المحتوى الرئيسى

"رعاية المسنين وحماية حقوقهم".. خطبة الجمعة بمساجد الإسكندرية

11/10 14:48

أكدت مساجد الإسكندرية على ضرورة رعاية المسنين وحماية حقوقهم، وذلك تنفيذا لاستراتيجية نشر الفكر الوسطى المستنير ونشر الأخلاق الحميدة بين الناس جاء ذلك خلال خطبة الجمعة التى ألقيت اليوم.

قال الشيخ محمد العجمى وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية إن مساجد المحافظة تحدثت فى خطبة الجمعة.  على أن رعاية المسنِّين في الإسلام قائمة على الرحمة والمودة والإخاء وحب الخير، وقد حرص الإسلام تمام الحرص على العناية بفئة المسنين مهما كانت درجة قرابتهم ومهما كانت جهتهم.

وتقوم رعاية المسنين في الإسلام على أسس مهمة تنبع من ربانية المصدر، ومن أهمها الإنسان مخلوق مكرم له مكانته في الإسلام:

قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ﴾ [الحجر: 28 - 30] ومعنى الآيتين ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ ﴾ [الحجر: 28] على وجه الإخبار ﴿ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ﴾ [ص: 71] أي: مادته من طين ﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ ﴾ [ص: 72] أي: سويت جسمه وتم، ﴿ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾ [ص: 72] فوطَّن الملائكة الكرام أنفسهم على ذلك، حين يتم خلقه ونفخ الروح فيه، امتثالا لربهم، وإكراما لآدم عليه السلام، فلما تم خلقه في بدنه وروحه، وامتحن اللّه آدم والملائكة في العلم، وظهر فضله عليهم، أمرهم اللّه بالسجود"[13]، وهو سجود إكرام وإعظام واحترام والمسنُّ له مكانة خاصة في ديننا ستظهر في ثنايا البحث إن شاء الله تعالى.والمجتمع الإسلامي مجتمع متراحم محب للخير للغير:

عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"[14]، وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعىله سائر الجسد بالسهر والحمى"[15]، فالمؤمنون متحدون يشد بعضهم بعضا فكل واحد منهم قوي بأخيه وقدقالأنس بن مالك جاء شيخ يريد النبي -صلى الله عليه وسلم- فأبطأ القوم عنه أن يوسعوا له فقال النبي -صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا"[16].

وبين العجمى أهمية رعاية المسنين من الأقربين:

قال تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا * رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا * وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ﴾ [الإسراء:23 - 27].

والمراد بالآيات أنه"يقول تعالى آمرًا بعبادته وحده لا شريك له؛ فإن القضاء هاهنا بمعنى الأمر. قال مجاهد: ﴿ وَقَضَى ﴾ [الإسراء: 23] يعني: وصى، وكذا قرأ أبيّ بن كعب، وعبد الله بن مسعود، والضحاك بن مزاحم: "ووصى ربك ألا تعبدوا إلا إياه" ولهذا قرن بعبادته بر الوالدين فقال: ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء: 23] أي: وأمر بالوالدين إحسانًا، كما قال في الآية الأخرى: ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ [لقمان: 14 ].

وقوله: ﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ﴾ [الإسراء: 23] أي: لا تسمعهما قولا سيئًا، حتى ولا التأفف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ ﴿ وَلَا تَنْهَرْهُمَا ﴾ [الإسراء: 23] أي: ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح، كما قال عطاء بن أبي رباح في قوله: ﴿ وَلَا تَنْهَرْهُمَا ﴾ [الإسراء: 23] أي: لا تنفض يدك على والديك. ولما نهاه عن القول القبيح والفعل القبيح، أمره بالقول الحسن والفعل الحسن فقال: ﴿ وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23] أي: لينًا طيبًا حسنًا بتأدب وتوقير وتعظيم.

﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ﴾ [الإسراء: 24] أي: تواضع لهما بفعلك ﴿ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا ﴾ [الإسراء: 24] أي: في كبرهما وعند وفاتهما ﴿ كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 24] [17].

وبعد كل هذا "يقول تعالى: ﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ﴾ [الإسراء: 26] من البر والإكرام الواجب والمسنون وذلك الحق يتفاوت بتفاوت الأحوال والأقارب والحاجة وعدمها والأزمنة.

﴿ وَالْمِسْكِينَ ﴾ [الإسراء: 26] آته حقه من الزكاة ومن غيرها لتزول مسكنته ﴿ وَابْنَ السَّبِيلِ ﴾ [الإسراء: 26] وهو الغريب المنقطع به عن بلده، فيعطي الجميع من المال على وجه لا يضر المعطي ولا يكون زائدا على المقدار اللائق فإن ذلك تبذير قد نهى الله عنه وأخبر: ﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ﴾ [الإسراء: 27] لأن الشيطان لا يدعو إلا إلى كل خصلة ذميمة.."[18].

والوالدان هما مفتاح الجنة للابن فببرهما يدخل الجنة وبخاصة من أدرك أبويه عند الكبرعن أبى هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه". قيل من يا رسول الله قال « من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة " [19]، فالوالدان يحتاجان إلى الرعاية والحنان عند كبرهما وفي ذلك سعادة للابن في الدنيا والآخرة وقليل من الناس من يعمل بهذه

وعن رعاية المسنين من عامة الناس قال العجمى:

حث النبي صلى الله عليه وسلم على إكرام المسنين ورغب في ذلك ومما ورد في ذلك: إكرام المسنين من إجلال الله تعالى:

عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط "[21].

  توقير المسنين:عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: أن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا"[22].

تسليم الصغير على الكبير:عن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه و سلم قال:" يسلم الصغير على الكبير والمار على القاعد والقليل على الكثير "[23].

 تقديم المسن في وجوه الإكرام عامة:عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أمرني جبريل أن أقدم الأكابر "[24].

فيقدم المسن عموما في كثير من أبواب الخير وحتى في إمامة المصلين إن كان أحفظ لكتاب الله تعالى فعن أبي قلابة قال حدثنا مالك: أتينا إلى النبي صلى الله عليه و سلم ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين يوما وليلة وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم رحيما رفيقا فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا أو قد اشتقنا سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه قال: "ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم " وذكر أشياء أحفظها أو لا أحفظها" وصلوا كما رأيتموني أصلي فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم "[25].

وشدد العجمى على أهمية التخفيف عن المسنين في بعض الأحكام الشرعية الخاصة:

دين الله تعالى جاء لسعادة البشر في الدنيا والآخرة والأحكام التي شرعها الله تعالى تراعي مبدأ التخفيف بحيث لا تكليف إلا بمقدور ومستطاع خاصة المسنين منهم ونرى ذلك بوضوح في جل التشريعات الإسلامية.. فقد خفف الشرع عن المسن في الكفارات والفرائض والواجبات.. وفي الفرائض: أجاز للمسن أن يفطر في نهار رمضان -ويطعم- إذا شق عليه الصيام، وأن يصلي جالسًا إذا شق عليه القيام، وأن يصلي راقدًا إذا شق عليه الجلوس.. وهكذا.. ولقد عنّف الرسول صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل لما صلى بالناس فأطال ذات يوم فعنجابر بن عبد الله الأنصاري قال: أقبل رجل بنا ضحين وقد جنح الليل فوافق معاذا يصلي فترك ناضحه وأقبل إلى معاذ فقرأ بسورة البقرة أو النساء فانطلق الرجل وبلغه أن معاذا نال منه فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فشكا إليه معاذا فقال النبي صلى الله عليه و سلم:" يا معاذ أفتان أنت" أو " فاتن " ثلاث مرات " فلولا صليت بسبح اسم ربك والشمس وضحاها والليل إذا يغشى فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة "[26]، ورخص للمسن أن يحج عنه غيره إذا لم يستطع الذهاب هو بنفسه إلى الحج فعن ابن عباس عن الفضل أن امرأة من خثعم قالت يا رسول الله إن أبى شيخ كبير عليه فريضة الله في الحج وهو لا يستطيع أن يستوى على ظهر بعيره. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- " فحجى عنه "[27].

واختتم العجمى حديثه بتوجيه مجموعة منالإرشادات فى رعاية المسنيين قائلا :-

وصف الله عز وجل مرحلة الكبر في القرآن الكريم بأنها عودة إلى أرذل العمر لذا يجب علينا رعاية المسنِّين في الإسلام يقوم على أسس وركائز أهمها أن الإنسان مخلوق مكرم له مكانته في الإسلام وأن المجتمع الإسلامي مجتمع متراحم محب للخير للغير.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل