المحتوى الرئيسى

عام على انتخاب ترامب.. وعود كبيرة ونجاحات محدودة وجدل لا ينتهي

11/10 15:15

رافعا شعار "أمريكا أولا " ومتعهدا بأن يكون رئيسا لكل الامريكيين، وبتغيير وجه أمريكا سياسيا واقتصاديا، فاز دونالد ترامب قبل عام بالانتخابات الرئاسية الامريكية ليصبح الرئيس الخامس والاربعين في قائمة رؤساء الولايات المتحدة ، إلا أنه وبعد عام على فوزه ، فإن ترامب ،وباستنثاء تصريحاته المثيرة للجدل ودخوله في مواجهة مفتوحة مع الصحافة والإعلام الامريكي والتغييرات والاستقالات المتكررة في أفراد طاقمه المقرب ،لم يستطع احداث التغيير الجوهري الموعود في سياسات الولايات المتحدة ،سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي .

وتظهر المقارنة بين الضجة الهائلة التي رافقت فوزه والوعود الكبيرة التي قطعها على نفسه خلال حملته الانتخابية ، وبين حصيلة ما تحقق من هذه الوعود حتى الآن، أن الفارق كبير بين حسابات ترامب المرشح وحسابات ترامب الرئيس.

وبينما استطاع ترامب ان يحقق بعض النجاحات الملموسة خلال عامه الأول في الحكم ، ولاسيما على مستوى النمو الاقتصادي والحرب على تنظيم "داعش"، فإنه في المقابل لم يستطع الوفاء حتى الآن بالتعهدات التي قطعها على نفسه في ملفات اخرى خاصة في السياسة الخارجية التي بدأ في كثير من ملفاتها متناقضا مع ما كان قد تعهد به قبل انتخابه .

فرغم أن ترامب تعهد خلال حملته الانتخابية باحداث تغيير جذري في طريقة الحكم في الولايات المتحدة وسياساتها ، وسعى مباشرة عقب فوزه ودخوله البيت الابيض للتمرد على الميراث السياسي لأسلافه من الرؤساء ، خاصة الديمقراطيون منهم ، إلا انه فشل في توحيد الكونجرس بأغلبيته الجمهورية ، خلف الكثير من قرارته ، لاسيما في ملفات مثل التأمين الصحي وقوانين الهجرة والأمن وغيرها ، وهو ما اضطره في النهاية للعودة عن الكثير منها أو لاكتفاء بتعديل بعضها .

ففى الملف الأول المتعلق بقانون الإصلاح الصحي المعروف بقانون " أوباما كير" والذي اعتبر أحد اهم انجازات إدارة الرئيس السابق بارك اوباما ، كونه يمنح جميع الامريكيين تأمينا صحيا قابلا للتمويل، فقد وعد ترامب خلال حملته الانتخابية بالغاء هذا القانون واستبداله بنظام افضل ، لكنه وبعد مرور عام على فوزه لم يتمكن هو وإدارته من التوصل لصيغة جديدة لإصلاح التأمين الصحي ، وهو ما اضطر حتى اعضاء الحزب الجمهوري في الكونجرس لتأييد الابقاءعلى قانون " اوباما كير" لحين التوصل لصيغة جديدة ، في حين اكتفى ترامب باقتطاع بعض الأموال التي كانت مخصصة للنظام الصحي لكي يقنع الرأي العام بأنه غير هذا النظام .

والملف الثاني المهم الذي قدم ترامب وعودا كبيرة بشأنه ، كان ملف المهاجرين الأجانب، حيث تعهد خلال الانتخابات ،بالعمل على الحد من اعداد المهاجرين إلى الولايات المتحدة من خلال سن قوانين جديدة والعمل على بناء جدار عازل على الحدود مع المكسيك، بل وأعلن أن المكسيك ستتحمل تكلفة بناء هذا الجدار ، لكن وبعد عام على انتخابه فقد اخفق في الوفاء بالكثير من هذه التعهدات ، فالاجراءات والمراسيم الرئاسية التي أصدرها لتقنين وتقييد الهجرة وتأشيرات دخول الاجانب ، والتي كانت من اوائل المراسيم التي اصدرها عقب توليه مهامه رسميا ، جرى ابطالها أو تجميدها من قبل مختلف المحاكم الامريكية.

