فوائد الديون تلتهم 986 مليون جنيه يوميا..والخبراء يحذرون الحكومة

قفزت مصروفات مصر على فوائد الديون بنحو 41.9% في أول شهرين من العام المالي الجاري 2017/2018 نتيجة توسع الحكومة في الإقتراض محليا وخارجيا خلال الفترة الأخيرة.

وبحسب التقرير المالي الشهري لوزارة المالية ارتفعت فوائد الديون خلال شهري يوليو وأغسطس الماضيين لتصل إلى 59.2 مليار جنيه مقابل 41.7 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضي بما يعني أن أكثر من 986 مليون جنيه من موارد الدولة تذهب يوميا لسداد الفوائد وهو ما يؤثر سلبا على الإنفاق على باقي بنود الموازنة وعلى رأسها التعليم والصحة.

وتكشف بيانات موازنة الدولة للعام المالي الجاري 2017/2018 استحواذ فوائد الديون المصرية على نحو 35% من جملة مصروفات الدولة طوال العام.

ويحذر خبراء الاقتصاد من الآثار السلبية لتوسع الحكومة في الاقتراض المحلي والخارجي على حجم المديونية ما يؤدي إلى تباطؤ معدلات النمو وعدم قدرة الحكومة على تنفيذ الأولويات التنموية وتخفيض معدلات الفقر والبطالة وتحسين مستويات المعيشة.

عجز الموازنة سرطان في جسد الاقتصاد

وقال الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ التمويل وأسواق رأس المال بجامعة القاهرة، أن السبب الرئيسي وراء ارتفاع فوائد الديون خلال أول شهرين من هذا العام، ارتفاع عجز الموازنة المصرية، بجانب التأثيرات السلبية لرفع البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة 7% منذ تعويم الجنيه.

وأضاف لـ"دوت بيزنس"، أن عدم قدرة الدولة على تخفيض معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة سيعيق من قدرة البنك المركزي على خفض أسعار الفائدة وهو ما سينعكس بالسلب على بند خدمة الديون، متوقعا أن يتخطي الإنفاق على خدمة الديون خلال العام المالي الجاري حاجز الـ 420 مليار جنيه.

وتقدر وزارة المالية فوائد الديون على مصر في موازنة العام المالي الجاري بـ 380 مليار جنيه ، مقارنة بـ 304 مليارات جنيه في الموازنة الماضية.

وأكد إبراهيم على ضرورة العمل على ضبط عجز الموازنة المتفاقم، مع ضرورة قيام البنك المركزي بتخفيض سعر الفائدة لتخفيض مدفوعات خدمات الدين المحلي في الموازنة لمساعدة الحكومة تحقيق المستهدف من عجز الموازنة العامة للدولة.

وكان وزير المالية عمرو الجارحي أعلن في الشهر الماضي رفع تقديرات الوزارة لمدفوعات فوائد الديون من 380 مليار جنيه إلى 410 مليارات جنيه ؛ نتيجة رفع أسعار الفائدة مرتين.

ارتفاع الديون غول يبتلع أموال الدولة

الخبير الاقتصادي أحمد سالم قال إن فوائد ديون مصر في موازنة العام المالي الجاري ضخمة للغاية، وتؤثر سلبا على الإنفاق على البنود الأخري لاسيما برامج الحماية الاجتماعية.

وأوضح أن المبالغ التى يتم توجيهها لسداد فوائد الديون كفيلة بإحداث تغيير جذري في التعليم والصحة وتحسين الخدمات المقدمة في المدارس والمستشفيات الحكومية.

وأكد على ضرورة الحد من الإقتراض الداخلي والخارجي للسيطرة على الارتفاع المستمر في تكلفة خدمة الدين.

وارتفع الدين العام المحلي إلى 3.097 تريليون جنيه في مارس 2017، مقابل 2.496 تريليون جنيه في مارس 2016.

وأشار البنك المركزي، إلى أن الدين العام المحلي ارتفع إلى 94.7% من الناتج المحلي الإجمالي في مارس الماضي، مقابل 92.2% في نفس الفترة المقابلة.

بينما ارتفع الدين الخارجي لمصر بواقع 41.6% إلى 79 مليار دولار بنهاية السنة المالية 2016-2017 في 30 يونيو الماضي، حسبما أعلن البنك المركزي المصري.

من جانبه قال الدكتور أحمد جلال وزير المالية الأسبق أن وصول الدين العام إلى هذا المستوى يحتاج وقفة جادة، صحيح أن هناك جدلا حول الحدود الآمنة للدين العام، وصحيح أن الدول تختلف فى قدرتها على جذب واستيعاب المديونية الخارجية، إلا أن الأبحاث تشير إلى الكثير من التداعيات السلبية إذا ما تخطى الدين العام 90% من الدخل القومى أما وقد تخطينا هذا الحد بشكل كبير، فالأمر يتطلب التريث فى الحصول على مزيد من القروض الحكومية، وكثيرا من الحكمة فى التعامل مع المشكلة.

وأضاف أن هناك ثلاثة سبل للخروج من مأزق الديون: الأول الالتزام بتحقيق فائض أولى فى الموازنة العامة لسنوات قادمة، أى زيادة الإيرادات على المصروفات، عدا خدمة الدين من فوائد وأقساط مستحقة. هذا الفائض يسهم فى تمويل جزء من تكلفة الدين، وبالتالى خفض العجز الكلى للموازنة ومعه الحاجة للاقتراض.

الثاني زيادة معدلات نمو الناتج المحلى، لأن ذلك من شأنه زيادة قدرة الاقتصاد على خدمة الدين واستيعاب قروض جديدة.

الثالث إحداث طفرة فى إدارة الدين العام، خاصة فيما يتعلق باستخدام القروض فى مشروعات لها عائد اقتصادى واجتماعى يفوق تكلفتها.

من جانبه أكد محافظ البنك المركزي طارق عامر إنه لا يخشي من زيادة الديون الخارجية والتي من المقرر أن تسدد منها مصر نحو 12.9 مليار دولار العام المالي المقبل، مشيرا إلى أن الأموال التي حصلت عليها مصر من الخارج ضخت بعد ذلك في مشروعات تنموية.