المحتوى الرئيسى

بنى سويف: «الغش» يُسبب الموت البطىء للمواطنين

11/07 09:51

تعتبر الألبان بمختلف أنواعها ومشتقاتها، من أهم الوجبات الغذائية التى لا يمكن الاستغناء عنها، خصوصاً مع دخول موسم المدارس، حيث يُقبل الأهالى على شراء الألبان ومنتجاتها يومياً، لكن بعض التجار معدومى الضمير يستعينون بمواد حافظة لحفظ اللبن بحالته، مما يشكل خطورة على حياة المواطنين.

مباحث التموين، ومكتب مراقبة الأغذية فى مديرية الصحة ببنى سويف، يومياً يشنون حملات مكثفة لضبط المخالفين من معامل ومراكز تجميع الألبان بالمحافظة، بالإضافة إلى ضبطهم سيارات ودراجات بخارية محمّلة ببراميل اللبن «الفرز»، وليس بها أى بيانات أو تاريخ صلاحية أو انتهاء، وتوجد حشرات داخلها، وكذلك أوانٍ بلاستيكية ومعدنية لا تصلح للنقل والحفظ، ويتم التحفّظ عليها وإعدامها بالطرق الصحية المختلفة، إلا أنه فى الفترة الأخيرة بدأت مراكز تجميع الألبان فى الاستعانة بمواد حافظة يتم شراؤها من محلات لبيع المواد الكيميائية أو محلات العطارة، وتُسمى «الفورمالين»، وأخرى «بروكسيد الهيدروجين»، أو ماء الأكسجين، لحفظ الألبان بحالتها.

الدكتورة فاطمة حسن، أستاذ مراقبة الأغذية بكلية الطب البيطرى بجامعة بنى سويف، تُشدّد على أن المواد الكيميائية التى يستخدمها بائعو الألبان وبعض مصانع تصنيع الجبن، تشكل خطورة بالغة على صحة الإنسان تصل إلى إصابته بالسرطان، وتقول «دائماً ما كنت أشترى اللبن من أحد الباعة المعروفين لى بالأمانة والنظافة، وفى إحدى المرات قرّرت فحص اللبن، إلا أننى فوجئت بأن العينة التى فحصتها إيجابية لـ«الفورمالين»، الذى يستخدم فى حفظ الجثث للشرح عليها بعد ذلك للطلبة، وكذلك فى حفظ عينات الأنسجة، والأعضاء البشرية والكائنات الحية فى مراكز البحوث، وهى من مشتقات غاز الفورمالدهيد، ومنع استخدامه منذ أكثر من 30 عاماً فى حفظ أى مواد غذائية، لأنه يسبب سرطان الكبد وأوراماً سرطانية، وبمواجهتى له، أكد أن كل باعة الألبان يستعملون تلك المادة لحفظ اللبن لأطول فترة ممكنة وعدم فساده».

أستاذة تغذية: الباعة يستخدمون «الفورمالين» و«بروكسيد الهيدروجين» و«ماء الأكسجين» فيُسبّب السرطان

وانتقدت أستاذة مراقبة الأغذية ضعف الرقابة على الأسواق خصوصاً فى المنتجات الغذائية، وهو ما اعتبرت أنه سبب رئيسى فى انتشار ظاهرة الغش التجارى، قائلة: «لا بد من رقابة محكمة على المواد الغذائية فى الأسواق، سواء المصنعة أو الزراعية وفحصها، والمتابعة بشكل جيّد يضمن جودة ما يتناوله المواطنون، مطالبة بضرورة وضع عقوبات رادعة لمستخدمى المواد الكيميائية فى المنتجات الغذائية دون الاشتراطات اللازمة أو الرجوع للمختصين فى وزارة الصحة أو الجهات المنوط بها الحفاظ على صحة المواطنين».

وأشارت: «إحدى المرات كنت فى رحلة علمية برفقة طلبة من الكلية لإحدى مزارع تربية الحيوانات وإنتاج الألبان، وفوجئت بأن مخزن المزرعة يحتوى على كميات كبيرة من مادة الفورمالين لاستخدامها فى حفظ الألبان، مما تسبّب لى فى حالة من الفزع لخطورة تلك المادة على الصحة العامة للإنسان».

وأضافت: «هناك مادة أخرى يتم استخدامها بشكل مبالغ فيه وهى مادة «بروكسيد الهيدروجين»، التى يمكن استخدامها فى الحفظ لكن بنسب معينة وتحت شروط معينة لا يمكن الإخلال بها حتى لا ينقلب ضدها، ومن أهم شروطها الكمية التى تُضاف مع ضبط عملية تفاعلها مع الإناء المستخدم أو الهواء حتى لا يتحول إلى ضرر على المواطن.

ويقول تاجر تجميع ألبان -فضل عدم نشر اسمه- يمكن تصنيف الألبان إلى نوعين: الأول كامل الدسم والثانى منزوع الدسم، الأول غالباً لا مشكلات منه، لأنه يباع أولاً بأول للمواطنين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خلال المعامل والكافيتريات ومحلات الألبان، إلا أنه فى الغالب لا يحمل أى مواد حافظة أو مواد كيميائية ملينة، أما النوع الثانى وهو منزوع الدسم أو ما يُسمى «اللبن الفرز»، وهو إما يُستخدم فى تصنيع الجبن بأنواعها، وتأتى منه المشكلات الصحية، خصوصاً أن هناك بعض معدومى الضمير من التجار يستخدمون مواد حافظة بنسب قد تصيب المواطنين بالسرطان، مثل الفورمالين أو بروكسيد الهيدروجين، مضيفاً: «الخطورة فى نقاط تجميع الألبان من تاجر إلى تاجر، فكل منهم يرغب فى ضمان سلامة اللبن وعدم فساده أو «انقطاعه»، فيضع مادة حافظة، التى تختلف من تاجر إلى آخر وتبدأ من التاجر الصغير، الذى يقوم بتجميع اللبن منزوع الدسم بعد فرزه واستخلاص الدسم أو «القشطة» منه، ويفقد اللبن أهم عناصره ويصبح معرضاً للفساد ويكون سعره أقل قد يصل إلى نصف سعر اللبن كامل الدسم ويضطر التاجر الصغير إلى حفظه بمادة كيميائية حافظة وفى نهاية اليوم يبيعه لتاجر أكبر يقوم بالتجميع من تجار التجزئة ويضطر هو الآخر لإضافة مادة حافظة لضمان عدم فساد اللبن، وبعدها يسلمه إلى المصنع أو أماكن تصنيع الجبن ومشتقات الألبان.

وتابع: «للأسف أغلب التجار لا يعرفون خطورة تلك المواد الحافظة أو النسب التى يمكن وضعها، وكل ما يشغلهم هو عدم فساد اللبن حتى بيعه، لعدم وجود مبردات كبرى تحفظ اللبن، مضيفاً: «هناك بعض التجار يوزّعون مواد حافظة لا أعلمها لوضعها على اللبن لحفظه بمعدل لكل 50 كيلو كوب صغير».

وقال أحمد حسان، بائع لبن متجول: «اللبن عمره قصير وبحاجة إلى مادة حافظة لضمان سلامته أطول فترة، وبذلك نضيف الفورمالين إليه لزيادة مدة صلاحيته، لكنه ليس مخالفاً لأى شىء، خصوصاً أننا لا نقوم بوضع كميات كبيرة منه، إذ إن اللبن عمره قصير خصوصاً فى فترة الصيف، وهو ما يضطرنا إلى وضع المادة حتى لا نتعرّض للخسارة الكبيرة بعد فساد كميات الألبان»، متابعاً: «كل اللى بيبيعوا لبن بيحطوا فورمالين، ولو كان فيها مشكلة ماكناش لاقيناه فى السوق واشتريناه عادى، فمنذ أن بدأت أعمل فى مجال الألبان وأنا أستخدم هذه المادة، لكنها ليست ضارة فى شىء، وإلا كان تم منعها، وهو ما لم نسمعه من قبل»، مضيفاً: «هناك مواد حافظة أخرى مثل ماء الأكسجين، لكن درجة حفظه أقل من الفورمالين».

الدكتور عبدالناصر حميدة، وكيل وزارة الصحة ببنى سويف، أكد أن فريق مراقبة الأغذية بالمديرية يشن حملات مشتركة بالتعاون مع مباحث التموين بشكل متكرّر لضبط المخالفين منهم، سواء الحاصلون على ترخيص بمزاولة النشاط، أو عكس ذلك بمجمعات ومراكز تجميع الألبان، التى تنتهى أغلبها بالتحفّظ على الكميات المضبوطة وسحب عينات عشوائية منها وتحليلها، لافتاً إلى وجود اشتراطات لنقل الألبان من مناطق إلى أخرى، ونوعية الأوانى التى يتم تجميع الألبان بها أو حفظها، مع ضرورة حصول الأشخاص المتعاملين فى التجميع والبيع على شهادات صحية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل