرة أجاد فى أغلبها، ولولا تمرده لرافق السعيد متعب على الدكة. وبفضل تلك التغييرات امتلك معدلات بدنية أعلى وحلولا فنية ومهارية لم تكن موجودة، فأصبح وسط الأهلى أقوى ونجح فى الاستحواذ فى جميع مبارياته عدا مواجهتين كان فيهما أقل فى الاستحواذ، أمام المقاصة بالدور الأول بـ٤٩٪ مقابل ٥١٪، وأمام الوداد البيضاوى فى دورى المجموعات بالمغرب، عدا ذلك نجحت منظومة البدرى الجماعية فى السيطرة والاستحواذ على اللعب وتحصين المرمى دفاعيًا، مع صناعة فرص تهديف كبيرة.

السيطرة المحلية وطرق أبواب المجد الإفريقى.. الأرقام تتحدث

رقميًا، نجح البدرى فى تحقيق إنجازات واضحة للجميع، ففاز بالدورى العام دون هزيمة بعد غياب عن هذا الرقم ١٢ عامًا، منذ أن حققه جيل الأحلام مع جوزيه، ويعد رقم البدرى هذا هو السابع فى تاريخ نادى القرن الذى نشأ فى ١٩٠٧، ما يعنى أنه يتكرر كل قرابة ٢٠ عامًا، كما نجح الأهلى فى الفوز على الخصم التقليدى الزمالك ذهابًا وإيابًا للمرة الأولى منذ ٩ سنوات. وفى بطولة الكأس عاد الأهلى إلى اللقب بعد غياب ١٠ سنوات، وجمع بين البطولتين المحليتين للمرة الأولى منذ ١٠ سنوات أيضًا منذ حققها فريق جوزيه. فى بطولة إفريقيا كان دور المجموعات الحد الأقصى مع المدربين الـ٦ السابقين، وفى حضرة البدرى وصل الفريق إلى المباراة النهائية للمرة الأولى منذ٢٠١٣ وكان قريبًا للغاية من التتويج باللقب لولا بعض الأخطاء التى ارتكبها المدرب، ولاعبوه، وأخطاء التحكيم أيضًا. خاض البدرى مع الأهلى فى ولايته الثالثة ٥٧ مباراة، فاز بـ٣٨ مباراة وتعادل فى ١٥، وخسر ٤ فقط، واستحوذ على الكرة فى جميعها، عدا مباراتين، فجميعها أرقام تنفى ما رُوِّج حول غياب الشكل الخططى والتكتيكى للأهلى الذى لم يحضر مع أحد منذ رحيل جوزيه كما حضر مع البدرى. تهديفيًا، سجل الأهلى ١٠٨ أهداف، واستقبل ٣٤ هدفًا فى موسم واحد، وهو أعلى معدل تهديف منذ رحيل جوزيه، وأقوى دفاع أيضًا.

أهم أخبار الرياضة

Comments

عاجل