أما فيما يتعلق ببناء جدار على الحدود مع المكسيك والذي أعلن ان الجانب المكسيكي سيتحمل تكلفة بنائه والتي تقدر بنحو مليار ونصف المليار دولار، فإنه لم يتم اتخاذ أي خطوة في هذا الموضوع حتى الآن ، بل إن صحيفة "واشنطن بوست " كشفت في شهر اغسطس الماضي ، عن نص محادثة جرت بين ترامب ونظيره المكسيكي أعترف خلالها الاول ( ترامب ) بأنه يدرك أن المكسيك لن تتحمل تكلفة بناء هذا الجدار، لكنه طلب من الأخير عدم ذكر هذا الأمر حتى لا يؤثر على صورته لدى الرأي العام الامريكي.

ذلك لا يعني تخلي ترامب عن سياساته ومواقفه في موضوع الهجرة، بل إنه يبدو أكثر تمسكا بها، حيث كانت آخر تصريحاته في هذا الشأن تأكيده أنه سيعمل على انهاء برنامج اليانصيب الخاص بالاقامة الدائمة في الولايات المتحدة، والذي قال انه سمح لارهابيين بدخول الاراضي الامريكية، ومن هذا المنطلق تواصل السلطات الأمريكية إجراءاتها الصارمة لملاحقة المهاجرين غير الشرعييين، حيث يقدر عدد من تم اعتقالهم حتى شهر أغسطس الماضي بنحو 28 ألف شخص لا يرتكبوا أي مخالفة سوى تهمة خرق قانون الهجرة .

وفي مقابل ذلك، نجح ترامب في تحقيق انجازات مهمة داخليا، كان أبرزها في المجال الاقتصادي، حيث حقق الاقتصاد الامريكي منذ تولى ترامب مؤشرات ايجابية قوية، فقد نما بنسبة 3 فى المائة لربعين متتالين، وتقلصت البطالة لأدنى مستوى لها منذ عام 2001، . وعلى عكس المخاوف من احتمال أن يؤدي انتخابه إلى انهيار سوق المال الأمريكية ، فإن هذه المخاوف لم تصدق، بل حدث العكس تماما حيث شهدت سوق المال الامريكية ارتفاعا بلغ 21 في المائة منذ فوز ترامب ، وهذا أكبر ارتفاع فى سوق المال فى العام الأول لرئيس امريكي منذ عام 1945 ، وقد عزى محللون اقتصاديون ذلك الى خطة ترامب للاصلاحات الضريبية الضريبية والتي تتضمن اعفاءات ضربية كبيرة سواء للافراد والشركات وهي اعفاءات يقول منتقدو ترامب انها تصب في مصلحة الاغنياء فقط.

أما الانتصار الثاني المهم لترامب وإدارته بعد عام من انتخابه على الصعيد الداخلي ، فكان حسب المراقبين ، النجاح في شغل مقعد شاغر في المحكمة العليا بشخصية قانونية محافظة ،بعدما نجح الجمهوريون في الكونجرس وطوال عام قبل فوز ترامب، في منع اوباما من تعيين شخصية معتدلة في هذا المنصب ، وتعود أهمية هذا الأمر إلى أن قضاة المحكمة العليا يحتفظون بمناصبهم مدى الحياة ، وهو ما يعني أن وجود شخصية محافظة في هذا المقعد سيكون له تأثيره على إصدار القوانين المهمة في الولايات المتحدة ومن ثم على سياساتها.

وعلى صعيد علاقته المتوترة مع الإعلام والصحافة الامريكية منذ ان كان مرشحا ، فإن ترامب ورغم صدامه المستمر مع وسائل اعلام مهمة ورئيسية تمكن بعد عام من فوزه من تجاوز ذلك، ولم تفلح الحملات الانتقادات التي توجهها الصحافة الامريكية لسياساته طريقته في الحكم ، في اجباره على تغيير هذه الطريقة ، بل سعى لتجاوز التعامل الاعلام التقليدي، معتمدا على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي ، الذي استخدمه بشكل لافت خلال الانتخابات ، للدفاع عن نفسه ولتعزيز شعبيته في مواجهة انتقادات الصحافة له . حيث يواصل تغريداته اليومية التي يتابعها الملايين داخل وخارج الولايات المتحدة. وكان ترامب قد عبر عن امتنانه الشديد لموقع تويتر حين أعلن عقب فوزه بالانتخابات قائلا " لولا تويتر لما اصبحت رئيسا "

أما على الصعيد الخارجي فقد كان ترامب حريصا خلال الحملة الانتخابية على التاكيد على انه يولى أهمية أكبر للداخل الامريكي من خلال شعار " أمريكا أولا " ولذلك كان متوقعا ان يحدث انكفاء امريكي على الداخل والانسحاب قليلا من بعض الملفات على الساحة الدولية. كانت اولى مؤشرات ذلك عقب توليه السلطة مباشرة قراره بالانسحاب من اتفاقية الشراكة التجارية مع شرق آسيا والمحيط الهادي والتي كان قد وقعها سلفه بارك اوباما . وتضم هذه الاتفاقية 12 دولة، وتستهدف تسهيل عمليات التجارة بين هذه الدول.كما قرر الانسحاب من اتفاقية المناخ.

وخلال هذا العام ، أظهرت سياساته الخارجية التباين بين المواقف التي تبناها ترامب خلال حملته الانتخابية سواء فيما يخص العلاقة مع حلف الناتو ودوره ، او موقفه من الصين او روسيا ، وبين السياسات التي تبناها بعد انتخابه ، وهو ما يعزز مقولة أن مواقف المرشح ليست بالضرورة ستكون مواقف الرئيس . فبينما هاجم ترامب المرشح حلف الناتو وشكك بجدوى دوره ، فإنه وعقب فوزه سعى لتعزيز علاقات واشنطن مع الحلف وقام بزيارة مقر الحلف في بروكسل واجتمع مع قاده الدول الاعضاء فيه .

وفي حين توترت علاقات واشنطن في عهد ترامب مع موسكو التي كان قد وعد بتطبيع العلاقات معها وفي هذا الإطار،أظهرت سياساته الخارجية التباين في المواقف التي تبناها ترامب خلال حملته الانتخابية سواء فيما يخص العلاقة مع حلف الناتو دوره ، او موقفه من الصين او روسيا وبين ما تنباه من سياساته بعد انتخابه ، وهو ما يعزز مقولة أن مواقف المرشح ليست بالضرورة ستكون مواقف الرئيس . فبينما هاجم ترامب المرشح حلف الناتو وشكك بجدوى دوره فإنه وعقب فوزه سعى لتعزيز علاقات واشنطن مع الحلف وقام بزيارة مقر الحلف في بروكسل واجتمع مع قاده الدول الاعضاء فيه .

وفي حين تعهد ترامب بتطبيع العلاقات مع روسيا فإنه هذه العلاقات توترت بشكل كبير لاسيما بعد التحقيقات التي تجري حاليا حول دور روسي في دعم ترامب خلال الانتخابات الرئاسية ، واتهامات لفريق حملة ترامب باجراء اتصالات سرية مع الروس وهو من ينفيه ترامب وادارته بشدة.

وفي مقابل تصريحاته النارية ضد الصين خلال حملته الانتخابية ، أظهرت زيارة ترامب الأخيرة لبكين قبل أيام ، ضمن جولته الاسيوية الموسعة، والاتفاقيات الضخمة التي وقعها مع الجانب الصيني وتأكيداته خلال الزيارة على الشراكة بين البلدين، أظهرت أن عقلية ترامب رجل الأعمال تغلبت على حسابات ترامب الرئيس، وأن العلاقات الامريكية الصينية تشهد تحسنا لافتا .

ورغم أن ترامب المرشح كان يلوم على أوباما وإدارته التدخل في الشؤون الداخلية للدول والتورط في كثير من البلدان لتغيير انظمتها بالقوة ، فإنه وبعد أصبح رئيسا بدا أقرب لتبني نفس سياسات اوباما بل وأكثر تشددا منه، ففي عهده قامت الولايات المتحدة بقصف احد المطارات العسكرية التابعة للنظام في سوريا بعد أن تردد انها تضم اسلحة كيماوية ، في خطوة لم يقدم عليها اوباما نفسه طوال الازمة السورية كما قرر ترامب تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان ،رغم أن اوباما كان ينوي تقليص عدد القوات الامريكية هناك . كما يبدو ترامب أكثر تشددا تجاه كوريا الشمالية لاسيما بعد تجاربها الصاروخية الأخيرة وتهديداتها بقصف مدن أمريكية، حيث أعلن من فوق منصة الأمم المتحدة أنه سيدمر كوريا الشمالية في حال هددت الأمن القومي الأمريكي.

ومما يحسب لترامب على صعيد السياسة الخارجية هو النجاح الذي حققته الولايات المتحدة وحلفائها في الحرب على تنظيم (داعش) في العراق وسوريا ، بعد طرد عناصر التنظيم في الموصل وغيرها من المدن العراقية، وكذلك تحرير العديد من المناطق التي كان يسيطر عليها في سوريا بفضل الضربات الجوية على مواقع هذا التنظيم . وكان ترامب قد أعلن خلال حملته الانتخابية انه يعطي الحرب على الارهاب والجماعات المتطرفة مثل داعش الاولوية القصوى ، كما تعهد بمضاعفة الضربات الجوية التي تشنها المقاتلات الامريكية على مواقع التنظيم بهدف القضاء عليه نهائيا.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل