المحتوى الرئيسى

«سيناء ــ ليبيا ــ الواحات».. الحقيقة وراء تنظيم «أنصار الإسلام»

11/07 22:19

بينما كانت شمس سيناء تُرسل أشعتها الذهبية لتعانق الرمال، وقف عدد من الإرهابيين «مُلَثمين»، يتفقدون أسلحتهم العتيقة، قبل أن يبدأوا استعراضهم العسكرى، الذى صوره أحدهم من فوق أحد الكثبان الرملية.

لاحقًا، بث الإرهابيون الفيديو على موقع «يوتيوب»، معلنين ميلاد جماعة «جند الإسلام»، وذلك فى أوائل عام ٢٠١٥، وهو الفيديو الذى أزاله الموقع بعد ذلك. فى أعقاب ذلك، اختفت الجماعة من على الساحة، إلى أن ظهر بيان تبنت فيه جماعة أطلقت على نفسها «أنصار الإسلام»، هجوم «الواحات» الإرهابى الذى وقع أواخر شهر أكتوبر الماضى، وحسب مصادر فإن «أنصار الإسلام» هى نفسها جماعة «جند الإسلام».

ذلك الكشف والربط بين «جند الإسلام» و«أنصار الإسلام»، واحد ضمن مجموعة من السيناريوهات، التى خرجت لـ«تحليل» حقيقة «أنصار الإسلام»، وعلاقتها بتنظيمى «القاعدة» و«داعش»، وما يتفرع منهما من تنظيمات، مثل «المرابطون» وغيره.

الرواية الأولى: أسسه منشقون عن «بيت المقدس».. والتكوين تم فى ليبيا

بعد إعلان تنظيم «أنصار بيت المقدس» الإرهابى، بيعته لتنظيم «داعش»، فى أواخر عام ٢٠١٤، انشق عدد من عناصر التنظيم الأول، ومن بينهم الضابط المفصول هشام عشماوى، ورفيقه الضابط المفصول عمادالدين عبدالحميد، مكونين الجماعة الجديدة باسم «جند الإسلام»، حسب مصادر.

وتضيف تلك المصادر: بمجرد أن أعلنت الجماعة الجديدة عن نفسها داخل سيناء، رفضت قيادات تنظيم «أنصار بيت المقدس»، الذى غير اسمه لـ «ولاية سيناء»، السماح لهم بالعمل الإرهابى فى مناطق سيطرته.

وتُرجع المصادر ذلك إلى أن «بيت المقدس» اعتبر المنطقة «ولاية مكانية»، التى بمجرد إعلانها تبطل شرعية الجماعات الموجودة على الساحة، ويجب عليها مبايعة زعيم داعش الإرهابى، أبوبكر البغدادى، ودخولها فى إطار «الولاية»، لكى يسمح لها بالعمل وتكشف المصادر عن أن عناصر «جند الإسلام»، عرضوا على تنظيم «داعش» الإرهابى، مبايعتهم «بيعة قتال»، ما يعنى اشتراكهم مع عناصر «داعش» فى العمليات الإرهابية دون الاعتراف بـ«البغدادى» زعيمًا، لكن قيادات «داعش» رفضوا قبول هذه البيعة، واعتقلوا عددًا من إرهابيى «جند الإسلام».

فى هذه الأثناء، كان الإرهابيان هشام عشماوى، وعماد عبدالحميد، قد غادرا إلى ليبيا بعد انفصالهما عن تنظيم «أنصار بيت المقدس»، وفى يوليو ٢٠١٥، بث تنظيم «المرابطون» التابع لتنظيم «القاعدة» كلمة صوتية لـ«عشماوى»، الذى أطلق عليه كنية «أبوعمر المهاجر»، معلنًا أنه أمير «المرابطون» الحالى.

وذكرت مصادر لـ«الدستور»، أن تنظيم «المرابطون» سعى لتجنيد خلايا له فى مصر، وعمل على تهريب عناصر إرهابية إلى مدينة «درنة» الخاضعة لسيطرة تنظيم «القاعدة» فى ليبيا، لتدريبهم عسكريًّا، لكى يعودوا إلى مصر لاحقًا لتنفيذ أعمال إرهابية.

ويثبت ما كشفته المصادر لـ«الدستور»، عن هجوم القيادى المحسوب على تنظيم «القاعدة» عمر رفاعى سرور، أحد المتهمين فى قضية «أنصار بيت المقدس»، فى تدوينة سابقة له على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» على عناصر «داعش» فى سيناء.

وقال سرور فى تدوينته تلك إن دواعش سيناء منعوا من وصفهم بـ«أخوة جند الإسلام» من العمل فى سيناء.

وخلال الأسبوع الجارى، بثت قنوات تابعة لتنظيم «القاعدة» على تطبيق «تليجرام» للتواصل الاجتماعى، كلمة صوتية لـ«أبومحمد السيناوى»، هاجم فيها أيضًا عناصر «داعش»، معتبرًا أنهم «خوارج البغدادى»، وهو نفس الوصف الذى يطلقه عناصر تنظيم «القاعدة» على الدواعش.

وفى السياق ذاته، فإن بيان تبنى عملية «الواحات»، تم نشره على قناة بموقع «تليجرام» تسمى «حراس الشريعة: مصر الكنانة»، الذى جاء حاملًا عنوان: «معركة عرين الأسود».

وقبيل نشر البيان بيوم واحد، أعلنت القناة أنها ستنشر بيانًا مهمًا بعد قليل، قبل أن تعود وتعلن تأجيل نشر البيان، لتبث فى صبيحة يوم الجمعة ٣ من نوفمبر، بيان تبنى هجوم الواحات الإرهابى.

وقد تواصلت «الدستور» عبر تطبيق «تليجرام» للتواصل الاجتماعى مع القائمين على إدارة القناة، طالبة معلومات جديدة عن تنظيم «أنصار الإسلام» الإرهابى، لكن إدارة القناة رفضت الكشف عن معلومات جديدة، وقالت إنها ستعلن فى وقت لاحق أى مستجدات.

وعلمت «الدستور»، من مصادر مطلعة، أن قناة «حراس الشريعة» يديرها عدد من عناصر تنظيم «القاعدة» المتواجدين فى سوريا، وليبيا، وتعد الناقل الحصرى لبيانات تنظيم أنصار الإسلام الإرهابى.

وحسب مصادر، فإن «القاعدة» ــ وتحديدًا فرعه «المرابطون فى المغرب العربى» ــ عمد إلى تأسيس فرع جديد له فى مصر، واختار «عشماوى» أميرًا له، ولذلك قصة، تقول إن «عشماوى» هرب إلى ليبيا، والتقى هناك «مختار بلمختار»، زعيم تنظيم «المرابطون»، ما أسفر عن محاولة تأسيس «المرابطون» فى مصر.

ويقول هشام النجار، الباحث فى شئون الإسلام السياسى: القصة بدأت بارتباط عشماوى بتنظيم «بيت المقدس» فى سيناء، قبل إعلان مبايعته لـ«داعش»، ويصبح «ولاية سيناء»، وهى الفترة التى شهدت ارتكابه عمليات إرهابية، وإشرافًا على تدريب مجموعات قتالية منبثقة عن «الإخوان»، و«حازمون»، وغيرهما.

ويضيف: انفصل هشام عشماوى عن «أنصار بيت المقدس» فور إعلان ذلك الارتباط بـ«داعش»، لأنه يسعى لأن يكون هو القائد ولا يكون تابعًا لقيادة من الخارج سواء فى سوريا أو العراق، فأنشأ تنظيمه الحالى مرتبطًا بـ«القاعدة فى المغرب العربى»، وتمركز نشاطه فى ليبيا.

ويتابع: عشماوى سعى لأن تكون هناك ما يسميه «الخلافة» فى ليبيا ومصر، موازية لـ«خلافة» داعش فى سوريا والعراق، لكنه اصطدم بمنافسة «ولاية سيناء»، وبقوة ومتانة مؤسسات الدولة المصرية وأجهزتها الأمنية.

الرواية الثانية: مجموعة الواحات ضمن «تحالف إرهابيى الصحراء والساحل»

رواية أخرى تقول إن «أنصار الإسلام» تتبع الجماعة التى أعلنت عن نفسها فى ٢ مارس ٢٠١٧، بعد تفتيت كبريات الجماعات المسلحة النشطة فى الصحراء الكبرى ودول الساحل الإفريقى، باسم «أنصار الإسلام والمسلمين»، والمشكلة من: «جماعة أنصار الدين»، و«إمارة الصحراء الكبرى»، التى تضم ٦ كتائب تابعة لتنظيم «القاعدة فى بلاد المغرب الاسلامى»، إلى جانب «كتيبة المرابطون» (جناح الجزائرى مختار بلمختار)، وكتائب ماسينا «إثنية الفلان».

وجاء الإعلان عن الخطوة الجديدة فى اجتماع حضره أمير جماعة «أنصار الدين»، يحيى أبوالهمام «أمير منطقة الصحراء»، ومحمدو كوفا «أمير كتائب ماسينا»، والحسن الأنصارى، نائب أمير «المرابطون»، وأبوعبدالرحمن الصنهاجى، «قاضى منطقة الصحراء».

وحملت هذه الخطوة أهميتها من كونها تأتى بعد أقل من شهر على إعلان دول الساحل الخمس (مالى، موريتانيا، النيجر، تشاد وبوركينافاسو) عن خطوات جديدة نحو تشكيل قوة عسكرية مشتركة لمحاربة الإرهاب. واختارت الجماعة الإرهابية، «إياد أغ غالى»، زعيم «جماعة أنصار الدين»، قائدًا لها، فى محاولة منها لمواجهة نفوذ «داعش» ومحاولة العودة بقوة مرة أخرى، فضلًا عن تعزيز نفوذ التنظيم وتنفيذ عمليات نوعية فى منطقة الساحل والصحراء من جديد.

ورأى مراقبون أنها رسالة إلى كل من تنظيم «داعش»، المنافس الرئيسى لـ«القاعدة»، والقوى المعنية بالحرب ضد الإرهاب وفى مقدمتها فرنسا التى شنت عملية عسكرية لإخراج عناصر بعض تلك التنظيمات من شمال مالى فى بداية عام ٢٠١٣.

وارتبطت تلك الجماعة الإرهابية بعلاقات قوية بأذرعها فى ليبيا، وينتمى لها عدد من الإرهابيين المصرييين وعلى رأسهم «عشماوى»، وذراعه اليمنى المقتول عماد الدين عبدالحميد، وعمرو رفاعى سرور، الموجود فى ليبيا، ولم يخل خطابها من توجيه تحريضات مستمرة تجاه مصر، بسبب وقوفها بجانب الجيش الليبى. ونشرت «الدستور» منذ تنفيذ عملية الواحات، عن وقوف تنظيم «القاعدة» خلفها، وتولى المدعو «أبوحاتم» أو «عماد الدين أحمد» الهجوم، وذلك فى تقرير تحت عنوان «خاص: نكشف قائد عملية الواحات الإرهابية». ويحمل «عماد الدين أحمد» عدة أسماء حركية، منها «مصطفى» و«رمزى»، وكانوا ينادونه أثناء عملية الواحات بـ «أبى حاتم».

خبراء: أحد تحالفات «القاعدة».. واختلاف الأسماء بغرض التمويه

رفض باحثون القول بأن منفذى حادث الواحات هم جماعة جديدة، تحمل اسم «أنصار الإسلام»، مؤكدين أنها إحدى الفصائل المعروفة التى بايعت تنظيم «القاعدة» من قبل، وتضم خليطا من عناصر معروفة. هشام النجار، الذى شرح فيما سبق رؤيته عن حقيقة «أنصار الإسلام» يقول: «إطلاق اسم جديد على المجموعة لا يعنى بالضرورة أنها تشكيل جديد، فالمعروف أن قائد المجموعة هو الإرهابى الهارب هشام عشماوى، الذى يعمد إلى تغيير أسماء تنظيماته وفصائله كل فترة، بغرض الخداع والتمويه».

ويضيف: «المجموعة أطلقت على نفسها عدة أسماء أخرى من قبل، من بينها، (المرابطون) و(العائدون)»، مشددًا على أنها تابعة لتنظيم «القاعدة»، واستدل على ذلك بأن «العمليات الأمنية أسفرت عن مقتل أحد رفاقه الخطيرين، هو عماد الدين عبدالحميد، الذى يعتبر الرجل الثانى فى مجموعة عشماوى، ما ينفى القول بأنها تنظيم جديد».

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل