المحتوى الرئيسى

رياح.. «الاستقلال» | المصري اليوم

11/07 08:31

من كردستان في قلب آسيا إلى كتالونيا في غرب أوروبا، هبت رياح تغيير جديدة.. رياح هذه المرة ليست ربيعاً ولا خريفاً، كما أنها بلا لون فلا هي برتقالية سلمية، ولا دموية حمراء، بل جاءت عبر صناديق الاقتراع السحرية التي ترمز إلى الديمقراطية التي طالما بقيت رمزاً لحرية الشعوب ودليلاً دامغًا على إرادتها المستقلة.

الرياح الجديدة مفزعة خطيرة، يرى الخائفون أنها تحمل في طياتها بذور التفتيت والتقسيم، في حين يعتبرها المتحمسون، عودة إلى الأصل ونزوعاً إلى الخصوصية واستجابة إلى أشواق ورغبات أصيلة وقديمة.

طبيعي أن يجد استفتاء كردستان رفضاً عربياً، لا خوفاً على وحدة العراق، ولا قلقاً على مصير بوابة العرب الشرقية، بل رعباً من انتقال العدوى، وقلقاً من تكرار نفس السيناريو من أقليات صغيرة منتشرة في عديد بلدانها، خاصة في ظل تنامي شعور هذه الأقليات بالتهميش والظلم، ويخشى بعضها على خصوصيته من الذوبان والضياع وسط بحر العروبة الهائج.

فالعرب سبق أن تخلوا عن العراق عندما قرر «الصديق الأمريكي» غزوه، بمزاعم واهية، كما رفعوا أيديهم استسلاماً للمحتل الذي عاث في بلاد الرافدين فساداً وقتلاً وترويعاً.

إذن.. ما الذي يقلق العرب، ولماذا يخافون على وحدة العراق الآن؟ بالرغم من أن الأكراد مسلمون سنة.. صحيح أنهم يجيدون العربية ولكنهم يفضلون لغتهم الكردية عنها، وصحيح أيضاً أنهم مرتبطون بعلاقات وثيقة مع الكيان الصهيوني، لكن لا ننسى أن أغلب العرب النشامى، تربطهم علاقات مماثلة بهذا الكيان بعضها علني وأكثرها يحمل طابع السرية.

إذا كان الرفض العربي لرغبة الأكراد في الاستقلال عن العراق مفهوم ومبرره معروفاً، فالأمر غير المفهوم أن يخشى الأوروبيون مما يجري في إسبانيا، وأن يتغاضوا عن ممارسة شرطتها للعنف على الطريقة العربية مع المواطنين الكتالونيين أمام مراكز الاقتراع!

فهل ترتعد أوروبا- مثل العرب- من انتقال عدوى التفتيت التي تهب من كتالونيا هي الأخرى؟

هناك مثل شعبي دارج يقول «إللي يخاف من العفريت يطلع له»، لهذا أتصور أن لا شيء أقوى من إرادة الشعوب، وأن استقلال كتالونيا قادم لا محالة، مهما كانت قوة الإجراءات التي تلوح بها السلطات الإسبانية، لردعهم، وتهديد قادة وزعماء الاستقلال في الإقليم.

قبل أن تنتهي أزمة كتالونيا، برزت أزمة جديدة في رغبة أهم إقليمين إيطاليين في الاستقلال عبر الاستفتاء أيضاً، فماذا تفعل القارة العجوز عندما تستيقظ ذات يوم لتجد أن عدد دولها، قفز من 28 إلى مائة دولة؟ وهل هذا يؤثر سلباً على حلم الوحدة الذي ترعاه ألمانيا أم أنه لا يتعارض مع فكرة أوروبا الموحدة في الأساس؟

نفس الشيء بالنسبة للأكراد، سوف يأتي يوم تتحقق فيه إرادة الشعب الكردي، ربما السيناريو والتوقيت الذي تم فيه الاستفتاء الأخير لم يكن موفقاً، ودفع مسعود برزاني الثمن!.. لكن هذا لا يعني نهاية المطاف.

السؤال الذي يطرح نفسه، ما هو الخطر المتوقع على العرب من استقلال الأكراد وبناء دولتهم التي ظلت حلماً يراودهم عبر العصور؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل