المحتوى الرئيسى

السعودية تدق أجراس الخطر داخل إيران

11/09 04:39

خرج الرئيس الإيراني حسن روحاني عن سياق التعاطي الدبلوماسي التقليدي في مناوشات إيرانية تكررت سابقا مع السعودية، لكن هذه المرة عكست ارتباكا عميقا في أروقة النظام الإيراني، وانتقلت إلى مستويات سياسية أعلى.

وفي السابق كان مصدر اللغة غير المألوفة، التي تحمل طابعا تهديديا للسعودية ودول عربية أخرى، جنرالات في الجيش أو الحرس الثوري أو مسؤولين في المستوى الأعلى من المتوسط، دون تبنيها من قبل الرئيس أو مكتب المرشد الأعلى.

ويدل خروج روحاني عن السياق على إدراك عميق في إيران لعزم السعودية على المواجهة السياسية الشاملة مع طهران، ونقل هذه المواجهة إلى دوائر النفوذ التقليدي الإيراني بدءا بلبنان واليمن ووصولا إلى سوريا والعراق.

وبدأ أول أشكال المواجهة باستقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من منصبه.

ونقلت وكالة “تسنيم” الإيرانية عن روحاني القول مخاطبا المسؤولين السعوديين “أنتم تدركون جيّدا مكانة وقوة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، من هم أعظم شأنا منكم لم يتمكنوا من المساس بالشعب الإيراني”.

ويعبر عنف التصريحات الصادرة عن الرئيس الإيراني عن تضعضع داهم في طهران استدعى أن تتولى واجهة إيران مع العالم، المتمثلة بشخص روحاني شخصيا، الرد على الرياض.

وقالت مصادر دبلوماسية أوروبية في بروكسل إن قلقا بدأ يسيطر على المجتمع الدولي من السجال الحاصل حاليا بين الرياض وطهران، ويعتبر أن استهداف الرياض بصاروخ باليستي أطلق من اليمن يمثل تدهورا خطيرا قد ينقل مستويات الصراع بين إيران والسعودية من حروب الوكالة إلى مستوى الصدام المباشر.

وقرأ مراقبون تصريح روحاني بصفته “تهويلا عسكريا” يستبق أي خطط محتملة لرد عسكري قد تلجأ إليه الرياض، بعد أن اعتبر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن “ضلوع إيران في تزويد الميليشيات الحوثية التابعة لها بالصواريخ يعد عدوانا عسكريا ومباشرا من قبل النظام الإيراني، وقد يرقى إلى اعتباره عملا من أعمال الحرب ضد المملكة”.

فيما تولى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير توجيه الاتهام إلى حزب الله مباشرة بإطلاق هذا الصاروخ بعد ساعات على خطاب استقالة الحريري، الذي شن فيه هجوما شديدا على إيران وحزب الله.

ولفتت مصادر قريبة من وزارة الخارجية الأميركية أن موقف واشنطن جاء ليرفد الاتهامات السعودية لحزب الله وإيران باستهداف الرياض، بما يعكس تنسيقا كاملا في المواقف السعودية الأميركية في مسألة مواجهة السياسة الإيرانية في الشرق الأوسط، بما يتّسق مع الاستراتيجية التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مواجهة إيران.

ورحب البيت الأبيض في بيان صدر الأربعاء بالموقف السعودي، مؤكدا أن “الاعتداءات الصاروخية للحوثيين ضد السعودية التي تحصل بتسهيل من الحرس الثوري الإيراني، تهدد الأمن الإقليمي وتسيء إلى جهود الأمم المتحدة للتفاوض على حل لهذا النزاع″، مشيرا إلى أن مثل هذه الصواريخ “لم تكن موجودة في اليمن قبل النزاع″، وجدد دعوة “الأمم المتحدة إلى التدقيق في الوقائع التي تثبت أن النظام الإيراني يطيل النزاع في اليمن بهدف تحقيق طموحاته الإقليمية”.

أما روحاني فقد اتهم الولايات المتحدة في تصريحاته بإذكاء الخلافات في المنطقة من أجل صفقات السلاح، وقال إن “الإدارة الأميركية الأخيرة تملك مهارة خاصة في نهب جيب المنطقة لا سيما السعودية”، مضيفا أن “أميركا وكل أذنابها عبأوا كل إمكاناتهم وقدراتهم لكنهم هزموا أمام صلابة وقوة الشعب الإيراني”.

وشدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على مواصلة التعامل بحزم مع نشاطات إيران الإقليمية وبرنامجها الخاص بالصواريخ الباليستية.

ودعا ماكرون إلى عدم فتح “جبهة إضافية” مع إيران في وقت تشهد فيه العلاقات الإيرانية السعودية توترا متصاعدا على خلفية استهداف المتمردين الحوثيين في اليمن الرياض بصاروخ باليستي.

وقال ماكرون لصحيفة “الاتحاد” الإماراتية “من المهم أن نظل حازمين مع إيران في ما يتعلق بأنشطتها الإقليمية وبرنامجها الباليستي”.

وتابع “نحن بحاجة اليوم وأكثر من أي وقت مضى إلى منطقة يعمها السلام”، مضيفا أن “فتح جبهة إضافية لن يؤدي إلا إلى تفاقم التوترات وزيادة عدم الاستقرار في هذه المنطقة”.

وبدأت إيران لأول مرة تتبنى لهجة دفاعية، عكست حالة نفسية عامة في طهران هي انعكاس لتغيرات عميقة تجري في السعودية. ويقول دبلوماسيون غربيون إن الإيرانيين يحاولون تنبؤ ما يعد له السعوديون، ويشعرون أن ما تعيشه المنطقة الآن قد يكون “الهدوء الذي يسبق العاصفة”.

وكانت استقالة الحريري، بعد ساعات من لقائه علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى، إخفاقا إيرانيا كبيرا، ومن شأنها أن تتسبب في غرق حزب الله في تفاصيل الوضع الداخلي اللبناني لفترة طويلة مقبلة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل