المحتوى الرئيسى

سر الصحراء.. لماذا ينشط المتمردون فى الجبال؟

11/05 23:17

حكايات البدو فى مصر قديمة للغاية، فهى ترتد إلى زمن نبى الله يوسف عليه السلام. وقد ورد فى القرآن الكريم إشارة إلى ذلك فى الآية الكريمة التى تقول «وقد أحسن بى إذ أخرجنى من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بينى وبين إخوتى»، وهو النص الذى جاء على لسان يوسف حين وفد إليه أبوه وأمه حيث يقيم فى مصر. يقول ابن كثير فى شرح هذه الآية: «كانوا أهل بادية وماشية وكانوا يسكنون بالعربات من أرض فلسطين». وقد زاد التواجد البدوى أو العربى بمصر بعد الفتح الإسلامى، وجعل الوافدون إلى مصر من الصحراء ملاذًا وموطنًا للعيش. وشكل البدو - بمرور الوقت - جزءًا لا يتجزأ من سكان المحروسة. فى الكثير من المواقف بدا البدو أو العرب مقاتلين لا تنقصهم الشجاعة أو الإقدام، يربطهم رباط وثيق بتراب هذا الوطن، يشهد على ذلك موقف بدو سيناء من محاولات الصهاينة استقطابهم ضد مصر بعد نكسة يونيو ١٩٦٧، حين باينوا إسرائيل بالعداء، وأكدوا ارتباطهم بتراب وطنهم.

منذ فترة بعيدة من التاريخ ولـ«البدو» أدوار فى واقع الحياة فى مصر، بعضها إيجابى وبعضها سلبى. فقد تنوعت تجاربهم فى التمرد على سلطان الحكم المملوكى، وبلغ بهم الأمر خلال فترة من الفترات حد الانفصال عن الدولة المركزية فى القاهرة، وتكوين دولة مستقلة عن العاصمة، وذلك فى منطقة الصعيد، تلك التجربة التى سجلها التاريخ باسم شيخ العرب همام بن يوسف، وقامت على تحالف ضم البدو مع الفلاحين مع بعض القادة المماليك ممن تمردوا على سلطان على بك الكبير. سبقت تجربة «همام» تجربة أخرى لم يكتب لها ما كتب لتجربة شيخ العرب همام، وهى تجربة «حصين الدين بن ثعلب». فى كل الأحوال كانت - ولم تزل - الصحارى وشعاب الجبال النقطة التى ينطلق منها البدو نحو مناوأة السلطة المركزية. وهى نفس نقطة الانطلاق التى أصبح الإرهابيون يتحركون منها اليوم لإراقة الدماء. وربما دفع هذا الاقتران بالبعض إلى الربط بين البدو الإرهابيين، وهو ربط ليس فى محله فى أغلب الأحوال، فقد تجد من بين البدو والعربان من يتعاون مع هذه المجموعات الضالة، وقد تجد من بينهم من يتعاون مع المدافعين عن الدولة. فصول قصة البدو فى مصر عبر التاريخ كاشفة ومفسرة للعديد من الأحداث التى يشهدها الواقع، وآخرها الحادث الإرهابى بالكيلو ١٣٥ بالواحات، وفيه ظهر ثالوث الدولة والإرهاب الداعشى والبدو.

دولة شيخ العرب همام ولد يوسف من المنيا إلى أعلى الصعيد

كانت حركة التمرد التى تحالف فيها البدو والعرب والفلاحون تحت قيادة شيخ العرب همام ولد يوسف أحمد الهوارى، من أخطر التجارب التى هددت حكم المماليك لمصر، إن لم تكن من أخطر الثورات المصرية على الإطلاق. تعلم أن البدو تحركوا تحت قيادة حصن الدين ثعلب إحساسًا منهم بأحقيتهم بحكم مصر، لكن المماليك نجحوا فى إخماد التمرد، وقبضوا على زعيمه ونفذوا فيه حكم الإعدام شنقًا، وخلافًا لتجربة «ثعلب»، نجح «همام» فى هزيمة المماليك فى عدد من المواقع، وأسس دولة مستقلة فى صعيد مصر، امتدت من المنيا إلى أعالى الصعيد، وعمرت لأربعة أعوام كاملة «من ١٧٦٥- ١٧٦٩». يشير الدكتور لويس عوض فى كتابه «تاريخ الفكر المصرى الحديث»، إلى أن حركة «همام» مثلت مظهرًا للتحالف بين البدو والفلاحين، وهى إشارة فى محلها، وتفسيرها هو التلاقى فى المصالح، فقد أرهق المماليك الفلاحين المصريين بالضرائب وحاصروهم بها، وهو ما لم يرض عنه «همام»، أما حديث «عوض» عن أن الحركة التى قام بها «همام» كانت لها أهداف وطنية واجتماعية، تتمثل فى التخلص من حكم المماليك، وتمليك الأراضى للمصريين وتوزيعها عليهم، فيمثل قراءة متعسفة للأحداث، خصوصًا إذا أخذنا فى الاعتبار أن شيخ العرب استعان فى حربه ضد على بك الكبير والحكومة المركزية بالقاهرة بفلول المماليك المتمردين على «الكبير»، وكان من بينهم صالح بك الذى تمرد على «على بك» وفر إلى المنيا، أما مسألة توزيع الأراضى على المصريين، فتعكس أن لويس عوض كان يقرأ حركة شيخ العرب بظلال من ثورة يوليو ١٩٥٢، لأن «همام» كان واحدًا من كبار الإقطاعيين فاحشى الثراء بصعيد مصر.

كانت سياسة المملوكى على بك الكبير، تقوم على فكرة «الاستفراد بالحكم» ورفض أية منافسة أيًا كان مصدرها، سواء من خارج مصر أو من داخلها. وفى هذا السياق قام بطرد الوالى العثمانى، وصفّى الحامية العثمانية، وأعلن انفصال مصر عن السلطنة، وفى الداخل بدأ يواجه حركات التمرد على السلطة المركزية فى القاهرة، وكان أخطرها على الإطلاق حركة «شيخ العرب همام» والدولة التى أسسها بالصعيد. اختار على بك تلميذه محمد بك أبوالدهب، لكسر تمرد شيخ العرب وإزالة دولته بالصعيد، وحاول «همام» من ناحيته استمالة «أبوالدهب»، فتنازل له عن ناحية «برديس»، عندما أنجب ولدًا. ويبدو أن شيخ العرب كان واعيًا بالتركيبة الشخصية لأبى الدهب، ويعلم نزوعه نحو خيانة قائده، وقد كان الأخبر كذلك بالفعل، لكن «همام» لم يدرك أن أبا الدهب يختزن جائزة مصر كلها لنفسه، عندما قرر فيما بعد خيانة أستاذه والتخلص منه، ووراثة حكمه. خاض أبوالدهب حربًا شرسة ضد المماليك المنحازين إلى دولة الصعيد، ولما فرغ منهم توجه إلى عرب الهوارة بقيادة شيخ العرب همام. يقول «المقريزى»: «واجتمع كبار الهوارة مع من انضم إليهم من الأمراء المهزومين فراسل «أبوالدهب» محمد بك إسماعيل أبوعبدالله، وهو ابن عم همام ومنّاه وواعده برياسة بلاد الصعيد عوضًا عن همام حتى ركن إلى قوله وصدق تمويهاته، وتقاعس وتثبط عن القتال وخذل طوائفه، ولما بلغ شيخ العرب همام ما حصل خرج من فرشوط وبعد عنها مسافة ثلاثة أيام ومات مكمودًا مقهورًا، ووصل محمد بك ومن معه إلى فرشوط فلم يجدوا مانعًا فملكوها ونهبوها وأخذوا جميع ما كان بدوائر همام وأقاربه من ذخائر وأموال وغلال، وزالت دولة شيخ العرب همام من ذلك التاريخ كأن لم تكن».

انتهت دولة شيخ العرب همام كما انتهت كل محاولة التمرد على الحكومة المركزية بالقاهرة. وكأن حكم مصر لا يقبض عليه إلا من يسيطر على «قاهرة المعز». فكل المحاولات التى تمت لتغيير السلطة فى مصر، فشلت حين جاءت رياحها من الريف أو الصحراء، مهما كانت عاتية، ونجحت عندما أتت من القاهرة، مهما كانت رقتها وضعفها. تجربة شيخ العرب همام أكبر شاهد على ذلك، فبعد أن استطاع الاستقلال بجنوب مصر بداية من المنيا وحتى أعالى الصعيد، وإحكام قبضته على هذه المساحة من الأرض طيلة أربع سنوات، تمكن المملوك «على بك الكبير» من هزيمته وإعادة الصعيد إلى حظيرة الطاعة فى القاهرة، بعد أن ارتكب مذابح مروعة. ورغم ما يزعمه المؤرخون من نقاء فكرة الشيخ «همام» فى تخليص مصر من حكم المماليك، وتمكين المصريين من حكم أنفسهم بأنفسهم، فإنه لم يستطع أن يصل إلى السلطة بسبب عجزه عن السيطرة على القاهرة. وتبقى «الخيانة» دائمًا شاهدًا على الفشل. فالمقريزى ومن حذا حذوه من المؤرخين يرجعون هزيمة شيخ العرب وزوال دولته إلى خيانة ابن عمه، ولا يختلف اثنان على أن للخيانة تأثيرها عند المواجهات العسكرية، لكن التمحك بها ونهوضها كعامل مفسر لكل محاولات التغيير، يفقدها الكثير من تأثيرها. واقع الحال أن الهزيمة أو الانتصار مسألة ترتبط بموازين القوى، فقد انتصر المماليك على «همام» بسبب تفوقهم العسكرى، وتاريخهم المعروف فى القتال وإدارة المعارك، كما أن تجارب التاريخ، تشير إلى أن الدول التى يتمحور وجودها حول شخص سريعة الزوال، فى حين تبقى الدول التى تتمحور حول فكرة. ومشكلة دولة «همام» أنها تمحورت حول شخص، ولو كانت تمحورت حول فكرة اقتنع بها مؤيدوها ممن قاتلوا إلى جوار شيخ العرب، لكان للمسألة شأن آخر.

رأس حصن الدين بن ثعلب ثمن التمرد على المماليك.. والظاهر بيبرس ينفذ حكم الإعدام

لم يكد يمضى على تأسيس دولة المماليك البحرية فى مصر ثلاث سنوات «٦٤٨ هـ»، حين اندلعت ثورة البدو بقيادة حصن الدين بن ثعلب «عام ٦٥١» ضد الحكومة المركزية بالقاهرة. تعلم أن دولة صلاح الدين الأيوبى سقطت على يد أمراء المماليك البحرية. لم يكن المماليك مصريين بالأصالة، بل كانوا رقيقًا من الترك والمغول، تم جلبهم من البلاد البعيدة حين أراد أمراء بنى أيوب الاستكثار منهم، لتوظيفهم فى صراعاتهم السياسية. كان موقف المماليك حين اعتلوا سدة حكم مصر عجيبًا، حين أصبح العبيد حكامًا وولاة للأمر، ويبدو أن هذا الأمر أزعج قطاعًا لا بأس به من المصريين، كانوا يرون فى أنفسهم الجدارة والأحقية بحكم البلاد. أغلب هؤلاء كانوا من البدو الأعراب، وليس من «أولاد البلد» العاديين، لكن ذلك لا يمنع من أن أولاد البلد كانوا يشاركونهم فى هذا الإحساس. لم يكن البدو مصريين أصلاء - كما ذكرت - فقد نزح بعضهم من الجزيرة العربية، وبعضهم الآخر من المغرب، وعاشوا فى الصحارى المحيطة بالوادى، ولم يكن لديهم أى تردد فى القيام بعمليات السلب والنهب، وقطع طرق الحجيج إلى بيت الله الحرام. وبمرور الوقت اتجه بعضهم إلى الاستقرار فى المناطق الزراعية، وانضموا إلى طائفة الفلاحين المصريين، فى حين واصل آخرون العيش فى الصحراء، وكسب قوتهم بطرقهم الخاصة. وفى أحوال انضم بعضهم إلى جيوش المماليك، وتحول آخرون إلى وظيفة حفظ الأمن فى الأرياف، فلعبوا دورًا أقرب إلى الميليشيات. وتنتشر القبائل البدوية الآن فى أنحاء شتى من بر المحروسة، وتجد جملتهم تعيش فى المناطق الصحراوية، مثل صحراء سيناء، والواحات الممتدة فى الصحراء الغربية، كما ينتشرون فى الوجهين القبلى والبحرى، بالإضافة إلى الظهير الصحراوى للقاهرة. بين البدو والمماليك نشب صراع تواصلت حلقاته عبر فترات طويلة من تاريخ مصر، بدأت أولى حلقاته حين تصدر مشهد قيادة «البدو» الشريف حصن الدين بن ثعلب بن الأمير الكبير نجم الدين على، يقول المقريزى فى كتابه «البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب»: «كان حصن الدين يقول نحن أصحاب البلاد، ومنع الأجناد من تناول الخراج، وصرح هو وأصحابه، بأننا أحق بالملك من المماليك. واجتمع العرب، وهم يومئذ فى كثرة من المال والخيل والرجال، إلى الأمير حصن الدين ثعلب، وهو بناحية دهروط صربان، وأتوا من أقصى الصعيد، وأطراف بلاد البحيرة والجيزة والفيوم، وحلفوا له كلهم، فبلغ عدد الفرسان إثنى عشر ألف فارس، وتجاوزت عدة الرجالة الإحصاء، لكثرتهم، فجهز إليهم الملك المعز أيبك الأمير فارس الدين أقطاى الجمدار، والأمير فارس الدين أقطاى المستعرب، فى خمسة آلاف فارس، فساروا إلى ناحية ذروة... فاقتتل الفريقان». وانهزم حصن الدين، واتجه المماليك إلى عرب الغربية والمنوفية من قبيلتى سنبس ولواتة، وقد تجمعوا بناحية سخا وسنهور، فأوقعوا بهم وسبوا حريمهم، وقتلوا الرجال. وما زال الترك بحصن الدين حتى قبضوا عليه بحيلة انخدع بها.

منذ اللحظة الأولى اتخذ الصراع بين البدو والمماليك شكل المقاومة المسلحة، وكان موضوعه الأحقية بالحكم. فقد كان حصن الدين ثعلب يرى أن العرب أحق بالحكم من المماليك، وأن هؤلاء الرقيق المجاليب ينبغى مقاومتهم وإخراجهم من القاهرة، واتخذ من الصعيد نقطة انطلاق له، وتكاثر من حوله الرجال، وجهز المماليك فى المقابل كثرة من الجند، وتواجه الفريقان، وانكشفت المعركة عن هزيمة حصن الدين. وتم القبض على «حصن الدين» - بعد أن منحه «أيبك» الأمان - وسيق إلى الإسكندرية، وألقى به فى السجن، ونفذ فيه حكم الإعدام شنقًا على يد الأمير المملوكى الظاهر بيبرس.

الشاهد فى التمرد العسكرى الذى قاده حصن الدين بن ثعلب، أن قضيته كانت الحكم بالأساس، وكان مقتنعًا بأن القوة المسلحة هى الوسيلة الأنجح للوصول إليه، لكن التجربة تقول إن أداء البدو الذين تحلقوا من حوله كان ارتجاليًا، وأن اعتمادهم الأكبر كان على التشكيلات العصابية التى تنقض على فرائسها من الصحارى وشعاب الجبال، خلافًا للمماليك الذين كانوا يشكلون قوة عسكرية منظمة، تمكنت أن تحسم لصالحها الكثير من المعارك التى خاضتها ضد البدو، ومن لم يستجب منهم للرشاوى الصغيرة، المتمثلة فى منح الإقطاعيات وخلافه، كان يعالج بالسيف. وثمة شاهد مهم آخر ونحن بصدد تحليل تجربة التمرد «الثعلبى» المسلح، يتمثل فى غياب أولاد البلد عن هذا الصراع الذى بدا وكأنه يدور بين مجموعة من «الأغيار» أى غير المصريين، الذين يرى كل طرف منهم أنه الأحق بحكم هذا الشعب.

أصحاب «الفكر الجبلى» يريقون الدم فى الصحراء

قبل يوم واحد من الجريمة الإرهابية التى استشهد فيها ٣٠ مصريًا قبطيًا بصحراء المنيا، أى بالتحديد يوم ٢٥ مايو «٢٠١٧» نشرت جريدة «المصرى اليوم» تفاصيل التحقيقات التى أجريت مع ما يعرف بتنظيم «داعش الصعيد»، من بينها ما أقر به المتهم الثالث رامى عيد مصطفى إبراهيم، بسعيه لإقامة معسكر لتدريب عناصر خليته على استخدام الأسلحة النارية بأرض مملوكة للمتهم أسامة محمد سعد مهنى بمركز مطاى محافظة المنيا، وتكليفه لمتهمين آخرين بدراسة العلوم والاستراتيجيات العسكرية وأنواع الأسلحة وطرق تصنيع المفرقعات. لم تمض ٢٤ ساعة على نشر هذه التحقيقات حتى دهمتنا واقعة المنيا البشعة. لو أنك استرجعت أيضًا الحوادث الإرهابية المتكررة التى شهدتها محافظة الجيزة طيلة الشهور الماضية، فيصح أن تخلص إلى أن ثمة تحركات لعناصر داعشية على طول خط الصعيد، ولو أنك قرأت ببعض التمعن، التحقيقات التى أجرتها النيابة مع بعض العناصر التى تم القبض عليها، فيمكنك أن تخلص فى أقل تقدير إلى وجود مجموعة من الخلايا المتحركة باسم «داعش» وعدد من الذئاب المنفردة، وأنه يصح أن تكون هذه الخلايا فى طريق تشكيل تنظيم داعشى بالصعيد.

محافظة المنيا - كما تعلم - من أكثر محافظات الصعيد التى اشتعلت عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة، وشهدت أحداث عنف استثنائية قياسًا بما شهدته محافظات مصر، بل ومحافظات الصعيد الأخرى. تحملت محافظة المنيا وحدها أكثر من نصف خسائر وزارة الداخلية فى الأرواح والمنشآت، فقد هاجمت عناصر الإخوان أقسام الشرطة والمنشآت الحكومية والكنائس، فتم اقتحام وتدمير مراكز شرطة مطاى والعدوة وسمالوط ومغاغة وديرمواس وملوى وأبوقرقاص، وقتل العديد من الضباط والأفراد وتم التمثيل بجثثهم والتنكيل بالأحياء منهم، وتم حرق ٧ محاكم و٦ وحدات محلية بالمحافظة، وحرق كل مراكز الشرطة ووحدتى مرور ملوى وبنى مزار، وحرق ونهب متحف ملوى و٣٧ كنيسة و٣ مدارس وعدد كبير من محال ومنازل الأقباط، وقدرت التلفيات المبدئية بما يتجاوز الـ٢ مليار جنيه. جيب النقمة على فض رابعة والنهضة فى محافظة المنيا كان كبيرًا، وعدد من يحاكمون من أعضاء الإخوان بالمحافظة ضخم للغاية. لعلك تذكر حكم الإعدام الذى صدر ضد ٦٨٣ متهمًا من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى، من بينهم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع، فى أحداث عنف فى المنيا. وهو الحكم الذى تم نقضه فيما بعد.

كلنا يعلم أن التيارات المتطرفة لها وجود متجذر بمحافظات الصعيد منذ السبعينيات من القرن الماضى، ولا خلاف على أن تاريخ الإهمال والتهميش الذى عانى منه الصعيد وقف فى الماضى ويشخص فى الحاضر انسياق بعض من أبنائه وراء الفكر المتطرف. فى الصعيد يوجد الغبن إلى جوار السلاح، والمسلم إلى جوار المسيحى، والتعليم الرفيع إلى جوار الأمية، والإبداع الملفت إلى جوار الإفلاس المروع. ومع تقديرى للكلام المتكرر حول أن الدواعش يريدون تفكيك الدولة، إلا أنى أرى أنه من الحرى بنا أن نفكر فى فكرة أنه «حيث تغيب الدولة يظهر الدواعش». أكبر بؤرتين حاليتين تتحرك فيهما هذه العناصر هما: سيناء والصعيد، حيث تغيب الدولة «أقصد كدور وليس كأداة للهيمنة»، ووقوع عمليات داعشية فى محافظات أخرى معناه أن الدولة تزداد غيابًا.. الخطر يزحف!.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل